ارتفاع أسعار السلع الأساسية في اليابان يؤرق شريحة كبيرة من المجتمع

 طوكيو (رويترز) -خلال 50 عاما قضاها في إدارة مقهى في طوكيو، لا يتذكر شيزو موري وقتاً كانت فيه إمدادات القهوة عالية التكلفة كما هو الحال الآن.

يقول الرجل البالغ من العمر 78 عامًا، والذي يمتلك مقهى Heckeln وهو مقهى قديم في منطقة تورانومون التجارية في طوكيو، إن تكلفة الجملة لمنتجه الرئيسي ارتفعت بنسبة 5% خلال الأشهر الثلاثة الماضية.

لا شك أن هذا أمر سيء لا سيما في بلد أدى ضعف النمو الاقتصادي فيه إلى ثبات أسعار العديد من الأشياء بما في ذلك الأجور التي لم ترتفع كثيرًا منذ عقود.

على الرغم من أنه لم يعمد إلى إضافة تلك الزيادة على سعر قهوته بعد، حيث أن سعر كوب القهوة في متجره الصغير 400 ين (3.50 دولار)، إلا أن ضغوط الأسعار تؤثر كثيراً على صافي أرباحه، وهو يعلم في نفس الوقت أن زبائنه لا يمكنهم تحمل مثل هذه الزيادات.

يقول موري، الذي يشتهر متجره ببيع بودنج صوص الكراميل وشرائح التوست المحمص بالزبدة وشطائر لحم الخنزير والبيض: ”لا يتقاضى الموظفون رواتب كبيرة، لذلك سيتوقف الجميع عن شرب القهوة إذا كانت الأسعار مرتفعة للغاية“.

في جميع أنحاء اليابان، يعاني المستهلكون وأصحاب الأعمال مثل مقهى هيكلن للحصول على كل شيء بدءًا من القهوة وأطباق لحم البقر وغيرها من العناصر التي بالكاد تحركت أسعارها خلال عقود من الانكماش في البلاد.

لقد توقف التضخم الاستهلاكي الأساسي في اليابان، الذي يستثني أسعار المواد الغذائية الطازجة، عن الانخفاض في أغسطس/ آب، لتنتهي بذلك فترة انكماش استمرت 12 شهرًا. يتوقع الاقتصاديون وصانعو السياسة أن يروا ارتفاعات الأسعار الأخيرة تنعكس في البيانات الرسمية في الأشهر المقبلة.

على الرغم من أن معدل التضخم في اليابان لا يزال متواضعاً بالمعايير العالمية، إلا أن ارتفاع تكاليف المواد الخام قد جعل من المستحيل تقريبًا على الشركات التي تعمل في ثالث أكبر اقتصاد في العالم عدم التخلي عن ارتفاع أسعار الجملة، وهو أمر قاومته طويلاً خوفًا من خسارة الأعمال.

بالنسبة للشباب اليابانيين، الذين لا يتذكرون حدوث ارتفاع في الأسعار بهذا الشكل الكبير، تعتبر هذه خطوة وقحة خاصة وأن الأسر والعمال والشركات يكافحون للتخلص من التداعيات الاقتصادية السلبية الناجمة عن الوباء.

كما تقول يوكا أوراكاوا (23 عاما) التي تعمل في مجال التجميل وكانت ذاهبة لتناول عشاء معكرونة بالقرب من محطة يوراكوتشو بطوكيو ”إنه أمر مروع، الدخل لم يتغير والضرائب آخذة في الارتفاع. لقد أصبح الناس فقراء بشكل متزايد“.

مثل الكثيرين من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، لاحظت الزيادة في أسعار أطباق اللحم البقري في سلاسل المطاعم مثل Matsuya Foods.

في معظم منافذ بيعها، توقفت مطاعم ماتسويا عن بيع سلطتها ”الممتازة“ التي يبلغ سعرها 380 ين، وبدأت في تقديم أطباق عادية باستخدام مكونات أرخص مثل اللحم البقري المجمد والبصل الأخضر الصيني بنفس السعر.

كما قامت شركة Meiji Holdings، المصنعة لمنتجات الألبان، برفع أسعار الزبد الصناعي بنسبة تصل إلى 12.8%، وهي أول زيادة منذ عام 2008، كما رفعت شركات الأغذية الأخرى الأسعار على خطوط إنتاجها الرئيسية للمرة الأولى منذ سنوات.

