الاحتفال بمرور 9 قرون على إنشاء قاعة معبد تشوسونجي الذهبية

تاريخ اليابان

تم بناء معبد تشوسونجي في بلدة هيرايزومي بمحافظة إيواتي قبل 900 عام. أحد المعارض المتحفية في طوكيو يقدم طرقًا جديدة تمامًا لمشاهدة الكنوز التي لا تقدر بثمن من هذا الموقع الرائع الواقع في أقصى شمال اليابان.

إعادة النظر في أمجاد عشيرة فوجيوارا الشمالية

تم تشييد القاعة الذهبية للمعبد البوذي تشوسونجي، المصنف ككنز وطني، في عام 1124 على يد فوجيوارا نو كيوهيرا، زعيم عشيرة أوشو فوجيوارا القوية في مقاطعة موتسو. وقد قاد كيوهيرا، من عائلة فوجيوارا الشمالية في كيوتو، وابنه موتوهيرا، وحفيده هيديهيرا، ازدهار وتقدم الثقافة الشامخة في هيرايزومي (في ما يعرف الآن بمحافظة إيواتي) لمنافسة العاصمة كيوتو، وذلك اعتمادًا على الثروة التي جُمعت من خلال تعدين الذهب.

وكان زعيم العشيرة من الجيل الثالث، هيديهيرا، معروفًا بتقديم الحماية للقائد العسكري ميناموتو نو يوشيتسونى، الذي فر إلى هيرايزومي بعد الصراع مع أخيه الأكبر كاجيوارا كاغيتوكي. لكن ياسوهيرا، الذي أصبح زعيم العشيرة بعد وفاة هيديهيرا، تجاهل رغباته عند الموت وشن هجومًا على يوشيتسونى، مما أدى في نهاية المطاف إلى هزيمته وانتحاره. وبالتبعية أخذت عشيرة فوجيوارا الشمالية تتجه نحو الدمار على يد قوى كاغيتوكي الجبارة، مما أدى إلى نهاية قرن من الرقي والعظمة.

ومع ذلك يبقى ما هو رائع وذو قيمة حقيقية. حيث تعتبر القاعة الذهبية واحدة من أروع الأمثلة على العمارة الآميدية (بوذية الأرض الطاهرة) من حقبة هيآن (794-1185) إلى جانب قاعة فينيكس في معبد بيودوئن في بلدة أوجي بكيوتو، وهي أقدم مبنى قائم في منطقة توهوكو بشمال اليابان. وفي عام 1951، أصبح المبنى الأول الذي تم تصنيفه ككنز وطني ياباني، وبعد ذلك، تم تصنيف أكثر من 3,000 قطعة في هيرايزومي على أنها كنوز وطنية أو ممتلكات ثقافية مهمة.

والقاعة المبهرة مزينة بالذهب من الداخل والخارج، ومزينة بزخارف من عرق اللؤلؤ، مما يخلق تجسيدًا لأرض أميتابها (اسم بوذا في التقاليد البوذية الشرقية) الطاهرة في عالمنا.

وبالإضافة إلى إظهار روعة شمال فوجيوارا، تعد القاعة الذهبية أيضًا المثوى الأخير لقادتها. وهي أحد المواقع الخمسة المسجلة ضمن التراث العالمي لليونسكو في عام 2011 تحت عنوان هيرايزومي - المعابد والحدائق والمواقع الأثرية التي تمثل الأرض البوذية الطاهرة.

السقف الواقي لمعبد تشوسونجي مكسو بالثلوج الشتوية. (© معبد تشوسونجي)
السقف الواقي لمعبد تشوسونجي مكسو بالثلوج الشتوية. (© معبد تشوسونجي)

الجزء الخارجي من القاعة الذهبية لمعبد محافظة إيواتي، وهو من الكنوز الوطنية. (© معبد تشوسونجي)
الجزء الخارجي من القاعة الذهبية لمعبد محافظة إيواتي، وهو من الكنوز الوطنية. (© معبد تشوسونجي)

التماثيل البوذية القيمة

القاعة الذهبية تقع في مواجهة الشرق. وفي الداخل، يوجد ثلاثة ”شوميدان“ (محارب أو مذابح مزخرفة توضع فيها التماثيل البوذية)، وتحتوي على توابيت تحمل رفات القادة الأربعة العظماء لعشيرة فوجيوارا الشمالية. ومن المعتقد أن نعش فوجيوارا نو كيوهيرا موجود في التابوت المركزي الأكثر أهمية.

ويعرض المعرض الذي يستمر حتى 14 أبريل/ نيسان 2024 في متحف طوكيو الوطني التماثيل البوذية الإحدى عشر، وجميعها كنوز وطنية مُصنفة، والمحفوظة في وسط القاعة الذهبية (الموضحة في صورة الموضوع أعلاه). وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها عرض جميع التماثيل معًا خارج المعبد.

