الطريق إلى اليابان

لماذا يضع اليابانيون الأقنعة الطبية؟

مجتمع ثقافة

إن تزايد الطلب على الكمّامات أو الأقنعة الطبية الواقية ليس في اليابان فحسب، بل في العالم كله. تتعدد الأنواع ما بين الأقنعة الخاصة بالأغراض الصناعية والطبية والأقنعة ذات الحس العالي بالموضة.

ارتداء الأقنعة لمنع انتقال الأمراض من وإلى الأشخاص المحيطين

تتزايد بشدة أعداد مرتدي الأقنعة في السنوات الأخيرة في اليابان. ففي عام ٢٠١٤ بلغ إجمالي عدد الأقنعة المصنعة في اليابان والأقنعة المستوردة حوالي ٣.٩٥ مليار قطعة (من بينها ٣.٣٧ مليار قطعة مستوردة). إن الأقنعة التي كان سبب انتشارها في الأساس يرجع إلى الأنفلونزا الإسبانية التي انتشرت عام ١٩١٨، أصبحت الآن عنصرا لا غنى عنه للوقاية الطبية حيث تستخدم في حالات البرد والأنفلونزا وحمى القش (حساسية حبوب اللقاح) وللوقاية من الأتربة. وإذا نظرنا للعالم نجد تزايد الطلب على الأقنعة وذلك للوقاية من مشاكل جسيمات PM2.5 (الجسيمات الدقيقة الملوثة للهواء)، وفيروس كورونا الشرق الأوسط (متلازمة الشرق الأوسط التنفسية)، وفيروس إيبولا، وتلوث الغبار المعدني عند قيادة الدراجة النارية.

طبقا لشركة ”فوجي كِيزاي“ الاستشارية المتخصصة في التسويق، فإن مبيعات الأقنعة للاستخدام المنزلي بلغت ٢٣.٢ مليار ين لعام ٢٠١٤. وفي عام ٢٠٠٩ عندما تفشت أنفلونزا الخنازير ارتفعت المبيعات لتسجل أعلى ارتفاع لها على الإطلاق حيث وصلت إلى ٣٤ مليار ين. وعند بدايات الربيع يتزايد عدد الأشخاص الذين يرتدون الأقنعة للوقاية من حمى القش، وفي الصيف يوجد أيضا أشخاص يرتدون الأقنعة المبللة في المكاتب بسبب جفاف الهواء نتيجة استخدام مكيفات الهواء. فيكون معروضا على مدار العام من ٤-٥ أنواع من الأقنعة في الكومبيني ومتاجر الأدوية.

في أوروبا وأمريكا لا توجد ثقافة ارتداء الأقنعة الواقية حتى في أوقات المرض عادة، وذلك نظرا لصعوبة تفهم إحساس ارتداء الأقنعة الواقية، أو لأنه أحيانا ما يُحذر الناس من الشخص مرتدي القناع حيث يُعتقد أنه ربما مصاب بمرض خطير أو ربما يكون قاطع طريق.

وطبقا لنتيجة البحث الذي قامت به شركة ”كوباياشي“ للأدوية، فإن معدل اليابانيين الذين يستخدمون الأقنعة بشكل يومي تقريبا عند الشعور بنزلات البرد والأنفلونزا أو ظهور أعراضها، قد ازداد إلى ٣٠.٦٪‏ عام ٢٠١١ بعد أن كان ١٨٪‏ عام ٢٠٠٨. وطبقا للاستبيان الذي أجرته شركة ”سوفت برين فيلد“ في شهر يناير عام ٢٠١٥ حول الأقنعة التي تستخدم لمرة واحدة، فإن أكثر الأسباب لاستخدام الأقنعة كانت على الترتيب ”للوقاية من نزلات البرد والأنفلونزا“، و”عند الإصابة بنزلات البرد والأنفلونزا“.

ففي اليابان، البلد الأكثر صرامة تجاه ”إزعاج الآخرين“، أصبح ارتداء الأقنعة لعدم انتقال الأمراض من وإلى الأشخاص المحيطين من الآداب والسلوك العامة في المجتمع.

”أقنعة“ تستخدم بغرض الأناقة وإخفاء تعبيرات الوجه !

