انخفاض الين الياباني يضع الاقتصاد الياباني على المحك.. التحديات والحلول المقترحة
اقتصاد- English
- 日本語
- 简体字
- 繁體字
- Français
- Español
- العربية
- Русский
الين وسياسات بنك اليابان
انخفض الين الياباني بوتيرة غير مسبوقة مؤخرا. بعد التداول عند 104 مقابل الدولار الأمريكي في بداية عام 2021، بدأ الين في الانخفاض والتراجع، وهو اتجاه تسارع في عام 2022. وبحلول يونيو/ حزيران، انخفض الين أقل بكثير من 130 مقابل الدولار، وهو مستوى منخفض لم نشهده منذ عقود. يحدث هذا الاستهلاك بسرعة لم نشهدها في السنوات الأخيرة.
السبب الرئيسي لانخفاض الين هو الاختلاف في السياسات النقدية بين اليابان والولايات المتحدة، جنبًا إلى جنب مع التوقعات المتزايدة بأن الفارق في أسعار الفائدة بين البلدين على وشك الاتساع.
منذ الأزمة المالية لعام 2008، اشترت البنوك المركزية بنشاط السندات الحكومية وزودت الأسواق بالسيولة من خلال التيسير الكمي. باستثناء اليابان، حققت هذه السياسات بعض النجاح، وقام الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بإنهاء سياسة التيسير الكمي. يتحرك بنك الاحتياطي الفيدرالي أيضًا لتطبيع سياسته النقدية، مثل رفع أسعار الفائدة في مارس/ آذار 2022.
في غضون ذلك، يواصل بنك اليابان سياسته الخاصة بالتيسير الكمي ولا يظهر أي علامة على تغيير موقفه النقدي، على الأقل في الوقت الحالي. بدلاً من تغيير سياسته، ينخرط بنك اليابان في عمليات السوق مثل عمليات الشراء ذات السعر الثابت، حيث يقوم بالتحكم في سعر الفائدة عن طريق شراء كمية غير محدودة من السندات الحكومية اليابانية عندما يرتفع السعر فوق مستوى معين. يبدو أن بنك اليابان على استعداد للحفاظ على التيسير النقدي بأي وسيلة ممكنة.
على الرغم من تحول بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى التشديد لتطبيع سياسته، يبدو أن بنك اليابان عازمًا على الاستمرار في الإمداد الهائل من السيولة للحفاظ على سعر فائدة منخفض. بطبيعة الحال، سيؤدي هذا إلى انخفاض قيمة الين. لسوء الحظ، تسارع الاتجاه التضخمي العالمي في عام 2022، مما يزيد من انخفاض الين.
موجة الانخفاض تطول الين
بدأت الأسعار في الارتفاع في النصف الثاني من عام 2021، مدعومة بتوقعات الانتعاش الاقتصادي بعد جائحة كورونا. لكن أدى الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/ شباط 2022 إلى ارتفاع أسعار النفط الخام والمواد الغذائية. مع حساسية الرأي العام الأمريكي لارتفاع الأسعار واقتراب موعد انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في نوفمبر/ في تشرين الثاني، أصبحت إدارة الرئيس جو بايدن متوترة بشأن التضخم. من المرجح أن تؤدي الزيادات الإضافية في أسعار الغاز إلى إضعاف الدعم العام، وأصبحت السيطرة على التضخم قضية ذات أولوية بالنسبة للبيت الأبيض. يقترح السوق حاليًا أن الاحتياطي الفيدرالي سيرفع أسعار الفائدة بوتيرة أسرع. إذا حدث ذلك، فإن الفارق بين أسعار الفائدة اليابانية والأمريكية سوف يتسع أكثر، مما يجعل بيع الين أسهل بكثير.
تباينت أسعار الفائدة في البلدين من قبل، ولم تؤد فروق الأسعار هذه بالضرورة إلى بيع الين. لماذا إذن يتسبب الاختلاف الحالي في هذا الانخفاض الحاد في قيمة العملة؟ يمكن تفسير ذلك من خلال التغييرات في الهيكل الأساسي للاقتصاد الياباني، مما أدى إلى انخفاض مشتريات الين بناءً على الطلب الفعلي.
كان اقتصاد اليابان في فترة ما بعد الحرب مدعومًا أساسًا بالنمو الذي تقوده الصادرات، وكانت الجهات الفاعلة الرئيسية دائمًا هي صناعات التصدير. تحتاج الشركات التي تبيع المنتجات في الخارج مقابل الدولار لتحويل هذه الدولارات إلى ين لدفع أجور موظفيها المحليين. لهذا السبب، كان الطلب بين المصدرين على بيع الدولار مقابل الين حاضرًا بشكل مستمر خلال السنوات التي كانت الصادرات فيها قوية.