ويصور أحد التماثيل ”أميدا“، أو بوذا أميتابها، جالسًا ويداه مشبوكتان في الوضعية التي يطلق عليها ”دهيانا مودرا“، في دلالة على التأمل، ومحاط باثنين من تماثيل الـ ”بوديساتفاس“ الواقفة، وهما ”كانّون“ (أفالوكيتسفارا) و”ديسيشي“ (ماهاستامابرابتا). وتتميز التماثيل الثلاثة، المطلية بأوراق الذهب من الداخل والخارج، بخدود ممتلئة مميزة، وتماسك هادئ وراقي.

ومن المحتمل أنهم شغلوا المساحة الموجودة في المذبح المركزي منذ بناء المعبد. فإذا كان تاريخ هذه التماثيل يعود إلى زمن بناء المعبد على يد كيوهيرا، فهي على قدم المساواة مع تلك التي صنعها حرفيو التماثيل البوذية المهرة في كيوتو في تلك الحقبة، مما يمنحنا نظرة ثاقبة على المستوى الرفيع للثقافة التي تحققت في عهد بلدة هيرايزومي.

يعتبر تمثال أميتابها بوذا والتمثالان المجاوران له من الكنوز الوطنية اليابانية. (© معبد تشوسونجي)
يعتبر تمثال أميتابها بوذا والتمثالان المجاوران له من الكنوز الوطنية اليابانية. (© معبد تشوسونجي)

تماثيل ”جيزو“ والملكان السماويان

تمثال أميدا وتمثالي الـ بوديساتفا مصحوبان بثلاثة تماثيل واقفة لـ ”جيزو“ أو (بوديساتفا كشيتيغاربها) على كل جانب. ويُعتقد أن هذه المجموعة من تماثيل جيزو تمثل الاعتقاد المعاصر بالصلاة من أجل الخلاص من دائرة التناسخ اللانهائية عبر الـ ”روكودو“، أو ”العوالم الستة“، حيث تتجسد الكائنات من جديد بناءً على الكارما المرتبطة بأفعالهم في الحيوات السابقة.

ويتم أيضًا عرض تمثالين مذهلين لـ ”جيكوكوتين“ (درتاراسترا) و ”زوجوتن“ (فيروداكا)، وهما آلهة بوذية تم تصويرهما ملتويان عند الخصر وأذرعهما مرفوعة، بأسلوب كاماكورا الديناميكي المميز. وهناك أيضًا زخارف بوذية منقوشة بهئية ”كالافينكا“، الطائر الخيالي المغرد في أرض أميتابها الطاهرة، وله رأس إنسان وجسم طائر.

تعتبر تماثيل فيروداكا (على اليسار) ودرتاراسترا (على اليمين) كذلك من الكنوز الوطنية. (© معبد تشوسونجي)
تعتبر تماثيل فيروداكا (على اليسار) ودرتاراسترا (على اليمين) كذلك من الكنوز الوطنية. (© معبد تشوسونجي)

إعادة الإبداع الرقمي للأرض الطاهرة

يتميز المعرض في متحف طوكيو الوطني بإعادة إنشاء القاعة الذهبية بارتفاع 4 أمتار وعرض 7 أمتار، باستخدام رسومات فائقة الدقة تم إنشاؤها بواسطة كمبيوتر بدقة K8 استنادًا إلى بيانات التماثيل الخاصة بالمعبد من الداخل.

صورة المتحف لموقع إيواتي. (© هيئة الإذاعة والتلفزيون اليابانية إن إتش كيه)
صورة المتحف لموقع إيواتي. (© هيئة الإذاعة والتلفزيون اليابانية إن إتش كيه)

وقد تم تطوير هذا بناءً على أرشيف رقمي طورته هيئة الإذاعة والتلفزيون اليابانية (إن إتش كيه) بالتعاون مع متحف طوكيو الوطني والذي يلتقط بشكل شامل الديكور الخارجي والداخلي والتماثيل البوذية، ويعرض نسخًا حقيقية من الأشياء الفعلية. ويتم تحقيق ذلك من خلال عرض أكثر من 10000 صورة ثابتة عالية الوضوح بدقة (9504 × 6336 بكسل). وتم إنشاء صور (CG) ثلاثية الأبعاد باستخدام تقنية التصوير المساحي، والتي تستخدم صورًا مأخوذة من زوايا متعددة. وبالإضافة إلى ذلك، تم استخدام ماسح ضوئي ثلاثي الأبعاد لقياس القاعة الذهبية وتماثيلها البوذية من أجل إنشاء أدق تصوير ممكن للأشكال الفعلية.

وفي الوقت الحاضر، لا يمكن رؤية القاعة الذهبية الحقيقية في محافظة إيواتي إلا من خلال لوحة زجاجية. ولكن من خلال قوة التكنولوجيا الجديدة، يعيد هذا المعرض خلق مجد هذه الأعجوبة، مما يمنح الزائرين فرصة التعرف عن قرب على الأرض الطاهرة في شمال اليابان.

(النص الأصلي نُشر باللغة اليابانية. والترجمة من اللغة الإنكليزية. التقرير والمادة النصية من موقع Nippon.com. صورة الموضوع: المذبح المركزي للقاعة الذهبية لمعبد تشوسونجي. © معبد تشوسونجي)

ثقافة فن تاريخ اليابان