اليابانية يوشيمي ياماشيتا تدخل التاريخ بمشاركتها في تحكيم مباريات كأس العالم في قطر 2022

رياضة

تم اختيار حكمات (ثلاث حكمات ساحة وثلاث حكمات مساعدات) كعضوات في طاقم التحكيم في الدورة الثانية والعشرين لبطولة كأس العالم لكرة القدم التي ستُقام في قطر، وذلك للمرة الأولى في تاريخ البطولة. فما هو سبب تأخر السيدات في المشاركة في عالم كرة القدم في الوقت الحالي الذي أصبح فيه من البديهي مشاركة المراة في مجالات مختلفة من المجتمع يا ترى؟ في هذا التقرير سنقوم بإلقاء نظرة على ظروف مشاركة الحكمات بما في ذلك المشاركة في المسابقات الأخرى كالألعاب الأولمبية وغيرها.

ريادة يابانية

يتم افتتاح كأس العالم لكرة القدم في قطر في العشرين من شهر نوفمبر/كانون الثاني. قبل الحديث عن البطولة غير العادية التي تقام في الخريف، فإن هناك موضوعا يلفت الانتباه غير الفصل، ألا وهو اختيار حكمات لأول مرة في تاريخ كأس العالم. حيث تم اختيار ما مجموعه ست حكمات، ثلاثة منهن كحكمات ساحة، وثلاثة كحكمات مساعدات من دول مختلفة.

وعلاوة على ذلك، فنظرا لأن إحدى الحكمات كانت يابانية، فقد أثار ذلك اهتماما كبيرا في عالم كرة القدم اليابانية، بل وأيضا في عالم الرياضة اليابانية ككل.

حيث تم اختيار السيدة ياماشيتا يوشيمي، التي ولدت في طوكيو في عام 1986. والسيدة ياماشيتا التي كانت في الأصل لاعبة كرة قدم، كانت زميلتي الأقدم في جامعة طوكيو غاكوغي، وحصلت على شارة التحكيم بعد تلقيها دعوة من السيدة بوزونو ماكوتو التي كانت تقوم بالتحكيم أيضا. ولدى السيدة ياماشيتا سجل حافل في العمل كحكمة في بطولات كرة القدم الدولية للسيدات، وقامت أيضا بتحكيم مباريات بطولة طلاب المدارس الثانوية الوطنية لكرة القدم. وفي العام الماضي، تم اختيارها كأول حكمة في الدوري الياباني لكرة القدم، وفي شهر سبتمبر/أيلول من هذا العام أصبحت أول حكمة تقوم بالتحكيم في دوري الدرجة الأولى الياباني الذي يعتبر أعلى دوري لكرة القدم في اليابان.

وكما سطرت اسمها بجانب كلمة ”أول“، فقد مهدت الطريق أمامها كرائدة في هذا المجال، ووصلت إلى أعظم مسرح لكرة القدم.

تتزايد مشاركة الحكمات بشكل متسارع في عالم كرة القدم، وليس فقط في كأس العالم. وفي السنوات الأخيرة، كانت هناك فرص لمشاركة السيدات كحكمات ساحة في الدوريات الأوروبية. وفي شهر ديسمبر/كانون الأول من عام 2020، تولت حكمة لأول مرة قيادة مباراة في دوري أبطال أوروبا UEFA بين فريقي يوفنتوس ودينامو كييف، والتي تحدد أفضل نادٍ في العالم.

ولسنوات طويلة، سيطر الرجال على التحكيم، لأن الرأي السائد كان أنه ”صعب على النساء“. فإذا كانت المباريات بين فرق محترفة، فإن قوة الجري وكمية حركة اللاعبين تكون على مستوى عالٍ، وسرعة اللعب كبيرة. ونتيجة لذلك، يُطلب من الحكام أيضا امتلاك القدرة على الحركة، ولكن كان يُعتقد أنه من الصعب على النساء الوصول إلى هذا المستوى. وبالإضافة إلى ذلك، كان هناك مشاهد للاعبي كرة القدم وهم يصطدمون بالحكام بعنف، وكانت هناك مخاوف بشأن ما إذا كانت النساء قادرات على التعامل مع مثل هذه المواقف.

