”نساء المتعة“ وأمل في الوصول لتسوية مرضية وسط احتدام الصراع السياسي بين كوريا الجنوبية واليابان

سياسة

سيؤول (رويترز) - في مواجهة المرض والموت وخيبة الأمل، تقضي الناجيات الباقيات ممن يعرفن بـ ”نساء المتعة“ اللائي تتضاءل أعدادهن بسرعة في كوريا الجنوبية الأيام الأخيرة في حياتهن في ظل أجواء من الوحدة وانعدام الرغبة في خوض معارك سياسية.

هناك حاليًا 14 امرأة فقط على قيد الحياة من أصل 240 ناجية مما يعرف يسمى الاستعباد الجنسي والعمل القسري في بيوت الدعارة من قبل الجيش الياباني خلال فترة الحرب العالمية الثانية. ويمثل هذا ما يقارب من نصف عددهن قبل ثلاث سنوات فقط.

وتلطخت سمعة إحدى المنظمات الكبرى التي طالما دافعت عنهن بسبب فضيحة فساد العام الماضي، وفي أبريل/ نيسان رفضت محكمة كورية جنوبية دعوى قضائية أقامتها بعض النساء ضد طوكيو.

وقد أدى ذلك إلى انقسام النساء أكثر من أي وقت مضى حول ما إذا كان عليهن الاستمرار في السعي للحصول على تعويض واعتذار أكبر من الحكومة اليابانية، وهي قضية ساعدت في توتر العلاقات بين سيؤول وطوكيو وجلبت معها تمحيصًا شديدًا وجدلًا كبيرًا.

قالت لي أوك سون، 91 سنة، التي تلازم الفراش منذ سنوات: ”أتمنى فقط أن أعيش بسلام ليوم واحد“.

وكانت طوكيو قد أصدرت اعتذارًا رسميًا وقدمت مليار ين (9.3 مليون دولار) لصندوق يساعد ضحايا ”لنساء المتعة“، بموجب اتفاق أبرمته عام 2015، مع تعهد كلا الجانبين بإنهاء النزاع ”بشكل لا رجعة فيه“، لكن كوريا الجنوبية تراجعت فعليًا عن الاتفاق بعد تصريح بعض الضحايا إنه تم تجاهل مطالبهن.

ويقدر بعض المؤرخين أن ما يصل إلى 200 ألف فتاة وامرأة كورية أجبرن على ممارسة الجنس من قبل القوات اليابانية خلال الحقبة الاستعمارية، بحجة التوظيف أو لسداد ديون أحد الأقارب في بعض الأحيان.

ويقول تشو يونغ كون، مدير دار الإقامة المشتركة، التي استخدمت كمأوى للناجيات من كبار السن منذ 26 عامًا، لا ينبغي نسيان معاناة ضحايا نساء المتعة.

وقال: ”وُلدت معظم الجدات في عشرينيات القرن الماضي وعدد من لا يزلن منهن على قيد الحياة في سائر أنحاء البلاد، يتجاوز العشر سيدات بقليل“. و”أخشى أن مثل هذه الروايات عن تجربتهن ستختفي في غياهب التاريخ مع موت العدد المتبقي منهن“.

وما زالت النساء الثلاث اللواتي تحدثن إلى رويترز يقاومن البكاء عندما يتذكرن المعاناة الماضية التي مر عليها أكثر من ثمانية عقود.

وقالت كانغ ايل تشول (92 عاما) وهي تشير إلى ندوب في مؤخرة رأسها ”لقد عاملوا الكوريين معاملة أسوأ من الكلاب. لقد قاموا بركلي وضربي“.

”إنهاء الصراع“

وتعد قضية ”نساء المتعة“، وهو مصطلح يطلق على النساء اللائي أجبرن على العمل في بيوت الدعارة خلال الحرب العالمية الثانية، عنصرًا أساسيًا في السياسة الكورية الجنوبية منذ أن تقدمت الناشطة الحقوقية كيم هاك سون في عام 1991 للإدلاء بشهادتها علنًا عن تجربتها لأول مرة.

