اعترافات ضحية ستوكار يطارد النساء!

مجتمع

في مايو/ أيار من العام الجاري، نشرت أوتشيزاوا جونكو كاتبة المقالات الحائزة على الجوائز، كتاب سوتوكا تو نو 700 نيتشي سينسو (حربي ذات السبعمائة يوم مع مطارد) الذي يحوي وصفًا مفصلًا لنضالها الشخصي والقانوني مع شخص كانت تربطها به علاقة مضت بشكل خاطئ. ولقد تحدثت إلينا بصراحة عن الدروس التي تعلمتها من تجربتها وأسباب نشرها للجمهور.

أوتشيزاوا جونكو UCHIZAWA Junko

الكاتبة والرسامة. ولدت عام 1967 في محافظة كاناغاوا. ولها العديد من المؤلفات، منها سيكاي نو توتشيكو كيكوو (رحلة إلى مجازر العالم) وكارادا نو إيناري (تحت رحمة الجسد)، الحائز على جائزة مقالات كودانشا للعام 2011.

في عام 2014، قامت الكاتبة أوتشيزاوا جونكو بتوديع حياة المدينة وانتقلت إلى شودوشيما المثالية في محافظة كاغاوا، وهي جزيرة ساحلية معروفة بجمالها الطبيعي وبساتين الزيتون الموجودة بها. وعاشت لمدة عامين وعملت هناك في سلام مع عنزتها الأليفة، يحيط بها الأصدقاء والجيران. ثم تحول من كان صديقها إلى مطارد لها وقلب حياتها رأسًا على عقب.  بالاعتماد على كتابها الأخير، كتاب سوتوكا تو نو 700 نيتشي سينسو (حربي ذات السبعمائة يوم مع مطارد)، تناقش أوتشيزاوا رد فعلها الذي أصابها بالذعر والقيود التي يفرضها تعامل اليابان الحالي مع مشكلة المطاردين.

علاقة مضت في الاتجاه الخاطئ

تعرفت أوتشيزاوا، على ”أ“، المقيم بمحافظة كاغاوا، على أحد مواقع التعارف عبر الإنترنت. وكانا يتقابلا لمدة ثمانية أشهر تقريبًا، لكن أوتشيزاوا وجدت "أ" مزاجي ومتعجرف للغاية، وأصبحت العلاقة مشحونة بشكل متزايد. وبحلول ربيع عام 2016، كانت تبحث عن مخرج. ولكن يبدو أن ”أ“ أستشعر شيئًا ما خاطئًا، وطلب زيارتها في شودوشيما. ولكن عندما أخبرته أنها مشغولة جدًا بالعمل، غمرها بمكالمات هاتفية، رغم أن رسائلها كانت تطلب منه التوقف.

بالنسبة لأوتشيزاوا، كانت تلك هي القشة التي قصمت ظهر البعير. ومع ترددها في مقابلة ”أ“ شخصيًا، عادت إلى طريقة التواصل المفضلة لديهم، وهي تطبيق الفيسبوك ماسينجر، لتشرح له قرارها بالانفصال.  ولكنه ضللها بالاعتذارات المطولة ووعد بالتغيير.  إلا أنها أخبرته أنها لا يمكن أن تتسامح مع ”سلوكه الذي يشبه المطاردة“ (الذي كانت قد مررت به في الماضي) وأنها ستذهب إلى الشرطة إذا استمر في مضايقتها.

وكان ذلك على ما يبدو، هو بالضبط ما لم يكن عليها قوله. وتتذكر أوتشيزاوا، إن كلمات مثل ” المطارد “و” الشرطة “، جعلت ”أ“ يستشيط غضبًا. وبدأ يهددها بالظهور في شودوشيما، والاتصال بصديقاتها وزملائها، والتأكد من أن كل شخص تحبه وتحترمه يعرف مدى وضاعة شخصيتها.

