ميتاني كوكي: مبتدع كوميديا رومانسية مثيرة للذكريات هو صوت اليابان اليوم

ثقافة

في سياق مهنة غزيرة الإنتاج، أصبح كاتب السيناريو والمسرحي والمخرج السينمائي ميتاني كوكي اسما مألوفا في عالم الكوميديا اليابانية. ويعرض أحدث أفلامه ”طريق المجرة“ أسلوبه الفريد من الفكاهة التي شحذها من خلال حبه لكوميديا هوليوود الكلاسيكية، وخاصة أفلام بيلي وايلدر. في هذه المقابلة، يتحدث ميتاني عن فيلمه الجديد ونهجه في الكوميديا.

ميتاني كوكي MITANI Kōki

ولد عام ١٩٦١. اكتسب شهرة لأول مرة عام ١٩٩٤ من خلال تقديمه الدراما التلفزيونية ”فوروهاتا نينزابورو“. أخرج أول أفلامه عام ١٩٩٧، ”راديو نو جيكان (مرحبا بك مرة أخرى، سيد ماكدونالد)“، الذي استند إلى مسرحية له من عام ١٩٩٣ تحمل نفس الاسم وحصل على جائزة الأوسكار اليابانية لأفضل سيناريو وجائزة دون كيشوت في مهرجان برلين السينمائي الدولي .عام ٢٠٠١، منح عمله الموسيقي ”أوكيبي (The Orchestra Pit)“ جائزة كيشيدا كونيو للدراما. كما كتب وأخرج العديد من الأفلام منها ”ذا أوتشوتين هوتيرو (جناح الأحلام، ٢٠٠٦)“، و”ذا ماجيك أوا (ساعة السحر، ٢٠٠٨)“، و”سوتيكينا كاناشيباري (شبح فرصة، ٢٠١١)“. كما تشمل أعماله المسرحية ”جونينين نو ياساشيي نيهونجين (الاثنا عشر لطيف، ١٩٩٠)“ و”واراي نو دايغاكو (الضحكة الأخيرة، ١٩٩٦)“، والتي تم تحويل كل منهما على السواء في وقت لاحق إلى أفلام. وأطلق فيلمه السابع كمخرج، ”غاراكشي كايدو (طريق المجرة)“ في أكتوبر/تشرين الأول عام ٢٠١٥. وهو يعمل حاليا على سيناريو لدراما تلفزيونية تاريخية من إنتاج إذاعة NHK التي ستبث على مدار عام تحت عنوان ”سانادا مارو“.

تحية للسينما الأميركية والمسلسلات التلفزيونية

وربما يكون ميتاني كوكي معروفاً في اليابان ككاتب سيناريو الدراما التلفزيونية ”فوروهاتا نبنزابورو“، التي قدمت التقدير للمسلسل البوليسي الأميركي ”كولومبو“. وقد اكتسب هذا العمل حشداً من الجمهور المتفاني على مدى ثلاثة مواسم بين عامي ١٩٩٤ و١٩٩٩ والأفلام الخاصة للقصص الجانبية، بما في ذلك ظهور نجم البيسبول سوزوكي إيتشيرو. في عرض خاص من عام ٢٠٠٦، حيث لعب إيتشيرو دوراً في نسخة خيالية بأنه قاتل.

ولعل فوروهاتا وكولومبو يشاركان نفس الفكرة الأساسية التي تدور حول شخص غني أو شهير يرتكب جريمة قتل، ولكن الفرق الكبير هو الأسلوب الطريف والكوميدي للعرض الياباني، حيث تجد الكثير من الفكاهة نابعة من التفاعل بين المخبر الرئيسي، فوروهاتا نينزابورو وصديقه الحميم في الدراما إيمايزومي شينتارو.

