【فيديو】رقصة الكركي... سحر الطبيعة في أبهى صوره!

سياحة وسفر

يمكن لرحلة إلى أقصى شمال اليابان في ذروة فصل الشتاء أن تكون تجربة ساحرة، حيث يكافَأ الزائرون بمشهد نادر لطيور التانتشو، أو الطيور ذات التاج الأحمر. هذه المخلوقات الرشيقة، التي ترقص فوق الثلوج في طقوس تزاوج مبهرة، لا تحمل فقط جمالًا طبيعيًا آسرًا، بل تمتلك أيضًا مكانة عميقة في التراث الثقافي الياباني، حيث تُعتبر رمزًا للحظ والسعادة وطول العمر.

في الأراضي الرطبة شمالي اليابان، حيث يلف الضباب المستنقعات المتجمدة، تتحرك طيور الكركي ذات التاج الأحمر (تانتشو) برشاقة تتجاوز مجرد الغريزة. تبدأ رقصاتها بانحناءة عميقة تعكس التبجيل والإخلاص، تليها صرخة مدوية يتردد صداها عبر المشهد الشتوي الهادئ. ومع تعالي أصواتها بتناسق، تنجذب طيور الكركي الأخرى إلى هذه الطقوس، مجيبة النداء بصرخاتها العذبة التي تشبه عزف المزامير، في مشهد يجسد الانسجام العميق بين هذه الطيور وبيئتها الطبيعية.

تقفز الطيور في الهواء بطاقة مفاجئة، وأجنحتها مفرودة، وأقدامها بالكاد تلامس الأرض في رقصات متناغمة. ليس هذا مجرد عرض اعتيادي، بل هو طقس عريق يعبر عن الحب والإخلاص. إذ تتزاوج طيور تانتشو مع شريك واحد مدى الحياة، فتكون رقصة المغازلة التي تؤديها بمثابة تأكيد للرباط العميق الذي يجمع كل زوجين. هذه الرقصة لا تحدث مرة واحدة فقط، بل تتكرر عبر السنوات، كشهادة على ارتباط أبدي، يعكس ولاء هذه الطيور لشركائها في مشهد يجمع بين العاطفة والجمال في آن واحد.

باتت طيور تانتشو على وشك الانقراض بسبب الصيد الجائر في عصر ميجي، وساد اعتقاد أن هذا النوع من الطيور قد انقرض إلى أن اكتشف مجددا 14 طائرا في عام 1924. وخضعت تلك الطيور منذ عام 1935 إلى الحماية باعتبارها معلما طبيعيا خاصا بموجب قانون حماية الممتلكات الثقافية في اليابان. وأصبحت أعدادها بعد قرن من الزمان، ما يقرب من 1800 طائر. (© هانز سوتر)
باتت طيور تانتشو على وشك الانقراض بسبب الصيد الجائر في عصر ميجي، وساد اعتقاد أن هذا النوع من الطيور قد انقرض إلى أن اكتشف مجددا 14 طائرا في عام 1924. وخضعت تلك الطيور منذ عام 1935 إلى الحماية باعتبارها معلما طبيعيا خاصا بموجب قانون حماية الممتلكات الثقافية في اليابان. وأصبحت أعدادها بعد قرن من الزمان، ما يقرب من 1800 طائر. (© هانز سوتر)

تحمل هذه الطقوس بالنسبة لشعب الآينو معنى روحياً عميقاً، حيث يُعتقد أن طائر الكركي هو رسول من عند سارورون كاموي، إله الأراضي الرطبة، وأن رقصاته تعكس إيقاعات العالم الطبيعي. في رقصة ”سارورون ريمسي“ (رقصة الكركي)، يحاكي الآينو حركات الطائر الرشيقة، تعبيراً عن تبجيلهم للقوى الإلهية التي تحافظ على الحياة. ويُنظر إلى وجود الكركي على أنه نعمة، ورمز للانسجام بين البشر والطبيعة.

لكن بعيداً عن أساطير الآينو، باتت طيور الكركي رمزاً شاملاً في الثقافة اليابانية، تشير إلى طول العمر، والإخلاص، والتجديد. فهي حاضرة في الفولكلور، وأزياء كيمونو الزفاف، وأعمال الأوريغامي مثل ”سينبازورو“، حيث يُطوى ألف طائر كركي ورقي للتعبير عن الأمنيات بالصحة والسعادة. تتوارث أجيال طائر تانتشو رقصته الأسطورية جيلاً بعد جيل، كما يتوارث البشر إعجابهم بها، فهي ليست مجرد طقوس مغازلة، بل تعبير حي عن الإخلاص، والوحدة، والجمال الأبدي للطبيعة.

(هانزسوتر)
(هانزسوتر)

(النص الأصلي باللغة الإنكليزية، صوؤة العنوان الرئيسي، © هانز سوتر)

السياحة الطبيعة هوكايدو