تحرك الشرطة

أصبحت أوتشيزاوا تشعر بقلق بالغ، لذلك طلبت مشورة قسم السلامة المجتمعية في مخفر الشرطة المحلي.  حيث قاموا بتمرير المعلومات التي قدمتها لهم لقسم التحقيقات الجنائية، الذي تأكد سريعًا من أن ”أ“ له ملف جنائي لدى الشرطة وأنه يستخدم اسم مستعار. غادرت أوتشيزاروا، الشرطة في حالة من الذهول وقد أصيبت بصدمة عميقة.

عجلت أوتشيزاوا بجمع أشياءها والانتقال إلى مساكن مؤقتة في صباح اليوم التالي، حيث توقعت وصول وشيك لـ ”أ“ إلى شودوشيما. وما لبث ”أ“ أن أعلن وصوله بعد فترة وجيزة.

في هذه المرحلة، بدأت أوتشيزاوا تخشى على سلامتها وتحتاج الحماية، لكنها كانت قلقة أيضًا من أن إشراك الشرطة بشكل فعّال سيؤدي إلى اشتعال غضب ”أ“. وتقول ”كنت آمل في أمر تقييدي بموجب قانون مكافحة الملاحقة الجديد [الذي صدر عام 2000]. وكان من شأن ذلك أن يجبره على الحفاظ على الابتعاد أو المخاطرة بتعرضه للاعتقال“. ولكن لسوء الحظ، بينما امتد التعريف القانوني للمطاردة في ذلك الوقت، ليشمل البريد الإلكتروني، لم يشمل الاتصالات عبر وسائل التواصل الاجتماعي. فقد تم تعديل القانون لاحقًا ليشمل وسائل التواصل الاجتماعي في عام 2017، لكن التغيير جاء متأخراً للغاية لمساعدة أوتشيزاوا.

رفعت أوتشيزاوا شكوى بتهمة الترهيب، لشعورها بعدم وجود وسائل أخرى لحماية نفسها.  وبينما كانت مترددة بعض الشيء، أخبرتها الشرطة أنه لا عودة مما أقدمت عليه.

متابعة المحامون للقضية

بعد إلقاء القبض على ”أ“ بتهمة الترهيب، التقت أوتشيزاوا مع المدعي العام ومحامي ”أ“، لمناقشة خياراتها. وأوصى المدعي العام بإسقاط التهم، والتراجع، وانتظار تطور الأشياء بشكل أكبر. ومن ناحية أخرى، بدا المحامي - حريصًا على متابعة التسوية خارج المحكمة.  فقامت أوتشيزاوا باستشارة محامي أوصى به صديق.  ولكن المحامي بدوره أبدى القليل من التعاطف مع محنتها.

تقول أوتشيزاوا: ”المحامون خبراء في القانون، ولكن لسوء الحظ، ليسوا جميعًا خبراء في التواصل“.  تقدمت المفاوضات بين المحاميين بفرصة ضئيلة للغاية تسمح بتدخل من أوتشيزاوا ”كان يجب عليّ أن أصرّ على الحديث بوضوح مع محامي قبل كل شيء، لكن بصراحة، كنت قد بلغت مدى طاقتي، وأردت حقًا فقط أن أنتهي من الأمر.  من ناحية أخرى، كان يمكن للمحامي على الأقل أن يحثني على النظر في خياراتي المتاحة بموضوعية، مع الأخذ في الاعتبار العواقب المحتملة لهذا الإجراء أو ذاك “.

طلبت أوتشيزاوا، التي اعتادت على استخدام تجاربها الخاصة كمادة خام في كتابتها، منذ البداية السماح لها بالكتابة عن محنتها كضحية للمطاردة، وإن كان ذلك بطريقة تحمي هوية ”أ“، لكن محامي أوتشيزاوا قدم لها اتفاقًا يمنعها من الكشف عن أي معلومات تتعلق بالقضية في مقابل استصدار أمر بتقييد الطرف الآخر.

