قلاع القائد العسكري توكوغاوا إياسو

محل ميلاد إياسو

ولد توكوغاوا إياسو، المؤسس المستقبلي لشوغونية إيدو (الحكومة العسكرية الإقطاعية في حقبة عصر إيدو)، في عام 1543 في قلعة أوكازاكي في مقاطعة ميكاوا (الآن محافظة آيتشي). ويُعتقد أن عشيرة سايغو قد شيدت تحصينات أولية في عام 1452، ولكن تم الاستيلاء عليها من قبل ماتسودايرا كيوياسو، جد إياسو، الذي شيد إحدى القلاع على أرض الموقع.

بقايا قلعة أوكازاكي وخندقها المائي. (بيكساتا)

تراجعت قوة عشيرة ماتسودايرا بعد وفاة كيوياسو، وأصبح ابنه هيروتادا تابعًا لعائلة إيماغاوا في مقاطعة سوروغا (الآن محافظة شيزوكا). وكان من المقرر إرسال إياسو نجل هيروتادا (المعروف آنذاك باسم ولادته ماتسودايرا تاكيتشييو) إلى سوروغا ليعيش كرهينة هناك في عام 1547، لكن خيانة أحد التابعين أدت إلى نقله بدلاً من ذلك إلى عشيرة أودا في مقاطعة أواري (محافظة آيتشي الآن). وهناك قصص غير مثبتة تروي أنه التقى بمنافسه المستقبلي أودا نوبوناغا هناك. وبعد ذلك بعامين، ذهب إياسو كرهينة لدى عائلة إيماغاوا بعد أن تفاوضت العائلة مع عشيرة أودا.

قُتل هيروتادا في عام 1549 وكان إياسو رهينة، لذلك لم يكن لقلعة أوكازاكي أي حاكم فعلي لفترة طويلة. وفي عام 1560، هزم نوبوناغا، الذي يتزعم الآن عشيرة أودا، إيماغاوا يوشيموتو في معركة أوكيهازاما. وعندما مات يوشيموتو في المعركة، انتهز إياسو الفرصة للعودة إلى لموطنه، بعد 13 عامًا.

وفي ذلك الوقت، يبدو أن قلعة أوكازاكي لم تكن بها جدران حجرية وكانت أسقف الأبراج والبوابات من القش. ووفقًا للسجلات المعاصرة، أشرف إياسو على أعمال الإصلاح، واستحضر صورة الشاب الذي يستعيد زمام الأمور لإدارة منطقة نفوذه، بعد أن انفصل عن سيطرة إيماغاوا. ومن مركزه في قلعة أوكازاكي، أمضى إياسو العقد التالي في توحيد مقاطعة ميكاوا.

الاستفادة من الأخطاء

في عام 1570، نقل إياسو تمركزه من قلعة أوكازاكي إلى قلعة هاماماتسو، على بعد 70 كيلومترًا إلى الشرق، للحماية من التوسع الغربي من قبل القائد العسكري القوي تاكيدا شينغين.

تشتهر قلعة هاماماتسو بجدران مصنوعة من الحجارة المتكدسة والخشنة الطبيعية. شُيدت من قبل هوريؤ يوشيهارو في عام 1590 بيكساتا)

أطلق إياسو على مركزه الجديدة اسم (هاماماتسو) تيمنًا بالصنوبر (ماتسو) المصطف على الشاطئ (هاما). وهناك قام بتوسيع القلعة الموجودة، حيث مكث بها لمدة 17 عامًا. وأثناء إقامته، كانت القلعة مبنية من طين التربة، ولم يتم بناء الجدران الحجرية ومبنى القلعة إلا بعد تولي عشيرة هوريؤ زمام الأمور خلال حكم تويوتومي هيدييوشي.