ولكن الحكمات الناشطات حاليا يثبتن أن هذه لم تكن إلا مخاوف لا داعي لها. وطلبت السيدة ياماشيتا من شخص لديه خبرة في ألعاب القوى القيام بتدريبها، وقامت بإجراء التدريبات. وقد أثبتت على أرض الواقع أنه يمكن تغطية هذه الجهود. وأيضا عند التحدث مع اللاعبين، فقد تمت ملاحظة أنها تتعامل بحزم في مثل المباريات التي تم ذكرها سابقا. وفي النهاية، كانت عبارة ”لا تستطيع النساء القيام بذلك“ ليست إلا مجرد اعتقاد خاطئ.

وتمت تغطية اختيار السيدة ياماشيتا في طاقم تحكيم مباريات كأس العالم على نطاق واسع من قبل وسائل الإعلام المختلفة، ويعود ذلك بشكل رئيسي إلى تأثير ذلك على عالم الرياضة الياباني. فقد كان حدثا رمزيا حطم الصورة النمطية القائلة بأن ”الرجال فقط هم من يستطيعون القيام بذلك“، وكان حدثا أعطى الشجاعة للنساء في الرياضات الأخرى التي يسيطر الرجال فيها على مهمة التحكيم تقريبا.

ياماشيتا يوشيمي، حكمة مباراة السويد والولايات المتحدة في الدور الأول لمسابقة كرة القدم للسيدات في أولمبيات طوكيو 2021 (21/7/2021، ملعب أجينوموتو في طوكيو)، وكالة كيودو.
ياماشيتا يوشيمي، حكمة مباراة السويد والولايات المتحدة في الدور الأول لمسابقة كرة القدم للسيدات في أولمبيات طوكيو 2021 (21/7/2021، ملعب أجينوموتو في طوكيو)، وكالة كيودو.

الحكام الإناث في الرياضات الاحترافية الأخرى

إذن، ما هو الواقع الحالي لمشاركة السيدات في التحكيم في الألعاب الرياضية الأخرى غير كرة القدم؟ من هنا أود أن ألقي نظرة على التغييرات الأخيرة في كل رياضة من الألعاب الرياضية.

إن البيسبول هو الرياضة الأكثر شعبية من بين الرياضات الاحترافية في اليابان. والبيسبول هو أيضا عالم كانت فيه فكرة ”الحكام الرجال“ قوية، ولم تكن هناك حكمات في لعبة البيسبول الاحترافية. وعلى الرغم من ذلك، فبالنظر إلى عالم البيسبول ككل، فمن الملاحظ أن السيدات بدأن بالظهور فيه شيئا فشيئا.

ففي عام 2002، أصبحت تاكامي ساتوكو أول حكمة في تاريخ دوري جامعات كانساي الست للبيسبول. وبعد ذلك، لم تكن هناك حكمة لبعض الوقت، ولكن في عام 2018، تولت ساتو كانا إدارة مهمة حكم الكرة في دوري الدرجة الأولى لاتحاد البيسبول في جامعة هانشين، وأعطت مشاركتها شعورا بتواجد المرأة في عالم البيسبول مرة أخرى.

السيدة تاكامي ساتوكو، أول حكمة في تاريخ دوري جامعات كانساي الست للبيسبول (24/5/2002، ملعب غرين كوبي في محافظة هيوغو)، وكالة كيودو.
السيدة تاكامي ساتوكو، أول حكمة في تاريخ دوري جامعات كانساي الست للبيسبول (24/5/2002، ملعب غرين كوبي في محافظة هيوغو)، وكالة كيودو.

ويزداد ظهور الحكمات في جولات التصفيات المحلية لبطولة المدارس الثانوية الوطنية للبيسبول، والتي تحظى بشعبية كبيرة في اليابان.

وقامت الحكمات بالتسجيل في اتحاد المدارس الثانوية للبيسبول في طوكيو، واتحاد هوكايدو للبيسبول، ويقمن بإدارة المباريات، وهناك احتمال أن تظهر الحكمات في نهاية المطاف في البطولة الوطنية المسماة ”كوشيئن“.

