طالبة جامعية يابانية في طليعة مقدمي المساعدات للاجئين في اليابان

لايف ستايل

رفضت الحكومة اليابانية التماسات غالبية طالبي اللجوء في اليابان، الأمر الذي تركهم بلا مأوى يذهبون إليه أو سبيل لكسب لقمة العيش. ولكن يلجأ الكثيرون منهم إلى مراكز اللاجئين التي تديرها المنظمات الإنسانية غير الحكومية للمساعدة أثناء البت في قضاياهم. نتناول في هذه المقالة أويكاوا إيزومي، وهي طالبة جامعية يابانية تساعد المقيمين في أحد مراكز إيواء اللاجئين في مدينة كاماكورا.

دعم اللاجئين في اليابان

يقع مركز ”أروبى“ للاجئين بين المعابد والمزارات التاريخية في عاصمة اليابان القديمة في مدينة كاماكورا بمحافظة كاناغاوا. تم إنشاء المركز كمنظمة غير ربحية في عام 2020، وهو قادر على استيعاب ما يصل إلى 30 فردًا، وهو محاط بالأشجار والمساحات الخضراء.

على الصعيد العالمي، فر أكثر من 100 مليون شخص من ديارهم هربًا من النزاعات المسلحة والاضطهادات الدينية والسياسية. ويلجأ الكثيرون منهم إلى الدول المجاورة، بينما يأمل آخرون في العثور على الحماية والأمان في الدول المتقدمة. وهناك اتجاه بين اليابانيين يرى أن هذا التدفق من اللاجئين سيمثل مشكلة في المستقبل البعيد، ولكن كل عام يجد المئات من طالبي اللجوء طريقهم إلى شواطئ اليابان.

إلا أن أولئك الذين يأتون إلى اليابان يواجهون احتمالات قاتمة في الحصول على قبول التماساتهم. وفي الوقت الذي تفتح فيه الدول الغربية حدودها أمام أعداد كبيرة من النازحين، فإن اليابان، التي وقعت على اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين في عام 1981، تتخلف كثيرًا عن الدول الموقعة الأخرى بشأن مسألة قبول اللاجئين، حيث تعترف فقط بجزء ضئيل من طلبات اللجوء التي تتلقاها.

وعادةً ما يُمنح الأشخاص الذين تم رفض منحهم حق اللجوء في البداية إفراجًا مؤقتًا أثناء استئنافهم طلباتهم. ومع ذلك، بدون الحق القانوني في الإقامة في اليابان، فإن وجودهم يكون محفوفًا بالمخاطر. فهم غير قادرين على البحث عن عمل، ولا يمكنهم الحصول على التأمين الصحي وخدمات الرعاية الاجتماعية، ويواجهون الخوف الدائم من الاحتجاز طويل الأمد أو حتى الترحيل. ويُجبر الكثيرون منهم على العيش في الشوارع، بعد أن حُرموا من سبل توفير احتياجاتهم الأساسية. ولقد حظيت محنتهم باهتمام واسع في اليابان وخارجها، حيث تعرضت الحكومة اليابانية لانتقادات بسبب سياسات الهجرة غير الإنسانية.

وتلعب مرافق مثل مركز (أروبى) للاجئين دورًا حيويًا في دعم حياة طالبي اللجوء في اليابان. فمنذ افتتاحه، استقبل 31 لاجئًا من 16 دولة مختلفة. وفي أبريل/ نيسان من العام الجاري، استقبل أحدث وفوده، وهما زوجان أوكرانيان فروا من الحرب في بلادهم. ومن بين المتطوعين الذين يدعمون احتياجات أولئك الذين يعيشون في المركز، بما في ذلك المساعدة في صرف أذهانهم عن وضعهم المحفوف بالمخاطر، إحدى مواطنات مدينة كاماكورا أويكاوا إيزومي.

 إحدى المقيمات بالمركز تقوم بنوع من غسول البشرة المستخدم في ميانمار يطلق عليه (ثاناكا)، على وجه أويكاوا.
إحدى المقيمات بالمركز تقوم بنوع من غسول البشرة المستخدم في ميانمار يطلق عليه (ثاناكا)، على وجه أويكاوا.

التحقت أويكاوا بجامعة صوفيا في عام 2018 بطموح العمل يومًا ما في خارج البلاد لمساعدة المحتاجين. وحرصًا منها على اكتساب خبرة حقيقية عالمية، وضعت خططًا للتطوع في أولمبياد طوكيو 2020 والمشاركة في مشروع لتعليم اللغة اليابانية في إندونيسيا.

وبعد فترة وجيزة من بدء دراستها، أجبرتها جائحة فيروس كورونا على تأجيل أحلامها. وتقول أويكاوا: ”كنت على استعداد للانطلاق إلى العالم الخارجي، إلا أنني وجدت نفسي لا أستطيع حتى مغادرة منزلي“. وتبددت آمالها حيال التطوع في الألعاب الأولمبية عندما تم تأجيل الألعاب وانهارت فرصة السفر إلى إندونيسيا مع إحدى مجموعات الإغاثة عندما ارتفعت حالات الإصابة بفيروس كورونا على الصعيد العالمي.