تشتهر قلعة هاماماتسو بكونها الحصن الذي فر إليه إياسو لينجو بحياته بعد مواجهة مؤلمة مع جيش تاكيدا شينغين في معركة ميكاتاغاهارا عام 1573. حينها رفض خيار الصمود أمام الحصار المحتمل للقلعة، وأرسل إياسو جيشه إلى معركة مفتوحة، لكنه مُني بهزيمة ساحقة، وخسر العديد من قادة جيشه الموهوبين.

إلا أنه، استمر في تحصين قلعتة، حتى مع تدهور نفوذ عشيرة تاكيدا بعد وفاة شينغين في وقت لاحق في عام 1573. وعكف على دراسة طرق بناء قلاع أعدائه وعمل على تقوية الدفاعات. حيث كانت هاماماتسو بمثابة المكان الذي حول فيه إياسو تجربتة المُهينة إلى فرصة للتعلم والاستفادة.

أولى قلاع إياسو الحديثة

كان أودا نوبوناغا وإياسو حليفين، ولكن بعد وفاة نوبوناغا في عام 1582، اشتبك إياسو مع القائد الحربي تويوتومي هيدييوشي (الذي كان يعرف آنذاك باسم هاشيبا هيدييوشي). حيث تقاتلت قواتهم في معركة كوماكي وناغاكوتى عام 1584.

لم تُحسم نتيجة الصراع، لكنها تركت إياسو في المرتبة الثانية كأقوى زعيم بين العشائر. وانتقل إلى الشرق إلى مقاطعة (سونبو) للدفاع ضد هيدييوشي، وقام ببناء أول قلعة حديثة له بجدران حجرية.

تقع قلعة سونبو حاليًا في أحد المتنزهات بمدينة شيزوؤكا.

مخطط لقلعة سونبو، المدرجة في سجلات مخططات القلاع اليابانية القديمة. تم رسمها في منتصف حقبة عصر إيدو (1603-1868)، بعد أن أقام إياسو بها، حيث تظهر قلعة كبيرة مبنية حول حصن مركزي شُيد منذ القدم. (مقدمة من مكتبة البرلمان الياباني الوطنية)

قلعة سونبو مفتوحة الآن للزوار في متنزه قلعة سونبو. تُظهر هذه الصورة المُلتقطة في عام 2014 برج القلعة الجنوبي الغربي المكتمل البناء. (بيكساتا)

بدأ البناء في صيف عام 1585، وانتقل إياسو في غضون بضعة أشهر بعد ذلك. وتم الانتهاء من الحصن بعد عامين، على الرغم من قلة التفاصيل، وعدم موثوقية الصور لهذه الفترة.

استقر إياسو في قلعة سونبو حتى أخبره هيدييوشي بالانتقال إلى منطقة كانتو في عام 1590. وبعد عامين من تأسيسه الحكومة العسكرية (الشوغونية) في مدينة إيدو (طوكيو حاليًا) في 1603، تنازل عن الحكم وعاد إلى قلعة سونبو، وخلفه ابنه هيديتادا في منصب الحاكم العسكري. وبصرف النظر عن الإقامات العرضية في قلعة نيجو في كيوتو، بقي إياسو في قلعة سونبو حتى وفاته فيها في عام 1616.

قلعة جديرة بقائدها

بعد أن دمر هيدييوشي عشيرة هوجو في منطقة كانتو، أُمر إياسو بالانتقال إلى هناك، حيث اختار أن يقيم في إيدو بمقاطعة موساشي. وبعد وفاة هيدييوشي عام 1598، اندلع الصراع على السلطة. وأحكم إياسو سيطرته على البلاد في عام 1600 بعد معركة سيكيغاهارا، واستمر في تأسيس حكومة جديدة في عام 1603.

وكان قد أجرى بالفعل تحسينات على قلعة إيدو — والتي هي الآن موقع القصر الإمبراطوري في طوكيو — لكنه كثَّف من هذه التحسينات لبناء قلعة جديرة بأن تكون مقرًا للحاكم. حيث طُلب من إقطاعي البلاد المساهمة في هذه الأعمال التطويرية. وتم نقل الأحجار المستخدمة في الجدران عن طريق البحر من سواحل إيزو (الآن محافظة شيزؤكا) وساغامي (الآن محافظة كاناغاوا).

