أدوات المائدة في المطبخ الياباني

سكاكين الطبخ اليابانية تحظى بشهرة عالمية

ثقافة

من الصفات المميزة للسكاكين اليابانية هي أنها تعود بجذورها إلى سيوف ”كاتانا“ التي كان يستخدمها محاربو الساموراي. تتميّز السكاكين ذات الأسلوب الغربي بأنها ذات حدَّين ويكون حدّ الشفرة مشحوذًا على الجانبَين، في حين أن السكاكين اليابانية هي ذات حدّ واحد وتكون الشفرة مشحوذة على جانب واحد فقط، تمامًا مثل سيوف الساموراي. تضغط السكاكين ذات الحدَّين بشكلٍ متساوٍ على المكوّنات، ما يسهّل تقطيعها بشكل مستقيم، لكن السكاكين ذات الحدّ الواحد تكون أفضل لإنتاج مقاطع عرضية جميلة. يرجع ذلك إلى الزاوية الحادة للغاية التي تتميّز بها الشفرة، ما يعني أنه يمكنها تقطيع المكوّنات بشكل شرائح بسلاسة ودقة.

الدمج بين مهارات الحرفيين والتقنية المتقدمة

ازدهرت مدينة تسوبامي منذ منتصف عصر إيدو بصناعة المعادن، كصناعة المسامير وأنابيب التبغ اليابانية، والأواني النحاسية. وحتى في الوقت الحالي يوجد فيها الكثير من صانعي المعادن المعالجة. وتشتهر بالتحديد بإنتاج أواني الطعام المعدنية الغربية والتي تفتخر بحصولها على أكثر من 90٪ من حصة السوق المحلية. وفيها مركز شركة كوباياشي كينغيو والتي قامت بصقل الوجه الخلفي للجيل الأول لجهاز آيبود الذي بدأ بيعه في عام 2001 كالمرآة. حيث يعرفها كثير من الأشخاص حتى في خارج اليابان كـ ”منطقة تمتلك تقنيات صقل المعادن الأفضل في العالم“.

أدوات مائدة من مدينة تسوبامي تم استخدامها في حفل عشاء للاحتفال بـ ”الذكرى التسعين لتأسيس منظمة نوبل“ في عام 1991 (معروضة في المتحف الصناعي في مدينة تسوبامي)

إن شركة توجيرو المساهمة لصنع سكاكين المطبخ في مدينة تسوبامي هي ”شركة رائدة“ قامت بالدمج ببراعة بين مهارات الحرفيين التقليدية، وتقنيات معالجة المعادن المبتكرة. وتمتلك كلا من تقنية تصنيع الأدوات الحادة عن طريق الطَّرق كصنع سكاكين المطبخ اليابانية التقليدية، وتقنية تصنيع أحدث الأدوات الحادة عن طريق القطع باستخدام الفولاذ المقاوم للصدأ. ويتحدث السيد أوغاوا ماساتو المسؤول عن ”معرض سكاكين توجيرو“ حول قوة شركته ويقول:

”من الممكن القيام بإنتاج جودة مستقرة وكفاءة جيدة بالنسبة للأدوات الحادة التي يتم تشكيلها عن طريق قطع الصفائح المعدنية باستخدام القوالب. وفي شركة توجيرو، يقوم الحرفيون الذين يقومون بصناعة سكاكين المطبخ اليابانية عن طريق الصَّب، بالتأكد من مراحل التصنيع والتشطيب، ويشاركون بذلك بأنفسهم. ونتيجة لذلك، تمكنا من الحصول على حدة عالية حتى للأدوات الحادة المصنوعة عن طريق القطع“.

(أعلى اليسار) المنظر الخارجي لـ ”معرض سكاكين توجيرو“ الذي يقوم بالعرض والبيع. (أعلى اليمين) السيد أوغاوا المسؤول عن المعرض. (الأسفل) داخل المعرض. يقول إن أسعار سكاكين المطبخ تتراوح بين 3 آلاف و160 ألف ين، ويبلغ نطاق السعر لأكثر السكاكين مبيعا حوالي 8 آلاف ين.

