أيام المهرجانات: أوا أودري وشيكوكو

اللون الذي أحبه محاربو الساموراي

مجتمع ثقافة

إن منسوجات أيزومي والتي احتفى بها محاربو الساموراي في فترة المقاطعات المتحاربة لجمال صبغتها النيلية ”أزرق اليابان“ وفوائدها الصحية لهي نتاج عملية معقدة تستغرق وقتا طويلا حيث تلعب كلا من الدراية البشرية والظواهر الطبيعية أدوارا هامة بالمثل. سافر مراسلنا في نيبون دوت كوم إلى توكوشيما، التي كانت في الماضي مركزا مزدهرا متخصصا في الصبغة النيلية، وذلك لدراسة عملية في هذا التقليد طويل الأمد.

قد لا تبدو محافظة توكوشيما الواقعة في الزاوية الشرقية الأقصى من شيكوكو (أصغر جزر اليابان الرئيسية الأربع) مكاناً محتملاً لتطوير واحدة من الحرف التقليدية الأكثر تحديا من الناحية الفنية والأكثر تقديرا في اليابان. ولكن لم يكن الحظ السبب في تحول وادي نهر يوشينو إلى مركز رئيسي للصباغة باللون النيلي الياباني، أو ما يسمى بأيزومي (aizome).

لقد اكتسبت صناعة أيزومي أساساً من نهر يوشينو، الذي يمتد من غرب إلى شرق المحافظة ويقسم بين مرتفعات شيكوكو إلى الجنوب من جبال أسان إلى الشمال. في الأيام التي سبقت السيطرة على الفيضانات، تسببت الأعاصير والأمطار الغزيرة بفيض ضفاف يوشينو كل عام تقريبا. وقد ساهم الطمي الغني الذي أودعته الفيضانات في توفير الظروف المثالية لزراعة نبات يدعى ”أي“ - مصدر النيل الياباني - الذي يميل إلى التدهور بسرعة لأنه يستنزف التربة. المنطقة المخصبة بواسطة نهر يوشينو نمت في نهاية المطاف إلى منتج اليابان الأول للصبغة النيلية ذو الجودة العالية.

”أي“ هو نبات سنوي من فصيلة persicaria الذي ينمو إلى حوالي ٨٠ سم في الطول. وهو يزهر في الخريف، وينتج عناقيد نحيلة من الزهور البيضاء أو المحمرة. دخل نبات ”أي“ من موطنه في جنوب الصين والهند الصينية، إلى اليابان عن طريق الصين بحلول أواخر القرن السابع. في ذلك الوقت، جلب ثروة كبيرة إلى محافظة أوا، الاسم القديم لمحافظة توكوشيما. في عام ١٨٨٩، عندما أنشأت حكومة ميجي نظام البلديات الحديث، كانت مدينة توكوشيما البلدية العاشرة من حيث عدد السكان في اليابان (المرتبة ٨٦ في عام ٢٠١٠).

جميل، عملي ومضاد للجراثيم

اليوم يكرم هذا التراث في أي نو ياكاتا، متحف تطبيقي فريد من نوعه للصبغة النيلية يقع في بلدة أيزومي. ويشهد اليوم البناء القديم على الطريقة اليابانية الرائعة، الذي كان سابقا مقر لتاجر ثري عمل في الأصبغة النيلية، على الازدهار الذي حققه الأوا أي في المنطقة في الماضي.

وقدمت الصبغة النيلية إلى محافظة أوا خلال فترة هيّأن (٧٩٤-١١٨٥). في فترة سينغوكو (١٤٦٧- ١٥٦٨)، الفترة التي هيمن عليها الصراع العسكري بين أمراء الحرب الإقطاعية، ازداد الطلب على الأيزومي حيث كان النسيج المفضل من قبل المحاربين للارتداء تحت دروعهم. قيم الساموراي الأيزومي ليس فقط لجماله ولكن أيضا لخصائصه المضادة للجراثيم، حيث ساعد على منع الطفح الجلدي وغيرها من المشاكل الناجمة عن الحك والعرق.