على طول الساحل الشرقي لشبه جزيرة إيزو في محافظة شيزؤكا، توجد بقايا محاجر الحجارة التي تم استخدامها في قلعة إيدو. ولا تزال بعض الأحجار الكبيرة بها آثار للثقوب التي تم طرق الأوتاد المعدنية فيها لتقسيمها. (بيكساتا)

تم بناء المجمع المركزي للقلعة الذي يطلق عليه (هونمارو) في عام 1606، وهو المكان الذي عاش فيه هيديتادا، الحاكم العسكري الثاني من نسل توكوغاوا. ووصف أحد التسجيلات المحفوظة القلعة بأنها ”طويلة لدرجة بلوغها السحاب“ و ”بيضاء مثل القمة الثلجية“. ويُعتقد أن لونها كان نتيجة استخدام الجص.

تُظهر المواد التاريخية التي تُصور قلعة إيدو في أيامها الأولى أنها صُممت مع وضع خوض المعارك في الاعتبار. لقد كانت على نطاق يتجاوز مساحة قلعة أوساكا التي بناها هيدييوشي، بهدف إقناع أولئك الذين يرون أن أفراد عائلة الـ توكوغاوا هم الذين يحكمون اليابان الآن.

مخطط لقلعة إيدو في 1608 (من ضمن الرسوم التوضيحية لمدينة إيدو في حقبة عصر كيتشو [1596–1615]). يُعتقد أنه تم رسم المخطط بعد فترة وجيزة من إنشاء الحكومة (الشوغونية)، حيث تظهر القلعة وما يحيط بها. (الصورة مقدمة من غرفة المجموعة الخاصة بمكتبة العاصمة طوكيو)

في عام 1614، ومع إضافة المزيد من الأبنية والمُجمعات، اكتُمل بناء قلعة حكام عائلة توكوغاوا العسكريين.

قاعدة الحكومة الشوغونية في كيوتو

إذا كانت قلعة إيدو تُظهر قوة الساموراي، فإن قلعة نيجو أظهرت قوة توكوغاوا في كيوتو. فقد تم الانتهاء منها في عام 1603، وعندما أصبح إياسو حاكم عسكري في نفس العام، انتقل من قلعة كيوتو إلى القصر الإمبراطوري للتعبير عن شكره الرسمي لتعيينه.

وهناك أيضًا تلقى زيارات تهنئة من قبل مسؤولي المحكمة. وكانت القلعة قائمة على أرض مستوية مع مبنى من خمسة طوابق محاط بخندق مائي وجدران ترابية وأبراج ، لذلك كان لها ميزات مختلفة مصممة لخوض المعارك المحتملة. ولكن في عام 1625، وبعد وفاة إياسو، تم بناء بوابة يمكن من خلالها للإمبراطور دخول القلعة. وأصبحت موقعًا للاحتفالات، واكتسبت رونقًا آخر يسوده السلم والهدوء.

بوابة (هيغاشي أوتيمون) في قلعة نيجو. أُعيد بناء البوابة الحالية في عام 1663. (بيكساتا)

في عام 1867، تخلى توكوغاوا يوشينوبو، آخر حاكم عسكري (شوغون)، عن السلطة للإمبراطور ميجي في قلعة نيجو. والقلعة مسجلة حاليًا كموقع للتراث العالمي لليونسكو، كجزء من المعالم التاريخية لمدينة كيوتو القديمة.

(النص الأصلي نُشر باللغة اليابانية في 25 يوليو/ تموز 2022، والترجمة من اللغة الإنكليزية. صورة الموضوع: قلعة أوكازاكي، وهي معلم محلي في الوقت المعاصر، وقد أعيد بناؤها في عام 1959، بيكساتا)