حدة فائقة يتم توارثها من السيف الياباني

يتم بيع سكاكين المطبخ التي تنتجها نفس الشركة في خمسين دولة حول العالم في الوقت الحالي، وحتى الآن قامت بتصدير منتجاتها إلى تسعين دولة. وتشتهر بالتحديد بسكاكين المطبخ التجارية، ولكن لديها تشكيلة واسعة من المنتجات ذات الاستخدام المنزلي، وتقوم بإنتاج 1200 نوع من المنتجات الخاصة بالشركة، وبالإضافة إلى منتجات الشركات الأخرى التي تقوم بصناعتها (OEM) فإنها تقوم بتصنيع سكاكين مطبخ تصل عددها إلى 3000 نوع. وتمتلك تقنيات عالية لدرجة أنه حتى أشهر شركة لصنع سكاكين المطبخ في أوروبا قامت بتوكيل شركة توجيرو لتصنيع أفضل نموذج من السكاكين لها. وتقوم بصنع العديد من سكاكين المطبخ الغربية كسكين تقطيع اللحم ”غيوتو“، ولكن يقول السيد أوغاوا إن الاهتمام الأول كشركة لصنع السكاكين هو صنع سكاكين مطبخ ذات ”حدة فائقة“ تتوارث طرق صناعة السيف الياباني.

إن طريقة التشكيل بالطرق الدمشقية والتي تبرع بها شركة توجيرو هي تقنية متقدمة تظهر فيها التموجات الجميلة من خلال طرق نوعين من الفولاذ المقاوم للصدأ ذوي صلابة مختلفة عدة مرات. أروع منتج يتم الانتهاء منه بعد طلي الأشكال والغمد بالورنيش.

”قبل عصر إيدو كانت البنية الجسدية لليابانيين صغيرة، وقوتهم ضعيفة، لذلك تطلب السيف الياباني وجود الحدة فيه. وبمقابل ذلك، يبدو أنه تم التركيز على المتانة في السيف الذي استخدمه الغربيون الذين يتمتعون ببنية جسدية جيدة، بحيث لا ينكسر حتى لو تم الضرب به من فوق الدرع. وهذا الاختلاف يظهر في سكاكين المطبخ اليابانية والغربية أيضا. ويوجد في جميع أنحاء العالم أشخاص يحتاجون حدة سكاكين المطبخ اليابانية أكثر من المتانة. ومن أجل إيصال تلك الحدة الفائقة بشكل جيد لأولئك الأشخاص، نقوم بالجمع بين التقنية المتقدمة ونظام الإنتاج المستقر، ونرغب في دعم ثقافة الطعام في العالم“.

(الأعلى) الأدوات الحادة التقليدية لشركة توجيرو والمصنوعة بالطرق (أسفل اليسار) صفائح الفولاذ المقاوم للصدأ والتي تم قطعها على شكل سكاكين مطبخ وتم تجميعها في إحدى زوايا المصنع (أسفل اليمين) المنتج الأساسي والذي هو عبارة عن سكين مطبخ مصنوع بشكل كامل من الفولاذ المقاوم للصدأ وخاص بالمحترفين

تقنية معالجة المعادن المصقولة والاستمرار

لماذا تقوم صناعة معالجة المعادن في مدينة تسوبامي بالجمع بين مهارات الحرفيين التقليديين وأحدث التقنيات الآلية، وتستمر بالتطور بشكل ملفت للنظر؟ يقول سايتو يوسكي رئيس اللجنة الفنية في المتحف الصناعي في مدينة تسوبامي إنه ”من الضروري فهم ثقافة هذه المنطقة“ قبل أي شيء للإجابة على هذا السؤال.

