”تقاليد مذهلة“ مواكبة للحياة العصرية

المظلات اليابانية التقليدية... تاريخ طويل من التصميمات المبهرة والألوان الساحرة

ثقافة

مظلة ”عين الأفعى“ المصنوعة في حي كانوتشو في مدينة غيفو تحمل تاريخاً طويلًا من التقاليد في صناعة المظلات اليابانية. يتم استخدام مواد ذات جودة عالية في صناعة هذه المظلات، حيث يتم اختيار خيزران ميداكي من النوع الجيد، الذي يتم العثور عليه في القرى المحلية المجاورة. يتميز هذا الخيزران بالمتانة والقوة. ورق مينو الياباني الملون يستخدم أيضًا في تصنيع هذه المظلات، ويعتبر من مكوناتها الأساسية. تتميز مظلات ”عين الأفعى“ بنحافتها وخفتها، مما يجعلها سهلة الحمل في اليد. كما يتميز تصميمها بالجمال والأناقة، سواء عند فتحها لاستخدامها أو عند إغلاقها.

مظلة يمتد ورق مينو الياباني فيها على أعواد الخيزران

تساقط يا مطر تساقط يا مطر، تقابلني أمي بجانومي (عين الأفعى) وأنا سعيدة بذلك!
(من كلمات أغنية كيتاهارا هاكوشو)

تظهر كلمة جانومي في أغنية الأطفال ”أميفوري (تساقط المطر)“ والتي تم غناؤها من قبل جميع الأجيال. وتعني كلمة جانومي عين الأفعى، ولكن تعني في هذه الأغنية مظلة عين الأفعى التي يتم صناعتها بالخيزران والورق الياباني. وهي مظلة يابانية أنيقة تُستخدم في الطقس الصحو والماطر وكانت تُستخدم بكثرة حتى بداية عصر شوا.

مظلة عين الأفعى النحيفة والتي تُستخدم كمظلة للحماية من الشمس والمطر على حد سواء. تقوم خيوط الزينة متعددة الألوان والتي تلتف حول الأعواد الصغيرة بمهمة تقوية تلك الأعواد وليس فقط إعطاءها منظرا جميلا.

تاريخياً، كان للرموز والتسميات دور كبير في الثقافة اليابانية، حيث كانت ترتبط بالعديد من المعتقدات والتقاليد. تسمية مظلة ”عين الأفعى“ تعكس هذا الجانب من التقاليد اليابانية والمعتقدات القديمة. اختيار اسم ”عين الأفعى“ للمظلة قد يكون مرتبطًا بالعديد من العوامل التي تعكس الثقافة الشعبية والتصورات الدينية والفكرية لليابانيين. فالأفعى كمخلوق كانت تحظى بمكانة خاصة في التقاليد الشرق آسيوية، وتعتبر في بعض الثقافات رمزاً للحماية والقوة والحكمة.

بالتالي، يمكن أن يكون تسمية المظلة بهذا الاسم مرتبطة بالإيمان بأن للأفعى قوى خاصة تحمي من الأشرار والمخاطر. وربما كان الاختيار يهدف إلى إضافة بعد من السحر والحماية إلى المظلة، وتجسيد قوة الطبيعة في حماية الإنسان من الظروف القاسية مثل الشمس الحارقة والأمطار الغزيرة.

مظلة ”عين الأفعى“ ليست فقط وظيفية وعملية ولكنها أيضاً قطعة فنية رائعة. صنعها الدقيق يبرز جمال التفاصيل والمواد المستخدمة، مما يمنحها جاذبية فنية خاصة. عندما تكون مغلقة، يمكن أن تظهر العديد من العواميد المستقيمة الناتئة من المظلة وتشكل شكلًا فنيًا وجماليًا يشبه عين الأفعى.

في اليابان، يُعتبر صنع المظلات وفن تزيينها فنًا تقليديًا يحتفظ بالتقاليد اليابانية. الاهتمام بالتفاصيل واستخدام المواد المحلية التقليدية يمنحان لتلك المظلات جاذبية خاصة ويمكن أن يعكسان الفخر بالتراث الثقافي.

كما يعزز اللمسات اللطيفة والتصميم العملي للمظلة راحة استخدامها، حيث يمكن فتحها وإغلاقها بسهولة لتكون ملائمة لظروف الطقس المختلفة.

زيارة البلدة التي تقوم بصناعة مظلة عين الأفعى

عملية صنع مظلة عين الأفعى تشمل عدة مراحل دقيقة، مما يبرز الحرفية والدقة في التصنيع اليدوي لهذه القطعة الفنية والعملية. من خلال ربط أعواد الخيزران واستخدام الخيوط القطنية، يتم تكوين هيكل المظلة. بعد ذلك، يتم لصق ورق مينو الياباني القوي والملون على هذا الهيكل.