ولكن منذ تسعينيات القرن الماضي، كافحت الصناعات التحويلية في اليابان للتحول إلى المنتجات ذات القيمة المضافة العالية، واضطرت إلى المنافسة السعرية مع كوريا الجنوبية وتايوان والصين والاقتصادات الناشئة الأخرى. نتيجة لذلك، من أجل خفض التكاليف، قامت الشركات اليابانية بتحويل منشآتها الإنتاجية إلى الخارج بوتيرة سريعة، مما أدى إلى تفريغ الاقتصاد الياباني. تم الاحتفاظ بالعملات الأجنبية المكتسبة من قبل هذه الشركات في الخارج. نظرًا لعدم تحويل هذه الأرباح إلى اليابان، فقد انخفضت مشتريات الين بناءً على الطلب الفعلي لصناعات التصدير في السنوات الأخيرة.
الأضرار التي تلحق بالأموال المنزلية
بالإضافة إلى هذه الضربة من قطاع التصدير، لم يعد المستثمرون الأجانب يشترون الين. كانت اليابان في يوم من الأيام ثاني أكبر اقتصاد في العالم، حتى حلت محلها الصين. سعى العديد من المستثمرين للاحتفاظ بالين كأصل آمن، في المرتبة الثانية بعد الدولار. هذا يعني أنه كان هناك دائمًا مستوى معين من الطلب على شراء الين. ولكن مع تراجع المكانة العالمية للاقتصاد الياباني، تضاءل هذا الطلب أيضًا. هذا الاختفاء في الطلب الفعلي على مشتريات الين انضم مؤخرًا إلى اتساع فارق أسعار الفائدة بين اليابان والولايات المتحدة، مما دفع الين إلى الانخفاض بما يتجاوز التوقعات.
وبعبارة أخرى، فإن الانخفاض الحالي للين يرجع إلى حد كبير إلى العوامل الهيكلية وينتج عن الاقتصاد الياباني الذي تحول إلى ركود بسبب تناقص القدرة التنافسية لصناعات التصدير. اعتقد معظم اليابانيين ذات مرة أن انخفاض قيمة الين كان أمرًا يستحق الترحيب، ودعوا إلى وضع سياسات للحث على إضعاف العملة. لكن الوضع الحالي مختلف تمامًا.
صرح ياناي تاداشي - رئيسFast Retailing، المشغل لسلسلة ملابس يونيكلو وإحدى الشركات اليابانية الرائدة - أنه لا يوجد شيء يمكن أن نربحه من انخفاض قيمة الين. حتى في السنوات التي كانت فيها الصادرات قوية، كان انخفاض قيمة الين عاملاً سلبياً للأسر، لأن ضعف العملة يعني ارتفاع أسعار السلع المستوردة. هذا التأثير المعاكس، كان يتم تجاوزه من خلال التأثير الإيجابي على الاقتصاد الياباني نتيجة زيادة أرباح الصناعات التصديرية الناتجة عن ضعف الين.
لكن في السنوات الأخيرة، بالإضافة إلى فوائد ضعف الين التي لم تتحقق بالكامل بسبب انخفاض القدرة التنافسية للشركات اليابانية، توسعت المنتجات المستوردة لتشمل الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر الشخصية والأجهزة الكهربائية المنزلية، إلى جانب الغذاء والطاقة. في هذه الحالة، تعتبر الموارد المالية للأسر قطاع الاقتصاد الياباني الذي يتعرض لضغوط شديدة بسبب انخفاض قيمة الين.
بسبب الضعف المستمر في الاستهلاك المحلي، لم تتمكن الشركات اليابانية من نقل التكلفة المتزايدة للواردات إلى أسعار المنتجات. انخفض معامل انكماش الناتج المحلي الإجمالي (وهو مؤشر للتغير في الأسعار الناتج عن قسمة الناتج المحلي الإجمالي الاسمي على الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي) إلى ما دون الصفر بكثير في الفترة من أكتوبر/ تشرين الأول إلى ديسمبر/ كانون الأول 2021. إذا تمكنت الشركات من تمرير الزيادة في أسعار الواردات إلى أسعار المنتجات، يرتفع معامل انكماش الطلب المحلي، ومُعامل انكماش الناتج المحلي الإجمالي الأوسع نطاقاً لا ينغمس بعمق في المنطقة السلبية. يؤكد معامل انكماش الناتج المحلي الإجمالي السلبي أن الشركات لم تكن قادرة على تمرير زيادات الأسعار في شكل أسعار السلع المصنعة.
