كيف تستخدم اليابان التكنولوجيا المتطورة والآليات الحديثة في الحفاظ على البيئة وتحقيق مفهوم الاستدامة

بيئة

لطالما عانت جزيرة أتاتاجيما وغيرها من جزر محافظة هيروشيما من مشكلة الحطام البحري الذي تلقي به المياه على شواطئها. في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022 بادرت عدة جهات بتنفيذ عملية تنظيف واسعة لشاطئ الجزيرة باستخدام عربات متخصصة وضاغطات البلاستيك التي أظهرت قدرة كبيرة على معالجة الحطام البحري بكفاءة منقطعة النظير.

نموذج بيئي يُحتذى به في هيروشيما

في 17 نوفمبر/ تشرين الثاني، تم إجراء عملية تنظيف واسعة في جزيرة أتاتاجيما، وهي جزيرة في أوتاكي بمحافظة هيروشيما، تستهدف إزالة حطام بحري يشمل 400 عوامة صيد كبيرة كانت قد جرفتها المياه وألقت بها على ساحل ناغاورا الغربي للجزيرة. في هذا المشروع الضخم تم استخدام زوارق إنزال ومركبات متخصصة وضاغطات البلاستيك، وكان الهدف منه أن يكون نموذجًا لهذا النوع من الأنشطة التي ينبغي إجراؤها على السواحل البعيدة وأطراف أشباه الجزر التي يصعب الوصول إليها والتنقل عبرها.

كان هذا النشاط جزءًا من مشروع محيطات منطقة سيتوتشي (Setouchi Oceans X)، وهو مشروع مشترك قامت به حكومات محافظات كل من أوكاياما وهيروشيما وكاغاوا وإهيمه بالشراكة مع مؤسسة نيبون (Nippon Foundation). نظرًا لأن بحر سيتو الداخلي مغلق بين جزر هونشو وشيكوكو وكيوشو، تتدفق نسبة قليلة من الحطام إلى البحر عبر القنوات المائية الأخرى، تقدر بحوالي 4500 طن من النفايات البحرية كل عام. وصل عدد المشاركين في عملية جمع ونقل الحطام إلى 200 فرد كان من بينهم يوزاكي هيديهيكو محافظ هيروشيما، وساساكاوا يوهي رئيس مؤسسة نيبون، ومجموعة من الأشخاص المرتبطين بصناعة الصيد المحلية.

أقيم حفل في حديقة هارومي رينكاي بمدينة أوتاكي قبل بدء عملية التنظيف. بأيدٍ مرفوعة (من اليسار) يقف كل من كاواهارا هيديماسا من جمعية أتاتاجيما التعاونية السمكية، وساساكاوا يوهي رئيس مؤسسة نيبون، ويوزاكي هيديهيكو محافظ هيروشيما، وإيرياما يوشيرو رئيس بلدية أوتاكي.
أقيم حفل في حديقة هارومي رينكاي بمدينة أوتاكي قبل بدء عملية التنظيف. بأيدٍ مرفوعة (من اليسار) يقف كل من كاواهارا هيديماسا من جمعية أتاتاجيما التعاونية السمكية، وساساكاوا يوهي رئيس مؤسسة نيبون، ويوزاكي هيديهيكو محافظ هيروشيما، وإيرياما يوشيرو رئيس بلدية أوتاكي.

بعض المشاركين في عملية جمع الحطام يرتدون أزياء تنكرية، وقد كان لأزيائهم دور كبير في رفع الروح المعنوية بين المشاركين وتسليط الضوء على مشكلة النفايات البحرية.
بعض المشاركين في عملية جمع الحطام يرتدون أزياء تنكرية، وقد كان لأزيائهم دور كبير في رفع الروح المعنوية بين المشاركين وتسليط الضوء على مشكلة النفايات البحرية.

الحطام البحري مشكلة قديمة متجددة

أتاتاجيما هي جزيرة صغيرة في خليج هيروشيما يبلغ طول ساحلها 11 كيلومترًا، ويبلغ عدد سكانها أقل من 250 شخصًا. تقع على بعد حوالي 5 كيلومترات جنوب إتسوكوشيما التي تكتسب شهرتها باعتبارها أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو، وأحد أهم أماكن صيد السردين، فضلاً عن كونها مركزاً لاستزراع سمك دردمان أصفر الذيل والمحار. إتسوكوشيما غنية أيضاً بالمناظر الطبيعية الخلابة، وبها ساحل ناغاورا الذي يبلغ طوله 350 مترًا ومخصص كمنطقة محمية.

