”تقاليد مذهلة“ مواكبة للحياة العصرية

حقائق مدهشة عن الحقيبة المدرسية في اليابان

ثقافة

أصبحت حقائب المدارس راندوسير مشهدًا مألوفًا في اليابان، وكانت في الأصل مرتبطة بالمدرسة الابتدائية. ومع مرور الوقت، أظهرت هذه الحقائب جاذبية كبيرة بين الكبار وأصبحت شائعة لدى الفئة العمرية المختلفة في دول مختلفة. يعزى هذا النجاح إلى تصميمها البسيط والعملي، فضلاً عن جودة صنعها ومتانتها. تقديم هذه الحقائب بألوان وتصاميم متنوعة والتركيز على الجودة والتفاصيل ساهم في جعلها محط اهتمام واسعة النطاق.

الشراء مبكراً

حقيبة الظهر تعتبر جزءًا أساسيًا من تجهيزات تلاميذ المدارس الابتدائية في اليابان، وحقيبة ”راندوسير“ تتمتع بشعبية واسعة. يتم التخطيط للحصول على هذه الحقيبة مبكرًا، حيث تنفد غالبًا من المتاجر قبل مدة تصل إلى ستة أشهر قبل بدء السنة الدراسية الجديدة في أبريل/نيسان.

تُعتبر ”راندوسير“ من بين العلامات التجارية الرائدة في مجال حقائب الظهر لتلاميذ المدارس، وتُقدم تصميمات متينة وعملية تلبي احتياجات الطلاب. يشير هذا إلى أهمية اختيار حقيبة الظهر بعناية في ثقافة تسوق المدرسة في اليابان.

تلاميذ الصف الأول مع حقائبهم البراقة الجديدة.


إن اسم ”راندوسير“ يعود إلى اللغة الهولندية، حيث قدم الشوغون توكوغاوا في منتصف القرن التاسع عشر نظامًا عسكريًا مستوحى من النمط الغربي. وفي تلك الفترة، حصل الجنود على حقائب ظهر هولندية تُدعى ”ransel“ لحمل مستلزماتهم.

تاريخ ”راندوسير“ يعود إلى عام 1885، عندما أصدر معهد Gakushūin للنبلاء في طوكيو تعليمات للطلاب بضرورة نقل مستلزماتهم إلى المدرسة بأنفسهم، وليس الاعتماد على الخدم لحملها. وفي عام 1887، بدأ ولي وقتها تعليمه في المدرسة وهو مجهز بحقيبة ”راندوسير“ مستلهمة من الحقائب العسكرية. هذه الموضة استمرت وأصبحت تأثيرًا لاحقًا في ثقافة حمل الحقائب في المدارس اليابانية.

الاستعداد للمدرسة. (أيكاكي/بيكستا)

ملايين الأشكال المختلفة


تتميز حقيبة ”راندوسير“ بأنها خفيفة ومتينة، ويدوم استخدامها عادة لمدة ست سنوات دراسية على التوالي. تشهد ذروة مبيعاتها في شهر أغسطس من كل عام، قبل بدء السنة الدراسية الجديدة في اليابان. يعرض المتاجرون والأسواق المركزية والمتاجر المتخصصة أحدث تشكيلاتها عادة في شهر مايو أو يونيو من كل عام، ويبدأ بيع هذه الحقائب في وقت مبكر من العام الذي يسبقه. يتم بيع الحقائب الأكثر شعبية بالكامل في مطلع فصل الخريف.

تشير أوداشيما جونكو، المديرة العامة للحقائب والاكسسوارات في سلسلة أيون، إلى أن الأجداد والآباء والأطفال يأتون إلى المتجر في عطلة نهاية الأسبوع أو العطل الرسمية لتجربة الحقائب. يعود العديد منهم لحجز أو شراء الحقيبة خلال عطلة أوبون في يوليو/ تموز أو أغسطس/ آب. وتشير إلى أن شعبية الموضة ”normcore“ التي تعني بسيط وأساسي، قد أثرت بشكل كبير على تصميمات حقائب ”راندوسير“، حيث يتعين أن تجذب بشكل رئيسي الأمهات الشابات اللاتي يشكلن الغالبية من الزبائن.

