فرقة BTS: نجاح آسيوي في أعمال العروض الأمريكية

ثقافة

وصل الفنانون الآسيويون إلى أعلى المستويات في عالم الترفيه في الولايات المتحدة. والأعمال التي حققت نجاحا مؤقتا مثل أغنية ’’Gangnman Style‘‘ لـ Psy الكوري وأغنية ’’PPAP‘‘ لبيكوتارو الياباني تفسح المجال لأعمال مثل عروض البوب الكوري لفرقة BTS. تلقي هذه المقالة نظرة على ما يحتاجه الفنانون الآسيويون للوصول إلى قمة أكبر سوق ترفيه في العالم.

من نجوم البوب الكوري إلى ظاهرة عالمية

في يونيو/حزيران عام 2022 أعلنت المجموعة الغنائية الكورية الجنوبية BTS أن أعضاءها سيركزون على مشاريعهم الفردية في المستقبل المنظور. وكانت تلك الأنباء مدمرة بالنسبة لمحبي نجوم البوب الكوري ’’K-pop‘‘، تصل إلى حد المقاطعة الفعلية لأنشطة الفرقة.

أصبحت فرقة BTS في السنوات الأخيرة واحدة من أكبر الأعمال من أصل آسيوي على الإطلاق في عالم الترفيه الأمريكي. وصلت الكثير من أغاني الفرقة والأعمال التعاونية إلى المركز الأول وفق ترتيب بيلبورد هوت 100 (الذي يظهر الترتيب الأسبوعي للأغاني في الولايات المتحدة) حيث ظهرت أغنية ’’Dynamite‘‘ ذات الشعبية الجارفة لأول مرة في المركز الأول في أغسطس/آب عام 2020، وهي المرة الأولى التي يحتل فيها فريق آسيوي القمة منذ أغنية ’’Sukiyaki‘‘ للمغني الياباني ساكاموتو كيو عام 1963. كما انهالت على الفرقة مجموعة من التكريمات ضمن صناعة الترفيه، بما في ذلك جائزة فنان عام 2021 في حفل جوائز الموسيقى الأمريكية. في أواخر مايو/أيار عام 2022، زار أعضاء الفرقة السبعة الرئيس الأمريكي جو بايدن في البيت الأبيض لمناقشة جرائم الكراهية والتمييز ضد الآسيويين في الولايات المتحدة.

في الواقع الحال، تعدت هذه الفرقة مرحلة كونها مجرد مجموعة من الفنانين الموسيقيين المشهورين. فمع ازدياد شهرتهم وتأثيرهم، عمدت الفرقة لاستغلال تلك العناصر والعمل كممثلة عن آسيا في معالجة مختلف القضايا المجتمعية. وفي أعقاب زيارة أعضاء الفرقة للبيت الأبيض، توقع الكثيرون أن تخطو BTS خطوات أكبر لتلعب هذا الدور بشكل كامل. ولذلك فالإعلان المفاجئ عن توقف أنشطة المجموعة مؤقتا، ألقى بظلاله على صناعة الترفيه العالمية بأكملها، وليس فقط ’’الجيش‘‘ كما يطلق عشاق الفرقة المخلصون على أنفسهم.

بروز نجوم من أرجاء آسيا

شهدت مواقع الترفيه الأمريكية –ولا سيما هوليوود– نشاطا كبيرا في السنوات الأخيرة من قبل مشاهير آسيويين. لقد ترك ممثلون يابانيون مثل واتانابي كين وسانادا هيرويوكي وكيكوتشي رينكو بصماتهم في إنتاج أفلام أمريكية كبرى. عاد واتانابي وكيكوتشي إلى دائرة الضوء مرة أخرى هذا العام بسبب دوريهما في Tokyo Vice وهي دراما مشتركة أنتجتها قناة Wowow الترفيهية اليابانية ومنصة البث الأمريكية HBO Max.

