مقابلة حصرية مع السفير الفلسطيني في طوكيو حول الصراع مع إسرائيل والدور المنوط باليابان

سياسة

خلفت أعمال العنف في فلسطين وإسرائيل التي أشعلت شرارتها احتجاجات في أوائل مايو/أيار وبلغت ذروتها مع الغارات الجوية الإسرائيلية على غزة أكثر من 200 قتيل، وتراجعت الآمال مجددا بتحقيق السلام. وقد تحدث معنا السفير الفلسطيني في اليابان وليد صيام عن الصراع الأخير وعلاقات اليابان مع الفلسطينيين والمنطقة.

اشتعال فتيل الصراع من جديد

اندلع صراع مجددا بين الفلسطينيين والإسرائيليين في وقت سابق من الشهر الجاري تخلله احتجاجات وأعمال قتالية بدءا من 10 مايو/أيار استمرت حتى 21 مايو/أيار عندما دعا الجانبان إلى وقف جديد لإطلاق النار.

لم يكن اندلاع القتال أمرا غير مسبوق. يقول وليد صيام السفير لدى البعثة العامة لفلسطين في طوكيو ’’إن أصل المشكلة يكمن في أن إسرائيل تحتل على مدار 73 عاما الماضية مناطق فلسطينية في القدس الشرقية والضفة الغربية وغزة. لا يكتفي هذا الاحتلال بالتأثير على حياتنا فحسب، بل يتحكم فيها‘‘. ويشير السفير إلى المستوطنات التي تواصل إسرائيل تشييدها في المناطق الخاضعة للسيطرة الفلسطينية بما يتعارض مع القانون الدولي. وقد اندلعت الجولة الأخيرة من القتال وسط توترات جراء قرار المحكمة العليا الإسرائيلية بإخلاء الفلسطينيين لمنازلهم في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية.

وقد تصاعد العنف بعد تأجج الاحتجاجات الفلسطينية وشروع حركة حماس بإطلاق صواريخ على أراض إسرائيلية. وحتى وقف إطلاق النار قُتل أكثر من 200 شخص وأصيب آلاف آخرون من الجانب الفلسطيني في حين لقي 13 شخصا في إسرائيل مصرعهم معظمهم جراء الصواريخ التي أطلقتها حماس.

ولكن السفير صيام يحذر من النظر إلى الصراع على أنه صراع بين طرفين ندين ’’أحد الأشياء التي يفعلها الناس عادة -ولاسيما وسائل الإعلام- هو المساواة بين إسرائيل وفلسطين، ووضعهما في نفس الميزان. لكن من الخطأ وضع الظالم والمضطهد على نفس المقياس بهذه الطريقة‘‘. كما يشير السفير إلى السياسة الداخلية الإسرائيلية باعتبارها أحد جذور المشكلة. ’’فشل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الجولة الرابعة من الانتخابات في تشكيل حكومة، ومن المحتمل أن يذهب للجولة الخامسة. لكن أنصاره هم من المستوطنين المتطرفين، وقد أطلق لهم العنان لمهاجمة الفلسطينيين من أجل حماية نفسه‘‘.

يقول صيام إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جرّأ الإسرائيليين أثناء وجوده في المنصب، ولكن حتى الآن بعد أن خرج من الصورة ’’لا يوجد فرق كبير بين ترامب و[الرئيس جو] بايدن. فكل ما سيفعله الرؤساء الأمريكيون ينحصر في السعي لإدارة الصراع‘‘ وليس إنهاءه بشكل حقيقي. ويأمل صيام بأن تتمكن اليابان من فعل المزيد.

دور دولي مهم

كما ظهر السفير صيام في مؤتمر صحفي لنادي الصحفيين الأجانب في اليابان في 14 مايو/أيار، حيث وجه نفس التهم ضد ما يسميه ’’دولة الفصل العنصري‘‘ في إسرائيل. وفي نفس اليوم خرج إسرائيل سترولوف القائم بالأعمال في سفارة إسرائيل بطوكيو في نادي الصحفيين الأجانب في اليابان لعرض وجهة النظر الإسرائيلية بشأن الصراع، حيث وصف حماس بأنها منظمة إرهابية متطرفة قررت في 10 مايو/أيار ’’شن هجوم عشوائي على السكان المدنيين في جميع أنحاء إسرائيل‘‘. وأشار إلى أنه بعد بضعة أيام من اندلاع القتال، كانت حماس قد أطلقت بالفعل حوالي 1600 صاروخ، وتواصل استخدام المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي لحث الفلسطينيين على حمل السلاح ضد الإسرائيليين.