على الرغم من أن هذا الاتجاه قد لا يكون محل ترحاب من قبل المستهلكين، إلا أنه قد يكون سبباً في دفع اليابانيين إلى إعادة النظر في الأسعار التي يدفعونها مقابل السلع الأساسية

تقول نوزومي يواسا (28 عاما) التي كانت تتناول العشاء بالقرب من محطة يوراكوتشو ولاحظت ارتفاعا في أسعار البيض ومنتجات الألبان والحلوى: ”يبدو أن أسعار اليابان كانت رخيصة للغاية لفترة طويلة جدًا مقارنة بالدول الأخرى“.

أظهر مسح الأعمال ربع السنوي الذي أجراه بنك اليابان ”تانكان“ هذا الشهر أن المزيد من الشركات تواجه ارتفاعًا في تكاليف المدخلات، ولكنها شهدت أيضًا ارتفاعًا في الأسعار التي تفرضها على العملاء.

في حين أن إنعاش أسعار المستهلكين الراكدة كان الهدف الرئيسي للبنك المركزي لسنوات، إلا أن استراتيجيته كانت القيام بذلك عن طريق تعزيز الطلب. ومن ناحية أخرى، فإن التضخم الناجم عن محدودية العرض غير مرحب به، خاصة إذا لم يقابله ارتفاع في الأجور.

وإدراكًا لحساسية الأسر تجاه ارتفاع الأسعار، تتعامل بعض الشركات بحذر مع هذا الأمر، إذ قالت شركة Aeon المحدودة أكبر شركة تجزئة في اليابان من حيث المبيعات، إنها لن ترفع أسعار حوالي 3000 منتج من المنتجات التي تحمل علامتها التجارية Topvalu هذا العام، وبدلاً من ذلك تسعى إلى إبقاء التكلفة منخفضة جزئياً عن طريق الشراء بالجملة.

يقول هيرواكي موتو، الاقتصادي المخضرم في شركة سوميتومو للتأمين على الحياة، إن ”وتيرة تعافي الطلب في اليابان بطيئة بسبب فيروس كورونا“.

”إذا كان هناك ارتفاع في الأسعار، فسيؤدي ذلك إلى انخفاض الطلب“.

(الدولار = 113.4900 ين)

(من إعداد دانيال لوسينك وليكا كيهارا، تحرير سام هولمز، النص الأصلي باللغة الإنكليزية)

 

 شيزو موري، صاحب مقهى هيكلن، يصب القهوة في فنجان بعد تخمير القهوة باستخدام ماكينة صنع القهوة Siphon في متجره بطوكيو، اليابان، 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2021. رويترز / كيم كيونغ هون.
شيزو موري، صاحب مقهى هيكلن، يصب القهوة في فنجان بعد تخمير القهوة باستخدام ماكينة صنع القهوة Siphon في متجره بطوكيو، اليابان، 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2021. رويترز / كيم كيونغ هون.

 شيزو موري، صاحب مقهى هيكيلن، يصنع السندويشات للعملاء في متجره بطوكيو، اليابان، 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2021. رويترز / كيم كيونغ هون.
شيزو موري، صاحب مقهى هيكيلن، يصنع السندويشات للعملاء في متجره بطوكيو، اليابان، 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2021. رويترز / كيم كيونغ هون.

 شيزو موري، صاحب مقهى هيكلن، يمكن رؤيته من خلال نافذة الباب بينما يخمر القهوة في متجره بطوكيو، اليابان، 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2021. رويترز / كيم كيونغ هون.
شيزو موري، صاحب مقهى هيكلن، يمكن رؤيته من خلال نافذة الباب بينما يخمر القهوة في متجره بطوكيو، اليابان، 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2021. رويترز / كيم كيونغ هون.

  انعكاس لمصباح على شكل جوهرة على السقف في فنجان قهوة في مقهى هيكلن لصاحبه شيزو موري بطوكيو، اليابان، 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2021. رويترز / كيم كيونغ هون.
 انعكاس لمصباح على شكل جوهرة على السقف في فنجان قهوة في مقهى هيكلن لصاحبه شيزو موري بطوكيو، اليابان، 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2021. رويترز / كيم كيونغ هون.

 شيزو موري، صاحب مقهى هيكلن يستعد لطحن حبوب البن في متجره بطوكيو، اليابان، 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2021. رويترز / كيم كيونغ هون.
شيزو موري، صاحب مقهى هيكلن يستعد لطحن حبوب البن في متجره بطوكيو، اليابان، 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2021. رويترز / كيم كيونغ هون.

 

الاقتصاد الحكومة اليابانية رويترز كيشيدا