منذ أوائل هذا القرن، كانت الوجوه الآسيوية تزين الشاشتين الكبيرة والصغيرة على حد سواء بتكرار أكبر. نجح نجوم مثل لوسي ليو وساندرا أوه وماسي أوكا في أداء أدوار رئيسية على خلفية تزايد عدد سكان الولايات المتحدة من المهاجرين الآسيويين والمواطنين من الجيل الثاني. حقق واتانابي كين أول نجاح كبير له في هوليوود مع ظهوره عام 2003 في فيلم ’’الساموراي الأخير‘‘، ووسع تلك الشهرة بأدوار رئيسية أخرى في فيلم ’’مذكرات فتاة الغيشا (2005)‘‘ وفيلم ’’رسائل من إيو جيما (2006)‘‘ والإنتاج الأمريكي لفيلم ’’غودزيلا (2014)‘‘، بالإضافة إلى مشاركة موسيقية في مسرحية ’’الملك وأنا (2018)‘‘. وبسبب أدائه القوي كان الخيار الأفضل لمخرجي هوليوود عندما يحتاجون إلى ممثل ياباني.

بلوغ القمة ليس بالأمر السهل

من الواضح من نجومية فرقة BTS وعمل واتانابي الثابت في هوليوود أن الباب أمام الأعمال التجارية الأمريكية، التي كانت تُعتبر في يوم من الأيام مغلقة أمام الوجوه الآسيوية، يفتح تدريجيا على نطاق أوسع. ولكن لم يبلغ جميع فناني آسيا أهدافهم. فعلى سبيل المثال، حصلت BTS على العديد من الترشيحات لجوائز غرامي، لكن الفرقة لم تحصل بعد على أي غراموفون ذهبي. وعلى الرغم من أن شهرة الفرقة قد رفعت من مكانة البوب الكوري بلا شك باعتباره جزءا من المشهد الموسيقي العالمي، إلا أن الأعمال الكورية بخلاف BTS لم تكتسب شعبية كبيرة حتى الآن بين المستمعين الأمريكيين.

واتانابي أيضا لم يفز بعد بجائزة كبرى على الرغم من أنه حصل على ترشيح أوسكار لجائزة أفضل ممثل في دور داعم عن فيلم الساموراي الأخير وترشيح لجائزة Tony عن أفضل أداء لممثل رئيسي في المسرحية الغنائية الملك وأنا.

باختصار، يبدو كما لو أن فناني الأداء الآسيويين لم يصلوا بعد إلى ’’ذروة القمة‘‘ من حيث الاعتراف بفنهم على أعلى المستويات.

هل العوائق التي تعترض طريقهم لا تزال كبيرة حقا؟ تحدثت مع ميياكي يوريكو وهي ممثلة مسرحية يابانية مقيمة في نيويورك حول هذا الموضوع. تقول ميياكي التي تتمتع بخبرة في التمثيل المسرحي: ’’إنه لأمر رائع حقا أن نرى فرقة آسيوية مثل BTS تحظى بشعبية كبيرة، أن تُسمع أغانيها تُبث طوال الوقت على القنوات الرئيسية هنا في أمريكا‘‘.

يتمتع فنانو الأداء الآسيويون ببعض المزايا، كما تقول وهي تصف تجربة أدائها. ’’هناك أوقات يقول فيها المخرج: نحتاج حقا إلى آسيوي للقيام بهذا الدور. وقد كنت في مواقف حيث منحني هذا ميزة حقيقية أمام ممثلين من خلفيات عرقية متنوعة، والذين لابد أنهم شعروا بالغيرة من هذا!‘‘ ولكنها تنوه في الوقت نفسه إلى أنه ’’يتم إخبارك أيضا بأشياء فظة مثل ’’لدينا بالفعل عدد كافٍ من الآسيويين لهذه المسرحية‘‘، وهذا يعني غالبا أنهم حصلوا على واحد فقط وسيختارون شخصا من خلفية أخرى بدلا منك‘‘.

