أبطال رغم العوائق والتحديات

متعة رياضة الكرة الطائرة بوضعية الجلوس

مجتمع

كانت كانيكي إيمي العضوة في منتخب اليابان القومي في 18 من عمرها عندما أصيبت بسرطان العظام وهو ما أدى إلى إصابتها بإعاقة. وفي إطار عملية إعادة تأهيلها، لعبت الكرة الطائرة بوضعية الجلوس ووجدتها ممتعة حقا. ومن أجل الاستعداد لمواجهة فرق قوية من الولايات المتحدة والصين ودول أخرى، تشعر كانيكي بحماس شديد وتأمل في البلاء حسنا مع فريقها في ألعاب طوكيو 2020.

كانيكي إيمي KANEKI Emi

ولدت في كوبي عام 1982. موظفة منذ عام 2006 في شركة نومورا للسندات المالية. عانت من إعاقة برجلها اليسار في عمر 18 عاما. بدأت بممارسة رياضة الكرة الطائرة بوضعية الجلوس بعمر 19 عاما. تأهلت لعضوية منتخب اليابان القومي في عام 2003 وشاركت في الألعاب البارالمبية في بكين عام 2008 ولندن عام 2012. وحصلت على الميدالية البرونزية في الألعاب الآسيوية البارالمبية عام 2014.

رياضة صعبة حتى بالنسبة لمحترفي لعبة البيسبول

في الثالث من مارس/آذار وقبيل بضعة أيام من انطلاق دوري البيسبول للمحترفين في اليابان، وبعد مباراة ودية أقيمت في استاد ’’قبة طوكيو‘‘، هرع لاعبو فريق ’’عمالقة يوميؤري‘‘ إلى ملعب مؤقت.

’’تلقَ الكرة من هناك!‘‘

’’اضربها!‘‘

في فعالية ’’G Hands Day‘‘ التي تتم برعاية فريق عمالقة يوميؤري لزيادة الوعي برياضات المعاقين، ينخرط لاعبون وأشخاص من عامة الناس معا في محاولة للعب الكرة الطائرة بوضعية الجلوس.

وفي هذه الرياضة لا يستخدم إلا الجزء العلوي من الجسم ويتعين على اللاعبين إبقاء مؤخراتهم ملامسة لأرض الملعب. وحتى الرياضيين المحترفين مثل لاعبي البيسبول كانوا يواجهون صعوبة في التحكم بالكرة. ومن خارج الملعب تقدم كانيكي إيمي وآخرون من أعضاء المنتخب القومي لكرة الطائرة بوضعية الجلوس نصائح للاعبين.

وتقول كانيكي بينما تضحك: ’’لم أتصور أبدا أن يأتي يوم أقوم فيه بتعليم رياضيين نجوم مثل فريق عمالقة يوميؤري كيفية اللعب، ولكني سعيدة لمعرفة أن عرض هذا النوع من المباريات سيجعل من رياضتي أكثر شعبية‘‘.

لاعبا فريق عمالقة يوميؤري تاكاغي كيوسوكي (وسط) وواكاباياشي أكيهيرو (يمين) يجربان لعبة الكرة الطائرة بوضعية الجلوس في 4 مارس/آذار في فعالية ’’G Hands Day‘‘ في استاد قبة طوكيو. حقوق الصورة لعمالقة يوميؤري.

ألعاب بكين: خبرة تبقى في الذاكرة

شاركت كانيكي والتي هي عضوة رئيسية في منتخب اليابان القومي لكرة الطائرة بوضعية الجلوس في ألعاب بكين عام 2008 وألعاب لندن عام 2012. وفيما يتعلق بعملها، فإن كانيكي مسؤولة عن التسويق في فرع شركة نومورا للسندات المالية الذي تعمل به، كما أنها أم لطفل يبلغ من العمر 9 سنوات ولذلك فأيامها حافلة بالأنشطة.