(أعلى اليسار) المظهر الخارجي للمتحف الصناعي في مدينة تسوبامي (أعلى اليمين) السيد سايتو رئيس اللجنة الفنية (الأسفل) غرفة العرض في مبنى المتحف الجديد

”إن نهر شينانو والذي يعتبر أطول نهر في اليابان ويجري في السهول المنبسطة في محافظة نيغاتا، يصبح مجراه مستقيما بشكل مفاجئ بعد الدخول إلى مدينة تسوبامي مع أنه يكون متعرجاً قبل الدخول إليها. لذلك، فإن زراعة الأرز في مدينة تسوبامي المحاطة بنهر شينانو وروافده كانت أمرا صعبا حتى تفرع مجرى النهر في عام 1922 بسبب تعرضها للفيضانات بشكل سنوي تقريبا. لذلك لم يكن أمام المزارعين الفقراء إلا العمل بصناعة المعادن كمهنة فرعية من أجل البقاء على قيد الحياة. وعند فهم ذلك في البداية، من الممكن فهم الأمور الخاصة بمدينة تسوبامي بشكل جيد“.

بدأت صناعة المسامير اليابانية في مدينة تسوبامي في النصف الأول من القرن السابع عشر، وفي بدايات القرن الثامن عشر بدأت صناعة المبارد، وفي منتصفه بدأت صناعة أنابيب التبغ اليابانية والأواني النحاسية. وتراجعت صناعة المسامير اليابانية مع البدء باستيراد المسامير الغربية في عصر ميجي، وتحول الحرفيون إلى صناعات أخرى. ومع اندلاع الحرب العالمية الأولى، قامت روسيا بتقديم اقتراح لصناعة أواني المطبخ الفضية، وذلك لأن مكان الإنتاج الرئيسي لأواني المطبخ الغربية حتى ذلك الوقت كان الدولة العدوة ألمانيا. وفي البداية قام حرفيو صناعة الأدوات النحاسية بصناعة الأشكال الأساسية للملاعق وغيرها. وقام حرفيو صناعة أنابيب التبغ بتطبيق تقنيات النقش على المعادن، وتولوا مسؤولية الزخرفة وصناعة القوالب المعدنية الخاصة بالإنتاج بكميات كبيرة. وبعد ذلك ازدهرت صناعة أواني المطبخ الغربية التي بدأت في ذلك الوقت، وأدى ذلك إلى تطور تقنيات معالجة المنتجات المصنوعة من الفولاذ المقاوم للصدأ.

يقول السيد سايتو: ”قمنا بصقل الملاعق بنفس التقنية التي كنا نستخدمها لصقل أنابيب التبغ، ثم قمنا بصقل iPod بعد ذلك، ومؤخرا نقوم بصقل مداخن سيارات نيسان GT-R بنفس التقنية. ومع اندثار صناعة ما بسبب تغير الزمن، فإنه في بعض الأحيان تصبح كل المنطقة التي كانت تقوم بتلك الصناعة منطقة مهجورة. ولكن لدى مدينة تسوبامي القوة للاستمرار بتحدي الصناعات الحديثة، مع القيام بتوارث التقنيات التقليدية من دون الانجرار وراء التقاليد إلى حد بعيد. وذلك لأنها بدأت صناعة المعادن من أجل البقاء على قيد الحياة وعدم الاندثار“.

أنابيب التبغ المعروضة في المتحف الصناعي في مدينة تسوبامي. تم استخدام الكثير من التقنيات كتقنيات التشكيل، والنقش، والصقل وغيرها.

خلق قيمة جديدة من خلال تبادل التقنيات

لا تركز شركات مدينة تسوبامي على تقنيات الإنتاج وسياسات الإدارة الخاصة بكل شركة، بل يتم التعاون فيما بينها بشكل كبير. وفِي السنوات الأخيرة، قامت مدينة تسوبامي بعقد اتفاقية تعاون مع مدينة سانجو المجاورة، ويتم التعريف في داخل وخارج اليابان بـ ”علامة تسوبامي سانجو التجارية“ كماركة تجارية لمنتجات معالجة المعادن ذات الجودة العالية.

يقول السيد سايتو: ”كما قام حرفيو صناعة الأواني النحاسية وحرفيو صناعة أنابيب التبغ بصناعة الملاعق من خلال التعاون فيما بينهم، تقوم شركات مدينة تسوبامي بتوسيع أعمالها أكثر فأكثر من خلال إحاطة نفسها بالتساؤل الذي يقول ”هل من الممكن صناعة هذه الأجزاء بالتقنيات الخاصة بك؟“. وأدعو أنا هذه النشاطات الصناعية بـ ”تجميع التقنيات وخلق قيمة جديدة لها“. وربما يكون ذلك بمثابة كلمة السر من أجل بقاء الشركات اليابانية الصغيرة والمتوسطة على قيد الحياة في العالم“.