وميتاني هو معروفٌ أيضا ككاتب لمسرحية ”الاثنا عشر لطيف (١٩٩٠)“. حيث تم أداء المسرحية لأول مرة عام ١٩٩٠ وصدرت النسخة السينمائية في العام التالي. وكما يوحي العنوان، الاثنا عشر لطيف هو عنوان اختاره الكوميدي ميتاني نسبة لدراما قاعة المحكمة ”١٢ رجلا غاضبا (١٩٥٧)“ من إخراج سيدني لوميت.

هذه الأفلام الكلاسيكية من هوليوود من الخمسينات والستينات إلى جنب مع المسلسلات الأمريكية والرسوم المتحركة، كانت تشكل العمود الفقري للعمل الإبداعي الخاص بميتاني ككاتب مسرحي وكاتب سيناريو، ومخرج سينمائي، وكما يوضح:

”عندما كنت طفلا، كانت أفلام هوليوود تبث على شاشة التلفزيون كل ليلة تقريبا. وكانت هذه الأفلام هي نفسها التي شهدتها أُمِيّ في الماضي في صالات عرض السينما والمسرح عندما كانت في العشرينات من عمرها. فمنذ دخولي كتلميذ مدرسة ابتدائية كنت منهمكا آنذاك في تتبع تلك الأفلام من هوليوود التي ظهرت في الخمسينات والستينات“.

عاشق لبيلي وايلدر من عمر الشباب

أفلام هوليوود التي تركت أقوى الانطباعات عند ميتاني هي ”The Apartment (الشقة)“ و”Irma la Douce (إيرما لا دوس)“ و”Some Like It Hot (البعض يحبها ساخنة)“ وجميعها من بطولة جاك ليمون و”الحب في فترة ما بعد الظهر“ من بطولة أودري هيبورن.

يتذكر ميتاني: ”منذ كنت في الثامنة أو التاسعة من عمري، لم أكن في ذلك الوقت على علم أنها كانت جميعا من إخراج بيلي وايلدر ولم أكن أعرف حتى أن كان هناك مثل وظيفة المخرج. إلا أنه فيما بعد أدركت أن هذه الأفلام التي أحببت كثيرا كانت جميعها من إخراج الشخص نفسه“.

كما أنَّ أحدث فيلم لميتاني، طريق المجرة، الذي صدر في ٢٤ اكتوبر/تشرين الأول عام ٢٠١٥ في اليابان، هو كوميديا رومانسية تظهر تقديره الكبير لأفلام وايلدر. ”منذ كنت قد ألهمت بأعمال وايلدر، أردت دائما أن أصنع فيلما بنفس أسلوبه السينمائي من خلال خلق الكوميديا الرومانسية مع القليل من الإثارة والجرأة. وذلك لأنني أدرك بالطبع، بأنه لا يمكن منافسته، وبالتالي أخذت نهجا مختلفا في فيلمي الجديد عن طريق اعتماد النوع من الخيال العلمي، والذي لم يستخدم قط، مع ظهور مجموعة من الممثلين ذوي الكفاءة والمنسجمين مع بعضهم البعض“.

ميتاني كوكي وهو يخرج أحد مشاهد فيلم طريق المجرة.

مشهد ”الولادة“ في فيلم طريق المجرة. © ٢٠١٥ تلفزيون فوجي وتوهو.

وتدور أحداث الفيلم في مطعم همبرغر لا يتمتع بإقبال شعبي وموجود في الفضاء الخارجي. ويشير ميتاني أن ”أجواء الفيلم هي على غرار ما كان يتصوره الناس في الستينات عن المستقبل. على الرغم من أن أحداث العمل تجري في المستقبل، هناك شعور بالحنين يدعو الأذهان إلى تذكر عالم أفلام ”ذا جتسونز ومفقود في الفضاء“.