وبدلاً من الاستسلام، حولت أويكاوا انتباهها إلى العمل التطوعي المحلي. وسمعت عن مركز أروبى للاجئين الذي تم افتتاحه حديثًا من أحد معارفها أوروشيبارا هيروشي، الذي يرأس منظمة الحركة التبشيرية اليابانية غير الحكومية. وتطلعت أويكاو للعمل مع أوروشيبارا، الذي قاده شغفه للعمل في أنحاء اليابان والعالم. وتقول أويكا ”إنه يقدم العديد من التضحيات في حياته، لكنه يشعر بكثير من الرضا عند مساعدة المحتاجين، وهو أمر أطمح إليه“.

تقوم أويكاوا في يومها الأول في مركز اللاجئين بتدريس اللغة اليابانية لإحدى المقيمات من إفريقيا. وقد عرفهاعلى المركز رئيس المنظمة غير الحكومية أوروشيبارا هيروشي، الذي ساعد في توجيه المركز بالشكل الصحيح خلال عملية طلب تمويل صعبة.
تقوم أويكاوا في يومها الأول في مركز اللاجئين بتدريس اللغة اليابانية لإحدى المقيمات من إفريقيا. وقد عرفهاعلى المركز رئيس المنظمة غير الحكومية أوروشيبارا هيروشي، الذي ساعد في توجيه المركز بالشكل الصحيح خلال عملية طلب تمويل صعبة.

رسم ضحكة على الوجوه

لقد عانى سكان المركز من الصدمات في بلدانهم الأصلية ووضعهم غير المستقر في اليابان آثر بشكل سلبي على حالتهم النفسية والعاطفية. ولاحظت أويكاوا أن الكثيرين يفضلون التقوقع داخل غرفهم بدلاً من التفاعل مع الآخرين في المركز. الأمر الذي دعاها لإقامة العديد من الأنشطة، بما في ذلك إعداد طبق تشيراشي زوشي والكاري على الطريقة اليابانية والتخطيط للذهاب في رحلات خارج المركز إلى إحدى حدائق الحيوانات القريبة وموقع إينوشيما السياحي بهدف الترويح عن المقيمين وإراحاتهم قليلًا من عناء التفكير في مخاوفهم. ”أي شيء يمكنني القيام به للمساعدة في تحسين حياتهم”.

وتقول أويكاوا أنها مُنحت حرية التخطيط لأنشطة جديدة. وتشرح قائلة: ”كان للمنشأة القديمة عددًا من البرامج المحددة، لكن مركز أروبى يسمح للمتطوعين بإعداد الفعاليات الخاصة بهم، لقد كانت فرصة رائعة لتعلم وبناء المهارات الحيوية”.

وإلى جانب أنشطة التخطيط والإدارة، تلفت أويكاوا الانتباه إلى أعمال المساعدة التي يقوم بها المركز على وسائل التواصل الاجتماعي وتقدم عروضًا تقديمية في الندوات، بما في ذلك فاعلية عبر الإنترنت أقيمت في العشرين من يونيو/ حزيران 2021 احتفالًا باليوم العالمي للاجئين.

أويكاوا، إلى اليمين، تتحدث في ندوة عن أنشطتها المختلفة في مركز أروبى.
أويكاوا، إلى اليمين، تتحدث في ندوة عن أنشطتها المختلفة في مركز أروبى.

ومع ذلك ، فإن تركيزها الرئيسي هو المساعدة في تلبية الاحتياجات اليومية المختلفة للأشخاص في المأوى. لذلك بدأت الدراسة للحصول على رخصة الرعاية التمريضية خاصتها، وغالبًا ما تكون مكلفة برعاية المقيمين الذين يتعرضون لوعكات صحية. ويمكن أن نجدها وهي تشرح بصبر كيفية استخدام الهاتف الذكي، ولديها دائمًا وقت مخصص للطفلين اللذين يعيشان في المركز.

وتقول أويكاوا إنه كان عليها أن تتعلم كيفية التعامل مع اللحظات المتوترة، وهو أمر شائع بالنظر إلى ما يعانيه المقيمون في مركز الرعاية. ويمكن أن يؤدي سوء الفهم إلى كلمات قاسية أو أفعال أخرى، خاصة مع كونها شابة الأمر الذي يجعلها هدفًا سهلاً. فخلال مثل هذه اللحظات المتوترة، تركز دائمًا على فهم موقف الشخص بدلاً من السماح لمشاعرها بالتغلب عليها.

