أمهر الحرفيين اليابانيين يضفي لمساته السحرية على واحدة من أقدم الصناعات التقليدية في اليابان
أخبار اليابان
تراث- English
- 日本語
- 简体字
- 繁體字
- Français
- Español
- العربية
- Русский
تنامي الطلب على التاتامي
تشهد اليابان عزوفاً عن المساكن المنفصلة ونمواً في الطلب على الشقق الشاهقة. ونتيجة لذلك، فقد تناقصت أعداد المساكن التي تضم واشيتسو (غرف على الطراز الياباني)، مما أدى إلى انخفاض الطلب على حصير التاتامي، فرش الأرضيات التقليدي المصنوع من القش والمستخدم في المنازل اليابانية القديمة. أفادت وزارة الزراعة والغابات ومصايد الأسماك اليابانية أن إنتاج التاتامي في مراكز التصنيع الرئيسية في فوؤكوكا وكوماموتو قد انخفض بنسبة 4% في الفترة من 2018 إلى 2019، ليصل إلى 2.5 مليون حصيرة فقط، في حين تم إنتاج 3.4 مليون حصيرة في عام 2013.
على الرغم من ذلك، يتزايد الطلب على التاتامي من جميع أنحاء اليابان في متجر يامادا هاجيمي تاتامي، أحد المتاجر المتخصصة في صناعة حصير التاتامي في مدينة هاشيما بمحافظة غيفو. لقد نجح المتجر، الذي تأسس عام 1869، في جذب الانتباه بما يقدمه من تصميمات حصائر فريدة من نوعها. فعادة ما يكون التاتامي مستطيلاً، لكن متجر يامادا هاجيمي تاتامي ينتج حصائر سداسية ومنحنية مما يخلق تصاميم فسيفساء رائعة للأرضيات.
غرفة فرشت أرضيتها بحصيرة تاتامي مذهلة على شكل تنين.
كل هذا من إبداعات يامادا كينجي البالغ من العمر 36 عامًا، والمنتمي للجيل الخامس من مصنعي حصير التاتامي. كان يعمل سابقاً في شركة إنشاءات في طوكيو، ولكن عندما ورث أعمال العائلة قبل ثلاث سنوات، بدأ يفكر في طرق لابتكار أشكال فريدة من حصائر التاتامي التقليدية. الإبداعات الفريدة التي توصل إليها تتناسب مع غرف واشيتسو التقليدية والغرف الحديثة على الطراز الغربي، مما يجعل الطلب على إبداعاته مستمرًا دون توقف.
سألنا يامادا عن كيفية إبداعه مثل تلك الأفكار المميزة التي لا مثيل لها وعن مستقبل واستمرارية صناعة التاتامي.
طلب غير عادي يحمل في طياته إلهاماً
يكشف لنا يامادا أن الدافع لتصميماته الفريدة جاء عندما ترك وظيفته في الشركة عام 2017. في ذلك الوقت، كلفه صديق بفرش أرضية شاحنته بحصير التاتامي، كان ذلك طلباً غير عادي يستلزم ابتكار حصائر ذات شكل غير تقليدي. بعدها شعر يامادا بوجود إمكانيات غير مكتشفة في صناعة حصير التاتامي، وفي عام 2018 شرع في ابتكار تصميمات أكثر غرابة.
أرضية التاتامي التي صممها يامادا لشاحنة صديقه.
وفقًا ليامادا، فإن الطلب على استبدال حصير المنازل يبلغ 30% فقط مقارنة بما كان عليه الوضع قبل 20 عامًا. ويتنهد قائلاً: “لقد أفسدت مواد الأرضيات الحديثة سوق التاتامي، ولا تستطيع الصناعة المنافسة”.
يشمل عملاؤه أسرًا منتظمة تمثل حوالي 70% من عمله، بالإضافة إلى الأنشطة التجارية مثل الريوكان (نُزل) والمطاعم، ويعترف يامادا أن العديد منهم لديهم أذواق شديدة الخصوصية.
معظم التاتامي مستطيل الشكل، فما مدى صعوبة الخروج من هذا المعيار وتصنيع حصائر تاتامي ذات حواف منحنية؟ وفقًا ليامادا، فقد كان يعرف بالفعل أساسيات صنع التاتامي عندما تولى العمل، ولم يجد أبدًا صعوبة في إنتاج أشكال غير اعتيادية، على الرغم من أن القيام بذلك قد يستغرق أكثر من خمسة أضعاف الوقت اللازم لإنتاج التاتامي المستطيل.
مقارنة بالحصائر اللازمة لفرش غرفة صغيرة مربعة بحجم 4.5 من التاتامي مستطيل الشكل، والتي تتطلب العمل لمدة يوم أو يومين للانتهاء من الصنعة والتركيب، فإن الحصير المنحني الذي ينتجه يامادا يستغرق أكثر من أسبوعين. لمثل هذه المهام، يبدأ بعمل نماذج ورقية لتناسب الغرفة، ولأن المعدات المستخدمة عادة لا تصلح إلا لصناعة حصير مستطيل فقط، فإن يامادا ينسج من القش التاتامي الخاص به باليد.