أعباء سداد فوائد السندات الحكومية اليابانية المتزايدة
بشكل عام، تتجه قيمة عملة الدولة وفقًا للأسس الاقتصادية. من خلال عملية الاستهلاك، ستصل العملة إلى نقطة توازن جديدة، وسيتم تعديل الهيكل الصناعي وفقًا لذلك. ومع ذلك، تنطبق الظروف الخاصة في حالة اليابان، مما يجعل من الصعب الوصول إلى نقطة توازن مناسبة. السبب الرئيسي لهذا الوضع هو المبلغ الهائل للديون التي تحتفظ بها الحكومة.
استمرارًا لبيانه أعلاه، صرح ياناي تاداشي - رئيس Fast Retailing أن المزيد من انخفاض قيمة الين سيؤثر سلبًا على الشؤون المالية للحكومة اليابانية. يبلغ الدين المملوك لليابان حاليًا حوالي 1 كوادريليون ين، وهو رقم أكبر بكثير من أي اقتصاد آخر متقدم. ومع ذلك، فإن مدفوعات الفائدة الحكومية لا تكاد تذكر بالنظر إلى سياسة سعر الفائدة الصفري التي يحافظ عليها بنك اليابان. ومع ذلك، فإن التضخم يرتفع على مستوى العالم، ولن تتمكن اليابان من تجنب آثاره. ترتفع الأسعار المحلية تدريجياً على الرغم من الصعوبة التي تواجهها الشركات اليابانية في تمرير أسعار استيراد أعلى للمستهلكين. لا يمكن أن يكون هناك شك في أن أسعار الفائدة ستواجه ضغوطًا متصاعدة في المستقبل القريب. في حالة ارتفاع الأسعار في اليابان وارتفاع سعر الفائدة إلى مستوى الولايات المتحدة تقريبًا (2.8٪ حتى أبريل/ نيسان 2022)، فإن مدفوعات الفائدة السنوية للحكومة اليابانية ستصل نظريًا إلى 28 تريليون ين.
مع آجال استحقاق سندات الحكومة اليابانية بمتوسط تسع سنوات، سوف يستغرق الأمر بضع سنوات قبل أن ترتفع مدفوعات الفائدة الحكومية إلى هذا المستوى. ومع ذلك، فإن إجمالي الإيرادات الضريبية في اليابان لا يتجاوز 57 تريليون ين. إذا ارتفع سعر الفائدة في اليابان إلى مستوى الولايات المتحدة، فإن هذا يعني أن نصف جميع الإيرادات الضريبية ستختفي في مدفوعات الفائدة.
اليابان بحاجة إلى القيادة
وبناءً على ذلك، لا يستطيع بنك اليابان رفع سعر الفائدة بسهولة، وهو ما لا تريده الحكومة بأي حال من الأحوال. في هذه الحالة، سيضطر بنك اليابان إلى الحفاظ على سياسة نقدية تيسيرية، مما سيسرع من انخفاض قيمة الين.
بما أن الحكومة اليابانية تحتفظ بـ1.1 كوادريليون ين من الأصول، فمن غير المرجح أن تثير الديون البالغة 1 كوادريليون ين مخاوف بشأن مخاطر الائتمان. ومع ذلك، فإن بعض الأصول التي تحتفظ بها الحكومة تشمل تلك الأصول التي لا قيمة لها فعليًا، ولا يوجد الكثير من الأصول التي يمكن بيعها في السوق. لن يكون من المرغوب فيه زيادة الدين الحكومي أكثر، وإصدار سندات الحكومة اليابانية لتغطية قيود الميزانية سيكون خيارًا مشكوكًا فيه.
بطبيعة الحال، ستؤثر المخاوف بشأن مدفوعات الفائدة المرتفعة على إجراءات التحفيز الاقتصادي وغيرها من الإنفاق التقديري، والذي من المحتمل أن يؤدي إلى مزيد من تثبيط الاستهلاك. من المحتمل جدًا أن يؤدي تزايد عبء الفائدة على الحكومة إلى تفاقم أرباح الشركات وستصبح رياحًا معاكسة لقروض الإسكان.
هناك خيار واحد فقط لليابان. يجب أن تراقب الوضع المالي واتجاه الاقتصاد للحفاظ على التوازن العام مع زيادة سعر الفائدة على مراحل. سوف تأتي المعدلات المرتفعة بشكل طبيعي مع المزيد من المعاناة. وبما أن الأمر كذلك، فإن القلق الأكبر لليابان هو الافتقار الواضح للإرادة القوية في الدوائر السياسية لمواجهة هذا الواقع والعمل على تحسين الوضع.
(النص الأصلي نشر باللغة اليابانية في 18 مايو/ أيار 2022، الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: شاشة في طوكيو، تُظهر تداول الين عند 131 مقابل الدولار الأمريكي بعد ظهر يوم 28 أبريل/ نيسان 2022. جيجي برس)