بدأت أولى تجاربها في رياضة كرة الطائرة بوضعية الجلوس عندما كانت في 19 من العمر عندما ذهبت إلى مركزها الرياضي الخاص بالمعاقين وقد اقترح عليها المدرب هناك أن تجرب كرة الطائرة. وقد تطورت بسرعة لأن تصبح عضوا في المنتخب القومي جراء معرفتها السابقة بالشكل الشائع للرياضة منذ أن كانت لاعبة في المدرسة الإعدادية. ولكن الفريق لم يتأهل للمشاركة في ألعاب أثينا عام 2004 وهو أمر مخيب للآمال.

’’كنت ألعب الكرة الطائرة بوضعية الجلوس من أجل إعادة التأهيل وحقيقة لم أفكر أبدا في المشاركة بالألعاب البارالمبية. ولكن عندما هُزمنا بعد التقدم إلى النهائيات المؤهلة لألعاب أثينا، بدأت روح التنافس لدي بالاتقاد وكنت عازمة على العمل بجد للتأهل لألعاب بكين التالية‘‘.

تنافس الفريق بالفعل في ألعاب بكين حيث كانت كانيكي كابتن الفريق، ولكنه فشل في الفوز حتى ولو بمباراة واحدة.

’’بالنظر إلى الوراء، لا يمكن توقع إلا ذلك النوع من النتائج لأننا أقمنا فقط بضعة معسكرات تدريبية والفريق كانت قد تشكل لتوه. وكنت أيضا قليلة الخبرة جدا لأن أكون كابتنا مؤثرا‘‘.

مرت كانيكي بتغير كبير نتيجة للخبرة التي اكتسبتها في ألعاب بكين. فجو الألعاب البارالمبية – التي تقام في استاد متلألئ مليء بمتفرجين كل منهم يشجع فريق بلاده – كان مختلفا كليا عن المنافسات الدولية أو البطولات الآسيوية التي خاضتها حتى ذلك الحين. فقد كانت تقريبا مأخوذة بالطاقة الهائلة المتولدة ولكنها تحولت إلى وضعية القتال مدفوعة بحس المسؤولية واعتزازها بكونها عضوة في المنتخب القومي.

’’لم أكن أبدا لأعرف ما هو الأفضل لحياتي، ولكن الشيء الوحيد المؤكد هو أنني لم أكن لأستطيع تجربة الألعاب البارالمبية إذا لم أكن معاقة‘‘.

تمضي كانيكي الكثير من أوقاتها خلال أيام عملها أمام كمبيوتر. (حقوق الصورة لشركة نومورا للسندات المالية).

’’لا فائدة من البكاء‘‘اعتادت كانيكي أن تكون ماهرة في الحساب منذ طفولتها وحلمت بالعمل في أحد البنوك. وقد التحقت بمدرسة ثانوية تجارية وعثرت على عمل في بنك محلي بعد التخرج. وكانت متحمسة جدا للعمل، مبتهجة بحسن طالعها. ولكن بعد أسبوع من بدء عملها الجديد، شعرت بألم حاد في فخذها الأيسر. وقد شخّص الطبيب الذي ذهبت إليه حالتها بسرطان العظام، وتم إدخالها على الفور إلى المستشفى. وكان عمرها آنذاك 18 عاما.

’’عندما سمعت بتشخيص حالتي، أول ما تبادر إلى ذهني لم يكن خطورة حالتي ولكن التفكير بأنني لن أعود قادرة على العمل في البنك بعد ذلك. وقد سألت الطبيب مباشرة، هل هذا يعني أنني لن أكون قادرة على العمل؟‘‘.

ولكن خطورة الوضع أخذت تتلاشى تدريجيا. إن حالتها المرضية كانت سرطان عظام، ولم تتمكن كانيكي من التوقف عن التفكير بأن السرطان يماثل حكما بالإعدام. ولكن بفضل الرعاية التي كرستها عائلتها، تدريجيا لم تعد تلك الأفكار المظلمة تراود كانيكي.