أحد الإبداعات الفنية باستخدام حصير التاتامي.
نسيج متنوع للإيحاء بوجود ألوان مختلفة
يشرح يامادا أن الإلهام لابتكاراته جاء أثناء العمل على التاتامي الخاص بشاحنة صديقه. ففي الأصل، كان يعتقد أنه لا يمكن صناعة التاتامي إلا على الشكل المستطيل، ولكن عندما أدرك أنه قادر على صنع أشكال أخرى، بدأ في إنشاء تصميمات تقوم على استخدام أرضيات الغرف كبساط عملاق.
يقال إن تاريخ التاتامي الياباني يعود إلى حوالي عام 700 قبل الميلاد، وعلى مر تاريخه كان يتخذ شكلاً مستطيلًا. لكن بعد أن اكتشف يامادا قدرته على صنع أشكال أخرى، استمر دفق الأفكار الجديدة في الظهور.
كانت إحدى الأفكار الرئيسية في مجال اللون. فالتاتامي الأزرق والأسود موجودان منذ فترة طويلة، ولكنهما مصنوعان من حصير الغوزا المنسوج مسبقاً. يفضل يامادا استعمال القش العادي في صناعة معظم حصير التاتامي التقليدي، ولكنه يستخدم تقنيات خاصة لخلق اختلافات في اللون باستخدام ذلك القش. التعديلات على النسيج تعكس الضوء بشكل مختلف، مما يخلق وهماً بوجود ألوان مختلفة.
تغيير اتجاه النسج يخلق وهماً بوجود ألوان مختلفة، على الرغم من أن الحصيرة كلها بنفس اللون.
في وقت لاحق، ركز يامادا على فكرة التصميم باستخدام تاتامي سداسي. نظرًا لأن اتجاه نسج التاتامي ينتج عنه تغير واضح في اللون عندما ينعكس الضوء عنه، فإن الشكل السداسي يتيح له إنشاء تصميمات لا حصر لها.
يامادا يبدع تصاميم تجمع بين قطع حصير التاتامي سداسية الشكل.
يتمنى يامادا أن يقوم بتصميم فسيفساء من التاتامي لمارلين مونرو، بالإضافة إلى منسوجات تعلّق على الحائط.
فسيفساء من التاتامي لمارلين مونرو من تصميم يامادا.
تصاميم جديدة لاقتحام الأسواق الخارجية
يحرض يامادا على الوصول بمنتجاته إلى العالمية، وهو طموح كان لديه منذ دخوله عالم تجارة التاتامي، ويهدف إلى القيام بذلك في عام 2021. في عام 2018 أنشأ موقعًا إلكترونيًا باللغة الإنجليزية أثار استفسارات كثيرة من خارج اليابان، لكنه سرعان ما أدرك أنه سيحتاج إلى المزيد من التصاميم للحفاظ على الأعمال التجارية على المدى الطويل. لذلك قرر يامادا وضع أساس قوي لتوسعه عالمياً من خلال التركيز أولاً على إمكانات التاتامي داخل اليابان.
حقق يامادا تقدمًا كبيرًا منذ ذلك الحين، حيث قام بتصميم تاتامي زاوي ومستدير، بالإضافة إلى إنتاج تصاميم على شكل سماء الليل والتنين باستخدام الحصائر. عندما يكمل إنشاء التصميم الذي يحاكي وجه مارلين مونرو في أواخر عام 2020، سيكون قد حقق أهدافه الأولية. بعد ذلك، يأمل في تقديم عرض حي تتغير فيه التصاميم بالتزامن مع الموسيقى. لا شك أن إطلاق شركته خارج اليابان سيعتمد بشكل كبير على هذا الزخم.
يقول يامادا إن زوال بعض العاملين في مجال صناعة التاتامي هو أمر حتمي، لكنه يؤمن بأن مازال عليه استيعاب الكثير من الإمكانات الكامنة في صناعة التاتامي التي هي تجارته، مما يدفعه إلى مواصلة جهوده الإبداعية. كما أن عدم انتشار حصائر التاتامي خارج اليابان يعد تحدياً يستنفر حماس الحرفي الماهر.
الفنان يبدع في صناعة التاتامي.
تتكلف ابتكارات يامادا حوالي ثلاثة أضعاف تكلفة التاتامي العادي، وذلك بحسب التصميم. ومع ذلك، فالطلب على منتجاته لا يتوقف من جميع أنحاء اليابان مما يؤكد على إيمانه بإمكانات الصناعة. كما أن توسيع نطاق أعماله إلى خارج اليابان يُتوقع أن يكون فصلاً جديدًا ومثيرًا في قصة كفاحه.
(نُشر النص الأصلي باللغة اليابانية على موقع برايم أونلاين الإلكتروني لـFNN، على الإنترنت في 14 أبريل/ نيسان 2020. الترجمة من اللغة الإنكليزية. جميع الصور من إهداء يامادا كينجي. الترجمة والتحرير بواسطة Nippon.com)
[كل الحقوق محفوظة لشبكة فوجي الإخبارية]