خبيرة تنسيق الزهور اليابانية فوكوجو ميزوكي واتباع نهج مختلف في المساعدة الاجتماعية

ثقافة

في حي هاراجوكو العصري بطوكيو يقع مقهى ومتجر الزهور (لورانس) الذي أسسته وتديره (فوكوجو ميزوكي) المتخصصة في بيع وتنسيق الزهور، وهي تعمل على توفير فرص العمل والتدريب للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة. وفي عام 2021، بدأ المتجر أيضًا مشروعًا لمساعدة الأطفال المحرومين. في هذه المقالة تُطلعنا الكاتبة والمحاورة إينوياما كاميكو من خلال حديثها مع فوكوجو لمناقشة نهجها في معالجة القضايا الاجتماعية.

فوكوجو ميزوكي FUKUJU Mizuki

متخصصة في بيع وتنسيق الزهور وهي المدير التنفيذي لمتجر لورانس، وهو مقهى ومتجر لبيع الزهور في حي هاراجوكو بطوكيو، وهو عبارة عن (ورشة عمل محمية) لتوظيف وتدريب الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة. ولدت في محافظة إيشيكاوا عام 1989. وبعد تخرجها من الجامعة، عملت لفترة وجيزة في شركة لإدارة الألعاب الرياضية قبل افتتاح متجر لورانس في عام 2013 بهدف معالجة القضايا الاجتماعية المختلفة من خلال الأعمال التجارية. وفي عام 2021، أطلقت برنامجًا في المتجر لتقديم وجبات الطعام للأطفال المحرومين، وأنشأت مدرسة مهنية لتنسيق الزهور في عام 2022.

الاهتمام باحتياجات المجتمع

إينوياما كاميكو: تشهد اليابان اليوم تركيزًا متزايدًا على توظيف الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة بطريقة تحترم كرامتهم كعاملين. كيف أصبحتي مهتمة بهذا الشأن في بداية الأمر؟

فوكوجو ميزوكي: بدأت العمل في شركة لإدارة الألعاب الرياضية بعد التخرج من الجامعة مباشرة، لمساعدة لاعبي البيسبول المحترفين في إنشاء مشاريع خيرية. ولم أكن متأكدة بعد من المسار الذي أريد أن أسلكه، وأثارت التجربة إعجابي بأهمية رد الجميل للمجتمع. فكوني أقوم بخدمة الآخرين أمر أعطى لحياتي معنًى جديدًا، وجعلني أفكر فيما يمكن أن أقدمه من مزيد.

لذلك في عام 2013، عندما كنت في الثالثة والعشرين من عمري، أفتتحت متجر الزهور خاصتي لورانس، وبعد ثلاث سنوات من العمل بدأت بتعيين موظفين ممن يعانون من إعاقات جسدية وعقلية. حينها، كان توظيف الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة يُصنَّف عادةً كمشكلة اجتماعية. إلا أنني أردت تحويل النهج السائد حيال القضية بعيدًا عن التصور أحادي الجانب الذي يرى بأن الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة يجب أن يتم دعمهم وعوضًا عن ذلك يتم وضعهم في إطار كأصحاب مصلحة يساهمون في المجتمع.

فوكوجو ميزوكي مؤسسة ومالكة متجر لورانس للزهور.
فوكوجو ميزوكي مؤسسة ومالكة متجر لورانس للزهور.

إينوياما: بالإضافة إلى توظيف الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، يركز متجر لورانس على إظهار كيفية مساهمة الأشخاص الذين يتلقون دعم العمل في المجتمع بطريقة عميقة وذات مغزى. ظهر هذا الأمر بشكل خاص مع برنامجك لمساعدة الأطفال المحرومين. ما الفكرة التي على أساسها بدأ هذا المسعى؟

فوكوجو: خلف الوباء أحمال ثقيلة على كاهل العائلات التي تكافح ماليًا، وكانت لدي فكرة فتح جزء من المتجر كمقهى للأطفال المحليين. وفي البداية قدمنا وجبات الطعام مرة أو مرتين في الشهر كجزء من مبادرة بلدية شيبويا المسماة (مائدة الأطفال). ومع تفاقم وضع فيروس كورونا في البلاد، أغلقنا المتجر أو قلصنا ساعات العمل تماشياً مع توصيات الحكومة. وأصبح من الصعب تقديم الوجبات بشكل شخصي، لذلك انتقلنا إلى عمليات التوصيل. ولحسن الحظ، انتشر نشاط البرنامج، وزاد عدد الشركات التي تقدم الدعم المالي وغيرها من المساهمات بشكل مطرد.

وسرعان ما أصبح واضحًا من التقارير الإخبارية والمصادر الأخرى أن الوباء كان يصيب الأسر ذات العائل الواحد بشدة خاصة بسبب إغلاق الشركات. وتم إبراز حجم المشكلة بشكل صارخ عندما أشار أحد الموظفين الجدد ممن لديه خبرة في هذا المجال إلى أن واحدًا من كل سبعة أطفال يابانيين يعيشون تحت خط الفقر.