بالإضافة إلى ذلك، يتم تحسين مقاومة المظلة للماء عبر تطبيق طبقة من زيت البريلا، مما يجعلها أكثر فاعلية في حماية من المطر. اللمسات الأخيرة تتضمن التفاصيل الجمالية والزخارف التي تضيف إلى جاذبيتها الفنية.

يُظهر هذا العمل الحرفي التقليدي كيف يتم الحفاظ على التقاليد اليابانية والفنون التقليدية من خلال صنع الأشياء اليومية بشكل جميل ودقيق.

تناسب مظلة عين الأفعى كثيرا مدينة غيفو القديمة المحيطة بالقلعة. وأصل تسمية عين الأفعى يعود إلى الشكل الذي يدخل فيه الخطوط البيضاء والذي يبدو كمقلة العين.

توضح هذه الخطوات الأساسية لصناعة مظلة عين الأفعى العملية المعقدة والمتخصصة التي تشملها هذه الصناعة التقليدية:

1. صناعة أعواد الخيزران: تبدأ عملية الصنع بإعداد وتشكيل أعواد الخيزران وفقًا للأبعاد المطلوبة للمظلة.

2. صناعة الحلقة الدائرية: تُشكل الأعواد المعدة في الخطوة السابقة إلى هيكل دائري يكون قاعدة للمظلة.

3. تركيب المظلة: يتم تركيب الأعواد في هيكلها النهائي باستخدام الخيوط القطنية بطريقة دقيقة لضمان القوة والاستقرار.

4. لصق الورق: يتم لصق أوراق الورق الياباني على هيكل المظلة بدقة، ويجري هذا العمل بعناية خاصة للحفاظ على جودة المظلة.

5. التشطيب النهائي: يتم تطبيق طبقة من زيت البريلا على المظلة لجعلها مقاومة للماء ومستعدة للاستخدام في الظروف الجوية المتغيرة.

كل مرحلة في صناعة مظلة عين الأفعى تتطلب خبرة ومهارة خاصة، وتضاف إلى الأخرى بعناية لإنتاج المنتج النهائي ذو الجودة العالية والمتانة.

يقول ساكايدا إيجي صاحب ورشة لصنع المظلات في حي كانو ”تتميز مظلة كانو في غيفو برقتها وجمالها. ويجب أن تكون أعواد الهيكل فيها رقيقة، والورق الياباني رقيق وقوي“.

”وأعواد الهيكل الخيزرانية التي يتم استخدام خيزران ماداكي فيها لينة وقوية ورقيقة ولا تنكسر حتى لو حاولنا كسرها. ويُقال إنه في عصر إيدو كان يوجد متاجر لبيع أعواد الخيزران القديمة، حيث كان يتم إعادة تدويرها“.

والورق الياباني القوي المدهون بالزيت، يتمزق بعد استخدامه لمدة طويلة، ويؤكل من قبل الحشرات إذا بقي مطويا من دون استخدام. لذلك إذا تمت إعادة لصق الورق الياباني فإن المظلة ستستعيد رونقها. أي أنه إذا كانت أعواد الهيكل قوية، فمن الممكن أن تكون المظلة اليابانية أداة ذات عمر طويل من الممكن استخدامها طول الحياة.

عملية صناعة أعواد الهيكل المثنية

حتى في مدينة غيفو موطن المظلة اليابانية، فإن الأشخاص الذين يستطيعون صناعة أعواد هيكل المظلة هم قليلون جدا. وفي الورشة التي تفوح منها رائحة الخيزران المنعشة، تم إطلاعنا على عمل صانع أعواد خيزران يتجاوز عمره 80 عاما.

إن عملية صناعة أعواد الهيكل هي عبارة عن تقشير خيزران ماداكي وإزالة النتوءات، ثم كسرها بعناية. حيث يصبح أنبوب الخيزران الذي عرضه 27 سنتيمترا 100 عود من أعواد هيكل المظلة عرض كل عود منها 3 مليمترات. وهذه تكفي لصناعة مظلتين من مظلات عين الأفعى. وتختلف المظلة اليابانية عن المظلة الغربية بأنه يتم طي الورق إلى الداخل. ويقال إن أروع ما فيها هو تحول شكلها عند إغلاقها إلى نفس شكل أنبوب الخيزران الأصلي الذي صنعت منه. لذلك يجب إعادة ترتيب 100 عود من أعواد الخيزران بنفس الترتيب الأصلي الذي كانت عليه في الأنبوب.

