كأس العالم قطر 2022: هل يستطيع منتخب ”الساموراي“ الوصول إلى ربع النهائي؟

رياضة

يسعى المنتخب الياباني لكرة القدم للرجال في نهائيات كأس العالم هذا العام المُقامة في قطر، والتي انطلقت فعالياتها في العشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، للوصول إلى الدور ربع النهائي. ولكن كيف سيتعامل الفريق مع مباراته الافتتاحية الحاسمة ضد المنتخب الألماني، ومن هم اللاعبون الذين سيكونون مفتاح الفوز لليابان؟

السعي للوصول إلى ربع النهائي

حقق المنتخب الوطني الياباني لكرة القدم للرجال تقدمًا ملحوظًا في العقدين الماضيين. ففي ست بطولات من أول ظهور لليابان في نهائيات كأس العالم بفرنسا عام 1998 إلى آخر ظهور له في روسيا عام 2018، تجاوز الفريق دور المجموعات في ثلاث مناسبات. وباختصار، كدولة صاعدة في عالم كرة القدم، تمكنت من الوصول إلى دور الـ 16 في واحدة من كل بطولتين شاركت فيها. وعلى الرغم من أن اليابان لم تصل أبدًا إلى أبعد من مرحلة خروج المغلوب في دور الستة عشر، إلا أن هذا في حد ذاته يعد علامة على النمو السريع والمقلق.

ويحتل المنتخب الياباني حاليًا المركز الرابع والعشرين في تصنيف الفيفا، والثاني على مستوى آسيا، وهو موقف يناقض حقيقة أن غالبية أعضاء الفريق يلعبون حاليًا لفرق في الدوريات الأوروبية. والمدير الفني مورياسو هاجيمى، وهو نفسه كان لاعبًا دوليًا سابقًا، قد وضع هدفًا للوصول إلى ربع النهائي في كأس العالم هذا العام، على الرغم من أن مجموعة اليابان تضم أيضًا منافسين محتملين على اللقب سواء كانت إسبانيا أوألمانيا. ومعهم كذلك كوستاريكا، التي وصلت إلى ربع النهائي في البرازيل 2014 وفازت بمباراة فاصلة لتصل إلى نهائيات هذا العام، ومن المؤكد أنها ستُشكل عقبة صعبة أمام اليابان.

لكن هذا لا يعني أنه سيكون من المستحيل على اليابان الصعود من مجموعتها. لكن هناك ثلاث نقاط حاسمة عندما يتعلق الأمر بتحقيق هذا الهدف.

لاعب خط الوسط الألماني البالغ من العمر 19 عامًا جمال موسيالا، إلى اليسار، في مواجهة الإنجليزي ديكلان رايس في مباراة دوري الأمم الأوروبية في ميونيخ بألمانيا، في السابع من يونيو/ حزيران 2022. وتواجه اليابان ألمانيا في المباراة الافتتاحية لكأس العالم في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني. (جيجي برس)
لاعب خط الوسط الألماني البالغ من العمر 19 عامًا جمال موسيالا، إلى اليسار، في مواجهة الإنجليزي ديكلان رايس في مباراة دوري الأمم الأوروبية في ميونيخ بألمانيا، في السابع من يونيو/ حزيران 2022. وتواجه اليابان ألمانيا في المباراة الافتتاحية لكأس العالم في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني. (جيجي برس)

الاستفادة من وقت التحضير القصير

الشيء الذي يميز كأس العالم لهذا العام بصرف النظر عن التحضيرات السابقة هو الوقت القصير المتاح للفرق للاستعداد قبل البطولة. فقد توقف الدوري الإنجليزي الممتاز، الذي ربما يكون الأكثر تنافسية في الدوريات المحلية الأوروبية، بعد آخر الجولات قبل كأس العالم في 12 و 13 نوفمبر/ تشرين الثاني، الأمر الذي يترك 10 أيام فقط قبل المباراة الافتتاحية لليابان ضد ألمانيا في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني. إلا أن المدرب مورياما يعتبر أن ذلك ميزة إضافية، حيث علق قائلاً: ”لاعبو اليابان يتمتعون بقدرة عالية على التكيف، وسوف يهمّو لخوض التحديات التي تواجههم“.

وعلى أية حال، فمن أجل الوصول إلى كأس العالم، كان على اليابان بالفعل التعامل مع السفر لمسافات طويلة ومناطق زمنية مختلفة خلال المباريات النهائية لبطولة آسيا والمحيط الهادئ المؤهلة. ومع وجود العديد من أعضاء الفريق في الدوريات الأوروبية، وقصر وقت التحضير، واجه الفريق مشكلة في كيفية الوصول إلى ذروة الأداء في أول مباراتين على التوالي. ولكن على الرغم من أن المباراة الحاسمة كانت خارج أرضه ضد أستراليا وجاءت بعد وقت قصير من تجمع الفريق، إلا أن اليابان قدمت أداءً قويًا في كل من الهجوم والدفاع، حيث حققت الفوز بهدفين دون مقابل. وكان أحد الحلول التي تم تنفيذها للتغلب على معضلة فترة الإعداد القصيرة هو توفير تقارير استطلاعية عن أفراد اللاعبين الخصوم قبل فترة التوقف الدولية.