كانت هناك سفينة تقترب من الجزيرة لحضور الحدث وقد أصيب ركابها بالدهشة من كم عوامات الصيد البيضاء الكبيرة التي رأوها على طول الشاطئ، لقد كان عددها كبيرًا لدرجة أن عامل تشغيل كاميرا التلفزيون الذي كان على متن السفينة تساءل عما إذا كانت تلك العوامات قد تم جلبها خصيصًا من أجل ذلك الحدث، لكن هذا غير صحيح، فتلك العوامات ما هي إلا جزء من متوسط الحطام الذي تم جمعه في ذلك اليوم.

يحظى ساحل ناغاورا بشعبية بين مرتادي الشواطئ، لكن الحطام البحري استمر في التراكم على الشاطئ على مدار العقدين الماضيين. نظرًا لأن المسارات من أماكن أخرى في الجزيرة مليئة بالنباتات ولا يوجد رصيف للنزول من القوارب، فليس من السهل الوصول إلى هذا الجزء من الجزيرة. قال كاواهارا هيديماسا، رئيس جمعية أتاتاجيما التعاونية السمكية، ”نظرًا لشيخوخة سكان الجزيرة، كان التخلص من الكميات الكبيرة من النفايات البحرية المنتشرة على طول الشاطئ مشكلة عويصة لسنوات“. وبمجرد وصوله إلى الشاطئ، علّق يوزاكي هيديهيكو محافظ هيروشيما قائلاً: ”إن رؤية ما يمكن أن يصل إليه حال الشاطئ خلال عشرين عامًا تجعلني أدرك مدى خطورة مشكلة الحطام البحري“.

ساحل ناغاورا كما يُرى من القارب، وعوامات الصيد البيضاء ملقاة على طول الشاطئ.
ساحل ناغاورا كما يُرى من القارب، وعوامات الصيد البيضاء ملقاة على طول الشاطئ.

عوامات الصيد الكبيرة التي ألقت بها المياه إلى الشاطئ كانت تُستخدم في السابق لتعليق طوافات المزارع البحرية أو لتكون بمثابة وسائد تحول بين السفن الراسية والأرصفة.
عوامات الصيد الكبيرة التي ألقت بها المياه إلى الشاطئ كانت تُستخدم في السابق لتعليق طوافات المزارع البحرية أو لتكون بمثابة وسائد تحول بين السفن الراسية والأرصفة.

دور التكنولوجيا في تسهيل عملية التخلص من النفايات

في اليوم المحدد لإجراء عملية التنظيف، وصل مركب إنزال إلى الشاطئ وأفرغ حمولته من المركبات المتخصصة وآلات تنظيف الرمال، ليكون بذلك قد أدى مهمة مزدوجة تتمثل في كونه بديلاً للرصيف ووسيلة لنقل الأشخاص الذين سيقومون بعملية التنظيف.

يوزاكي محافظ هيروشيما ينزل من مركب الإنزال.
يوزاكي محافظ هيروشيما ينزل من مركب الإنزال.

رئيس البلدية إيرياما (في المقدمة، ناحية اليسار) يستعد لاستلام عوامة من الرئيس ساساكاوا.
رئيس البلدية إيرياما (في المقدمة، ناحية اليسار) يستعد لاستلام عوامة من الرئيس ساساكاوا.

قام المشاركون بتشكيل صفوف لتحريك 400 عوامة بسرعة وتكديسها بالقرب من مركب الإنزال، بينما قامت المركبات المتخصصة، مثل العربات والشاحنات القلابة الصالحة للاستخدام في جميع أنواع التضاريس، بعمل سريع في جمع الحطام من أماكن بعيدة.

كانت ضواغط البلاستيك هي نجوم العرض، حيث أن واحدة من عوامات المحيط المصنوعة من البوليسترين تزن حوالي 3 كيلوغرامات، وبالتالي يكون الوزن الإجمالي لـ 400 عوامة هو 1.2 طن، لكن المشكلة الأساسية تكمن في حجمها الكبير الذي يعني أنه حتى شاحنة كبيرة الحجم لن تتسع بما فيه الكفاية لنقلها. وهنا يأتي دور الضاغطات القادرة على تصغيرها إلى عُشر حجمها الأصلي بحيث يتسنى نقلها في شاحنة أصغر بكثير، مما أدى إلى خفض التكلفة والجهد اللازمين لنقلها، سواء في البر أو البحر.

