عولمة الثقافة المعاصرة

عالم المانغا للفنان تانيغوتشي جيرو

ثقافة مانغا وأنيمي

توفي فنان القصص المصورة ’’مانغا‘‘ تانيغوتشي جيرو في شهر فبراير/شباط 2017، تاركاً وراءه إرثا فنيا غزيرا ومبهرا. حازت أعماله على ثناء خاص في فرنسا، فقد كان واحدا من ثلاثة فناني مانغا فقط حصلوا على وسام الفنون والآداب.

عند وفاة فنان المانغا تانيغوتشي جيرو في شهر فبراير/شباط من عام 2017، وصفته أغلبية وسائل الإعلام اليابانية بفنان الـ’’كودوكو نو غورومي (الذواق الوحيد)‘‘ وهي سلسلة قصص مصورة ’’مانغا‘‘ اكتسب بسببها شهرة واسعة داخل بلاده. ولكن في فرنسا، أشادت تغطية مفصلة لصحيفة لوموند ووسائل إعلام أخرى بشكل أساسي على عمليه ’’أروكو هيتو (الشخص الذي يسير)‘‘ وهاروكا نا ماتشي إي (حي بعيد)‘‘ اللذين حازا على الثناء داخل البلاد. قد يكون تانيغوتشي أكثر تقديرا في أوروبا مقارنة باليابان. تأثر بفناني قصص مصورة بلجيكية فرنسية مثل موبيس وفرانسوا سكويتين، ومعظم أعماله متوفرة باللغة الفرنسية. وتتجلى مكانته في فرنسا في كونه واحدا من ثلاثة فناني مانغا فقط حصلوا على وسام الفنون والآداب، بالإضافة إلى أوتومو كاتسوهيرو مؤلف ’’أكيرا‘‘ وماتسوموتو لييجي مؤلف ’’غينغا تيتسودو 999 (المجرة السريعة 999)‘‘.

وفي شهر ديسمبر/كانون الأول من عام 2017، نشرت دار النشر شوغاكوكان مجلدين بعد وفاته تحتوي على أعمال غير منتهية لتانيغوتشي. كما أظهر معرض أقيم في نفس الشهر في البيت الفرنسي الياباني في طوكيو موهبته الاستثنائية للعامة.

رسم تانيغوتشي ’’كونين نو موري (غابة السنة الضوئية)‘‘ في آخر سنتين من حياته، عندما كان يصارع المرض. وتم نشر هذا العمل في اليابان في عام 2017 بشكل تظهر فيه المناظر الطبيعية بألوان كاملة على نحو غير اعتيادي. وقال تانيغوتشي إنه أراد أن يصنع مشهدا بحيث يبدو معبّرا عن مشاعره.

تتضمن مجموعة ’’إيزاناؤ مونو (أشياء مغرية)‘‘ أعمالا في مجال الخيال العلمي والدراما التاريخية والأدب الحديث وأصنافا أخرى، بعضها غير منتهي بعد.

مواضيع مختلفة داخل اليابان

ولد تانيغوتشي في محافظة توتّوري، وظهرت أعماله لأول مرة في سبعينيات القرن العشرين في مجلة ’’يانغ كوميك‘‘ الأسبوعية. وفي الثمانينيات، شكل جزءا من موجة جديدة من فناني المانغا الذين يعملون بأسلوب القصص المصورة الواقعية يعرف باسم ’’غيكيغا‘‘ بالتعاون مع كتاب مثل سيكيكاوا ناتسوؤ وتسوتشييا غارون (مارلي كاريب). تواصلت سلسلة المانغا ’’جيكين يا كاغيو (المشاكل هي عملي)‘‘ حتى عام 1994 – على الرغم من التغيرات في المجلة ودار النشر – مع تطور ملحوظ في أسلوب تانيغوتشي من الخطوط غير المصقولة في بداياته وصولا إلى التحسينات التي أدخلها في وقت لاحق.

العمل الفني الأول لتانيغوتشي وهو بعنوان ’’كايكيي شوتين‘‘، وقد نُشر في كندا تحت عنوان ’’منظر للميناء من الفندق‘‘ عام 1990. وكانت المرة الأولى التي يتمكن فيها القراء الأجانب من الاطلاع على أعماله مترجمة.

استوحى تانيغوتشي أفكاره من فيلم جريمة لصنع رسومات لرواية الجريمة بعنوان ’’مانهاتن أوب‘‘ للكاتب ياهاغي توشيهيكو.

بدءاً من أواخر ثمانينيات القرن العشرين وحتى التسعينيات، تناول تانيغوتشي طيفاً من المجالات الجديدة، فقد عمل على حكاية الكلب ’’بروناكا‘‘، ومانغا ’’K‘‘ عن تسلق الجبال، و’’بوتشان نو جيداي (أزمنة بوتشان)‘‘. والعمل الأخير والذي يتمحور حول ناتسومي سوسيكي وغيره من الكتاب المعاصرين فاز بجائزة تيزوكا أوسامو الثقافية. كما خاض غمار الخيال العلمي بعمله ’’تشيكيو هيوكاي جيكي (تاريخ العصر الجليدي للأرض) والفانتازيا بعمله ’’غينجو جيتين (حكايات المملكة الحيوانية ما قبل التاريخ)‘‘. ومن النادر أن تجد داخل اليابان فنان مانغا تناول الكثير من الأنواع المختلفة في أعماله.