أي نو ياكاتا، يقع في قصر سابق لتاجر الأصبغة النيلية من توكوشيما (يسار)، يقدم للزوار تجربة عملية في صباغة نسيج الأيزومي التقليدية (يمين).

الصبغة النيلية مادة حية

هناك رائحة نفاذة تفوح من الأحواض في غرفة الصباغة في متحف أي نو ياكاتا. يوضح أحد الموظفين أن ”الصبغ النيلي الياباني هو مادة حية“. ثم يضيف أن ”الصبغة في حد ذاتها تتطلب رعاية“.

ارتفاع فقاعات الكوبالت الزرقاء إلى سطح محلول الصباغة.

تنطوي الخطوة الأولى على تقطيع أوراق الأي المحصودة وتخميرها. ويطلق على الأوراق المخمرة اسم سوكومو. ويتم إضافة هيدروكسيد الصوديوم (الغسول) والكلس إلى السوكومو للحصول على محلول سائل. إذا تحقق التوازن المثالي في كل من السوكومو والغسول، وقلوية المحلول والطقس، تظهر فقاعات بلون الكوبالت التي يطلق عليها أزهار الأي (”زهور“ النيلي) على السطح مما يشير إلى إمكانية استخدام المزيج لصبغ المنسوجات باللون النيلي.

البكتيريا التي شاركت في عملية تخمير الأوراق ضرورية للون الأزرق المميز أيزومي (Aizome). عمل الميكروبات على مجمع ملتصق بالنسيج يعمل على تحويل اللون الأزرق عندما يتأكسد مع تعرضه للهواء. محلول الصباغة يجب أن يحضر ويعامل برعاية للحفاظ على ولتغذية الكائنات الحية الدقيقة التي يعتمد عليها اللون الأزرق. كما يضاف الساكي، الشراب ومكونات أخرى لتغذية البكتيريا.

صباغة منديل

خلال زيارتي للمتحف أتيحت لي الفرصة للمشاركة في صباغة منديل. بدأت من خلال إعداد قطعة من القماش بطريقة لخلق نمط من المناطق الخفيفة حيث لا يمكن للصبغة اختراقها، وهي تقنية الصبغة بالربط تدعى شيبوري. استخدمت الأربطة المطاطية لربط أجزاء المنديل حول القضبان والعصي في محاولة لتخيل ما يمكن أن تكون النتيجة النهائية. بعد ذلك غمست المنديل بلطف في وعاء من الصبغة النيلية وسحبته بعد مضي ٦٠ ثانية وعندها رأيت تحول اللون الأخضر القاتم إلى الأزرق.

يتم إعداد المنديل للصبغة بالربط حسب تقنية شيبوري بمساعدة الأربطة المطاطية والعيدان وأشياء أخرى (إلى اليسار). يتم غمس القماش في محلول الصبغة حتى يحصل على الظل النيلي المرغوب به، ويتم إزالة الأربطة المطاطية (يمين).

في كل مرة يتم غمس النسيج، يتحول اللون النيلي إلى ظل أغمق ولكل ظل اسمه الخاص: كامينوزوكي (لون أكوا (مائي) شاحب)، أساغي، هانادا، ناندو، أي، كون، وأخيرا كاتشيرو (أزرق وأسود). تنتهي عملية الصباغة عند وصول النسيج إلى اللون المطلوب.

قمت بإزالة الأربطة المطاطية والعيدان، وغسلت المنديل في الماء البارد، والنتيجة هي مثيرة للإعجاب. دوائر بيضاء مبهرة كانت تطفو على الخلفية النيلية الشفافة مثل صباح جميل يشرق في سماء الصيف الزرقاء.

منديل أيزومي الذي صبغت يتطاير مع النسيم في سماء توكوشيما.

(المقالة الأصلية باللغة اليابانية بواسطة يوشيموتو ناوكو ونشرت يوم ١٦ فبراير/شباط ٢٠١٥. الصور بواسطة ناكانو هاروؤ. مع الشكر لمتحف الأيزومي التاريخي. الترجمة من اللغة الإنكليزية.)

شيكوكو توكوشيما