وفي الولايات المتحدة، التي تعتبر موطن لعبة البيسبول، تم تعيين حكمة لأول مرة في الدوريات المحلية في عام 2016، وازداد العدد إلى حكمتين فيما بعد. ومع ذلك، فإن عدد الحكمات محدود حتى في الدوريات المحلية، ولا توجد حكمات في الدوريات الرئيسية حتى الآن، لذلك يبدو أن هناك بعض الانتقادات في الولايات المتحدة تقول إن ”التحركات بطيئة“. ولكن، بالنظر إلى عدم وجود حكمات لسنوات طويلة، فإنه يمكن القول إن ظهور حكمة قبل ست سنوات يعد أحد التغيرات.

وكما هو الحال في كرة القدم والبيسبول، قد يكون التغيير في الرغبي، حيث كان الحكام الرجال أمرا بديهيا، مبكرا بعض الشيء.

ففي عام 2017 في اليابان، تولت السيدة تاكاهاشي مايومي مهمة الحكم المساعد في مباراة دوري الدرجة الأولى للرغبي (في ذلك الوقت) بين فريقي توشيبا وNTT كوم. وكانت هذه هي المرة الأولى التي تدخل فيها سيدة إلى أرض الملعب في دوري الدرجة الأولى. وفي عام 2016، أنشأ اتحاد الرغبي الياباني نظاما رسميا لمنح الشارات للحكام، وكانت السيدة تاكاهاشي واحدة من حكمين تم اختيارهما للفئة A.

وتواصل السيدة تاكاهاشي لعب دور نشط، بما في ذلك العمل كحكمة في البطولة الوطنية للمدارس الثانوية للرغبي في عام 2019. وفي المباراة الافتتاحية لنفس البطولة في عام 2021، أطلقت السيدة كاميمورا إيري صافرة بدء المباراة، لتصبح ثاني سيدة تفعل ذلك بعد السيدة تاكاهاشي.

وبالنظر إلى البطولات الدولية، فما زلنا نتذكر مشاركة حكمتين أجنبيتين في أولمبيات طوكيو في العام الماضي. وأقيمت مباراة تجريبية بين البرتغال وإيطاليا في شهر يونيو/حزيران من هذا العام، بمشاركة أربع حكمات، من بينهن الحكمتين المذكورتين. وتم تناقل هذا الخبر كخبر مهم في عالم الرغبي.

وفي السنوات الأخيرة، كان هناك ”دوري الدرجة B“ لكرة السلة، كإحدى الرياضات الاحترافية التي تكتسب شعبية تدريجيا في اليابان. وفي هذا الدوري، الذي تم افتتاحه في موسم 2016-2017، شاركت أربع حكمات لأول مرة في عام 2017. ويمكن مشاهدة الحكمات يقمن بإدارة المباريات في هذا الدوري.

ومن ناحية أخرى، يُعتبر الدوري الأميركي لكرة السلة للمحترفين (NBA)، رياضة رائدة في مجال الرياضات الاحترافية من حث مشاركة السيدات. حيث شاركت حكمتان في تحكيم المباريات في عام 1997، ويزداد العدد منذ ذلك الحين. وأصبح من المألوف رؤيتهن يقمن بإدارة المباريات، ولكن تم تناقل أخبار عن أن هناك توجها يشير إلى أنه من المفضل أن يكون هناك عددا متساويا من الرجال والسيدات في هيئة إدارة الدوري في المستقبل، لذلك من المحتمل أن يزداد العدد في المستقبل.

اتساع مشاركة السيدات في الأولمبيات

وعلى العكس من هذه المسابقات الاحترافية، فما هو الوضع الحالي في مسابقات الهواة، حيث احتل الحكام الرجال الأغلبية الساحقة يا ترى؟

على سبيل المثال، هناك رياضة الجودو التي تُعتبر فنا قتاليا نشأ في اليابان. وفي ظل التوجه لتحقيق المساواة بين الجنسين، شاركت ثلاث حكمات لأول مرة في البطولة الوطنية في عام 2017، وهناك توجه متزايد لتوسيع مشاركة الحكمات.

وفي أولمبيات طوكيو في العام الماضي كان هناك طاقما تحكيميا مكونا من ستة عشر حكما، ومن بينهم كان هناك خمس حكمات. وسجلت السيدة أمانو أكيكو من اليابان اسمها كواحدة من أولئك الحكمات. وكانت تلك مشاركة فريدة من قبل حكام وحكمات من اليابان. وكانت هذه ثاني مشاركة للسيدة أمانو بعد أولمبيات بكين في عام 2008، ولكن بالنظر إلى أن من بين الحكام الأربعة والعشرين الذين شاركوا في أولمبيات بكين كان هناك سيدتين فقط، فسنعرف أن نسبة مشاركة السيدات قد زادت بشكل كبير، ويمكن أن نرى اتجاها لدعم مشاركة السيدات على المستوى الدولي أيضا.