كما يستند الفيلم الجديد أيضا على عناصر من ”المسرحية الهزلية“ كما يشرح ميتاني ويُضيف:

”إنَّ النوع من المسلسلات الذي كان يدور في خلدي هو الكوميدية التلفزيونية الأميركية. حيث تكون أحداث العمل في تلك البرامج محدودة دائما في مكان معين، ولا تتطور الشخصيات في أي شكل من الأشكال، لذلك كلما تشاهد حلقة ما، تواجه نفس الأشخاص الذين يقومون بنفس النوع من الأشياء. ولعل النظر إلى مسلسل Bewitched على سبيل المثال. دليل على ذلك ففي هذا المسلسل، الذي استمر لنحو ١٠ أعوام، يمكنك مشاهدة كل حلقة بغض النظر عن تسلسل الحلقات وستكون مثيرة للاهتمام. وأنأ شخصيا أحبّ رؤية العالم. على هذا النحو ففي فيلمي الجديد يتم التركيز حول اثنين من الشخصيات الرئيسية، الزوجين نوا ونوي في محل الهامبرغر في الفضاء الخارجي سيما وأن النقطة الأساسية هُنا هي أننا نشاهد حلقة واحدة فقط من المسرحية الهزلية، حيث في كل حلقة هناك مجموعة من الأجانب يأتون إلى المطعم. وهذا على سبيل المثال يشبه مشاهدة، الحلقة ٢٥٣ من العمل“.

حساسية كوميدية خارجة عن المألوف

حتى لو أن صورة ميتاني تتمثل في شخص صنع مجموعة من الأفلام الكوميدية بمتعة كبيرة، لكنه ينظر إلى نفسه كـ ”منشق“ عن التيار الرئيسي في اليابان.

ميتاني كوكي يناقش أسلوبه الكوميدي الذي يعتبر ضد التيار في اليابان.

”يكمن جوهر المسرحية الهزلية في الأداء المسرحي القائم على المحادثة فالجوانب المثيرة للاهتمام في المحادثات والعلاقات الإنسانية هي مصدر سحر هذا النوع من الأعمال. لكن الثقافة اليابانية ليس لديها تقليد كوميدي عميق الجذور حقا. على سبيل المثال، إذا طلب شخص ما منك قائمة الأفلام الكوميدية الأفضل في اليابان، سيكون من الصعب الوصول إلى العديد من الأفلام الكوميدية المطلقة. منذ حوالي ١٠ سنوات، فقد أصدر معهد الفيلم الأميركي قائمتها من أكثر تسلية ١٠٠ فيلم أمريكي في كل العصور. لكنني لا أعتقد أن اليابان ستكون قادرة على تقديم ما يكفي من أعمال لملء قائمة من هذا القبيل. وحتى اتخاذ قرار لصناعة الكوميديا في اليابان هو شيء ضد التيار، بمعنى من المعاني. وحتى الكوميديا التي يتم صناعتها لا تركز عادة على نكتة التخاطب. لذلك فقد يكون أسلوبي الخاص هو نوع من الهرطقة والخروج عن المألوف“.

وقد وجدت أعمال ميتاني الكوميدية شعبية خارج اليابان. فقد حاز فيلمه عام ١٩٩٧، (مرحبا بك مرة أخرى، سيد ماكدونالد)، الذي يستند إلى مسرحية له من نفس الاسم على جائزة دون كيشوت في مهرجان برلين السينمائي الدولي . ويذكر ميتاني ما كان عليه عرض فيلمه في هذا المهرجان بالقول: ”كنت جالسا في الجزء الخلفي من المسرح والسينما وطوال عرض الفيلم كنت أسمع أصوات الضحك أكثر مما كنت أسمع في عروض الأفلام في اليابان. وكانت المفاجأة أكبر في نهاية العرض بعدما أُشعلت الأضواء مرّة أُحرىً، وأدركت حينئذٍ أن أغلب الحضور كانوا من الألمان“.

