كيف قاد نوبويوكي إيدي الرئيس السابق لشركة ”سوني“ الشركة نحو العالمية؟

لايف ستايل

توفي نوبويوكي إيدي الرئيس السابق لشركة سوني، في الثاني من يونيو/ حزيران 2022 عن عمر يناهز 84 عامًا. وخلال فترة رئاسته، أشرف على إطلاق جهاز الكمبيوتر المحمول سوني فايو والكلب الروبوت أيبو، مما ضاعف من مبيعات الشركة. وقد سمحت له رؤيته البارعة في القيادة بالتنبؤ باستخدامات الإنترنت قبل معظم الآخرين، ولكن خلال فترة ولايته، شهدت صناعة الإلكترونيات في اليابان تقلبات هائلة في الممتلكات والثروات.

الترويج للأعمال الشبكية الرقمية

تم تعيين نوبويوكي إيدي لأول مرة من قبل شركة سوني في عام 1960. بعد أن عمل كرئيس لقسم الصوتيات والعمليات الإعلانية للشركة، وتولى منصب الرئيس في عام 1995. وقد تم تعينه من قبل أوغا نوريو، الذي كان هو نفسه أحد الذين اهتم بهم إيبوكا ماسارو الشريك المؤسس لشركة سوني، وتولى إيدي المسؤولية الجسيمة لإدارة ما أصبح بحلول ذلك الوقت إحدى الشركات العالمية.

كان إيدي وراء تقديم العبارات الترويجية الجديدة (Re Generation) ”الجيل الجديد“ و (Digital Dream Kids) ” أطفال الأحلام الرقمية“ لتحل محل العبارة الشائعة (It’s a Sony) ”إنها سوني“، وتبنى مفهوم القيمة الاقتصادية المضافة، والذي أعطى أهمية أكبر للاستثمار كمؤشر للإدارة. ويتم استخلاص القيمة الاقتصادية المضافة عن طريق طرح تكاليف رأس المال من ربح التشغيل بعد خصم الضريبة. ويتم استخدامها للتحكم في كفاءة رأس المال لضمان أقصى ربح من الحد الأدنى من الأصول، ويكشف عن علامات أداء الإدارة التي تظل غير مرئية عند النظر فقط إلى المبيعات وصافي الربح. وكان هذا مؤشرًا على أن إيدي، الذي لم يكن يتمتع بعلاقات قوية مع جيل مؤسسي الشركة، لديه شعور بأن شركة سوني المعتادة على النجاحات المستمرة كانت تواجه أزمة.

”سيكون للإنترنت نفس التأثير على عالم الأعمال كما فعل النيزك على عالم الديناصورات: فمن لن يستطيع التكيف سيُمحى لا محالة“.

كتب إيدي هذه الجملة في عريضة قُدمت إلى رئيس الشركة آنذاك (أوغا نوريو) يدعو فيها إلى الحاجة إلى التكيف مع الإنترنت بعد أن أدهشه بيان نائب الرئيس الأمريكي آل غور لعام 1993 الذي دعا إلى ”طريق سريع للمعلومات“. في ذلك الوقت، كانت سوني لا تزال تركز على التصنيع، وذلك بفضل النجاحات الكبيرة التي حققتها مع جهاز (واكمان) وكاميرات الفيديو. لكن المدير التنفيذي السابق لشركة سوني والرئيس التنفيذي الحالي لشركة سوراميتسو (ميازاوا كازوماسا)، الذي طور خط (Sony VAIO) (سوني فايو) لأجهزة الكمبيوتر الشخصية المحمولة تحت إشراف إيدي، ذكر قائلًا: ”لقد تم تجاهل تحذيرات إيدي إلى حد كبير داخل الشركة حيال التأثير الكبير الذي سيفرضه الإنترنت على شركة سوني“.

خلال الأيام الأولى للكمبيوتر الشخصي في الثمانينيات من القرن الماضي، كان إيدي قد حقق فشلًا في جهاز الكمبيوتر الشخصي HiTBiT الذي كان متوافقًا مع نظام التشغيل MSX (إم إس إكس الذي عُرف في الوطن العربي باسم صخر). وفي محاولته الرابعة، أطلق مشروع GI قبل وقت قصير من تقديم سوني لكمبيوتر VAIO. ويرمز الحرف ”G“ إلى آندي غروف، الرئيس التنفيذي لشركة Intel، بينما كان الحرف ”I“ يرمز لـ إيدي نفسه.

كما يوضح ميازاوا قائلًا: ”توصل إيدي إلى فكرة أن شركة سوني يجب أن تكون عنصرًا مشاركًا في كل من أجهزة الكمبيوتر الشخصية والإنترنت في ذلك الوقت”.

ثم روج إيدي لأعمال الشبكات الرقمية الخاصة بشركة سوني من خلال نشاطات مثل تأسيسه في نوفمبر/ تشرين الثاني 1995 لشركة (سوني نتورك كومينيكيشين)، التي كانت تدير مزود خدمات الإنترنت So-net.

لعنة القيمة الاقتصادية المضافة

خلال فترة رئاسة إيدي، كشف مؤسس شركة أبل ستيف جوبس النقاب عن جهاز آي-بود في عام 2001 وحول تطبيق تشغيل الموسيقى الرقمية والفيديوهات آي تيونز إلى مؤسسة تجارية ناجحة. وبين ليلة وضحاها، حلت أجهزة آي-بود محل الأقراص المصغرة ميني ديسك وأشرطة الكاسيت التي يستخدمها جهاز ووكمان. وفي أحد الحوارات في عام 2007 مع مؤسس شركة مايكروسوفت بيل غيتس، صرح جوبز قائلًا: ”إذا قمت بتصغير الأشياء وقلت في قرارة نفسك، لماذا يوجد جهاز آي-بود؟ لماذا تنجح شركة أبل في هذا العمل؟ فما هي الاجابة؟ ذلك بسبب أن الشركات اليابانية ”الإلكترونيات الاستهلاكية“ التي كانت من صانعي الأجهزة البارزين لم تكن قادرة على عمل برامج السوفت وير هي الأخرى، فقد كان من الضروري القيام بها “.

