بعيداً عن ثقافة العمل اليابانية.. تعرف على ما يفعله اليابانيون للترفيه عن أنفسهم وكسر رتابة الحياة

سياحة وسفر

لكل بلد أنشطته الخاصة التي لا بد وأن تتماشى مع طبيعة هذا البلد ومزاج شعبه. ولعل الطبيعة الساحرة لليابان بالإضافة إلى عشق شعبها للنباتات والحيوانات والحشرات هو ما جعلهم يعشقون التخييم في أحضان الطبيعة. على مدار السنين، تنوعت طرق التخييم وأغراضه في اليابان، وحرص منتجوا معدات التخييم على تلبية رغبات عشاق هذا النشاط ومتابعة آرائهم واقتراحاتهم مما ساعد كثيراً على تطوير أدوات التخييم. في هذا الموضوع نشرح أهم أنواع التخييم التي يعشقها اليابانيون ومراحل تطور هذا النشاط.

سلسلة من طفرات التخييم والأماكن الخارجية

بالنسبة لليابانيين المنشغلين دوماً في أعمالهم، يعد نشاط التخييم فرصة مثالية للراحة والاسترخاء، حيث يستمتعون بنصب الخيام وإشعال النار والطهي والجلوس بجانب المدفأة، يتحدثون مع العائلة والأصدقاء تارةً، ويستمتعون بالجلوس بمفردهم تارةً أخرى.

وعلى مر السنين، تطور مفهوم التخييم والتنزه في الهواء الطلق، ليصبح أكثر من مجرد موضة عابرة ويتحول إلى شكل أساسي من أشكال الترفيه. مع تنوع أساليبه مثل التخييم بصحبة العائلة أو الأصدقاء أو التخييم الفردي، وقد أدى هذا الازدهار إلى زيادة عدد أماكن التخييم وتطور المعدات المستخدمة فيه.

كانت بداية انتشار ثقافة التخييم في اليابان خلال الثمانينيات، حيث صدرت في عام 1981 مجلة Be-Pal وبدأت السيارات القوية ذات الدفع الرباعي مثل ميتسوبيشي باجيرو وتويوتا لاندكروزر تحظى بالاهتمام. ثم انجذب المخيّمون إلى البضائع الأمريكية، حيث بدأت معدات التخييم من ماركة كولمان تتدفق إلى البلاد، وكان الناس يرتدون سترات جبلية من صنع سييرا ديزاين، وسترات صوفية من باتاغونيا، بالإضافة إلى أحذية طويلة من تصميم Danner and L. L.

في التسعينيات، ظهرت موضة جديدة وهي انتشار عادة التخييم بين العائلات، في ذلك الوقت ظلت المعدات المستوردة هي السائدة، لكن الشركات اليابانية المصنعة لأدوات تسلق الجبال مثل ”سنو بيك“ و ”أوغاوا تنت“ و ”مونتبل“ بدأت في تطوير معدات التخييم التي تناسب الأسرة. ويمكن اعتبار انتشار ثقافة التخييم بهذا الشكل ثورة مجتمعية ضد التركيز المتزايد على الثروة المادية الذي ساد خلال أيام اقتصاد الفقاعة، حيث بدأ الناس يبحثون عن تجارب وسط الطبيعة تمنحهم مزيداً من الهدوء والسعادة.

عرض معدات التخييم في متجر للسلع الرياضية عام 1994. سرعان ما انتشرت ثقافة التخييم لتصبح نشاطًا شائعًا يجذب النساء والأطفال. (© جيجي برس)
عرض معدات التخييم في متجر للسلع الرياضية عام 1994. سرعان ما انتشرت ثقافة التخييم لتصبح نشاطًا شائعًا يجذب النساء والأطفال. (© جيجي برس)

ثقافة التخييم بين الترفيه والضرورة الملحة

مع دخولنا في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بدأت العلامات التجارية اليابانية ذات الأسعار المعقولة نسبيًا مثل Logos وCaptain Stag في الظهور في متاجر السلع المنزلية، كما قامت سلاسل المتاجر المتخصصة في بيع السلع الرياضية مثل Sports Authority وSuper Sports Xebio بتخصيص مساحات أكبر لعرض سلع التخييم. علاوة على ذلك، قامت المتاجر المتخصصة في بيع السلع التي تُستخدم في المساحات الخارجية للبيوت مثل Wild-1 وAlpen Outdoors وSwen بافتتاح المزيد من المتاجر. كانت تلك مرحلة فاصلة تغيرت عندها ثقافة التخييم اليابانية بالكامل، حيث انتقل اليابانيون من مجرد قضاء رحلات يومية تتضمن إقامة حفلات شواء على ضفاف النهر إلى التخييم ليلاً وقضاء ليلتهم في أحضان الطبيعة.