تتواصل كل من فلسطين وإسرائيل مع وسائل الإعلام والجمهور في اليابان ليس من أجل كسب الدعم إلى جانبهم في الصراع الأخير فحسب، وإنما لتعزيز الدعم الياباني لهما في جميع المجالات. يقول صيام: ’’نحن نؤمن بشدة أن اليابان يمكن أن تلعب دورا دوليا مهما في الصراع. اليابان هي واحدة من أكثر أصدقاء فلسطين الموثوق بهم كما تحظى بثقة الإسرائيليين‘‘. ويشير إلى أن اليابان دعمت إسرائيل بود منذ خمسينات القرن العشرين في حين أنها اعترفت أيضا بالقضايا الفلسطينية وأدلت بأصواتها لدعم قرارات الأمم المتحدة بشأن حقوق الفلسطينيين وشاركت كمانح دولي في المساعدات من أجل المساهمة في تشييد البنية التحتية وتعزيز الأمن البشري هناك.

دعوة اليابان إلى انتهاج مقاربة أكثر ثقة

يقول السفير صيام ’’نحن بحاجة للمساعدة. نحن بحاجة إلى التعليم لشعبنا ونقل التكنولوجيا. قد نوصم بإرهابيين، لكننا شعب لديه تاريخ عريق حيث عشنا قبل 10 آلاف عام في أريحا. نريد أن نظهر الجانب الإنساني للفلسطينيين‘‘. ولتحقيق هذه الغاية، يشير صيام إلى أن سفارته تمد أواصر التواصل الاجتماعي في اليابان، حيث تشارك نصائح عن المطبخ الفلسطيني على تطبيق ’’لاين‘‘ وتستضيف فعاليات موسيقية وأفلام وبازارات ووسائل أخرى للوصول إلى المواطن الياباني العادي.

’’قدمت اليابان للفلسطينيين حوالي 1.8 مليار دولار كمساعدات على مر السنين لتمويل المستشفيات والمراكز التعليمية والثقافية. لقد فعلوا للفلسطينيين أكثر من معظم الدول الأخرى‘‘. كما يشير صيام إلى أن المساعدات اليابانية لمصر والأردن ولبنان وسوريا وأماكن أخرى في العالم العربي كانت موضع ترحيب كبير أيضا. ’’لكن نقص المعلومات حول هذا -في اليابان وأماكن أخرى- يرجع إلى اليابانيين. فاليابانيون لا يجرون دعاية بالقدر الكافي. يتعين عليهم حقا الاستثمار في هذا‘‘.

ويشير صيام إلى أن هذا النهج البطيء والمتأني يمتد إلى التصدير الثقافي لليابان. ’’أخذت كوريا الجنوبية مكانتها في العقل الشعبي في أنحاء العالم العربي بهامش واسع في مجالي السينما والتلفزيون. بينما تستغرق اليابان وقتا لترجمة محتواها لأسواق أخرى‘‘. ويوصي السفير صيام بأن تتجاوز اليابان فكرة أنها بعيدة جغرافيا، فهي أقرب من الكثير من الوجهات في الولايات المتحدة، وأن تقول بثقة للعالم العربي ’’ها نحن. نحن اليابان، صديق جيد لكم‘‘. ويختم حديثه بالقول إن اليابان لطالما كانت صديقة جيدة لمن هم بحاجة للمساعدة.

(المقالة الأصلية مكتوبة باللغة الإنكليزية استنادا إلى مقابلة أجريت في 18 مايو/أيار عام 2021 عن طريق فريق التحرير في Nippon.com. صورة العنوان: غارة جوية إسرائيلية دمرت برج الجلاء الذي كان يضم مكتبي قناة الجزيرة ووكالة أسوشيتد برس اللتين غطيتا العمليات في غزة، في 15 مايو/أيار. حقوق الصورة لإيه إف بي/جيجي برس)

العلاقات الدولية العلاقات اليابانية الأمريكية الحكومة اليابانية