الإخلاء أولًا: استراتيجية اليابان لحماية الأرواح عند الكوارث

مجتمع

تتمتع اليابان بجمال طبيعي آسر يجعلها من أجمل بقاع الأرض، لكنها في الوقت نفسه تقف على خطوط الزلازل والبراكين، ما يجعل التعايش مع الكوارث الطبيعية جزءًا من واقعها اليومي. وفي قلب هذا الواقع، تبرز مدينة كوروشيو الساحلية كمثال حي على الوعي المجتمعي والاستعداد الذكي. فهي واحدة من أكثر المناطق عرضة للخطر في حال وقوع زلزال نانكاي المحتمل، إلا أن سكانها لا يعيشون في خوف، بل في يقظة دائمة. لا يسعون لمنع الكارثة – وهو أمر يفوق قدرة البشر – بل يُركّزون على كيفية النجاة منها، عبر خطط إخلاء محكمة، وتمارين منتظمة، وإيمان راسخ بأن الجاهزية هي السبيل لحماية الأرواح.

على أهبة الاستعداد

في ديسمبر/ كانون الأول 2024، أعلنت شركة ”كورو كان“ للتعليب، وشركة فوتاغامي، المسؤولة عن تشغيل متاجر الأدوات المنزلية ولوازم الأخشاب في مدينة كوروشيو بمحافظة كوتشي، عن مشروع فريد من نوعه للتأهب للكوارث يُطلق عليه مشروع ” علب الإخلاء“، ومن المخطط له البدء في بيع علب أطعمة معلبة مخصصة للاستخدام في حالات الطوارئ ألوانها زرقاء زاهية، تحمل صورة شخصية تركض، في متاجر بيع الأدوات المنزلية ولوازم الأخشاب في جميع أنحاء كوتشي. ليس هذا فقط، بل يهدف هذا المشروع الطموح أيضاً إلى طرح المنتج على مستوى البلاد في يوم الوقاية من الكوارث، الموافق 1 سبتمبر/ أيلول.

تُطوّر شركة “كورو كان” حاليًا علبًا تحمل رسوماتٍ تحثّ على الإخلاء الفوري، وتحتوي على أرزٍّ مع سمك البونيتو، وهي وجبة لذيذة حتى إذا تم تناولها باردة. (إهداء من كورو كان)
تُطوّر شركة “كورو كان” حاليًا علبًا تحمل رسوماتٍ تحثّ على الإخلاء الفوري، وتحتوي على أرزٍّ مع سمك البونيتو، وهي وجبة لذيذة حتى إذا تم تناولها باردة. (إهداء من كورو كان)

في حالة وقوع زلزال نانكاي الضخم المتوقع، فإن مدينة كوروشيو مُعرّضة لخطر تسونامي هائل يزيد ارتفاعه على 30 مترًا. وصرح توموناغا كيميو، المدير التنفيذي لشركة ”كورو كان“ في مقابلة قائلاً: ”في كوروشيو، بدلًا من محاولة منع آثار تسونامي العملاق، نُركّز على عقلية التأهب“. وأضاف: ”شعارنا هو: عند حدوث هزة أرضية، أخلِ المكان. ومن خلال منتجاتنا المعلبة، نسعى إلى نشر هذه العقلية عالميًا“.

كوروشيو هي مدينة صغيرة تقع في الجزء الغربي من محافظة كوتشي، على ساحل شيكوكو المُطل على المحيط الهادئ، ويبلغ عدد سكانها أقل بقليل من 10 آلاف نسمة. تشتهر المدينة بأسطول الصيد بالعصا والخيط الذي تمتلكه، وتُصنّف من بين أكبر مصايد سمك التونة الوثّاب في اليابان.

في مارس/ آذار 2012، هزّ اكتشاف جديد هذه البلدة الساحلية وذلك حين تم الإعلان عن توزيع الكثافة الزلزالية ونسبة ارتفاع أمواج التسونامي في حال وقوع زلزال هائل على طول حوض نانكاي، الممتد على طول ساحل المحيط الهادئ غرب اليابان. ووفقاً لما تم الإعلان عنه، ففي حال وقوع زلزال بنفس قوة زلزال شرق اليابان الكبير الذي ضرب في 11 مارس/ آذار 2011، قد تشهد منطقة شاسعة تمتد من منطقة كانتو إلى شيكوكو وكيوشو هزات أرضية وأمواج تسونامي كبيرة. وستكون كوروشيو تحديدًا مُعرّضة لخطر تسونامي هائل يصل ارتفاعه إلى 34.4 مترًا. مما أصاب سكان المدينة بالإحباط وزاد من قلقهم.

التدريب المكثف: السبيل الوحيد للنجاة

في ربيع عام 2013، قام أونيشي كاتسويا، عمدة كوروشيو، بزيارة كاتادا توشيتاكا، الأستاذ المُعيّن في جامعة طوكيو.