استغرق إتمام ’’بوتشان نو جيداي (أزمنة بوتشان)‘‘ عقدا من الزمن.

تعد قصة المانغا ’’كودوكو نو غورومي (الذواق الوحيد)‘‘ وهي من رسم تانيغوتشي وكتابة كوسومي ماسايوكي، أكثر الأعمال الشهيرة التي ارتبطت بتانيغوتشي في اليابان. وقد استحوذت حكاياتها البسيطة عن رجل يأكل وحيدا في العديد من المطاعم في العالم الواقعي على الاهتمام بشكل يدعو للدهشة.

أعمال درامية من غرب طوكيو

قصة المانغا ’’أروكو هيتو (الرجل الذي يسير)‘‘ هي عمل آخر لتانيغوتشي في تسعينيات القرن العشرين. وتروى القصة بشكل رئيسي من خلال الصور أكثر من النصوص، وهي تصور جوا يفوح بعبق كل من قصص المانغا الفرنسية وأفلام أوزو ياسوجيرو.

تصور قصة المانغا ’’إينو نو كاؤ (اقتناء كلب)‘‘ والتي تعتبر نوعا ما وكأنها نص مقدس لعشاق الكلاب، دفء العلاقة بين كلب أليف ومربيه.

منذ نهاية التسعينيات وحتى العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، آتت موهبة تانيغوتشي أُكلها في أعمال مثل ’’إيكارو (إكاروس)‘‘ – كتبها موبيس – و’’حي بعيد‘‘. وأصبح له معجبون في فرنسا بفضل أسلوبه التفصيلي الدقيق والذي كان يستغرق فيه وقتا لرسم كل صورة بشكل جيد بدلا من الانتقال بعجالة إلى اللوحة التالية.

كان النص في قصة المانغا ’’كاميغامي نو إيتاداكي (قمة الآلهة)‘‘ مستمدا من رواية عن تسلق الجبال نالت شهرة مؤخرا وهي من تأليف يوميماكورا باكو. فقد قام تانيغوتشي بتحويل ذلك العمل الضخم إلى قصة مانغا. وفي المانغا التي تروي سيرته الذاتية وتحمل عنوان ’’فويو نو دوبوتسوئن (حديقة حيوان في الشتاء)‘‘، تتبع تانيغوتشي الطريق الذي سلكه منذ أن كان موظفا وحتى تحوله إلى فنان مانغا.

الصورة الأصلية لغلاف قصة المانغا ’’K‘‘ والتي تدور أحداثها حول تسلق الجبال.

تملك الصورة الأصلية لغلاف قصة المانغا ’’كاميغامي نو إيتاداكي (قمة الآلهة)‘‘ قوة صورة ثلاثية الأبعاد تقريبا في الطبيعة.

وفي عمليه الرئيسيين في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، وهما ’’فوراري‘‘ و’’سيننين نو تسوباسا، هياكونين نو يومي (حراس اللوفر)، أجرى تحولا تاريخيا خياليا عن مواضيع مانغا ’’الرجل الذي يسير‘‘ في دمج أسلوبي قصص المانغا الفرنسية البلجيكية واليابانية. نتمنى لو أمكننا فقط رؤية مزيد من هذا التعبير المميز لتانيغوتشي في أعماله المستقبلية.

كان تانيغوتشي متلهفا لعمل قصة مانغا من رواية الجريمة ’’ريوكين تانتيي (محقق صائد الكلاب)‘‘ والتي ترسم مشاعر دافئة بين رجل وكلب وهي من كتابة إينامي إيتسورا.

أظهر المعرض الذي أقيم في طوكيو قدرة تانيغوتشي العظيمة ومدى تنوع أعماله. وقد قدم يونيزاوا شينيا من مؤسسة بابيير المنظمة للمعرض إضاءات عن كيفية الدخول إلى عالم صناعة المانغا.

’’ذهب تانيغوتشي إلى كيوتو بعد التخرج من مدرسة توتّوري الثانوية، ولكنه غادرها بعد 6 أشهر وتوجه إلى طوكيو. سكن في الضواحي الغربية للعاصمة حتى نهاية حياته. ولعل هذا هو سبب رؤية مشاهد طبيعية من ضواحي طوكيو في خلفية قصص المانغا التي رسمها. تقريبا لن تروا أحياء البلدة القديمة شيتاماتشي (في أعماله). وبينما تتناول بعض أعماله مسقط رأسه، يمكنكم القول إن أعماله الأخيرة كانت عن دراما ظهرت من مشاهد طبيعية غرب طوكيو. لا توجد في هذه المنطقة التي سكن فيها مؤخرا نفس الروابط القوية مع الحي والأرض، وهذا ما أضفى صفة العالمية على أعماله‘‘.

الصورة الأصلية لغلاف قصة المانغا ’’فينيسيا‘‘.

(المقالة الأصلية منشورة باللغة اليابانية بتاريخ 15 ديسمبر/كانون الأول 2017. الترجمة من الإنكليزية. التقرير والنصوص من يوشيمورا شينئيتشي. الصور من ناغاساكا يوشيكي وهي مقدمة من مؤسسة بابيير. الحقوق لبابيير.)

مانغا