كما تم عرض أفلام مثل ”جناح الأحلام (٢٠٠٦)“، و”ساعة السحر (٢٠٠٨)“، و”شبح فرصة (٢٠١١)“ في تايوان وكوريا الجنوبية. ويشير ميتاني إلى أن فيلم طريق المجرة هو ”كوميديا قائمة على الحوار ولكن يضيف أن ”الكوميديا لا تعتمد على اللعب بالكلمات الفريدة من نوعها في اللغة اليابانية، لذا إذا ما تمت ترجمتها بشكل فعال فسيكون بمقدار الجمهور في أي مكان التمتع بالفكاهة“.

كاتب سيناريو قبل كل شيء

طريق المجرة هو الفيلم السابع من إخراج ميتاني، الذي كان أيضا مشغولا على مدى السنوات بكتابة النصوص للمسرح أو الشاشة الكبيرة. وكان هذا الدور ككاتب مركزيا بالنسبة لميتاني، الذي يصف نفسه بأنه هاو أفلام أكثر كونه مخرج.

ميتاني يوازن بين عمله للتلفزيون والمسرح مع إخراج فيلم كل سنتين أو ثلاث سنوات. © ٢٠١٥ تلفزيون فوجي وتوهو.

ويقول ميتاني بوضوح ”الشيء الأكثر أهمية هو كتابة السيناريو. أبرز نفسي مع تخصيص ما يكفي من الوقت وتكريسه لهذا العمل من دون كتابة السيناريو، لا توجد وسيلة بالنسبة لي لتصوير فيلم أو إخراج مسرحية“.

حاليا، ميتاني منهمك في كتابة سيناريو الدراما التلفزيونية التاريخية من إنتاج إذاعة NHK التي سيبدأ عرضها في شهر يناير/كانون الثاني عام ٢٠١٦ وستُبث على مدار عام تحت عنوان ”سانادا مارو“ ويقول: ”ينبغي علَيَّ كل أسبوع كتابة سيناريو حلقات البرنامج لإنهاء العمل في الوقت المناسب وهذا الذي يشغل كل وقتي الآن تقريبا“.

متلهف لصناعة أنواع أخرى من الأعمال

على الرغم من الجدول الزمني المكثف، ينظر ميتاني قُدُما لصناعة فيلم كل بضع سنوات. وقد ساعده الحفاظ على هذه الوتيرة بقاءه متحمسا لصناعة السينما.

”بالأساس أرى نفسِي أنني كاتب. وكانت وجهة نظري تنصب دائما ككاتبَ للسيناريو من جانب ويقوم أيضا. بصناعة الأفلام من جانب آخر وبما أنني أيضا من محبي السينما، هنالك شيء واحد أحب القيام به وهو محاولة إعادة صناعة أفلامي لا سيما تلك الأنواع التي استمتعت بها كأحد رواد السينما فقد سبق وقدمت فيلما تاريخيا والآن أُقدِّم فيلما خيالا علميا، ويوما ما أرغب في في صنع فيلم صامت، وفيلم حربي، أو حتى موسيقي“.

إمكانية إنشاء فيلم موسيقي راودت ذهن ميتاني بعد مشاهدته لـ DVD شمل مسرحية هزلية قصيرة تؤديها فرقة كوميديا موسيقى الجاز المعروفة بـ”Crazy Cats (القطط المجنونة )“. حيث دارت أحداث المسرحية الهزلية في الفضاء الخارجي وضمت ؤيكي هيتوشي، وهو عضو في المجموعة، يغني ويرقص دون أي اعتبار للواقعية العلمية من انعدام الجاذبية. وربما سيحاول ميتاني في المستقبل القريب جلب عمل موسيقي كبير وهائل إلى الشاشة الكبيرة.

(النص الأصلي باللغة اليابانية بتاريخ ٢٣ أكتوبر/تشرين الأول ٢٠١٥ بناءً على مقابلة أجراها فريق من هيئة التحرير في nippon.com. صورة العنوان: ميتاني كوكي في تصوير أحد مشاهد طريق المجرة مع الممثلة أياسي هاروكا. الحقوق محفوظة: ٢٠١٥ تلفزيون فوجي وتوهو).

الأفلام هوليوود