سوتو ميروكو.. صاحبة الأحد عشر عامًا تحقق أول غراند سلام في لعبة الغولف للناشئين

رياضة

استطاعت الطفلة سوتو ميروكو التي اتمت عامها الحادي عشر في شهر اغسطس/ آب من العام الجاري، من احداث ضجة كبيرة في عالم لعبة الغولف، وذلك بعدما تمكنت في شهر يونيو/ حزيران الماضي من الفوز بالبطولة الأوربية للأطفال التي تنظمها مؤسسة يو اس كيدز غولف الأمريكية. بدأت ميروكو اللعب في سن الواحدة، وتقضي حالياً من ثلاثة إلى أربعة أيام في الأسبوع بعيداً عن منزلها منغمسة في التدريبات. في هذا المقال نلقي الضوء على هذه النجمة الصاعدة وعائلتها.

الطفلة المعجزة

صنعت سوتو ميروكو التاريخ عندما فازت بالبطولة الأوروبية للغولف للأطفال، والتي أقيمت في رويال ميسلبرغ غولف كلوب في اسكتلندا، وهو ملعب عريق تم تأسيسه في القرن الثامن عشر الميلادي. خلال رحلة الفوز وعلى مدار ثلاثة أيام سددت سوتو على 54 حفرة، وأنهت السباق متقدمة بفارق 14 حفرة عن أقرب منافساتها صاحبة المركز الثاني. جدير بالذكر أن ميروكو كانت قد فازت ببطولة العالم للناشئين في عامي 2017 و2018 على التوالي، وبطولة ماليزيا العالمية عام 2019، وبطولة العالم للأطفال عام 2021، لتصبح بذلك أول لاعبة تفوز بأربع بطولات كبرى في عالم الغولف للناشئين.

بابتسامة مبهجة تقدم لنا ميروكو نفسها ”بدأت لعبة الغولف عندما كان عمري عام ونصف، وتدربت بهدف الفوز بالألقاب الأربعة الكبرى. يشرفني أن أكون أول لاعب في لعبة الغولف للناشئين تتمكن من تحقيق هذا الإنجاز“.

لكن طموحات ميروكو لا تقتصر على منافسات الناشئين فحسب، فهي تطمح إلى الفوز بالميدالية الذهبية في أولمبياد بريزبين التي سوف تقام عام 2032، وأن تصبح لاعبة الغولف الأكثر شهرة في العالم.

إذا كانت هناك كلمة واحدة يمكن أن تصف ميروكو وعائلتها فهي كلمة ”استثنائي“. إنها تفعل ما لم يفعله أحد من قبل، إنها مثال للنبوغ.

منذ أن اختارت لعبة الغولف لأول مرة في ذلك العمر الصغير، واصلت ميروكو تحسين مهاراتها تحت إشراف والدها سوتو كينيتشي، الباحث البوذي، والأستاذ السابق بجامعة طوكيو. تحت إشراف والدها فازت ميروكو في عامي 2017 و 2018 ببطولة العالم للناشئين، واكتسبت شهرة بين عشية وضحاها بسبب تصريحها الشهير عقب إحدى المباريات حيث قالت: ”أنا رقم واحد!“.

تدريبات شاقة

تعتبر الفلسفة التعليمية لعائلة سوتو فريدة من نوعها: فهم لا يركزون بشكل كبير على الذهاب إلى المدرسة. لقد قاموا بتسجيل ميروكو في مدرسة ابتدائية عامة في مسقط رأسها في أوتا بمحافظة غونما، لكنها تذهب إليها يومين او ثلاثة فقط في الأسبوع، بينما تقضي معظم وقتها في تحسين مهارتها في لعبة الغولف في المنزل الثاني للعائلة في مدينة هيتاتشي أوميا بمحافظة ايباراكي بالقرب من ملعب غولف 5 كونتري صاني فيلد الذي يعد مركزها التدريبي الدائم.

يقول كينيتشي ”يجب على الوالدين أن يفكروا مع أطفالهم في أفضل الطرق لمساعدتهم على تطوير سماتهم ونقاط قوتهم الفريدة. وبطبيعة الحال هذا يعتمد على افتراض أنهم يعرفون بالتحديد ما الذي يميز أطفالهم. في حالة ميروكو كان الغولف هو كل شيء بالنسبة لها. تمارس ميروكو تدريبات الغولف من ست إلى عشر ساعات يومياً في إيباراكي، كما أنها تتابع تحصيلها الدراسي، دائماً ما تحصل على درجات جيدة دون الحاجة إلى الذهاب إلى المدرسة اغلب ايام الأسبوع.“

تنطبق الفلسفة التعليمية لعائلة سوتو أيضًا على الابنين موموتارو ومونجو. فعندما لعبت ميروكو في اسكتلندا في يونيو/ حزيران من العام الجاري، أخذ شقيقاها إجازة من المدرسة لتشجيعها بشكل شخصي. سافر جميع أفراد العائلة الخمسة، بما في ذلك الأم ميوكي إلى اسكتلندا لتشجيع الأبنة، وبعد ذلك قاموا بجولة في بريطانيا حيث زاروا لندن وأمضوا يومًا كاملاً في المتحف البريطاني هناك.