’’بعد أن عاينت الحب والاهتمام الكبيرين من قبل عائلتي تجاهي، عزمت ألا أبكي مهما كلف الأمر. فقد تساقط شعري وكنت في بعض الأحيان ضعيفة جدا بحيث أني كنت أسقط وأنا في طريقي إلى الحمام، والغثيان الهائل الذي كنت أشعر به أحيانا جعل عيني كالماء. ولكن البكاء لم يكن ليفيد حالتي الصحية أبدا، واعتقدت أنه لن يؤدي إلا إلى جعل الوضع أكثر إيلاما لأسرتي ولذلك قررت أنني لن أذرف دمعة واحدة‘‘.

وفي النهاية خرجت كانيكي من المستشفى بعد سنة من العلاج، وقالت إنها أدركت أنها معاقة بعد أن أصدرت السلطات المحلية شهادة معاقة لها والتي تخولها الحصول على خدمات خاصة. وعلى الرغم من أن رجلها نجت من البتر، إلا أنه تم تركيب صفيحة معدنية في العظام ولم تعد قادرة على ثني ركبتها.

اكتشاف رياضة الكرة الطائرة بوضعية الجلوس

أدركت كانيكي أن لعبة الكرة الطائرة بوضعية الجلوس – والتي بدأتها بعد خروجها من المستشفى – كانت أصعب مما اعتقدت. فالرياضة تمارس على ملعب أصغر وبشبكة أقل ارتفاعا من لعبة الكرة الطائرة الأصلية، ويتعين على اللاعبين إبقاء مؤخراتهم على تماس مع أرضية الملعب باستثناء برهة من الزمن أثناء استقبال الكرة. ولأن كانيكي كانت قد مارست رياضة الكرة الطائرة عندما كانت في المدرسة الإعدادية، كان عليها كبح رغبتها في القفز وكانت غالبا ما تحصل على مخالفات بسبب حركاتها غير المسموح بها قبل أن تعتاد على النمط الجديد من اللعب. ولكن عندما صرحت أمها التي ترافقها في مبارياتها أنه لم يسبق لها أبدا وأن شاهدت ابنتها سعيدة جدا، أصبحت كانيكي تمضي كل عطلات الأسبوع بعد ذلك في التدرب في ملعب الكرة الطائرة.

تلعب رياضة الكرة الطائرة بوضعية الجلوس مع الإبقاء دائما على جزء من المؤخرة على تماس مع أرضية الملعب. والوقوف لإرسال الكرة أو صدها أو الهجوم أو القفز يعد مخالفة. تُرى كانيكي (يسار) هنا وهي جالسة في المنافسة العالمية السادسة في هانغجو في الصين عام 2017. (حقوق الصورة لنومورا للسندات المالية).

يتملك كانيكي على الدوام هاجس إمكانية عودة السرطان، وقد مرت 5 سنوات بدون سرطان وتزوجت في عمر 23 عاما. وقد انتقلت إلى تاكاتسوكي بمحافظة أوساكا حيث يعمل زوجها وبدأت هي أيضا بالعمل في فرع محلي لشركة نومورا للسندات المالية.

ومنذ ذلك الحين، تنشغل كانيكي بعملها ورعاية الأسرة وتربية طفلها ولكنها تجد بعض الوقت لممارسة الكرة الطائرة بوضعية الجلوس لاطلاع عامة الناس على رياضتها.