وإلى جانب تقديم وجبات الطعام، قررت أن أفتح المتجر كنوع من الرعاية النهارية لفترة ما بعد الدوام المدرسي. حيث نواصل تقديم وجبات الطعام، وبمساعدة مالية من مؤسسة نيبون، أصبح المقهى حاليًا مفتوح للأطفال المحليين في أيام الأسبوع من الخامسة إلى السابعة مساءً.

إينوياما: كنت مهتمة بشكل خاص بكيفية إدخالك لفكرة الزهور في البرنامج، مثل تزيين الطاولات بتنسيقات الزهور المختلفة لخلق أجواء ودودة ودافئة.

فوكوجو: نظرًا لأن لورانس في الأساس هو متجر لبيع لزهور، فمن المنطقي دمج هذا الجانب مع نشاطات البرنامج. وبعض الأطفال يحرصون على أخذ الزهور إلى منازلهم وتقديمها لأمهاتهم، ونحن نأمل أن يساعد ذلك في تعزيز التواصل بين الوالدين وأطفالهم.

من داخل متجر لورانس في حي هاراجوكو.
من داخل متجر لورانس في حي هاراجوكو.

التفاعل مع الأشخاص البالغين

إينوياما: فكرة تقديم الوجبات مسألة لا تفي بالاحتياجات الجسدية الأساسية فحسب ولكنها أيضًا تبعث على الطمأنينة، مما له تأثير إيجابي على الراحة النفسية للأطفال. هل رأيت هذا المغزى في متجر (لورانس)؟

فوكوجو: أنا نشأت في محافظة إيشيكاوا، وكنت على تواصل وثيق مع مختلف الأشخاص البالغين في المجتمع. وهذا أمر وجدته مفقود في حياة العديد من الأطفال في طوكيو. هم بالطبع يتفاعلون مع معلميهم وأولياء أمور أصدقائهم،، لكن ليس لديهم الكثير من الفرص لقضاء الوقت مع البالغين الآخرين في المجتمع.

لذلك في المتجر يمكن للأطفال التحدث وقضاء الأوقات مع الموظفين وكذلك طلاب الجامعة المتطوعين. فمن خلال هذه التفاعلات، يكتسبون خبرات ووجهات نظر مختلفة في الحياة، مما يساعدهم على النمو كأفراد. كما أنهم يستفيدون من قضاء الوقت بصحبة أقران بخلاف أشقائهم أو أصدقائهم في المدرسة. فالعديد من الأطفال يعيشون مواقف مماثلة، كما في الاضطرار إلى قضاء ساعات طويلة في المنزل بمفردهم أثناء تواجد آبائهم في العمل، ويمكنهم مشاركة إحساسهم بالوحدة وما ينتابهم من قلاقل أخرى. بالتأكيد في بعض الأحيان تندلع المشاجرات، ولكن حتى هذه المشاجرات مهمة لأنها تساعد الأطفال على تعلم كيفية التعامل مع أفراد خارج دائرة الأسرة والمعارف العاديين.

كيفية الاستمرار في نشاط برنامج المساعدات

إينوياما: الأطفال الذين يعانون من سوء المعاملة أو الإهمال في المنزل، أو الذين يكافحون من أجل التأقلم في المدرسة، غالبًا ما يبحثون عن متنفسٍ في الشوارع، مما يعرضهم لخطر التعرض لمزيدٍ من الإساءة. ولقد أظهر الوباء مدى أهمية وجود أماكن خارج نطاق المدرسة والمنزل حيث يمكن للأطفال قضاء وقت في بيئة آمنة وخاضعة للإشراف. إلا أن تمويل مثل هذه المبادرات وتزويدها بالموظفين يمثل تحديًا آخر. كيف يتم التعامل مع هذا الأمر في لورانس؟

فوكوجو: من الضروري توفير أماكن للأطفال يمكنهم الذهاب إليها والتنزه فيها بأمان، ولكن إنشاء مثل هذه البرامج وصيانتها ليس بالأمر السهل. فالعديد من المجموعات تعتمد على المراكز المجتمعية المحلية، حيث يستأجرون غرفًا لتقديم وجبات الطعام. وتوفر الحكومة مستوى من الدعم، ولكن غالبًا ما يكون التمويل في حده الأدنى، ويتعين على المجموعات في كثير من الأحيان الإنفاق من جيوبها الخاصة أو إيجاد وسائل أخرى لتغطية التكاليف. وهناك العديد من العقبات التي يجب التغلب عليها، ويجب على المنظمين التحلي بالمرونة في مناهجهم لمواصلة استمرار البرامج. ويتمثل أحد الأساليب في أن تسهل السلطات العمل مع المطاعم المحلية للسماح للأطفال بالدخول في أوقات الراحة بين الغداء والعشاء، عندما لا تكون المتاجر مزدحمة. وكذلك دمج الشركات المجاورة مع البرامج يعد أمرًا جيدًا لأنه يسهل على الأطفال استخدام المساحات المتاحة بانتظام.