”في تلك المرحلة، ربما كان ينبغي أن أرفض الأمر فورًا، بمجرد رفض التوقيع. ولكن هذا كان يعني الحصول على محام جديد وتجاوز كل التفاصيل المتعبة مرة أخرى مع شخص آخر، بداية من أول تواصل بيننا من خلال موقع التعارف إلى كل تلك الرسائل المهينة. وهو ما لم أرتضيه لنفسي.“

وافقت أوتشيزاوا على التسوية، بعد أن سيطر عليها الشعور بالعجز. وتم إسقاط التهم الموجهة ضد ”أ“.

التعرض للمضايقات من جديد

أثناء التفاوض على التسوية، غيرت أوتشيزاوا مكان إقامتها بشكل دائم، إلا أنها بقيت في شودوشيما.  شعرت بالرعب من أن يعلم ”أ“ مكان وجودها بطريقة ما، لذا شعرت أنها مضطرة للتحرك في جوف الليل، دون إخبار جيرانها إلى أين تذهب. حتى أنها بدلت سيارتها مقابل سيارة نصف نقل بيضاء غير واضحة المعالم.  وعملًا بنصيحة الشرطة، أغلقت أيضًا حسابها على فيسبوك. وغيره من حسابات وسائل التواصل الاجتماعي، باستثناء تطبيق المراسلة اليابانية لاين. ولم تكن أوتشيزاوا نشطة على المنصة، لذل نسيت إغلاق الحساب.

بعد ستة أشهر تقريبًا من الوصول إلى التسوية، استأنف ”أ“ المطاردة عبر الإنترنت، وأرسل رسائل عبر تطبيق لاين، ونشر تعليقات مقنّعة على 2channel، وهو منتدى ياباني كبير غير خاضع للإشراف حيث يمكن للمستخدمين غير المسجلين النشر دون الكشف عن هويتهم). وبدا غافلاً عن العواقب. وتقول أوتشيزاوا: ”إن ما غاظني حقًا هو موقفه المتمثل في أنه يمكنني المضي قدمًا في مقاضاته على انتهاكه لخصوصيتي، دون أن يؤثر فيه ذلك لكونه تحت الرعاية الاجتماعية وليس لديه الأموال الكافية لدفع الغرامة المالية. ولقد أغضبني هذا حقًا. وزادني ذلك إصرارًا على محاربته بكل الوسائل التي أملكها“".

من خلال قراءة الرسائل، أخبرت الشرطة أوتشيزاوا أنها تشكل مضايقات لكنها لم ترتقي إلى مستوى الترهيب الذي يعاقب عليه جنائيًا وبالتالي لا يستحق الأمر تدخل الشرطة.  لقد نصحوها بالاحتفاظ بحساب لاين الخاص بها مفتوحًا والاحتفاظ بمحتوى رسائل”أ“ في النهاية، وكان المحتوى الجنسي لمشاركاته على القناة الثانية هو الذي فتح الباب أمام التهم الجنائية ضده.

وفي النهاية، أدين ”أ“ بتخويف وتشويه شخصيتها وحكم عليه بالسجن لمدة 10 أشهر وبمساعدة من الشرطة ومحاميها والمدعي العامي، تمكنت أوتشيزاوا أخيرًا من التغلب على مطاردها في محاكمة قانونية. لكن بالنظر إلى الوراء، تأسف للطريقة التي تمت بها معالجة الوضع برمته.

المطاردة كعرض للاضطراب عقلي

في أعقاب نوبة المضايقة الثانية، قامت أوتشيزاوا ببعض الأبحاث في ظاهرة المطاردة. واتصلت أيضًا بمستشارة محترفة، كوباياكاوا أكيكو، التي قدمت لها بعض الأفكار المهمة في علم النفس حول شخصية المطارد. وعلمت أوتشيزاوا أن المطاردة هي غالبًا ما تكون أحد أعراض الاضطراب النفسي الذي يتطلب علاجًا.  وبدون هذا الدعم، فإن حتى المطاردون المدانون الذين حكم عليهم بالسجن لمدة عام أو أكثر، هم عرضة للعودة إلى سلوكياتهم القديمة. ومع ذلك، نظرًا لأن معظم المطاردون لا يعتبرون أنفسهم مطاردون، فنادراً ما يخضعون للعلاج طوعًا.