في تلك المرحلة، لم يتعدى نشاط التخييم كونه هواية تقتصر ممارستها على عشاقها. لكن بعد زلزال شرق اليابان الكبير عام 2011، بدأت معدات التخييم تجذب اهتمامًا أوسع نطاقًا. واضطر العديد من الأشخاص الذين شرّدهم الزلزال إلى العيش في خيام نصبوها في الحدائق العامة أو ساحات المدارس إلى أن يتم توفير سكن لهم، وهكذا أصبحت معدات التخييم تعتبر امتداداً للمنتجات التي تُستخدم للتخفيف من آثار الكوارث.

وفي عام 2017 تقريبًا، أصبح التخييم الفردي أحدث صيحة، حيث انجذب الأشخاص الباحثون عن الحرية والعزلة إلى متعة الطهي في الهواء الطلق ونيران المخيمات. ومن بين العوامل الأخرى التي شجعت على ظهور هذا النوع، الممثل الكوميدي الياباني هيروشي، الذي كان يبث مقاطع فيديو تُظهر أسلوبه الفريد في التخييم، فضلاً عن الأنمي الناجح ”مخيم الاسترخاء“ أو (يوروكيان)، الذي يدور حول مجموعة من فتيات المدارس الثانوية اللاتي تستمتعن بالتخييم.

لكن مع تفشي جائحة كوفيد-19 في عام 2020، تغيرت الحياة اليومية لليابانيين بشكل كبير لا سيما بعد إعلان حالة الطوارئ الرسمية وفرض العديد من القيود الأخرى. فتجنب الناس الخروج والسفر بغرض السياحة، إلا أن التخييم الفردي ظل وسيلة مثالية لتجنب ”المحظورات الثلاثة“ المتمثلة في الأماكن المغلقة والأماكن المزدحمة والاتصال الوثيق. فبدأ المجتمع في إيلاء المزيد من الاهتمام لهذا النشاط وبدأت وسائل الإعلام في عرض مميزاته، مما أدى إلى ازدهاره.

أصبح التخييم في فصلي الخريف والشتاء أكثر شيوعًا، نظرًا لوجود عدد أقل من الحشرات، فضلاً عن إمكانية الاستمتاع بالطهي والجلوس إلى جانب النار. (© ساكوراي نوبوكي)
أصبح التخييم في فصلي الخريف والشتاء أكثر شيوعًا، نظرًا لوجود عدد أقل من الحشرات، فضلاً عن إمكانية الاستمتاع بالطهي والجلوس إلى جانب النار. (© ساكوراي نوبوكي)

عدد لا حصر له من معدات التخييم

عبر كل مراحل التخييم في اليابان المذكورة أعلاه، ظهر مصطلح dōgu no numa أو ”مستنقع المعدات“، في إشارة إلى المجموعة الكبيرة من الخيارات المتاحة في السوق وصعوبة البحث اللانهائي عن أفضل وأحدث المعدات.

إن التخييم في جوهره ينطوي على قضاء فترات طويلة مع معداتك، لذا كان استخدام القطع المفضلة والنظر إليها متعة في حد ذاته. ومن هذا المنطلق كان التركيز على جودة المعدات وسهولة استعمالها أمراً في غاية الأهمية، بغض النظر عن مدى خبرة من يستعملها. ولقد أدرك المصنعون اليابانيون هذا الموقف جيدًا منذ البداية وحرصوا على التحلي بالمرونة في عملية إنتاج المعدات لإرضاء جميع الأذواق بدءًا من العائلات وحتى هواة التخييم الفردي، سواء المبتدئين أو ذوي الخبرة الانتقائيين، فطرحوا في الأسواق معدات جديدة رائعة بوتيرة سريعة.