تحدي اللعب بانسجام بين أفراد الفريق

تبقى عامان فقط على ألعاب طوكيو 2020. تلعب رياضة الكرة الطائرة بوضعية الجلوس بفريق من 6 أعضاء، ويضمن الفريق النصر عند الفوز بثلاث مجموعات. وقوانين تلك الرياضة تقريبا مماثلة لرياضة الكرة الطائرة العادية باستثناء حجم الملعب وارتفاع الشبكة وحقيقة أن يجلس اللاعبون أثناء المباراة على الأرض. إن كانيكي متحمسة للبلاء حسنا في المنافسات ولإظهار مقدار روعة الكرة الطائرة بوضعية الجلوس، ولكنها تواجه معركة حامية الوطيس. فعلى النقيض من الرياضات التي تمارس من قبل لاعبين أفراد، لا يمكن التدرب كفريق بفعالية ما لم يتجمع كل اللاعبين. يوجد حاليا 15 سيدة تقريبا ضمن الفريق القومي، ولكن جميعهن يقطن في مناطق مختلفة من اليابان. وحاليا الملعب الوحيد الذي يحتوي على أرضية تتوافق مع المعايير الدولية – تدعى تارافليكس – يوجد في هيميجي غرب أوساكا. ويتم التدرب كفريق في عطلات نهاية الأسبوع ولكن ليس جميع أفراد الفريق متوفر في كل التدريبات، ولذلك من الصعوبة بناء تواصل جيد.

وطبقا لكانيكي، ’’ليس جميع أفراد الفريق متوفر بسبب العمل أو الالتزامات الأسرية، والسفر من أماكن سكنهن إلى هيميجي للتدرب هو أمر في غاية الصعوبة‘‘.

وبالإضافة إلى ذلك، يتعين على بعض اللاعبات استخدام مخصصات الإجازات للتنافس في الخارج. ولكن الأمور قد تحسنت، حيث يحصلن الآن على دعم من أجل نفقات سفرهن.

كان يتعين على اللاعبات – حتى وقت قريب – دفع نفقات سفرهن للتنافس في الخارج، ولذلك كان يتعين على كل منهن العمل من أجل كسب نقود من أجل هذا الهدف. ولكننا كنا جميعا سعيدات لأننا أحببنا ما كنا نفعل‘‘.

تقوم شركة نامورا القابضة حاليا برعاية المنتخب القومي للكرة الطائرة بوضعية الجلوس، كما أن بيئة التدريب في اليابان آخذة في التحسن تدريجيا. وعلى الرغم من ذلك، تحصل فرق قوية من دول مثل الصين على دعم حكومي سخي، وتتدرب من أجل الاستعداد للمنافسات البارالمبية في معسكرات تدريبة على مدى أسابيع طويلة. ونظرا لقلة التدريب، لم يكن منتخب اليابان القومي قادرا على المشاركة في ألعاب ريو عام 2016. كما أن الفروق الجسمانية في الحجم يمكن أن تشكل ميزة أيضا لصالح اللاعبين الأجانب. تبدو الصعوبات التي تعترض الفوز بميدالية في ألعاب طوكيو كبيرة، ولكن كانيكي على ثقة بأن اللاعبات اليابانيات ستظهرن همتهن وستمضين نحو الفوز.

’’كل شخص يأمل في أن يكون قادرا على المنافسة في الألعاب البارالمبية التي تقام في بلاده. وتصميمنا قد يستدعي عملنا الجماعي العظيم ويغذي قوى لم نكن نعلم بأننا نمتلكها‘‘.

إن كانيكي هي صانعة ألعاب الفريق كما تقوم بإعداد الكرات. وتمريراتها داخل الملعب ببراعة ستساعد بدون أدنى شك في إخراج مواهب زميلاتها في الفريق والفوز بميدالية ليست بعيدة المنال عنهن.

(المقالة الأصلية منشورة باللغة اليابانية بتاريخ 12 أبريل/نيسان 2018. الترجمة من الإنكليزية. صور المقابلة من قبل أكوبو كيئيزو. صورة العنوان: اليابان تلعب ضد إيران في بطولات آسيا وأوقيانوسيا للكرة الطائرة بوضعية الجلوس عام 2017).

أولمبياد طوكيو ذوي الاحتياجات الخاصة