تقول أوتشيزاوا: ”تحدثت كوباياكاوا مع ”أ“ عندما كان قيد الاعتقال، ووافق في البداية على تلقي العلاج“.  ”لكنه رفض لاحقًا، وأصر على أنه ربما كان مدمنًا على الكحول، ولكنه بالتأكيد ليس مطارد.“

وعلى الرغم من نداءات أوتشيزاوا، رفضت الشرطة ترك الأمر التقييدي ساري المفعول بعد الإفراج عن ”أ“. وليس لدى أوتشيزاوا ليس فكرة عن مكانه الآن.

”يحتاج الأشخاص المكلفون بتنفيذ القانون والنظام القضائي إلى معرفة المزيد عن علم النفس حول طبيعة الشخص المطارد. وأعتقد أن المخالفة الثانية كانت إلى حد كبير نتيجة الاستياء الشديد من اعتقاله الأول، وحقيقة أن الجميع تجاهل محاولاته للاعتذار.  ربما كان يمكن تجنب الموقف، مع فهم أعمق قليلاً من جانب محامينا“.

تشعر أوتشيزاوا بقوة أن أنظمة تنفيذ القانون والعدالة الجنائية تحتاج إلى العمل عن كثب مع أخصائي الصحة السلوكية لضمان حصول المطاردون على العلاج الذي يحتاجونه. ”تحتاج الحكومة إلى توفير التمويل لتدريب المستشارين المتخصصين في هذا النوع من السلوك.  كما يجب أيضًا إنشاء خطوط ساخنة لتقديم الاستشارات على مدار الساعة“.

العودة للمجتمع

على الرغم من شروط التسوية، قررت أوتشيزاوا في النهاية أن من واجباتها الكتابة عن تجربتها.

وتقول ”في البداية كنت في صراع. لكنني بدأت بعد ذلك بالتفكير في أن من مسؤوليتي أن أخبر الناس بما مررت به كضحية، من العيش في خوف وإجباري على الانتقال لسكن جديد. وأيضًا لنشر الوعي العام بشأن الحاجة إلى العلاج. فيواجه ضحايا المطاردة صعوبة بالغة في الالتحام مع بعضهم البعض والتحدث بالطريقة التي فعلت بها النساء في حركة #MeToo. إنهم يخشون أن يعلنوا عن أنفسهم ويجعلوا أنفسهم هدفًا مرة أخرى. ”وتأمل أوتشيزاوا أن تقرأ الشرطة وغيرها ممن يتعاملون مع المطاردون كتابها ويتعلمون منه شيئًا“.

في عام 2018، عندما ظهرت سلسلة من المقالات لأوتشيزاوا تفصل تجربتها في مجلة أسبوعية شهيرة، اتصل ”أ“ غاضبًا من كوباياكاوا (مستشارة الملاحقة) لتقديم شكوى.  ولكن تمكنت كوباياكاوا من تهدئته في الوقت الحالي، على أي حال.

تقول أوتشيزاوا: ”ما زلت أحافظ على سرية مكان إقامتي“. ”لا أستقبل أي خطابات بريدية على عنوان منزلي. لقد تغيرت حياتي تمامًا منذ تلك الواقعة. لكنني نجوت من الاضطرابات السابقة. على سبيل المثال لا الحصر، عملية استئصال الثدي والانتقال إلى شودوشيما. علي فقط أن أقول لنفسي إنني نجوت وأن أواصل قدر استطاعتي“.

(النص الأصلي باللغة اليابانية بناء على حوار أجرته إيتاكورا كيميئي من Nippon com. جميع الصور خاصة بالموقع)

مجتمع جريمة جنس