تصف ميروكو انطباعاتها عن المتحف: ”كان هناك الكثير من المومياوات، كان امراً مذهلاً! لقد فوجئت أن المومياوات الإناث كانت لديهن أثداء.“ كما تقول أن والدها أشار إلى أنه على الرغم من أن المتحف كان رائعا حقًا، إلا أن العديد من المعروضات تم إحضارها إلى بريطانيا من المستعمرات السابقة، حتى أن البعض ينعته بمتحف المسروقات. لكن هناك جانب إيجابي ايضاً لهذا الأمر، ألا وهو أن سرقة هذه الأثار وجمعها هنا حافظ عليها بشكل كبير، كما مكن العلماء من دراستها. علينا ان نعرف أن ”العالم معقد“.

تقول ميوكي وعينيها تركزان على أطفالها: ”نحن نطور حواسنا من خلال رؤية الأشياء بأعيننا وتجربتها ببقية حواسنا. وأعتقد أننا نتعلم أشياء كثيرة بشكل أعمق من خلال الممارسة وليس من الكتب المدرسية“.

والد يوكومين ساكورا يقوم بتدريب ميروكو

يقول كينيتشي الذي يفتقر إلى الخبرة في عالم لعبة الغولف، إنه قرأ أكثر من 1000 دليل غولف للعثور على التقنيات المناسبة لتعليم ميروكو، لكنه لا يعتمد كليًا على قدراته الخاصة، فقد وظف مدربين آخرين للمساعدة في تدريبها. ومن بين العديد من المدربين الذين دربوا ميروكو هناك يوكومين يوشيرو الذي ينادونه ”كوتش“.

المدرب يوشيرو يوكومين جهة اليسار، يوجه تعليماته إلى سوتو ميروكو.
المدرب يوشيرو يوكومين جهة اليسار، يوجه تعليماته إلى سوتو ميروكو.

بدأ يوكومين ”الأب والمدرب السابق لبطلة اليابان للسيدات 23 مرة يوكومين ساكورا“ تدريب ميروكو في أغسطس/ آب عام 2022. وبالإضافة إلى ساكورا قام يوشيرو أيضًا بتدريب آخرين في طفولتهم، بما في ذلك ابنته الكبرى روي، بالإضافة إلى لاعبي الغولف الأبطال كوزوما جينيتشيرو، وايكيمورا تومويا، وإيزوميدو دايجيرو، وكوزوما كوتونو. يقول يوكومين ”عندما أنظر إلى الوراء أجد أنني كنت أستمتع بحياتي أكثر عندما كانت ساكورا في عمر ميروكو. يسعدني أن أسخر خبرتي مرة أخرى في لعبة الغولف للمحترفين مع ميروكو. إنها فتاة موهوبة للغاية.“ يضيف يوكومين والسعادة بادية على وجهه ”آمل أن أساعدها على التطور لتصبح لاعبة غولف أكبر من ساكورا.“ يبدو أن ميروكو ايضاً تشعر بحماس شديد وهي تمارس تدريباتها تحت أشراف مدرب كبير بحجم السيد يوكومين.

كما تم الحصول على مساعدة لاعبة الغولف الأمريكية المحترفة غرانت غودفري كمدربة لفترة قصيرة. يوضح كينيتشي فائدة أخرى من الحصول على خدمات غودفري: ”من خلال التحدث مع غرانت، استطاعت ميروكو أيضًا الحصول على دروس في اللغة الإنجليزية مجاناً“.

تحظى ميروكو ببيئة تدريب استثنائية، حتى أن منزل العائلة في أوتا يحتوي على حديقة بطول 50 ياردة، حيث يمكن لميروكو التدرب على الضربات البعيدة. لديها ايضاً ملعب نجيلة صناعية بطول 10 أمتار، كما قامت العائلة بتركيب أحدث معدات محاكاة لعبة الغولف في مرأب المنزل، وهي معدات يمكنها قياس المسافة والدوران وسرعة الكرة الأولية. كما تحرص ميروكو أثناء تواجدها في مدينة هيتاتشي أوميا على التدريب في ملعب غولف 5 كونتري صاني فيلد.

 سوتو ميروكو تتدرب مع والدها كينيتشي في مرآب العائلة باستخدام جهاز محاكاة يمكنه قياس المسافة والدوران وسرعة الكرة.
سوتو ميروكو تتدرب مع والدها كينيتشي في مرآب العائلة باستخدام جهاز محاكاة يمكنه قياس المسافة والدوران وسرعة الكرة.

12 صفقة رعاية

حمل هذا العام مع بدايته أخبار سارة للطفلة التي تحلم بأن تصبح الأولى على مستوى العالم في لعبة الغولف. فقد تم رفع قيود الرعاية التي كانت مفروضة على اللاعبين الهواة. منذ ذلك الحين بدأت العروض تنهال على اللاعبة الواعدة.

