يوغيتا ماريكو.. أول امرأة فوق الستين تخوض سباقات المارثون وحاملة الرقم القياسي العالمي: مزيد من العطاء وشغف لا يتوقف

لايف ستايل

على الرغم من تخطيها الستين من عمرها، إلا أن عداءة الماراثون اليابانية يوغيتا ماريكو لا تزال تخوض سباقاتها أسرع من أي وقت مضى. فهي تحمل الرقم القياسي العالمي للماراثون في فئة السيدات من 60 إلى 64 عامًا، وهي الأولى في تلك المجموعة التي تحطم زمن الثلاث ساعات. في هذه المقالة تتحدث يوغيتا وتعطينا فكرة عن سبب استمرارها وهي في سن يفكر فيه الآخرون بالابتعاد.

يوغيتا ماريكو YUGETA Mariko

يوغيتا ماريكو هي مدرسة في المرحلة الثانوية. وعداءة ماراثون وحاملة الرقم القياسي العالمي لمسافة 10,000 متر (سيدات من 60 إلى 64 سنة). ولدت في عام 1958 في مدينة هانّو بمحافظة سايتاما. تنافست على المستوى الوطني في فعاليات المسافات المتوسطة في المدرسة الثانوية والجامعة. وشاركت في أول ماراثون لها، ماراثون طوكيو الدولي للسيدات عام 1982 وهي في الرابعة والعشرين من عمرها، وانهت السباق في زمن قدره 3:09:21. وبعد توقفها لاعتنائها بأسرتها، عادت إلى سباقات الماراثون. وفي عام 2019 أصبحت أول امرأة في الستينيات من عمرها تخوض سباقًا لمدة 3 ساعات، حيث أنهت ماراثون شيمونوسيكي كايكيو في 2:59:15. ولقد حطمت الرقم القياسي العالمي الخاص بها في ماراثون أوساكا الدولي للسيدات 2021 بزمن قدره 2:52:13.

التشبث بالحلم

وهي في الستينيات من عمرها، حققت يوغيتا ماريكو لقب (الكأس المقدسة) لمتسابقي الماراثون الهواة اليابانيين: في زمن أقل من 3 ساعات. وطبقًا لبيانات بوابة الركض الإلكترونية اليابانية (Runnet)، فإن مجموعة صغيرة فقط من المتسابقين – رجالًا كانوا أونساءً من أي عمر – ينهون سباقات الماراثون في أقل من ثلاث ساعات. ويوغيتا التي ولدت وترعرت بمحافظة سايتاما، هي المرأة الوحيدة في العالم التي حققت هذا الزمن، وليست مرة واحدة فقط، بل عدة مرات. وحاليًا هي تحمل الرقم القياسي العالمي للسيدات في الفئة العمرية 60-64 عامًا بزمن قدره 2:52:13، والذي سجلته في سن 62 في ماراثون أوساكا الدولي للسيدات 2021.

ومارست يوغيتا الركض طيلة حياتها. فعندما كانت طالبة، تنافست في فعاليات المسافات المتوسطة، بما في ذلك تحقيقها الانتصار في بطولات المدارس الثانوية الوطنية في مسافة 800 متر. وانتقلت لاحقًا إلى سباقات الماراثون، حيث ظهرت لأول مرة وهي بعمر الرابعة والعشرين محققة زمن قدره 3:09:21. ولقد وضعت نصب عينيها كسر زمن الثلاث ساعات، لكن الطريق لتخطي عتبة الثلاث ساعات قادها إلى إمكانيات غير مسبوقة.

وبعد فترة وجيزة من مشاركتها في فعاليات الماراثون، تزوجت، وسرعان ما ابتعدت عن التدريبات لانشغالها بأعبائها المنزلية. وتروي يوغيتا قائلة: ”تزوجت وأنا في الخامسة والعشرين من عمري ورُزقت بابني الأكبر بعد عام.“ وكانت تبلغ من العمر 37 عامًا عندما انجبت طفلها الرابع والأخير. وعلى الرغم من أن تربية أطفالها أمر استغرق جُل وقتها، إلا أنها تصر على أنها لم تتخل أبدًا عن حلمها في خوض سباقات الماراثون وتحقيق زمن أقل من 3 ساعات. وعلى الرغم من أن خياراتها التدريبية كانت محدودة، إلا أنها كانت مصممة على الحفاظ على لياقتها. وبصفتها معلمة في إحدى المدراس الثانوية، كانت تركض مع أعضاء نادي ألعاب القوى وتقوم بتمارين الضغط وعضلات البطن عندما يسمح الوقت لها بذلك.