ومنذ ذلك الحين، مارس الضحايا والنشطاء ضغوطًا للحصول على تعويضات واعتذارات من الحكومة اليابانية.

وخلص تقرير حقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة عام 1996 إلى أن النساء كن ضحايا ”للاستعباد الجنسي العسكري“. وتعترض اليابان على هذه النتيجة، ولم تتناول اتفاقية التعويضات لعام 2015 بينها وبين كوريا الجنوبية مسألة ما إذا كان الإكراه سياسة ممنهجة من الإمبريالية اليابانية آنذاك.

في عام 2018، أغلقت حكومة كوريا الجنوبية صندوقًا للتعويضات تم إنشاؤه بموجب اتفاق 2015 وتعهدت باتباع نهج ”أكثر مراعاة للضحايا“، وهي خطوة قالت اليابان إنها تهدد العلاقات بين البلدين.

ولم تستجب وزارة الخارجية اليابانية على الفور على طلبات رويترز للتعليق على هذا المقال.

ويقول البعض أن الصراع لم ينته بعد. وتستنكر لي أوك سون مشاركة كوريا الجنوبية في أولمبياد طوكيو.

فتقول لي، التي تذكر إنها نُقلت قسراً إلى بيوت دعارة يابانية في سن 16، ”لا يجب أن نذهب للمشاركة. ما الهدف من الذهاب؟ لا ينبغي أن يذهب الكوريون للمشاركة“.

وكانت الضحية والناشطة البارزة لي يونغ سو، 92 عامًا، من بين أولئك اللاتي رفضن صفقة 2015، وتعهدت بالسعي للحصول على حكم من محكمة العدل الدولية.

وتقول لي: ”أتمنى أن يطول بي الزمان حتى أصل لحل، لكنني أعلم أن هذا لن يحدث. ولكني مصممة على ألا أموت قبل أن أحل هذه القضية. يحتاج الأمر أن أظل على قيد الحياة لمدة تصل إلى 200 عام أخرى لحل هذا الأمر“.

(من إعداد سانغمي تشا، كتابة جوش سميث، تحرير جيري دويل، النص الأصلي باللغة الإنكليزية، الترجمة من إعداد nippon.com)

 

إحدى ضحايا نساء المتعة
إحدى ضحايا ”نساء المتعة“ الكورية الجنوبية لي أوك سون تتحدث خلال مقابلة مع رويترز في دار الإقامة المشتركة في مدينة غوانغجو، مقاطعة غيونغي، كوريا الجنوبية، 4 مايو/ أيار 2021. رويترز/ هيوران.

إحدى ضحايا نساء المتعة
إحدى ضحايا ”نساء المتعة“ الكورية الجنوبية تقف لالتقاط الصور أمام النصب التذكاري في سول لنساء المتعة، سول، كوريا الجنوبية، 29 يونيو/ حزيران 2021. رويترز/ كيم هونغ جي.

”إحدى
إحدى ضحايا “نساء المتعة” الكورية الجنوبية، لي يونغ سو، تنظر إلى تمثال يرمز إلى “نساء المتعة” عند النصب التذكاري في سول لنساء المتعة، سول، كوريا الجنوبية، 29 يونيو/ حزيران 2021. رويترز/ كيم هونغ جي.

”
إحدى ضحايا “نساء المتعة” الكورية الجنوبية كانغ إيل تشول تتحدث خلال مقابلة مع رويترز في دار الإقامة المشتركة في مدينة غوانغجو، مقاطعة غيونغي، كوريا الجنوبية، 4 مايو/ أيار 2021. رويترز/ هيوران.

” إحدى
 إحدى ضحايا “نساء المتعة” الكورية الجنوبية، لي يونغ سو، تمسك بيد تمثال يرمز إلى “نساء المتعة” عند النصب التذكاري في سول لنساء المتعة، سول، كوريا الجنوبية، 29 يونيو/ حزيران 2021. رويترز/ كيم هونغ جي.

 

 

 

 

 

 

كوريا الجنوبية الحرب الصينية اليابانية الحرب العالمية الثانية نساء المتعة