يوجد لدى أيون حوالي 240 متجرًا يضم قسمًا مخصصًا لحقائب ”راندوسير“. تتراوح الأسعار بين 30,000 ين و150,000 ين، حيث يقع متوسط ​​أسعار الحقائب العادية في نطاق 50,000 ين. يتوفر هناك 103 نموذجًا أساسيًا و24 لونًا، ويحظى طلب الشراء المخصص بشعبية كبيرة، حيث يمكن للمشترين إضفاء الطابع الشخصي على المواد والأشرطة والخيوط والمشابك وأكثر من ذلك. يعني ذلك توفير تشكيلة واسعة من الأشكال والنماذج المختلفة.

موظف أيون ياماشيتا يوشينوري يقدم تشكيلة راندوسير لهذا العام.

تحتل العلامات التجارية الفاخرة التي تُباع في متاجر المصممين مكانة مرموقة في سوق حقائب ”راندوسير“. فقد باعت Kabankōbō Yamamoto في العام الماضي كل مخزونها، الذي احتوى على حوالي 13,000 حقيبة ”راندوسير“ بالعلامة التجارية، وكانت أغلب أسعارها تقريبًا 60,000 ين، خلال شهر واحد فقط من إصدار الحقائب في يونيو/حزيران. أما تشكيلة حقائب Tsuchiya Bag المنافسة، فقد باعت كل المخزون الذي كانت تمتلكه بحلول منتصف سبتمبر/أيلول.

في عام 2015، ومع استعداد أكثر من مليون طفل لبدء المدرسة الابتدائية، تقدر شركة فوناي للاستشارات أن حجم سوق حقائب ”راندوسير“ بشكل عام سيصل إلى 50 مليار ين، وهو تقريبًا ضعف قيمة السوق في عام2005 التي بلغت 27.5 مليار ين. وغالبًا ما يُشير إلى الدعم المالي من ”ستة جيوب“، وهي جيوب الأب والأم وأربعة أجداد، كعامل داعم لارتفاع الأسعار. يُشير ذلك إلى أهمية امتلاك أفراد الأسرة لحقائب عالية الجودة التي يفخرون بها عند بدء أطفالهم في مرحلة المدرسة الابتدائية، وهذه هي الطريقة التي تغذي بها سوق حقائب ”راندوسير“ في اليابان.

من إيطاليا إلى هوليوود

هذا وقد بدأت في الآونة الأخيرة هذه الحقائب الملائمة والمعمرة، بتصميمها البسيط ولكن المناسب لكل زمان، اكتساب شعبية في الخارج، حيث يتم تسويقها على أنها اكسسوارات أزياء الكبار.

ففي مارس/آذار 2014، اقتنص مصورو البابارازي صورة للممثلة زوي ديشانيل في نيويورك وعلى ظهرها حقيبة راندوسير لامعة حمراء، مما أثار اهتماماً جديداً بالحقائب. ومع ذلك، فإن جذور الشعبية المتزايدة في الغرب تعود قليلا إلى وقت سابق، وبالتحديد إلى عام 2011.

ففي ذلك الوقت كان هناك Ohba وهو صانع حقائب ياباني عريق يتميز بسمعة متميزة حيث زود الأميرة أيكو ابنة ولي العهد الأمير ناروهيتو بحقيبة راندوسير. بناء على توصية من مشتر في الخارج، قام Ohba بإدخال حقائب راندوسير إلى إيطاليا وتحديدا في عروض الموضة الرجالية المرموقة Pitti Immagine Uomo. حيث حصدت تلك الحقائب الأوسمة ليس من فوغ الإيطالية Vogue Italia وإعلام الأزياء فقط ولكن من صحف واسعة الانتشار أيضا مثل صحيفة كورييري ديلا سيرا. وهكذا اكتسبت الحقيبة المدرسية اليابانية هوية جديدة في الخارج كحقيبة متينة وذات جودة عالية، متعددة الأغراض وبتصميم مبتكر. وبحلول عام 2013، بدأ متجر في مدينة ميلانو الإيطالية بيع 40 نوعا من حقائب راندوسير للرجال، في حين عرض متجر روسي أكثر من 100 نوع.