هل تكفي الموهبة لوحدها؟

تقول ميياكي إن الممثلين يحبون أن يقولوا لأنفسهم إن العرق لا يهم طالما لديهم الموهبة لتأدية الدور. لكن حقيقة دعوة الممثلين لأداء الأدوار مختلفة في كثير من الأحيان. وقد اتضح لها ذلك في أكثر من مناسبة. ’’في إحدى اختبارات الأداء قبل بضع سنوات، انقسمنا جميعا إلى مجموعات لتسهيل الأمر على لجنة التحكيم لتحديد ما يمكننا القيام به. لكن جميع الآسيويين وضعوا ضمن مجموعة واحدة. وعندما حان دورنا لاعتلاء المسرح وعرض حركات الرقص التي نعرفها، كان من الواضح جدا أن لجنة التحكيم غير مهتمة بما كان علينا تقديمه. كان ذلك مخيبا للآمال‘‘.

ميياكي يوريكو، إلى اليمين، تتدرب على أداء مسرحي (بإذن من ميياكي يوريكو).
ميياكي يوريكو، إلى اليمين، تتدرب على أداء مسرحي (بإذن من ميياكي يوريكو).

كين كينسي، الممثل الياباني المولد النشط في هوليوود والذي عمل بجانب تاكاكورا كين في فيلم ’’المطر الأسود (1989)‘‘ ومع واتانابي كين في ’’رسائل من إيو جيما‘‘، قال ما يلي عن تجارب الأداء للممثلين الآسيويين:

’’بصراحة، الحالة الوحيدة التي يمكننا فيها الحصول على فرصة هي عندما يريدون وجها آسيويا في الدور من البداية. في فيلم رسائل من إيو جيما، كان لدينا الكثير من الممثلين اليابانيين الذين يلعبون أدوارا، لكنها كانت حالة نادرة جدا. في الوقت الحاضر يتم التعبير عن التنوع بالطبع كمفهوم مهم، ويتحدث الناس عن الحاجة إلى تمثيل عرقي متوازن في الأفلام والموسيقى، ولكن ما لم يكن هناك سبب معين لأن نكون مطلوبين في دور محدد، لا توجد الكثير من الجهود المبذولة من أجل جلب الآسيويين‘‘.

يبدو أن الحواجز بشكل عام لا تزال شاهقة أمام فناني الأداء الآسيويين. ولكن كما يقول كينسي أيضا ’’عندما يحتاج المخرجون إلى ممثلين آسيويين لأداء أدوارهم، فهذه فرصة ذهبية لنا‘‘. هوليوود لا تخلو من الأمل في صعود ممثلين من خلفيات عرقية آسيوية.

تحقيق نجاح في أمريكا

من جانبها حددت ميياكي شرطا واحدا يجب أن يفي به فنانو الأداء اليابانيون والآسيويون الآخرون للنجاح في عرض الأعمال في الولايات المتحدة: ’’عليك التواصل بطلاقة باللغة الإنجليزية. من المهم أيضا أن يُظهر الأشخاص في هذا القطاع بعض الاهتمام بمن تكون وماذا لديك لتقدمه‘‘ مضيفة أنه بفضل ظهور نجوم كبار مثل BTS، ’’أصبح من السهل حقا على الفنانين من آسيا إيجاد أماكن لأنفسهم‘‘.

لماذا حقق النجوم الكوريون مثل هذا التقدم الملحوظ؟ تقول ميياكي: ’’أحد الاختلافات الكبيرة مع اليابان هو الطريقة التي تدعم بها كوريا الجنوبية فنانيها. تقضي قطاعات الترفيه بأكملها سنوات طويلة في تدريب فناني الأداء لتشحذ قدراتهم، ليس هناك تزييف في هذه المرحلة. هؤلاء الفنانون يصقلون فنهم منذ الصغر. إنهم يكرسون حياتهم للارتقاء بفنهم، وعندما يحين الوقت يكونون مستعدين لاتخاذ الخطوة التالية من آسيا إلى المسرح العالمي بأكمله‘‘.