وهذه التجربة الناجحة يجب أن تساعد في الاستعداد لمواجهة الفريق الألماني العتيد. وقد لا يكون الوقت مناسبًا الآن للحديث عن مفاجأة في المباراة الافتتاحية، ولكن بغض النظر عن النتيجة، فإذا تمكنت اليابان من تقديم أداءٍ جيد، فسيكون الفريق في وضع مناسب في مباراته الثانية والثالثة.

التنوع الخططي

ستكون المباراة الثانية لليابان، في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني، ضد المنتخب الكوستاريكي السريع والقوي دفاعياً والذي يضم حارس مرمى نادي باريس سان جيرمان كيلور نافاس. ويلي ذلك في الأول من ديسمبر/ كانون الأول المباراة النهائية للمجموعة ضد فريق إسبانيا الذي يعتمد على مواهب شابة مثل بيدري وإيريك غارسيا وفيران توريس.

الياباني كوبو تاكيفوسا، إلى اليمين، في صراع على الكرة مع النجم الإسباني الشاب بيدري في نصف نهائي منافسات كرة القدم الأولمبية للرجال في الثالث من أغسطس/ آب 2021. (جيجي برس)
الياباني كوبو تاكيفوسا، إلى اليمين، في صراع على الكرة مع النجم الإسباني الشاب بيدري في نصف نهائي منافسات كرة القدم الأولمبية للرجال في الثالث من أغسطس/ آب 2021. (جيجي برس)

وعند مواجهة المنافسين الكبار مثل ألمانيا وإسبانيا، من المرجح أن يتخلى الفريق الياباني عن الاستحواذ ويجد نفسه في الوضع الدفاعي لفترات طويلة. واعتمادًا على استراتيجيته في خط الهجوم النشط الذي يمارس الضغط على المنافس كما حدث في مباراة سبتمبر/ أيلول الودية ضد الولايات المتحدة، سينتظر أخطاء المنافسين في الثلث الأخير قبل أن ينقض بهجمات مرتدة قصيرة وسريعة.

ولتحقيق النجاح في هذه الاستراتيجية، من الضروري أن تحافظ اليابان على عملية الضغط، وتفرض تحركات منهجية عن طريق تقليل المسافات بين خط الوسط والخطوط الدفاعية، وخلق الفرص من خلال التقدم للأمام بشكل منتظم وبشكل متساوٍ عند التبديل من الدفاع إلى الهجوم. وإذا اضطر إلى التراجع إلى منطقة عمقه، فسيواجه خطرًا متزايدًا لاستقبال اللعب مع الحد من فرص الهجوم، لذلك سيكون المفتاح هو أن يحافظ الفريق على أكثر خط متقدم ممكن وأن يحاول قطع الكرة في منطقة دفاع الخصم.

ويلعب المهاجم الوحيد دورًا حاسمًا في هذه الخطة. ففي المباراة الودية ضد الولايات المتحدة، قدم مايدا دايزن لاعب نادي سلتيك مساهمة مهمة في هذا التمركز، حيث طارد الكرة بقوة ذهابًا وإيابًا. ويبقى أن نرى تكرار هذا الأمر في منافسات قطر 2022؟

وفي الوقت نفسه، في المباراة الثانية، ضد كوستاريكا، من المرجح أن تهيمن اليابان على الاستحواذ. مع أفضلية هجومية أكثر من الدفاع، الأمر الذي سيفرض استراتيجية مختلفة عن المباريات ضد ألمانيا وإسبانيا. إلا أنه مع معاناة اليابان في بعض الأحيان ضد خصوم أقوياء دفاعيًا، سيحتاج المنتخب الياباني إلى معرفة كيفية إحراز هدف ضد فريق متكتل دفاعيًا في العمق. فمن أجل الوصول إلى دور الستة عشر، من المهم أن تظفر اليابان في مباراتها ضد كوستاريكا، التي تحتل مرتبة متدنية في تصنيف الفيفا، بكل النقاط الثلاث.