ولقد اتبعت نهج تغطية تكاليف الوجبات والموظفين بالتبرعات التي نتلقاها من الشركات الداعمة، واضعة هذا البرنامج كجزء من أنشطة المسؤولية الاجتماعية لشركتنا. ويعد الاعتماد على المتطوعين وأشكال الدعم الأخرى أمرًا رائعًا، ولكن بدون مصدر ثابت للتمويل، فقد يعاني البرنامج بشكل غير متوقع من نقص في الأموال، الأمر الذي قد يضطره إلى التراجع عن مبتغاه. وهذه تجربة مررت بها من قبل خلال نشاطاتي مع الأعمال الخيرية للاعبي البيسبول المحترفين، الذين يدعمون برامج المساعدات التي أنشأوها طالما كانوا يلعبون ويكسبون الأموال، فقط ينحسر دعمهم المالي بمجرد تقاعدهم.

آمل أن يصبح لورانس نموذجًا للمنظمات الأخرى. وهذا بالطبع يعني وضع الأمور التي تقع على عاتقنا في نصابها الصحيح. فهناك كم هائل من المشاكل التي يجب مواجهتها، ونحن نبذل قصارى جهدنا للتعامل مع التحديات الجديدة عند ظهورها.

آفاق وتصورات جديدة

إينوياما: كيف يتعامل موظفو ذوي الاحتياجات الخاصة في المتجر مع برنامج تقديم وجبات الأطفال؟

فوكوجو: لقد كانت تجربة مُرضية للغاية. فالعديد من موظفينا عانوا من أزمات نفسية ناجمة عن مواقف عائلية أو مشاكل في علاقاتهم مع الأشخاص من المحيطين. وتقول إحدى الموظفات أن الأمر بمثابة تعافي من الأزمات السابقة، حيث تفعل للأطفال ما كانت تتمنى أن تفعله والدتها معها. وكشخص غالبًا ما يكون في الطرف المتلقي لجهود الدعم، فإنه لأمر رائع أنها تتعلم متعة مساعدة الآخرين.

 الموظفون خلال تجهيز الطلبات في متجر لورانس.
الموظفون خلال تجهيز الطلبات في متجر لورانس.

والنتيجة الإيجابية الأخرى هي أن الموظفين أصبحوا الآن أكثر استعدادًا لأخذ زمام المبادرة في عملهم، حيث كانوا في الماضي ينتظرون في كثير من الأحيان التعليمات. وعادة، ما يُعهد إلى الأشخاص ذوي الاحيتاجات الخاصة بمهام بسيطة فقط. فعلى سبيل المثال ، قد يتم توجيههم لتجميع المكونات دون معرفة ما هو المنتج النهائي. وهذا النهج يناسب بعض الأشخاص بالتأكيد، ولكني أشعر أنه من المهم أن أنقل للموظفين بوضوح أهمية مساهماتهم حتى يتمكنوا من الإحساس بمتعة إسعاد الآخرين. وهذا بدوره يعمق شعورهم بالامتنان عندما يتلقون المساعدة. ولقد لاحظت هذا بشكل خاص في الطريقة التي يعبرون بها عن شكرهم لبعضهم البعض في كثير من الأحيان.

لقد كان برنامج تقديم وجبات الأطفال تجربة لا تقدر بثمن عززت فوائد منح الموظفين ذوي الاحتياجات الخاصة الفرصة للاستمتاع بالمساهمة في العمل بطريقة متساوية وذات مغزى. ومن خلال سعي لورانس للمزيد، أريد آفاق وتصورات موظفينا أن توجه مسارنا جنبًا إلى جنب مع مواصلة برامج مساعدات الأطفال وتنمية قدرات وخبرات فريق عملنا.

إينوياما: إنه مشروع رائع، ومن الأمور الباعثة للأمل أن نرى التركيز على إزالة العقبات التي تحول دون المشاركة الاجتماعية لمجموعات متنوعة من الأشخاص، بدلاً من التركيز على إعاقتهم وحدها. ومن الواضح أن فريق عملك يشعر بالبهجة التي تصاحب مساعدة الآخرين. وآمل أن نرى المزيد من مثل هذه التجارب الناجحة تتشكل في المستقبل. شكرا لك على وقتك اليوم!

(النص الأصلي نُشر باللغة اليابانية والترجمة من اللغة الإنكليزية. صورة الموضوع: فوكوجو ميزوكي، إلى اليمين، وإينوياما كاميكو في متجر زهور (لورانس) في حي هاراجوكو بطوكيو. جميع الصور بعدسة أوادايرا تسونيبومي(

المساعدة الإنمائية الرسمية المجتمع المسن الثقافة الشعبية المجتمع الياباني الثقافة التقليدية