يتم تمرير العوامات من يد إلى يد في تتابع سلس.
يتم تمرير العوامات من يد إلى يد في تتابع سلس.

السرعة العالية للعربات، حتى على الشاطئ الرملي، أسهمت بشكل كبير في تسريع العملية.
السرعة العالية للعربات، حتى على الشاطئ الرملي، أسهمت بشكل كبير في تسريع العملية.

تم وضع اثنين من ضواغط البلاستيك المتخصصة في ضغط البوليسترين، على منصات شاحنات محمّلة على مركب الإنزال، واستُخدمت لضغط مئات العوامات وتصغير حجمها إلى حجم يسهل التحكم فيه.
تم وضع اثنين من ضواغط البلاستيك المتخصصة في ضغط البوليسترين، على منصات شاحنات محمّلة على مركب الإنزال، واستُخدمت لضغط مئات العوامات وتصغير حجمها إلى حجم يسهل التحكم فيه.

شكل العوامات بعد ضغطها. نظرًا لأن الضاغطات لا تستخدم درجات حرارة عالية، تكون الروائح المنبعثة من عملية الذوبان محدودة للغاية. كما أن آلية عمل الضاغطات لا تتسبب في تدهور جودة المواد، مما يسهل من عملية إعادة تدوير العوامات.
شكل العوامات بعد ضغطها. نظرًا لأن الضاغطات لا تستخدم درجات حرارة عالية، تكون الروائح المنبعثة من عملية الذوبان محدودة للغاية. كما أن آلية عمل الضاغطات لا تتسبب في تدهور جودة المواد، مما يسهل من عملية إعادة تدوير العوامات.

دروس مستفادة من هذا النشاط البيئي

بعد انتهاء عملية التنظيف، قال المحافظ يوزاكي: ”بالنظر حولي اليوم، تيقّنت أنه يتعين علينا أخذ الأمر على محمل الجد، إذ من السهل ترك القمامة لتتراكم، ولكن تنظيفها عمل شاق للغاية“.

كما قال ساساكاوا رئيس مؤسسة نيبون: ”اليوم، تعاون أربعة محافظين لتحقيق هدف واحد هو جعل بحر سيتو الداخلي أجمل بحر داخلي في العالم. أتمنى أن تفتح هذه التجربة الطريق أمام أنشطة أخرى عديدة من هذا النوع، نحتاج أيضاً إلى تعاون الأطفال معنا حتى نصل إلى الغاية الأسمى المتمثلة في عيش حياة خالية من النفايات“.

حدد مشروع محيطات منطقة سيتوتشي (Setouchi Oceans X) أهدافًا واضحة لتقليل تدفق الحطام البحري في المستقبل بنسبة 70% وزيادة معدل جمع النفايات بنسبة 10%. ويعتزم المنظمون مواصلة التخطيط لإقامة أنشطة فعالة في هذا المجال. كما حددت محافظة هيروشيما أيضًا هدفًا للوصول إلى صفر نفايات بلاستيكية بحرية بحلول عام 2050.

هذه العربة الصغيرة الصالحة للاستخدام في جميع التضاريس تنقل النفايات الصغيرة التي تم فصلها عن الرمال باستخدام آلات فرز تعمل بقوة الرياح والاهتزازات.
هذه العربة الصغيرة الصالحة للاستخدام في جميع التضاريس تنقل النفايات الصغيرة التي تم فصلها عن الرمال باستخدام آلات فرز تعمل بقوة الرياح والاهتزازات.

شارك متدربون أجانب مقيمون في المحافظة مع مؤدّين للشخصيات (كوسبلاي) في عملية التنظيف، وهناك آمال في أن يشجع هذا النشاط على بذل جهود مماثلة في أماكن أخرى.
شارك متدربون أجانب مقيمون في المحافظة مع مؤدّين للشخصيات (كوسبلاي) في عملية التنظيف، وهناك آمال في أن يشجع هذا النشاط على بذل جهود مماثلة في أماكن أخرى.

(نشر النص الأصلي باللغة اليابانية في 20 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: نشاط تنظيف شاطئ أتاتاجيما في مدينة أوتاكي بمحافظة هيروشيما في 17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022. جميع الصور إهداء من Nippon.com)

البيئة الحكومة اليابانية التكنولوجيا