في مدينة كامايشي، بمحافظة إيواتي، لقي العديد من الأشخاص حتفهم جراء تسونامي عام 2011. لكن الجانب المشرق، هو أن طلاب المدارس الابتدائية والإعدادية الواقعة في المنطقة الساحلية المطلة على خليج أوتسوتشي تمكنوا من مساعدة بعضهم البعض والفرار إلى مناطق أكثر ارتفاعاً، مما أدى إلى نجاة جميع الطلاب البالغ عددهم 570 طالبًا. والجدير بالذكر هنا، هو أن كاتادا كان السبب الرئيسي وراء حدوث ”معجزة كامايشي“ حيث كان هو المسؤول عن التوعية والاستعداد للكوارث في المدينة حتى سنوات قليلة قبل وقوع تلك الكارثة.

كاتادا توشيتاكا، أستاذ مُعيَّن في جامعة طوكيو. (إهداء من كاتادا توشيتاكا)
كاتادا توشيتاكا، أستاذ مُعيَّن في جامعة طوكيو. (إهداء من كاتادا توشيتاكا)

شعر كاتادا بالقلق من مبالغة الأطفال في تقديرهم للحماية التي توفرها مصدات الأمواج في مدينته، فشرع في تغيير عقليتهم من خلال غرس ثلاثة مبادئ أساسية للإخلاء في عقولهم: ”لا تستهن بأي شيء“، ”ابذل قصارى جهدك عندما يحين الوقت“، ”كن أول من يبادر بالإخلاء“. وحثّهم مرارًا وتكرارًا على تحمل مسؤولية أنفسهم والفرار إلى مناطق أعلى.

عندما اعترف أونيشي لكاتادا بعدم ثقته في وسائل الحماية المتوفرة لسكان بلدته، ردّ كاتادا بشيء من الفكاهة قائلاً ”يا عمدة أونيشي، لعلّ من حسن حظك أن تكون “الأكثر عرضة للخطر”. فعلاقة مدينتك بالمحيط لم تتغير حتى بعد كارثة عام 2011. صحيح أن الكوارث تقع من حين لآخر، لكن المحيط نعمة لك حيث إنه قد وفّر أسلوب حياة لأجيال متعاقبة. إن الخوف من كارثة لا تحدث إلا مرة واحدة كل ألف عام نهجٌ خاطئ. ومن وجهة نظري فكونك “الأكثر عرضة للخطر” هي فرصةٌ عظيمة لتغيير عقلية سكان مدينتك.

بعد ذلك بوقت قصير، تم تعيين كاتادا مستشاراً للكوارث في كوروشيو، ووُضعت خطة للتأهب للكوارث، كشفت بنودها الافتتاحية عن عزم واضح على تنفيذ ما يلي:

انطلاقًا من المبدأ الأساسي المتمثل في حماية أرواح السكان، سنواصل بناء مدينة تزدهر بفضل البحر، وسوف نواجه خطر زلزال حوض نانكاي مباشرةً، وسنواصل تطوير مدينتنا من خلال خطة التأهب لأمواج تسونامي، وهي من أفضل الخطط على مستوى اليابان.

لقد أصبح التثقيف بشأن التأهب للكوارث أولوية قصوى، مع التركيز الشديد على أهمية الإخلاء الفوري إلى مكان آمن عند وقوع الزلزال. ويهدف التدريب الشامل إلى ضمان استعداد كل فرد لبذل كل ما في وسعه للإخلاء بشكل آمن. وتم وضع برامج تدريبية ”للحفاظ على الحياة“ للأطفال تحديدًا من أجل تعزيز قدرتهم على النجاة عند وقوع الكوارث.

تُجرى تدريبات الإخلاء بشكل متكرر في كوروشيو. (إهداء من حكومة بلدية كوروشيو)
تُجرى تدريبات الإخلاء بشكل متكرر في كوروشيو. (إهداء من حكومة بلدية كوروشيو)

بناءً على الخطة، تم إجراء أكثر من 500 تدريب على مواجهة الكوارث في المدينة بأكملها وفي مناطق محددة منها. أما في المناطق التي يصعب فيها الإخلاء، فقد تم تشييد أبراج إخلاء في حالة حدوث تسونامي. كما يتضمن البرنامج ورش عمل واقعية يتعاون فيها سكان المدينة لإخلاء منازلهم عبر أقصر الطرق، بالإضافة إلى إجراء تدريبات إخلاء ليلية. وللحفاظ على زخم الاستعداد للزلازل، تأسست شركة ”كورو كان“ التي تعمل على تطوير منتجات غذائية مخصصة للاستخدام في حالات الطوارئ في إطار المشروع الأكبر الذي يهدف إلى التخفيف من آثار الكوارث، وقد شهدت مبيعات الشركة زيادة ملحوظة.