وكانت السيدة أمانو مسؤولة عما مجموعه سبعة وثلاثين مباراة في أولمبيات طوكيو، بما في ذلك المباراة الافتتاحية لمسابقة الجودو، ونهائي مسابقة الرجال لوزن أكثر من 100 كغ، والتي كانت آخر مباراة في المسابقات الفردية. وكان توليها إدارة المباراتين ”الأولى والأخيرة“ في مسابقات الجودو الفردية حدثا يرمز إلى ”مشاركة المرأة“ أيضا.

السيدة أمانو أكيكو، تتولى إدارة إحدى مباريات الجودو في أولمبيات طوكيو. وهي أيضا لاعبة جودو تحمل رتبة سبعة دان. وهي أيضا أول رئيسة (الجيل الخامس عشر) لفنون الألعاب النارية التقليدية ”كاغيا“ (30/7/2021، نيبون بودوكان في طوكيو)، جيجي برس.
السيدة أمانو أكيكو، تتولى إدارة إحدى مباريات الجودو في أولمبيات طوكيو. وهي أيضا لاعبة جودو تحمل رتبة سبعة دان. وهي أيضا أول رئيسة (الجيل الخامس عشر) لفنون الألعاب النارية التقليدية ”كاغيا“ (30/7/2021، نيبون بودوكان في طوكيو)، جيجي برس.

وإذا نظرنا إلى المصارعة الحرة، والتي تفتخر بتاريخ طويل في الأولمبيات، فهناك 209 حكام رجال يمكنهم إدارة البطولات الوطنية في اليابان، على الرغم من حقيقة أن اللاعبات اليابانيات يحققن نتائج بارزة فيها على مستوى العالم، إلا أن عدد الحكمات يقتصر على ثماني حكمات فقط. وعلى الرغم من أنه أصبح من الشائع رؤية السيدات يقمن بتحكيم المسابقات الدولية مثل الألعاب الأولمبية وغيرها، إلا أنهن ما زلن أقلية على مستوى العالم.

ولكن من المتوقع أن يزداد عدد الحكمات بشكل متسارع في المستقبل. وكان يتم التفكير بإزالة رياضة المصارعة الحرة من الألعاب الأولمبية بسبب ”شعبيتها المنخفضة“، ومازال هذا الاحتمال قائما حتى وقتنا الحالي. وبسبب وجود مثل هذا الشعور بالأزمة، يفكر الاتحاد العالمي للمصارعة الحرة بتحسين تقييم اللجنة الأولمبية الدولية، لذلك يسابق الزمن لتحقيق المساواة بين الجنسين في عدد الحكام.

وبفضل جهود الحكمات، فإن وجهة النظر الملحوظة في كرة القدم والتي تقول إن ”النساء لا يمكنهن اتخاذ القرارات، وليس لديهن القوة الكافية للتحكيم“ بدأ يتلاشى. وتنتشر فكرة المساواة بين الجنسين، وهناك اتجاه متزايد لفتح الباب على مصراعيه لمشاركة السيدات.

وبدءا من كأس العالم لكرة القدم، سيكون هناك المزيد من الفرص للسيدات للعب دور فعال في التحكيم، حتى في المسابقات الرياضية التي يهيمن عليها الرجال، ومن المتوقع أن تنتشر هذه الموجة إلى العديد من الرياضات الأخرى. ومازال من غير المؤكد ما إذا كانت ستقوم حكمة بإطلاق صافرة البداية في إحدى مباريات كأس العالم أم لا، ولكن العالم يسلط الضوء على مشاركاتهن هذه.

(النص الأصلي باللغة اليابانية، صورة العنوان الرئيسي: الحكمة ياماشيتا يوشيمي تستعد لإدارة إحدى مباريات دوري الدرجة الأولى الياباني لكرة القدم كأول حكمة تقوم بذلك، 18/9/2022، الملعب الوطني في طوكيو، جيجي برس)

كرة القدم المساواة بين الجنسين رياضة