استخدام التشكيلة الكاملة على أكمل وجه

التوقيت ليس هو الاختلاف الوحيد في كأس العالم لهذا العام. فقط تمت أيضًا زيادة أعداد أفراد الفريق الواحد من 23 لاعب إلى 26، مع إتاحة الفرصة لإجراء خمسة تبديلات في كل مباراة بدلاً من الثلاثة المتعارف عليها. وفي الوقت الذي تصب فيه هذه التعديلات بلا شك في مصلحة المنتخبات التي تمتلك أفضل مجموعة من المواهب، إلا أن هذا لا يغير حقيقة أن فرص الفرق في الوصول لمراحل متقدمة تعتمد على مدى فاعليتها في الاستفادة من جميع أفراد فريقها بالكامل. وعلى الرغم من أن بعض الفرق قد تفضل اللعب بتشكيلة محددة، إلا أن فترات الراحة الأقصر بين المباريات (ثلاثة أيام بدل من الأربعة أيام المعتادة) تحمل أيضًا مخاطر معينة. وبالنسبة للجانب الياباني الذي يعتمد أسلوبه على العمل الجاد، والذي سيحتاج إلى تقديم أكثر من 100٪ لكل مباراة من أجل التأهل من دور المجموعات، فمن المرجح أن يكون الإرهاق عاملاً مصاحبًا رئيسياً. وعلى هذا النحو، فإن قدر من المناوبة بين الفريق يبدو أفضل الحلول للوصول لهدفه.

مشاركة المدرب الياباني مورياسو هاجيمى (الثاني من اليسار)، في كأس العالم بقطر 2022 تمثل تتويجًا لعامه الرابع على رأس دفة الفريق الياباني. (جيجي برس)
مشاركة المدرب الياباني مورياسو هاجيمى (الثاني من اليسار)، في كأس العالم بقطر 2022 تمثل تتويجًا لعامه الرابع على رأس دفة الفريق الياباني. (جيجي برس)

ومن فترات الدفاع الطويلة المتوقعة ضد ألمانيا وإسبانيا، إلى فترات الهجوم الطويلة التي من المحتمل أن تكون ضد كوستاريكا، فإن قدرة مورياسو على إيجاد التنوع المناسب بين اختياراته للفريق ووضعه للخطط أمر سيدل على مهاراته كمدرب.

وما سيطلبه مورياسو بالتأكيد من جميع أفراد الفريق البالغ عددهم 26 هو عقلية تضع الفريق في المقام الأول. ويقول: ”بالطبع أريد أن أساعد اللاعبين على الاستفادة من قدراتهم الفردية، لكن لا يمكننا أن نبني لعبنا بناءً على ذلك فقط. فتكمن قوة الفريق الياباني في عرض المواهب الفردية ضمن إطار خطة قوية قائمة على التعاون. وكل شيء يعتمد على تقديم جُل جهدهم من أجل المنتخب الوطني، وهذا ما نطلبه من لاعبينا“.

وإذا تمكنت اليابان من العمل معًا في نظام واحد واللعب كسجد واحد، فإن فرص الفريق في التغلب على التحديات التي تواجهه ستتحسن بالتأكيد.

مفاتيح اللعب الرئيسية

فيما يتعلق باللاعبين الرئيسيين الثلاثة لليابان، فالأول هو مدافع أرسنال البالغ من العمر 24 عامًا تومياسو تاكيهيرو، قلب دفاع عصري للغاية يجمع بين القوة والسرعة والمهارة. بالإضافة إلى المساعدة في الخروج بالكرة أثناء التشكيل المضغوط للفريق، حيث يمكنه خلق الفرص بتمريرات من العمق.

والثاني هو كامادا دايتشي البالغ من العمر 26 عامًا، والذي يعيش حاليًا مرحلة غنية بالأهداف لفريقه إينتراخت فرانكفورت. وسواء تمركز كمهاجم أو لاعب خط وسط مهاجم، فهو يبرع في خلق فرصٍ للتسديد. وعلى الرغم من أن هدفه في مباراة سبتمبر/ أيلول ضد الولايات المتحدة قد سبقه العديد من الفرص الضائعة، إلا أن حقيقة وجوده في وضع يسمح له بالحصول على العديد من الفرص السانحة للتسديد أمر يدل في المقام الأول على موهبة نادرة.

واللاعب الرئيسي الثالث والأخير هو كوبو تاكيفوسا، جناح ريال سوسيداد البالغ من العمر 21 عامًا والمعروف بتوسيع نطاق اللعب وقيادة الفريق بسرعة إلى الأمام مع الركض في المساحات الفارغة. كما أن تسديد كوبو الدقيق للكرة يجعله يشكل تهديدًا عند تسديد الكرات الثابتة.

وفي النهاية هل سيتمكن هؤلاء اللاعبون من عرض مواهبهم وإحداث مفاجئة كبرى؟ وإذا تمكنوا من الوصول إلى دور الـ 16، فقد يمثل ذلك بداية فصل جديد في تاريخ المنتخب الياباني.

(النص الأصلي نُشر باللغة اليابانية، الترجمة من لإنكليزية. صورة الموضوع: اللاعبون اليابانيون يحتفلون بعد تسجيل كامادا دايتشي في مرمى الولايات المتحدة في مباراتهم الودية في الثالث والعشرين من سبتمبر/ أيلول 2022 في دوسلدورف بألمانيا. جيجي برس.)

كأس العالم كرة القدم الرياضة كابتن ماجد