(أعلى اليسار) الجانب الأيسر مسامير يابانية (أعلى اليمين) إعادة تشكيل مصنع الأواني النحاسية (الأسفل) معروضات المتحف الصناعي في مدينة تسوبامي والتي من الممكن معرفة تاريخ صناعة المعادن بشكل جيد من خلالها.

فتح المصانع للزيارات والحفاظ على قيمة المنتجات

في السنوات الأخيرة، يقال إن هناك شعور بالتهديد في شركة توجيرو من قبل سكاكين المطبخ الرخيصة والتي يتم إنتاجها في الدول الآسيوية. وذلك لأن المنتجات اليابانية التي يتطلب إنتاجها دفع أجور مرتفعة، ليس لها أسعار تنافسية. لذلك، سيُصبِح من الممكن زيارة المصنع بشكل يومي منذ يوليو/ تموز من عام 2017، من أجل الربط بين الزبائن وأماكن التصنيع.

(الأعلى) حرفي محترف يقوم بفحص حالة النصل بشكل دقيق (أسفل اليسار) إعادة عمل وصل النصل عدة مرات (أسفل اليمين) حرفية تقوم بصقل مكان الاتصال.

يقول السيد أوغاوا: ”تقوم شركة غيوكوسيندو لصناعة الأواني النحاسية، وشركة ”سنوبيك“ ذات العلامة التجارية العالمية والموجودة في مدينة سانجو برفع قيمة منتجاتها من خلال فتح مصانعها للزيارات بشكل يومي. وتعتبر منطقة تسوبامي سانجو قدوة جيدة من أجل بقاء الشركات على قيد الحياة، ليس فقط من الجانب التقني بل أيضا من الجانب الإداري أيضا. وسكاكين المطبخ التي يتم صناعتها في دول آسيا أصبحت ذات مظهر جيد. ومع أنها لا تستطيع تقليد التقنيات العالية، إلا أنه من الصعب على الزبائن معرفة ذلك. لذلك نقوم بفتح مصانعنا للزيارات للتعريف بالتقنيات العالية والأعمال المتقنة، ونتمنى أن يقوموا بنقل ذلك إلى الأشخاص المحيطين بهم. ومن خلال القيام بذلك أعتقد أنه من الممكن دفع صناعة سكاكين المطبخ التي تهتم بأفضل حدة“.

من الممكن مشاهدة أعمال الحرفيين من الممر خاص بالزائرين (على اليمين)

(المقالة الأصلية مكتوبة باللغة اليابانية ومنشورة بتاريخ 3 يوليو/ تموز 2017. التغطية والنص: قسم التحرير من Nippon.com. التصوير: كوديرا كي.)

معلومات المنشأة

معرض سكاكين توجيرو

  • العنوان: Niigata-ken, Tsubame-shi, Yoshidahigashisakaechō, 9-5
  • أوقات العمل: من الساعة العاشرة صباحا وحتى الساعة السادسة مساء
  • أيام العطل: الأحد (يرجى التأكد في الموقع الرسمي)
  • الهاتف: 4195-93-0256
  • الموقع الرسمي (باللغة الإنكليزية): http://www.tojiro-japan.com

 

المتحف الصناعي في مدينة تسوبامي

  • العنوان: Niigata-ken, Tsubame-shi, 4330-1 Ōmagari
  • أوقات العمل: من الساعة التاسعة صباحا وحتى الساعة الرابعة والنصف عصرا (آخر وقت للدخول حتى الساعة الرابعة عصرا)
  • أيام العطل: الاثنين (اليوم التالي في حال كان عطلة رسمية)، اليوم التالي للعطل الرسمية، عطلة رأس السنة
  • رسوم الدخول: البالغين ۳۰۰ ين، الصغار ۱۰۰ ين. يوجد حسومات للجماعات.
  • الموقع الرسمي (باللغة الإنكليزية): http://www.city.tsubame.niigata.jp/shiryou/index_en.html

الحرفيون نيغاتا