ومن الظواهر الحديثة الأخرى ظهور ما يسمى ”العلامات التجارية المصنوعة في المرآب“، في إشارة إلى الورش الصغيرة المتخصصة في صنع مجموعة محدودة من المنتجات. أحد الأمثلة على ذلك هو مالك ورشة عمل صغيرة من الجيل الثاني والذي أصبح من محبي التخييم فشرع في استخدام تقنيات تحويل المعادن التي تتقنها شركته من أجل صنع حفرة نار محمولة، يصنعها على نطاق صغير، ويبيعها عبر الإنترنت. والجدير بالذكر أن مثل هذه العناصر عالية الجودة تلقى رواجاً كبيراً بين عشاق التخييم بسبب ندرتها.

تجهيز نموذجي للتخييم الفردي. يتيح لعشاق التخييم إضفاء لمساتهم الخاصة على معداتهم. (© ساكوراي نوبوكي)
تجهيز نموذجي للتخييم الفردي. يتيح لعشاق التخييم إضفاء لمساتهم الخاصة على معداتهم. (© ساكوراي نوبوكي)

يتمثل العامل المشترك في تطوير المعدات من قبل الشركات المصنعة اليابانية في الاهتمام الدقيق برعاية المستخدم وخدمة ما بعد البيع. وهو جزء لا يتجزأ من التقاليد الحرفية اليابانية العريقة للتأكيد على الاعتقاد الشائع بموثوقية المنتج الياباني.

ومع ذلك، فإن أحد أهم الاختلافات بين الماضي والحاضر هو وجود وسائل التواصل الاجتماعي التي تسهل معرفة آراء العملاء والاستفادة منها في عملية التطوير. وتعتمد العلامات التجارية الصغيرة بشكل خاص على هذا، كما أصبح التفاعل المتبادل بين المصنّعين والمستخدمين جزءًا أساسياً من تطوير المنتج.

لا شك أن إنتاج معدات التخييم اليابانية بدأ من خلال اعتماد المفاهيم والوظائف التي تتبناها العلامات التجارية الأجنبية، ولكنه تطور الآن ليصبح واحدًا من أكبر الأسواق وأكثرها تطورًا في العالم.

أشهر معدات التخييم اليابانية

ولما كانت الفترة الأخيرة قد شهدت طفرة غير مسبوقة في معدات التخييم، مع وجود عشرات الآلاف من المنتجات الآن على أرفف المتاجر، فدعونا نلقي نظرة على بعض أروع المنتجات التي يجب على اليابان أن تفخر بها.

سلسلة الخيمة المقببة من سنو بيك

سنو بيك (SnowPeak) هي من أشهر الشركات اليابانية المتخصصة في إنتاج سلع التخييم، وتتضمن سلسلة Amenity Dome خيام التخييم الفردية الأكثر مبيعًا. التصميم الأساسي للخيمة مقبب مع مدخل أمامي مسقوف لمزيد من الراحة. تم اختبار هذه الخيام بدقة في المناخ الياباني للتأكد من مقاومتها للماء والرياح، مما يجعلها خياراً عملياً للغاية. كما أنها تتوفر بأحجام صغيرة ومتوسطة وكبيرة، مما يجعلها مفيدة لشتى الاستخدامات بدءًا من المعسكرات الفردية وحتى العائلات.

سلسلة خيام السيرك أكثر أنواع الخيام انتشاراً في اليابان

Tent-Mark Designs هي العلامة التجارية الخاصة لمتاجر التجزئة المتخصصة في بيع مستلزمات المساحات الخارجية للمنازل Wild-1. ومن بين جميع منتجاتها، تعتبر سلسلة خيام السيرك تحفة فنية حقيقية. كان لمتاجر Wild-1 السبق في تصميم الخيام المقامة حول عمود مركزي واحد والتي أصبحت اتجاهاً سائداً بين الشركات اليابانية لاحقاً، واكتسب هذا النوع من الخيام شعبية كبيرة بسبب سهولة إعدادها وتصميمها وما توفره من راحة، فكان هناك وقت لا تجد خياماً منصوبة في الأماكن المخصصة للتخييم سوى خيام السيرك فقط. لقد كانت شائعة جدًا لدرجة أن المخيمين كانوا يلاقون صعوبة كبيرة في العثور على خيمتهم الخاصة بين الحشود نظراً لتشابهها. اليوم، توجد تشكيلة كاملة ومتنوعة، مع إصدارات قياسية، وأحجام تتراوح من الاستخدام الفردي إلى الأحجام الأكبر، فضلاً عن تنوع المواد المستخدمة والأنماط.

