أوكرانيا وروسيا تتفقان على ممرات للإجلاء وأمريكا تعاقب النخبة الحاكمة

منظر عام لمبنى سكني دمره قصف روسي على أوكرانيا في منطقة كييف يوم الخميس. تصوير: ماكسيم ليفن - رويترز.
منظر عام لمبنى سكني دمره قصف روسي على أوكرانيا في منطقة كييف يوم الخميس. تصوير: ماكسيم ليفن - رويترز.

من ماكسيم ليفن وبافيل بوليتيوك

بوروديانكا/لفيف (أوكرانيا) (رويترز) - اتفقت روسيا وأوكرانيا يوم الخميس على الحاجة إلى ممرات إنسانية لمساعدة المدنيين على الهروب من غزو موسكو المستمر منذ ثمانية أيام، في أول تقدم واضح في المحادثات بين البلدين، فيما فرضت الولايات المتحدة مزيدا من العقوبات الغربية على النخبة الروسية الحاكمة.

ويُعتقد أن الآلاف قد لقوا حتفهم أو أصيبوا في أكبر هجوم على دولة أوروبية منذ الحرب العالمية الثانية، وهو هجوم أدى إلى نزوح مليون لاجئ وتضرر الاقتصاد الروسي ومخاوف من صراع أوسع نطاقا في الغرب لم يكن أحد يتوقع حدوثه على مدى عقود.

وواصلت القوات الروسية محاصرة ومهاجمة المدن الأوكرانية بما في ذلك مدينة ماريوبول الساحلية الرئيسية في الشرق حيث انقطعت إمدادات الكهرباء والماء. ويقول مسؤولون إنهم عجزوا عن إجلاء المصابين.

وبعد محادثات في مكان لم يكشف عنه، أعلنت روسيا إحراز "تقدم كبير" بينما أشار الجانب الأوكراني إلى تفاهم حول مساعدة السكان العاديين، ولكن ليس النتائج التي كانت ترجوها كييف.

وقال ميخايلو بودولياك مستشار الرئيس الأوكراني إن وقفا مؤقتا للقتال في مواقع مختارة ممكن أيضا.

وأضاف "ليس في كل مكان وإنما في مناطق إقامة الممرات الإنسانية حيث سيكون من الممكن وقف إطلاق النار طوال مدة الإجلاء".

كما كان الجانبان متفقين بشأن توصيل الأدوية والمواد الغذائية إلى المناطق التي يدور فيها أعنف قتال. ونقلت وكالة أنباء بيلتا الرسمية في روسيا البيضاء عن بودولياك قوله إن المفاوضين سيجتمعون مرة أخرى الأسبوع المقبل.

رد الغرب على غزو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتقديم الدعم العسكري لأوكرانيا وتضييق الخناق الاقتصادي على الكرملين والروس. ومن تداعيات ذلك حتى الآن وقوف الروس في طوابير خارج البنوك وتراجع قيمة الروبل وخروج جماعي للشركات الأجنبية.

في علامة على اضطراب الأنشطة، دعت شركة لوك أويل، ثاني أكبر منتج للنفط في روسيا، إلى إنهاء الصراع في أقرب وقت ممكن معبرة عن قلقها إزاء "الأحداث المأساوية في أوكرانيا".

وأعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا يوم الخميس فرض مزيد من العقوبات على النخبة الحاكمة الروسية على خطى إجراءات من الاتحاد الأوروبي.

من ضمن هؤلاء الملياردير الروسي علي شير عثمانوف مؤسس شركة التعدين ميتالو إنفست الذي يرسو يخته الفاخر الذي تبلغ قيمته نحو 600 مليون دولار في حوض لبناء السفن في هامبورج بألمانيا. وقالت الهيئة الاقتصادية في المدينة إنه لا توجد خطط لتسليم اليخت لمالكه.

واستُهدف أيضا المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف بالعقوبات الأمريكية. وقال البيت الأبيض إن واشنطن ستفرض قيودا على تأشيرات دخول 19 من النخبة الحاكمة الروسية وأسرهم وشركائهم.

وقال الرئيس جو بايدن إن العقوبات أدت لتأثير بالغ بالفعل.

* مليون لاجئ

لا تزال أوكرانيا تسيطر على كييف ومدن رئيسية أخرى، لكن الأمم المتحدة قالت إن مليون شخص فروا حتى الآن، معظمهم يسعون للجوء إلى بولندا والدول الأخرى المجاورة في الغرب.

ومع استمرار القصف وضربات الصواريخ، طلبت الحكومة المزيد من المساعدة العسكرية وهو أمر تخشى بعض الدول أن يستفز روسيا ويصعد الصراع.

وكتب وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا على تويتر "كيف يمكن للشركاء الذين لم يزودوا أوكرانيا بعد بالطائرات الحربية أن يناموا بينما يجلس الأطفال في الأقبية تحت القصف؟" .

وحذرت الولايات المتحدة من أن الأزمة تمثل تهديدا للنظام العالمي القائم على القواعد.