سوتو ميروكو تتدرب على التسديدات القصيرة داخل المنزل مع والدها.
سوتو ميروكو تتدرب على التسديدات القصيرة داخل المنزل مع والدها.

بداية بتوقيع أول عقد رعاية مع متجر أدوات الغولف الشهير غولف 5، لدى ميروكو الآن عقود رعاية مع شركات كبرى مثل عملاق الأثاث ”نيتوري“، وشركة تصنيع وبيع الحلويات ”اوها ميكاكوتو“، و”مدرسة ايشيدو“ لتعليم السوروبان ”أداة خشبية مستطيلة الشكل تستخدم لإجراء العمليات الحسابية على أساس النظام العشري“، ووكيل السيارات ”100٪ شينشاكان“، وشركة المشروبات ”صيرف بافيراج“، ومطور العقارات ”بيسكوتي هاوس“، وشركة إطارات السيارات ”نيتا“. كما تحمل حقيبة الغولف الخاصة بها علامة متجر البيع الإلكتروني الأول في اليابان ”راكوتن“، وتحمل الطاقية علامة ”اس ام بي سي نيكو سيكيوريتي اند جوكاي“ وهي مؤسسة عامة للرعاية الاجتماعية.

وفي شهر يوليو/ تموز أبرمت صفقة لارتداء الجوارب من الشركة المصنعة لملابس القدم ”كابتن يو“. عادةً ما يتم تضمين الجوارب في اتفاقية كاملة للملابس الرياضية، لكن لدى ميروكو اتفاقية منفصلة بشروط غير مسبوقة. على ما يبدو إنها اتفاقية ضخمة مدتها 20 عامًا تدفع خلالها الشركة مليون ين سنويًا. اعتقد انه عقد رعاية جيد سوف يمنحها قدمًا ثابتة كي تصبح لاعبة غولف مخضرمة.

في سن الحادية عشر، وبينما لا تزال تصنف كلاعبة هاوية، استطاعت ميروكو أن توقع 12 صفقة رعاية متفوقة بذلك على كثير من اللاعبين المحترفين. تأخذ ميروكو هذه المسؤولية الكبيرة على محمل الجد ”ما زلت في المدرسة الابتدائية، لذلك لا أعرف تفاصيل الاتفاقية أو كمية المال المدفوع، لكنني سأبذل قصارى جهدي من أجل كل أولئك الذين يدعمونني“.

رسالة من ميورا كازويوشي

هذه الشعبية الكبيرة التي تتمتع بها ميروكو جعلتها ايضاً عرضة للنقد اللاذع. وهذا بالضبط ما حدث عندما احتلت المركز السابع عشر في بطولة العالم للناشئين في يوليو/ تموز، وذلك بعد شهر واحد من البطولة الأوربية التي قدمت خلالها أداءً رائعاً. تحدثت ميروكو بصراحة عن خيبة أملها: ”لقد شعرت بالإحباط الشديد. لم أتمكن من الفوز بينما علق الكثير من الجمهور أمالهم علي“.

لكن لاعب كرة القدم ميورا كازويوشي، احد لاعبي المنتخب الوطني السابقين، والذي يحظى باحترام كينيتشي، وجه إليها رسالة تشجيع مؤثرة ساعدتها على تجاوز النقد والوقوف على قدميها مرة اخرى، حيث قال ”هناك حكمة شهيرة للرياضي الكبير السيد كازو كنت قد تعلمتها من والدي، وقد ساعدتني كثيراً في التعامل مع النقد بشكل إيجابي، وحفزتني لكي أبذل قصارى جهدي لأصبح رياضيًا حقيقيًا مثل السيد كازو. تقول هذه الحكمة: من الطبيعي أن تكون في عناوين الصحف الرياضية عندما تفوز، لكن الأبطال الحقيقيين فقط هم من يتصدرون العناوين الرئيسية عندما يخسرون“.

يصف البعض ميروكو بأنها لاعبة معجزة، كما تشير هي ايضاً إلى نفسها بنفس التعبير. الحقيقة هي أن مجهودها هو من صنع هذا الإعجاز. تتدرب ميروكو من ست إلى عشر ساعات كل يوم تقريبًا لكي تسجل أرقام قياسية جديدة غير مسبوقة تصبح من خلالها ”الأولى في التاريخ، ورقم واحد في اليابان والعالم في رياضة الغولف“. إنها مستمرة في جهودها من خلال تحويل ليس فقط الثناء والاهتمام، ولكن أيضًا النقد إلى قوة دافعة لها. أعتقد ان الجميع متحمس لرؤيتها تحقق المزيد من الإنجازات.

(النص الأصلي باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: سوتو ميروكو بعد فوزها بالبطولة الأوربية للأطفال التي تنظمها مؤسسة يو اس كيدز غولف الأمريكية، وتحقيق أول غراند سلام في عالم الغولف للناشئين، في يونيو/ تموز 2022. بإذن من سوتو كينيتشي)

الشباب الصحة النفسية الصحة رياضة الشباب الياباني