وبعد بلوغها الأربعين من عمرها عادت على استحياء إلى الركض بالطرقات، وكان عليها الانتظار حتى يكبر أطفالها لتواجه تحديًا كبيرًا في سباق الـ 3 ساعات. وفي عام 2009 وهي بعمر الحادية والخمسين، اقتربت من تحقيق الزمن في ماراثون ناغويا للسيدات، وانهت السباق في 3 ساعات و 5 دقائق. وبمجرد دخول طفلها الأصغر إلى المدرسة الثانوية، كرست المزيد من الوقت للتدريب، بما في ذلك الانضمام إلى نادٍ لألعاب القوى بالقرب من طوكيو. واستمرت في تحقيق وقت أقصر شيئًا فشيئًا حتى سن الـ 58، عنما نجحت أخيرًا في كسر حاجز الثلاث ساعات.

ولقد سعُدت يوغيتا حقا بإنجازها، لكن تعليقًا من أحد طلابها فتح عينيها على حقيقة أن هذا الانجاز قد يكون أكثر من مجرد أفضل زمن شخصي. وتروي مبتسمة قائلة : ”لقد مازحني بقوله بأن تحقيق ثلاث ساعات في مثل هذا العمر يجب أن يكون رقمًا قياسيًا عالميًا أو شيء من هذا القبيل. وعندما فكرت في الأمر، فوجئت بأنه لم تحقق أي امرأة في الستينيات من عمرها لمثل الإنجاز. واعتقدت أنه إذا كان بإمكاني الحفاظ على وقتي خلال العامين المقبلين، فيمكنني المطالبة بالرقم القياسي العالمي. لقد حفزني الأمر حقًا”.

يوغيتا ماريكو. نجاحها في الماراثون أمر جعلها من المشاهير بين أقرانها المتسابقين الهواة.
يوغيتا ماريكو. نجاحها في الماراثون أمر جعلها من المشاهير بين أقرانها المتسابقين الهواة.

التفاني في التدربيات

يوغيتا هي متسابقة عديدة المشاركات في الفعاليات المختلفة. فقد شاركت في جميع سباقات الماراثون الثلاثة الكبرى للسيدات في اليابان - ناغويا وأوساكا وطوكيو - وشاركت في العديد من الفعاليات الإقليمية. وخاضت أكثر من 100 سباق في المجموع، وليست هناك أية دلائل على وهن عزيمتها أو فقدان شغفها نحو المزيد. ويكمن السر وراء حيويتها، وما يجعلها تواصل الركض في سباقات الماراثون بمدد أقل من 3 ساعات، هو نهجها المتكامل في التدريبات الذي يجمع بين الركض المنتظم، والنوم الكافي، والنظام الغذائي المتوازن.

يوغيتا، في المنتصف، تركض في ماراثون طوكيو إيتاباشي التجريبي في أبريل/ نيسان 2021 (الصورة بإذن من سلسلة سباقات الماراثون التجريبية)
يوغيتا، في المنتصف، تركض في ماراثون طوكيو إيتاباشي التجريبي في أبريل/ نيسان 2021 (الصورة بإذن من سلسلة سباقات الماراثون التجريبية)

تُدرس يوغيتا التربية البدنية ثلاثة أيام في الأسبوع في مدرستها الثانوية كاواغوإيه للبنات، وهي ما زالت قادرة على الجري لمسافة مذهلة من 600 إلى 800 كيلومتر شهريًا. وتؤكد قائلة: ”عليك أن تواكب نسق الأميال لخوض سباقات الماراثون.“. فهي تجمع بذكائها بين تدريبها وواجباتها التعليمية للحفاظ على معدلها اليومي البالغ 25 كيلومترًا. ”ففي الأيام التي أكون فيها في المدرسة، أقوم بحوالي 15 كيلومترًا مع أعضاء نادي ألعاب القوى. ثم بعد أن ينتهي اليوم الدراسي، أقوم بالركض جولات حول الملعب الرياضي لتعويض الفارق“. وفي الأيام الأربعة الأخرى، تركض بين التلال القريبة، أو تتوجه إلى المدرسة للانضمام إلى تمرين النادي بعد الظهيرة.