إحداث تغيير في حياة اللاجئين

وتتذكر أويكاوا أنها دخلت في مشادات متكررة مع إحدى المقيمات من إفريقيا. وتروي قائلة: ”كانت دائمًا ما تمدح الموظفين الآخرين لكنها كانت تنتقدني بشدة، وكانت تتجاهلني في كثير من الأحيان عندما أتحدث معها. لقد كان الأمر مرهقا للغاية”.

إلا أن الوضع تغير 180 درجة، فعندما بدأت أويكاوا في رعاية ابنة تبلغ من العمر خمس سنوات لمقيمة أخرى كانت في المستشفى بعد ولادة طفلها الثاني. تقول أويكاوا إن الطفلة كانت صعبة المراس. ”فالأم لم تحسن تربية الطفلة كما ينبغي“ ولكن بعد تفهم الموقف، أخذت المرأة التي واجهت أويكاوا مشاكل معها الأمر على عاتقها ووضعت بعض القواعد، وبعد حديث صارم مع الفتاة، أصبح من السهل التعامل معها. وساعد كثيرًا كون المرأة والأم من نفس البلد. ”أسرَّت لي المرأة لاحقًا أن جزءًا من سلوكها تجاهي نابع من ضغوط رؤية تصرفات الفتاة. الأمر الذي غيّر من وجهة نظري تجاهها وتعاوننا بشكل رائع بعد ذلك“.

اعتنت أويكاوا بالإبنة الصغرى لأحدى المقيمات لمدة 10 أيام متتالية أثناء وجود والدتها بالمشفى، بما في ذلك تجهيز وإعداد الـ بنتو (عُلب وجبات الطعام).
اعتنت أويكاوا بالإبنة الصغرى لأحدى المقيمات لمدة 10 أيام متتالية أثناء وجود والدتها بالمشفى، بما في ذلك تجهيز وإعداد الـ بنتو (عُلب وجبات الطعام).

أويكا تلعب مع إبنة إحدى المقيمات في مركز أويكا لرعاية اللاجئين.أويكا تلعب مع إبنة إحدى المقيمات في مركز أويكا لرعاية اللاجئين.

توفير المساعدات لأكثرها احتياجًا

بعد انتظار دام عامين، تمكنت أويكاوا في أواخر عام 2021 أخيرًا من السفر إلى إندونيسيا كجزء من مشروع لتعليم اللغة اليابانية في البلاد هناك. وقد دُهشت من سرعة تكيفها مع الثقافة والأجواء المختلفة، وهو أمر تنسبه إلى تجربتها في مركز أروبى للاجئين. حيث تقول: ”لقد كان الأمر أشبه بتجربة عالم جديد في الفناء الخلفي لمنزلي، فلقد تمكنت من بناء المهارات الأساسية التي ستخدمني في حياتي المهنية“.

إلا أن الفترة التي قضتها في المركز جعلتها تدرك شيئًا أكثر عمقًا: ألا وهو فهم محنة اللاجئين. وهي تعترف بأنه على الرغم من أنها قد تكون قادرة على إدخال السعادة في نفوس المقيمين هناك لبعض الوقت، إلا أنها لا تملك أي وسيلة لتغيير وضعهم الأساسي. وتقول ”يسألني الأشخاص الذين يسعون للحصول على وضع صفة اللاجئ عن أشياء مثل كيف يمكنهم البحث عن عمل لإعالة أسرهم، ولكن في حقيقة الأمر لا يوجد ما يمكنني فعله من أجلهم. فالنظام القانوني الياباني لا يسمح بذلك، وهو الأمر الذي يقع علي عاتقي كمواطنة“.وتسرد قائلة: ”إنه إلى جانب تقديم المساعدات، من الضروري القيام بحملة لتغيير نظام الهجرة في اليابان لجعله قادرًا على منح طالبي اللجوء سبل العيش بحرية في البلاد“.

وحاليًا أويكاوا في السنة الخامسة لها في الجامعة، وستشغل منصب في إحدى منظمات الإغاثة الدولية ابتداء من الربيع المقبل. ومن المقرر أن تزداد أزمة اللاجئين العالمية سوءًا وسط تصاعد الصراع المسلح والصراعات الأخرى في مختلف البقاع حول العالم. والآن أكثر من أي وقت مضى، هناك حاجة ماسة إلى متطوعين شباب مثل أويكاوا ليكونوا في طليعة جهود الإغاثة.

(النص الأصلي نُشر باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية. صورة الموضوع: أويكاوا إيزومي، المتطوعة بمركز أروبى لرعاية اللاجئين، تقف في الوسط، مرتدية ملابس كونغولية تقليدية وتؤدي رقصة من ميانمار مع المقيمين خلال أحد الأنشطة الترفيهية بالمركز. جميع الصور مقدمة من أويكاوا إيزومي. تم طمس الملامح في بعض الصور لحماية هوية الأفراد بها)

المساعدة الإنمائية الرسمية المجتمع الياباني اللاجئين