مشهد من ورشة عمل لتبادل الأفكار حول كيفية إجراء خطط الإخلاء داخل المدينة. وقد عزز السكان تواصلهم من خلال التدريبات. (إهداء من حكومة بلدية كوروشيو)
مشهد من ورشة عمل لتبادل الأفكار حول كيفية إجراء خطط الإخلاء داخل المدينة. وقد عزز السكان تواصلهم من خلال التدريبات. (إهداء من حكومة بلدية كوروشيو)

هل الأسوار البحرية هي الحل؟

لا شك أن الانزعاج الذي شعر به أوميبارا ماكوتو، وهو مصمم محلي من كوتشي، كان الدافع الرئيسي وراء مشروع ”علب الإخلاء“.

على طول السواحل في المناطق المتضررة من زلزال شرق اليابان الكبير، تُبنى أسوار بحرية خرسانية بمحاذاة الطرق. ورغم أن المحيط يقع خلف هذه الجدران مباشرةً، إلا أنه لم يعد مرئيًا من الطريق. عند رؤيته صور الأسوار البحرية، صُدم أوميبارا، ”ما هذا؟ هذا ليس صحيحًا على الإطلاق“.

أوميبارا ماكوتو. (إهداء من مكتب تصميم أوميبارا)
أوميبارا ماكوتو. (إهداء من مكتب تصميم أوميبارا)

بلغ إجمالي ميزانية إعادة الإعمار بعد زلزال شرق اليابان الكبير حوالي 32 تريليون ين ياباني على مدى عشر سنوات. وبحلول السنة المالية 2020، تم تخصيص 1.3 تريليون ين ياباني لبناء أسوار بحرية، وشُيّد ما يقرب من 432 كيلومترًا من الأسوار على طول سواحل المحافظات الثلاث الأكثر تضررًا، وهي إيواته ومياغي وفوكوشيما.

لكن أوميبارا يتساءل ”هل هذا حقًا هو نوع إعادة الإعمار الذي أراده سكان المناطق المتضررة“؟ ”هل تغطية الساحل بالخرسانة هي الطريقة الصحيحة للاستعداد لأمواج تسونامي؟ هذه مشكلة علينا جميعًا التفكير فيها معًا كمواطنين“.

لطالما كانت المناظر الطبيعية مهمة لأوميبارا، الذي وُلد وترعرع في بيئة كوتشي الغنية بالطبيعة. وقد اعتمدت عليه الحكومات المحلية في كوتشي فضلاً عن منتجي الصناعات الأولية، ليكون مستشاراً لهم في كل شيء بدءًا من ابتكار مفاهيم جديدة للمنتجات المحلية ووصولًا إلى وضع خطط شاملة للبلديات. ومن أبرز أعماله متحف سونابي، وهو مشروع على شاطئ إيرينو في كوروشيو، ولا يزال مستمراً منذ عام 1989.

يوفر شاطئ إيرينو في كوروشيو حماية ساحلية طبيعية. (إهداء من بلدية كوروشيو)
يوفر شاطئ إيرينو في كوروشيو حماية ساحلية طبيعية. (إهداء من بلدية كوروشيو)

في هذا المتحف، يظهر الشاطئ الممتد لأربعة كيلومترات، والمحيط، والسماء، كلوحة فنية طبيعية. على الموقع الرسمي، نجد عبارة مقتبسة من مقترح المشروع الذي قدمه أوميبارا للمدينة قبل ربع قرن:

لا يوجد مبنى لمعرض فني في مدينتنا.
لكن شاطئنا الجميل هو معرضنا الفني.

في كبرى الفعاليات التي يقيمها متحف سونابي، معرض فن القمصان، ترفرف صفوف من القمصان في الهواء. (إهداء من حكومة بلدية كوروشيو)
في كبرى الفعاليات التي يقيمها متحف سونابي، معرض فن القمصان، ترفرف صفوف من القمصان في الهواء. (إهداء من حكومة بلدية كوروشيو)

خلال فترة فقاعة الاقتصاد الياباني في ثمانينيات القرن الماضي، طُوّرت المنتجعات حتى في المناطق الإقليمية. وعُرضت على كوروشيو أيضًا خطة للتطوير، ولكن عندما استشارت المدينة أوميبارا، اقترح مفهوم ”المتحف“ بدلًا من ذلك.

كما أدرج في مشروع ”أطعمة الإخلاء المعلبة“ بعض المقترحات رداً على القوى التي تريد إزالة المناظر الطبيعية من المناطق المتضررة.

في ربيع عام 2024، بعد عقد من تأسيس ”كورو كان“، علم أوميبارا باهتمام الشركة بالتعاون مع ”فوتاغامي“، وهي شركة محلية تُشغّل متاجر الأدوات المنزلية ولوازم الأخشاب. واقترح المفهوم الذي أصبح فيما بعد ”علب الإخلاء“ في اجتماع جمع رؤساء الطرفين.