وعند سؤال يوغيتا عن أوقات الراحة، دون أن يؤثر ذلك على نسق تدريباتها، تقول بأنها تركض كل يوم، سواء كان يوم ممطر، أو مشمس، أو به ثلوج. وتشير إلى أن ”سباقات الماراثون لا يتم إلغاؤها بسبب أحوال الطقس.“ وتقول إن المرة الوحيدة التي توقفت مؤقتًا عن الركض، كانت عندما ضرب إعصار كبير المكان الذي تعيش فيه. ”كنت حينها على وشك الخروج، إلا أنني توقفت وسط إلحاح مستميت من أفراد عائلتها بألا أفعل.“

وللحفاظ على نظام الركض، تتأكد يوغيتا من أنها تأكل بشكل سليم، وتحصل على قسط كافٍ من النوم للسماح لجسمها بالتعافي تمامًا. وتقول: ”أهم شيء هو تعزيز العادات الصحية، حيث أحرص دائمًا على حصولي على ثماني ساعات من النوم كل ليلة وأتناول أشياء مثل الدجاج والتونة النيئة والتوفو والبيض والحليب لإعطاء جسدي البروتين الذي يحتاجه“. وهي تطبخ وجبات بسيطة ومغذية تشمل المنتجات المزروعة محليًا، وغالبًا من حدائق جيرانها، وتتأكد من الابتعاد عن الكحوليات. ”لقد أحببت الجعة عندما كنت أصغر سنًا، ولكن منذ طفلي الرابع، كنت إلى حد كبير ممتنعة تمامًا عن تناول المشروبات الكحولية.“

مواجهة التحديات

يوغيتا هي إنسانه مثابرة بمعنى الكلمة، فبدلاً من التركيز على مشاكلها الصحية، فإنها تجعل هدفها هو التغلب عليها. وتقول بواقع الأمر: ”في مثل عمري هذا، الإصابات وما شابهها هي مجرد أشياء عليك التعامل معها“. وعلى حسب المرض، فقد تقوم يوغيتا بزيارة أخصائي تقويم العمود الفقري أو تجربة العلاج بالأعشاب، لكن هدفها يظل كما هو: التغلب على المرض. فهي تقول: ”لتحقيق النجاح، عليك مواجهة كل تحد وجهاً لوجه. يمكنك فعل أي شيء إذا ركزت على ذلك.“

إلا أن مثل هذه التصريحات تجعل يوغيتا تبدو متحاملة على نفسها أكثر مما هي عليه في الواقع. وعندما سئلت عما إذا كانت تتعب من التدريب كل يوم، تومض بابتسامة وتقول مبتهجة: ”لم يخطر الأمر ببالي أبدًا.“

وعند الإلحاح عليها بشأن ما الذي يغريها في الركض باستمرار هكذا، تحتار يوغيتا للبحث عن إجابة. وتقول: ”إنه جزء من الحياة الآن لدرجة أنني لا أستطيع تحديده كميًا. لدي فقط رغبة في الاستمرار“. فعندما تشاهد العدائين الصغار وهم يتنافسون على شاشات التلفاز، تتملكها الرغبة لارتداء حذائها والبدء في قرع أرصفة الطرقات. كذلك العمل مع طلاب المدارس الثانوية أمر يحفزها كثيرًا. ”أنا استمد طاقتي من الحركة والنشاط. الركض بالنسبة لي هو الأفضل”.

الركض بلا توقف

بعد تحقيقها الفوز في الماراثون بزمن أقل من 3 ساعات، يبقى هدف يوغيتا التالي هو إنهاء السباق في زمنٍ أقل من ساعتين و 50 دقيقة. وفي كل الأحوال، هي تؤكد على أنه لا شيء يسعدها أكثر من استمرارها بالركض لبقية حياتها. وتقول مبتسمة: ”أريد الاستمرار في ذلك حتى النهاية. وعلى الرغم من شعوري بآثار التقدم في العمر، إلا أنه لا تزال هناك أشياء يمكنني القيام بها لدفع نفسي إلى الأمام.“ وهذا يشمل بدء التدريبات الخاصة بمنطقة الخصر والظهر، والتي تعترف بأنها لا تحبها. وتقول ”أنا مصممة على بذل جُل جهدي في الماراثون، حتى إذا حانت ساعتي، يمكنني حينها أن أقول لأطفالي بكل ثقة أنني عشت حياة ثرية.“

إلا أنه لا يزال في العمر بقية. وحاليًا ستواصل يوغيتا، بدعم من عائلتها وزملائها العدائين، التدريب والمنافسة، وهو أمر من المؤكد أنها ستستمتع به في كل لحظة.

(النص الأصلي نشر باللغة اليابانية، والترجمة من اللغة الإنكليزية. كل الصور بعدسة ياماموتو رايتا ما لم يذكر خلاف ذلك.)

الرياضة كبار السن شيخوخة المجتمع