واتفقت يوم الخميس مع الهند وأستراليا واليابان على ضرورة تجنب وضع مماثل في المحيطين الهندي والهادي حيث تتزايد المخاوف من تحرك الصين ضد تايوان.

لكن الصين، التي امتنعت عن تصويت لتوبيخ روسيا في الأمم المتحدة يوم الأربعاء، هي أكبر مساهم في البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية الذي قال يوم الخميس إنه علق جميع الأنشطة المرتبطة بروسيا وروسيا البيضاء.

ولم تصوت سوى روسيا البيضاء وإريتريا وسوريا وكوريا الشمالية بالرفض على مشروع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي ندد "بالعدوان" الروسي. وتجاهل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الإدانة العالمية وأشاد بجنوده ووصفهم بالأبطال.

وقال بوتين "أريد أن أقول إن العملية العسكرية الخاصة تسير بدقة طبقا للجدول الزمني".

يعتقد محللون عسكريون غربيون أن خطة القتال الروسية التي تهدف إلى تقدم سريع والاستيلاء على كييف قد تعثرت، مما دفع إلى تغيير في الأساليب.

فالقوة الهجومية الرئيسية، وهي رتل ضخم من الدبابات والمدفعية والدعم اللوجستي، متوقفة منذ عدة أيام شمالي كييف.

وفي واشنطن قال مسؤول دفاعي أمريكي إن القوات الروسية لا تزال على بعد 25 كيلومترا من وسط العاصمة الأوكرانية.

وأضاف أنهم أيضا خارج خاركيف، ثاني أكبر مدن أوكرانيا ويبلغ عدد سكانها 1.5 مليون نسمة، حيث دُمرت مساحات شاسعة وتحولت إلى أنقاض.

* "أعطني زجاجة مولوتوف"

لم يتضح مصير خيرسون، المدينة الساحلية الواقعة جنوبا على نهر دنيبرو. ودخلت الدبابات الروسية المدينة يوم الأربعاء وورد أنها القوات استولت عليها.

لكن المسؤول الأمريكي قال إن واشنطن تعتقد أن القتال ما زال جاريا وإنها ليست مستعدة لقول إن المدينة سقطت.

واعترفت روسيا بالفعل بمقتل ما يقارب 500 من جنودها. وتقول أوكرانيا إنها قتلت نحو تسعة آلاف منهم لكن تلك الأرقام لا يمكن التأكد منها.

ويقول محللون عسكريون إن تقدم روسيا شكل إخفاقا تكتيكيا، إذ تقتصر التشكيلات العسكرية المنظمة إلى حد ما على الطرق الرئيسية مع تحويل ذوبان الجليد في الربيع أراضي أوكرانيا لوحل.

ويقول مايكل كوفمان وهو خبير في شؤون الجيش الروسي في مركز ويلسون بواشنطن إن في كل يوم تقبع فيه القوات الرئيسية المخصصة للهجوم عالقة على طريق سريع شمالي كييف تتدهور أوضاعها.

أعلنت خدمات الطوارئ في منطقة تشيرنيهيف بشرق البلاد انتشال 33 جثة من تحت أنقاض خلفتها غارة جوية روسية. وفي وقت سابق، قال الحاكم فياتشيسلاف تشاوس إن ما لا يقل عن تسعة أشخاص قتلوا في غارة جوية استهدفت منازل ومدرستين.

وتعرضت سفينتا شحن لهجوم على ما يبدو في الموانئ الأوكرانية. وجرى إنقاذ ستة من أفراد طاقم سفينة مملوكة لإستونيا غرقت بعد انفجار قبالة أوديسا. وقتل فرد واحد على الأقل من طاقم سفينة من بنجلادش في أوليفيا جراء انفجار.

وفي بوروديانكا، وهي بلدة صغيرة تقع على بعد 60 كيلومترا شمال غربي كييف حيث تصدى السكان المحليون لهجوم روسي، تناثرت هياكل مدرعات روسية محترقة تماما على الطريق السريعة المحاطة بمبان حولها القصف إلى أطلال.

وقال رجل في شقة كان يحتمي بها مع أسرته "بدأوا إطلاق النار من ناقلة جند مدرعة خاصة بهم باتجاه الحديقة أمام مكتب البريد"، في إشارة إلى ناقلة جند مدرعة روسية.

وأضاف "ثم أطلق هؤلاء الأوغاد قذائف من دبابة وبدأوا في إطلاق الرصاص على متجر كبير كان محترقا بالفعل. واشتعلت فيه النيران مجددا".

وتابع "جرى مُسن إلى الخارج كالمجنون وهو مذهول وقال 'أعطني زجاجة مولوتوف! سأشعل النار في ناقلة الجند المدرعة!... أعطني بعض البنزين وسنصنع زجاجة مولوتوف ونحرق الدبابة!".

(إعداد دعاء محمد للنشرة العربية)

(c) Copyright Thomson Reuters 2022. Click For Restrictions -
https://agency.reuters.com/en/copyright.html

رويترز