موقد ST310 المخصص للاستعمال في الهواء الطلق

هذا الموقد الخارجي بديل لما يسمى OD، وهو اختصار لأسطوانة الغاز الخارجية التي تُستخدم في معظم مواقد التخييم، مع أسطوانات الغاز الأكثر شيوعًا في مواقد الغاز المنضدية المخصصة للاستخدام المنزلي. يصعب استخدام أسطوانات CB هذه في درجات الحرارة المنخفضة لأن الغاز يتبخر بصعوبة، لكن Shinfuji ابتكرت منظمًا أصليًا يسمح بالطهي حتى في درجات حرارة تحت الصفر. لقد كانت هذه المواقد موجودة في السوق منذ أكثر من عقد من الزمان وأثبتت نجاحها في المعسكرات في جميع أنحاء اليابان. كما أن الاتجاه الأحدث هو إرفاق طاولة صغيرة بحامل أسطوانة الغاز باستخدام أجزاء مخصصة تُباع بواسطة عدد من الشركات المصنعة الأخرى.

حفرة النار المقاومة للصدأ FP350

حامل النار هذا مصنوع من ألواح متينة من الفولاذ المقاوم للصدأ ويمكن تعديل الحجم باستخدام أربع أو خمس لوحات، مما يجعلها مميزة لتعدد استخداماتها. كما أن الشركة المصنعة، وهي شركة لتصنيع المعادن تأسست في هاتشيوجي بطوكيو عام 1952، تقوم بتطوير وبيع المنتجات مع التركيز على استخدام مواد عالية الجودة. كل قطعة مصنوعة يدويًا على يد حرفيين ذوي خبرة.

خيمة Khafra HB أحادية القطب

Locus Gear هي علامة تجارية تسمى ”علامة المرآب التجارية“ تأسست عام 2009 في ساغاميهارا بمحافظة كاناغاوا. بدأت الفكرة من الخيام التي صنعها مالك الشركة من أجل المتعة، ولكنها أصبحت الآن شائعة جدًا لدرجة أن هناك قوائم انتظار طويلة للحصول على هذه الخيام. إن خيمة Khafra HB عبارة عن خيمة أحادية القطب تتسع لشخصين بالغين، ولكنها تزن 650 جرامًا فقط وخفيفة بشكل مدهش. يُستخدم نايلون مانع للتمزق بكثافة 15 دنييه مع طبقة مزدوجة من السيليكون والبولي يوريثين لتحقيق أقصى قدر من المتانة ومقاومة الماء. ولعل من أهم مميزاتها الشكل الجميل الذي تتخذه الخيمة عند الانتهاء من إعدادها.

سلسلة أكياس النوم Aurora Light

تقوم شركة Nanga بتصنيع أكياس النوم منذ عام 1980 وهي واحدة من الشركات المصنعة الرائدة في اليابان. جدير بالذكر أن المنتجات التي تستخدم الوبر تكون عرضة للتكتل، مما يتطلب درجة عالية من مهارة التصنيع ومراقبة الجودة، وقد نجحت شركة Nanga في تحقيق هذه الأهداف فاكتسبت شهرة عالمية. تستخدم سلسلة Aurora Light مادة مقاومة للماء قابلة للإزالة تم تطويرها في الأصل بواسطةNanga . ومع اكتساب التخييم الشتوي شعبية في السنوات الأخيرة، أصبحت هذه السلسلة من أكياس النوم مطلوبة للغاية بسبب دفئها وتصميمها الأنيق.

(نشر النص الأصلي باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: المؤلف يستمتع بالنار داخل خيمة إنماكو الصغيرة، والتي ساعد في تطويرها. إن سهولة إعدادها أكسبتها شعبية كبيرة بين عشاق التخييم الفردي.Tent-Mark Designs)

المجتمع المسن المجتمع الياباني سياحة