ما هو الوضع إذن في اليابان؟ ’’هناك تركيز أقوى بكثير على ’’ثقافة الآيدول‘‘، تقول ميياكي. ’’الآيدول الشباب والجميلون يمكن أن ينجحوا في اليابان، لكنهم لن ينجحوا أبدا في سوق مثل الولايات المتحدة التي تركز على المواهب الحقيقية. ولكن اليابان هي موطن لبعض الفنانين الذين يمكنهم الأداء على قدم المساواة مع أي شخص في العالم. وإذا أردنا أن يشق المزيد من الفنانين اليابانيين طريقهم إلى عصر عالمي، فإن جعلهم يعملون معا مع أشكال فنية أثبتت نفسها على الساحة العالمية مثل المانغا (القصص المصورة) والأنيمي (الرسوم المتحركة) قد يكون إحدى الوسائل للمضي قدما‘‘.

في حين أن كين كينسي أعطى النصيحة التالية: ’’إذا أراد فنانو الأداء اليابانيون زيادة فرصهم إلى أقصى حد، فيجب عليهم أن يتمتعوا بالمهارة والتأثير والقدرة على تكلم اللغة الإنجليزية. خذ الراقص إبينا كينئيتشي على سبيل المثال. كانت لديه مهارة وتأثير من جانبه. عندما فاز بالموسم الثامن من مسابقة المواهب الأمريكية America’s Got Talent بأدائه ’’الرائع‘‘، كانت المهارات التي أظهرها هي تلك التي قد يمتلكها الراقصون اليابانيون الآخرون أيضا. لكن تلك المهارات لم تُشاهد من قبل على التلفزيون الأمريكي، وكان تأثيره خارج المستوى المألوف. الرقص لا يتطلب التحدث باللغة الإنجليزية، لذلك فهو وسيلة أخرى لليابانيين الذين يريدون إثبات أنفسهم في الولايات المتحدة‘‘.

كين كينسي (الثاني من اليسار)، في مشهد من فيلم رسائل من إيو جيما. واتانابي كين على اليمين (بإذن من كين كينسي).
كين كينسي (الثاني من اليسار)، في مشهد من فيلم رسائل من إيو جيما. واتانابي كين على اليمين (بإذن من كين كينسي).

في عام 2013 وبعد يوم واحد من فوز إبينا بمسابقة المواهب الأمريكية، أجريت مقابلة معه في نيويورك. لقد كان رجلا مشهورا في تلك المرحلة، وذلك بفضل ظهوره في هذا البرنامج ذي الشعبية الكبيرة على مستوى البلاد، وكان يقترب منه تدفق مستمر من المعجبين خارج المكان طالبين توقيعه والتقاط الصور معه. فاجأني ذلك. وعندما سألته عما يتطلبه الأمر للوصول إلى القمة في أمريكا، هذا ما كان عليه أن يقوله:

’’في هذا القطاع، لديك خياران فقط: أن تكون الأفضل في شيء ما، أو أن تكون الوحيد الذي يقوم بما تقوم به. إذا كان لديك بعض الأصالة –بعض المهارات التي تخصك وحدك بالكامل– فعندئذ لديك وسيلة لتقديم عرض حقيقي للناس. ولن تعترضك أي منافسة‘‘.

قد تكون أعمال العروض في الولايات المتحدة بمثابة جبل صعب التسلق، لكن الفنانين الآسيويين أثبتوا قدرتهم على الوصول إلى القمة. حتى الفنانين اليابانيين يمكنهم الاعتماد على المهارات الفنية المتميزة والقدرة على التحدث باللغة الإنجليزية، أو حتى التأثير البصري لشق طريقهم في عالم الترفيه المليء بالتحديات.

(المقالة الأصلية منشورة باللغة اليابانية. الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: أعضاء فرقة BTS يقفون إلى جوار الرئيس جو بايدن في البيت الأبيض بتاريخ 31 مايو/أيار عام 2022. حقوق الصورة لبلانيت بيكس/البيت الأبيض/آدم شولتز، عبر زوما برس واير/ صور كيودو)

الثقافة الشعبية الثقافة الفرعية الثقافة التقليدية