أُسِّسَت شركة “كورو كان” كجزء من مشروع كبير للتخفيف من آثار الكوارث عقب توقعات بحدوث تسونامي هائل. رمز الشعار، الذي يبلغ 34 مترًا، يشير إلى الارتفاع المتوقع لموجة تسونامي. (إهداء من حكومة بلدية كوروشيو)
أُسِّسَت شركة “كورو كان” كجزء من مشروع كبير للتخفيف من آثار الكوارث عقب توقعات بحدوث تسونامي هائل. رمز الشعار، الذي يبلغ 34 مترًا، يشير إلى الارتفاع المتوقع لموجة تسونامي. (إهداء من حكومة بلدية كوروشيو)

أوميبارا، المُكلَّف بتصميم العبوات، صممها بحيث تظهر عبارة ”طعام معلَّب للطوارئ، وجبة شهية“ عند تدوير العلبة باتجاه الرسم التخطيطي المتحرك. إنها رسالة خفيفة الظل مفادها أن وجبة شهية تنتظرك بعد الإخلاء. كما تم است

تاكاهاشي هيرويوكي، من هاناماكي، محافظة إيواته، يُدير موقع Amekaze Taiyō الإلكتروني الذي يربط مُبتكري المنتجات بالمستهلكين. يُشيد تاكاهاشي بشدة بمشروع ” علب الإخلاء“، حيث يقول: ”إن التفاني في الاستعداد لتسونامي مع الاستمرار في التعايش مع الطبيعة أمرٌ رائع“!

ترشح تاكاهاشي لمنصب حاكم محافظة إيواته في سبتمبر/ أيلول 2011 بعد زلزال شرق اليابان الكبير، مُعارضًا تدابير الوقاية من الكوارث التي تُركِّز على بناء الأسوار البحرية، لكنه خسر الانتخابات. هناك انقسام بين فريق من الناس ينصب تركيزه على هذا الحدث الاستثنائي المحتمل وقوعه في يوم واحد مرة كل قرن، وبين الفريق الآخر الذي ينصب تركيزه على الـ 99 عامًا و364 يومًا المتبقية. كيفية التعامل مع هذا الأمر متروكة للمجتمع. للأسف، في منطقة توهوكو، تم تنفيذ إعادة الإعمار بناءً على ما هو استثنائي، فتغيرت حياة وعقليات السكان، الذين كانوا في يوم من الأيام يعيشون في وئام مع الطبيعة.

لا تزال المناطق المتضررة تعاني من هجرة سكانها. يقول تاكاهاشي: ”ما الهدف من إعادة الإعمار إذن؟ هذه قضية يجب على جميع المواطنين مواجهتها“.

بعد زلزال عام 2011، شارك توموناغا، من شركة ”كورو كان“، والذي كان آنذاك موظفًا في بلدة كوروشيو، في تقديم الإغاثة للمناطق المتضررة في توهوكو. لا يزال محفورًا في ذهنه مشهد ريكوزينتاكاتا، بمحافظة إيواتي، التي كانت في يوم من الأيام مكانًا لا يقل جمالاً عن المناظر الطبيعية في كوروشيو، وقد تحولت إلى أنقاض.

يتذكر توموناغا: ”لقد كان الأمر صعبًا. كان الأمر أشبه برؤية مستقبل مدينتي“.

يُشارك توموناغا أيضًا أفكاره حول المناطق التي ضربها زلزال شبه جزيرة نوتو في الأول من يناير/ كانون الثاني 2024.

”خلال نقاش حول إعادة إعمار نوتو، تساءل أحدهم: “هل ينبغي لنا ضخّ الأموال في مناطق مهددة بالانقراض؟” وقد كان سماع ذلك مؤلماً. لكن مع نهج مشروع “ علب الإخلاء ”، الذي يشجع الأفراد على تحمل مسؤولية سلامتهم، فإن الرسالة الأساسية هي: “سنقوم بالإخلاء، لذلك لسنا بحاجة إلى إنفاق مبالغ طائلة على المرافق الوقائية” أتمنى أن يحافظ الناس على المناظر الطبيعية المحلية التي حباهم الله بها وأن يفكروا في خطة لإعادة الإعمار تُحافظ على الأشياء الصغيرة في حياتهم اليومية“.

(نُشر النص الأصلي باللغة اليابانية بمساعدة تحريرية من باور نيوز، الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: مشروع ” علب الإخلاء“ يُعزز الوعي بضرورة الفرار عند وقوع الكوارث [إهداء من كورو كان]، طلاب محليون يشاركون في تدريب على الإخلاء [إهداء من حكومة بلدية كوروشيو])

اليابان كارثة استعدادات