عمل ورشة صناعة أعواد هيكل المظلة. إزالة النتوءات الداخلية من خيزران ماداكي (الصورة على اليسار). يتم قطع الخيزران بفأس صغيرة وصناعة أعواد عرضها 3 ملم تقريبا وفتح ثقوب صغيرة لإدخال الخيوط فيها. (وسط). يتم تقليل سمك الأعواد وجعلها رقيقة (يمين)

مجرد سماع ذلك يجعلك تشعر باليأس، ولكن يبدو أن هناك طريقة سرية. حدقنا جيدا بيدي صانع الأعواد من أجل معرفة طريقة صنعها. وعرفنا أنه يتم رسم خطوط مستقيمة باستخدام مسمار على الجانب الخارجي من أنبوب الخيزران قبل تقطيعه. فقط مجرد ذلك. وإذا تم ترتيب الأعواد بحيث تصبح تلك الخدوش الخطوط الأصلية، ستصبح على شكل أنبوب الخيزران الأصلي. وبعد إدخال تلك الأعواد في قضيب خيزراني نحيف بالترتيب يتم إرسالها إلى ورشة تقوم بربطها ببعضها البعض.

يتم ترتيب الأعواد وإعادتها إلى مكانها الأصلي من خلال علامات الخطوط التي تم رسمها باستخدام المسمار قبل تقطيعها. ويتم إدخال الأعواد في قضيب مظلة واحد ونشرها تحت الشمس لتجف، وإرسالها إلى المرحلة التالية بعد ذلك.

في هذه المرحلة يتم وصل القضيب الأساسي بالأعواد الفرعية لنحصل على شكل المظلة. والشيء المهم للمظلة هو ”الحلقة الدائرية“ المصنوعة من الخشب والتي تحتاج كل مظلة لقطعتين منها. حيث يتم تثبيت القضيب الأساسي للمظلة في أعلاها باستخدام حلقة، ويتم تثبيت الأعواد الصغيرة بحلقة أخرى عند قبضة اليد في منتصف المقبض. وبعد ذلك يتم إدخال خيوط قطنية في الثقوب التي تم فتحها في أطراف الأعواد، ويتم ربط القضيب الأساسي والأعواد بتلك الخيوط. ويصبح مكان وصل الحلقة بالأعواد عبارة عما يُسمى مفصل المظلة. وبفضل وجود هذا المفصل تصبح عملية فتح وإغلاق المظلة سلسة. ومع ذلك، فإن ربط الخيزران بخيوط قطنية وجعل المظلة قادرة على تحمل الفتح والإغلاق عند الاستخدام العادي هو أمر يدعو للدهشة.

حلقات خشبية ضرورية للمظلة اليابانية مصنوعة من العبهر

يتم استخدام حلقتين في كل مظلة واحدة في أعلى المظلة وتُسمى ”حلقة رأسية“ وأخرى في مكان الفتح والإغلاق عند قبضة اليد تُسمى ”حلقة قبضة اليد“.

عمل يدوي دقيق لربط الحلقة الرأسية بالقضيب الرئيسي بخيوط قطنية

بعد الحصول على شكل المظلة، يتم إرسالها إلى ورشة لص الورق. وفي الورشة التي مازالت آثار الزمن القديم في جنباتها، تشعر بأن الوقت يمر ببطء. وتتحرك يد الحرفي بشكل إيقاعي، حيث يتم لصق الورق الياباني على أعواد هيكل المظلة، وتتحول تلك الأعواد إلى زهرة كبيرة زاهية الألوان شيئا فشيئا. ”عند القيام بلصق الورق لا نشعر بذلك، ولكن إذا قمنا بتغيير طريقة اللصق قليلا، فلن نكون قادرين على تغطية المظلة بالورق بشكل جميل“.

لصق ورق المظلة. يتم فتح المظلة بشكل كامل ولصق الورق الياباني المقطوع عليها. ويتم أيضا لصق الورق الياباني على مكان اتصال القضيب الرئيسي والأعواد الفرعية، وعلى حلقة قبضة اليد لتقويتها.

من الصعب القيام بلصق الورق الياباني بشكل مستقيم لأنه يتم لصقه على الجانب الداخلي من أعواد المظلة. سألنا أحد الحرفيين الشباب الذي وقع في حب المظلات اليابانية من النظرة الأولى.

”هل مازلت تعشقها؟“

”أتذكر كل شيء حتى بعد مرور 15 سنة، وليس لدي وقت لأشعر بالملل“

أوقف يديه اللتين كان يحركهما فجأة، ورفع رأسه وابتسم ابتسامة عريضة. فشعرنا أن تلك الابتسامة تقول لنا أوصلوا مظلة عين الأفعى إلى المستقبل من أجلي.

يجتهد الشباب الذين يريدون تعلم التقنيات التقليدية لصنع المظلات اليابانية في ورشة السيد ساكايدا إيجي.

(المقابلة والنص أريتا يوكي، التصويرأوهاشي هيروشي، صورة العنوان الرئيسي نشر مظلات عين الأفعى ذات الألوان المتعددة تحت الشمس. يتم دهنها بالزيت المضاد للماء، وتركها لتنشف لمدة يومين في الصيف وثلاثة أيام في الشتاء، ومن ثم القيام بطلي الأعواد بالورنيش)

ورق ياباني