حقيبة راندوسير للرجال في متجر La Rinascente في ميلانو. (الصورة مقدمة من أوبا)

يشير أوبا كوزو، متحدثا باسم شركة Ohba، ”سمعت أنه عندما عرضت الحقائب للبيع في ميلانو، كان موظفو هيرميس من بين أول من اشتروها“. ويضيف، ”بالنسبة لهم، حقائب راندوسير لافتة للنظر وابتكارية، كما تتناسب والصناعات الحرفية اليدوية بشكل جيد لا سيما مع المنتجات الراقية الأخرى. ولكن الحقائب تتمّيز بالتصميم البسيط. وستكون أكثر جاذبية للعملاء الأوروبيين المميزين إذا قدمنا لهم مواداً قيّمة مثل الجلد القرطبي أو جلد كيب الأوروبي“. وعلى النقيض من الفكرة اليابانية بأن حقيبة راندوسير هي حقيبة منفعية للأطفال، يميل العملاء الأجانب إلى النظر إليها بوصفها سلعاً فاخرة متطورة.

تقدير متجدد

كما بدأ متجر مونو في مطار هانيدا بطوكيو اعتباراً من خريف عام 2014 ببيع حقائب راندوسير للبالغين بشكل تجريبي. وكانت الأسعار مرتفعة، تتراوح بين 48000 ين و 63000 ين. ومع ذلك، فقد تم بيع حوالي 10 حقائب في الشهر. وكان معظم المشترين من السائحين من الدول الأسيوية، الذين عادة ما يشتروا الحقائب كهدايا للأطفال بعد التأكد من أنها مصنوعة في اليابان. لكن امرأة فرنسية في الخمسينات من عمرها اقتنصت حقيبة راندوسير حمراء اللون بسعر 63000 ين معلقة وقالت ”أنها متينة ومثالية للكمبيوتر المحمول“. وتستوعب الحقائب أيضاً الوثائق من قياس A4، مع عدم وجود حاجة للطي. حيث أنّ البطانة على الظهر والكتف والأشرطة القابلة للتعديل تجعلها مريحة للارتداء.

حقيبة راندوسير المصنوعة في اليابان في متجر مونو في مطار هانيدا.

وعلى مر السني استمر صناع راندوسير بتطوير مهاراتهم الحرفية والبحث عن سبل جديدة لتحسين حقائبهم. وقد ساعدت جهودهم على جعل الحقائب أخف وزنا وتعيش لمدة طويلة، أكثر راحة وجاذبية. وذلك في إطار وضع أسس النجاح على الصعيد الدولي.

وفي الوقت نفسه فقد ساهم هذا الاهتمام العالمي بدوره بتلك الحقائب وما تحمله من معانٍ وأمان وجودة المواد - لا سيما للأطفال - بتسليط الضوء أيضاً على مهارات الحرفيين في اليابان وعلى تفانيهم في صنعها ودفع مُجدّداً إلى ارتفاع جودتها. وبذلك تستمر رحلة حقائب راندوسير المتغيرة - حيث يرتبط بها الكثير من الذكريات من سنوات الدراسة في المرحلة الابتدائية - والتي يجري تصديرها الآن إلى بلدان أخرى كجانبٍ متقدم وحديث لثقافة يابانية معاصرة جدير بتبوء مكانه اللائق.

وجدير بالذكر أن هناك العديد من المنظمات اليابانية الغير حكومية تقوم بالتبرع بالحقائب المستعملة للأطفال في الدول النامية المختلفة.

(المقالة الأصلية باللغة اليابانية بقلم دوي إيمي من nippon.com ونشرت في 22 يونيو/حزيران 2016. الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: Karusupo راندوسير من متجر أيون.)

المدرسة الابتدائية حقيبة مدرسية الحرفيون