ومع تنامي الوعي بالأزمة الوشيكة داخل مجموعة شركة سوني، ذهب أندرو لاك، الرئيس التنفيذي لشركة سوني-ميوزيك آنذاك، إلى مقر الشركة في اليابان في عام 2003، وأظهر لهم جهاز آي-بود، ووصفه لهم بأنه ”Walkman-killer“ أو ”الجهاز الذي سيزيح واكمان من على الخارطة“ في محاولة لإقناع الشركة بدمج الأجهزة وتنزيل الملفات الموسيقية. لكن شركة سوني كانت تراهن على التفرد في شكل تدابير تهدف إلى منع نسخ محتوى الموسيقى ذو حقوق الملكية، الأمر الذي أدى إلى هزيمة ساحقة لكل من الأجهزة وشركات بث الموسيقى.

وقد أدى مؤشر إدارة القيمة الاقتصادية المضافة أيضًا إلى أن تصبح شركة سوني متورطة في فخٍ مِن صُنعها. فعندما أطلقت وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة اليابانية مشروعها ”شاشات الكريستال السائل اليابانية“ المعروفة باسم (إل سي دي) المصممة لتعزيز تطوير صناعة شاشات الكريستال السائل المحلية، ذهبت شركة سوني في اتجاه مختلف وأنشأت مشروعًا مشتركًا مع شركة سامسونغ في كوريا الجنوبية. وبعد ذلك، عندما واجهت شركة شارب أزمة نتيجة لاستثماراتها الهائلة في شاشات LCD، كان هناك من أغدق الثناء على إيدي لقراره الحكيم. إلا أنه عند الأخذ في الاعتبار التطورات التي حققتها كوريا الجنوبية والصين في صناعة شاشات الكريستال السائل من خلال استخدام المحفزات، فيبدو أنه من الممكن إذا كانت شاركت سوني في المشروع المحلي، فلربما كانت النتيجة مختلفة.

قد تكون القيمة الاقتصادية المضافة أحد الأسباب التي دفعت شركة سوني إلى كبح استثماراتها في شاشات LCD. على الرغم من أن القيمة الاقتصادية المضافة هي مؤشر يسمح بتقييم الأداء قصير الأجل ويسهل مواءمتها مع الحسابات المالية للشركات، وصافي القيمة الحالية، التي تعتبر مؤشر للاستثمار يمنح رؤية بعيدة المدى، إلا أنها تعتبر المؤشر الأكثر ملاءمة للقرارات المتعلقة بالاستثمار.

وعلاوة على ذلك، آنذاك، أظهرت سوني أجور كل قسم في حسابات القيمة الاقتصادية المضافة الخاصة بها. ونظرًا لأن الأرقام تتحسن إذا تم تقييد الاستثمار، فقد يكون اعتماد سوني على القيمة الاقتصادية المضافة كمعيار قد أدى بها إلى تقليل جميع الاستثمارات الجديدة، وليس فقط تلك الموجودة في قطاع شاشات الـ LCD. وقد أدى هذا إلى إبطاء ابتكارات الشركة، مما أدى بدوره إلى رد فعل عنيف داخل الشركة.

لا تزال هناك شركات تستخدم معيار القيمة الاقتصادية المضافة، وهي بالتأكيد ليست مخطئة من الناحية المفاهيمية. وفي كتابه (Mayoi to ketsudan) (القرار والتردد)، الذي نشره إيدي بعد مغادرته شركة سوني، خصص فيه صفحة لـ ”القيمة الاقتصادية المضافة التي أُسيء فهمها“ ووصف الانتقادات بأنها ”جعلت من المستحيل الانخراط في استثمار طويل الأجل“ حيث ”ضاع المغزى”.

وفي بيان حول أجهزة الـ (بلاي ستيشن)، المنتج الرائد حاليًا في شركة سوني، قال أحد المخضرمين في الشركة والذي يعرف كلا الرجلين، ”إيدي كان غير مبالي حيال الأمر. و كوتاراغي كين، الذي أدار عملية التطوير، واجه صعوبة نتيجة لذلك“. وكان إيدي مقدسًا باعتباره قائد شركة يتمتع بشخصية كاريزمية، ولكن وصفته إحدى مجلات الأعمال الأمريكية أيضًا بأنه ”أسوأ مدير في العالم“. ودافع المخضرم في شركة سوني عنه ، قائلاً: ”إيدي لم يكن مسؤولاً عن كل شيء. كما يتحمل رؤساء ومديرو الشركة اللاحقون الذين لم يفهموا نواياه جزءًا كبيرًا من المسؤولية.“. كانت علاقة إيدي مع الشركة مزيج من الحب والكراهية المغلف بالمديح والنقد من قبل الآخرين، لكن اسمه سيظل محفورًا كأحد مدراء الشركة الفعَّالين خلال حقبة وصول صناعة الإلكترونيات اليابانية إلى ذروتها.

(النص الأصلي نُشر باللغة اليابانية، الترجمة من اللغة الإنكليزية. صورة الموضوع: نوبويوكي إيدي، الرئيس السابق لشركة سوني ثم المدير الممثل لشركة (كوانتم ليبس)، في مبنى مارونوؤتشي بطوكيو. في العشرين من ديسمبر/ كانون الأول 2007)

سوني الشركات اليابانية التكنولوجيا