وفي الآونة الأخيرة، ازداد عدد الشباب الذين يرتدون الأقنعة يوميا بغرض إخفاء تعبيرات الوجه. فطبقا للاستبيان الذي أجرته شركة ”أوريكون إم ئي oriconME“ في عام ٢٠١٤ على البنات في المراهقات والعقد الثاني من العمر، فإنه واحدة من بين كل ٣ بنات أجابت بأنه قد سبق لها ارتداء القناع من أجل إخفاء الوجه. وعن أسباب ذلك يأتي في أعلى الترتيب ”لأن ذلك أسهل عند الخروج فلا يكون هناك داعي للماكياج“، ”لا أحب أن تُرى بشرتي بدون ماكياج“ وغير ذلك. كما أن هناك إتجاه غالب لارتداء الأقنعة بين الشباب الذين لا يجيدون العلاقات الاجتماعية حيث يخفون بذلك تعبيرات الوجه لكي لا يتحدث معهم أحد ممن حولهم.

وفي ظل هذا الرواج ظهرت أقنعة للبنات ذات تصميمات ملونة وأخرى تجعل الوجه يبدو صغيرا. كما أن الأقنعة السوداء تحوذ على إعجاب كبير بين الرجال حيث تناسب البذل غامقة اللون، وفي أوائل عام ٢٠١٥ كانت الأقنعة السوداء هي أكثر الأقنعة بيعا في سلسلة محلات ”توكيو هانز“.

أقنعة ”ماكارون ريس“ قدم الصورة: متجر ”إستكوتشور“ المتخصص في الأقنعة الأنيقة

أقنعة متعددة الأنواع والمقاسات

الأقنعة الأكثر انتشارا في الآونة الأخيرة هي الأقنعة عالية التقنية والتي يستخدم فيها تقنيات حديثة مثل استخدام المواد الغير منسوجة في الفلاتر وغيرها. والأقنعة التي تُصنع بإضافة الطيّات وبشكل ثلاثي الأبعاد لتلاءم انحناءات الوجه، وتجد منها ما يحول دون دخول الفيروسات، ومنها الرطب ذو خاصية الاحتفاظ بالنداوة من التنفس بواسطة الفلتر المبلل، والأقنعة الخاصة لمنع تكوّن ضباب من هواء التنفس على عدسات النظارة إلى آخره من الأنواع والمقاسات العديدة المتوفرة.

في ربيع عام ٢٠١٥، لاعب التزلج الفني على الجليد ”هانيو يوزورو“ الحاصل على الميدالية الذهبية في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام ٢٠١٤، لفت أنظار الإعلام عندما وصل إلى مطار شنغهاي مرتديا قناعا ذو تقنية عالية بداخله ٩ فلاتر يمكن غسله واستخدامه حتى ١٠٠ مرة. وقد قامت شركة ”كليفر CLEVER“ والتي صنعت هذا القِناع، أيضا بتصنيع وإنتاج قناعا يصد جزيئات فيروس إيبولا ويمكنه التطهير الذاتي من الفيروس بنسبة ٩٩٪‏ حتى في حالة التصاق الفيروس به، وقامت بالتبرع بـ١٠ آلاف قطعة منه إلى ثلاثة دول أفريقية (كينيا، ليبيريا، والكونغو) في نوفمبر عام ٢٠١٤.

العمل بوتيرة سريعة لتصنيع الأقنعة المضادة لفيروس إيبولا، في شركة كليفر بمحافظة أيتشي. الصورة من جيجي برس.

جزيئات PM2.5 والتي أصبحت مشكلة مجتمعية في السنوات الأخيرة، يمكنها التخلل من الأقنعة للاستخدام المنزلية العادية وهي تسبب سرطان الرئة كما تأثر تأثيرا سيئا على الجهاز التنفسي ونظام الدورة الدورية. والـPM2.5 هي جزيئات متناهية الصغر يكون قطرها أصغر من ٢.٥ ميكرومتر، لذا لا تستطيع الأقنعة العادية أن تصد وتمنع تخللها إلا إذا كانت أقنعة طبية أو أقنعة صناعية تفوق مقياس ”DS2“ وفقا للمعيار الياباني للأقنعة أو مقياس ”N95“ وفقا للمعايير الأمريكية أو ما تساوي معهما.

المُلائمة التامة على الوجه قبل أي شيء !

مهما كان القناع المستخدم سعره مرتفعا وكفاءته عالية، فإنه لنبدي كفاءة عند الاستخدام إذا تم ارتداءه بالمقلوب أو لم يكن مضبوطا وملائما تماما لمقاس الوجه. لذا تكون المقاسات متاحة بدءً من سن سنة ونصف. يمكن استخدام الأقنعة لأغراض وفوائد مختلفة ومتنوعة. وإنه من الأفضل أن نبحث على القناع المناسب من حيث المقاس وحجم الوجه وغرض الاستخدام لكل فرد من أفراد العائلة وذلك كإجراء إحتياطي للسيطرة على المخاطر وقت اللزوم.

صورة العنوان: يرتدي المارة الأقنعة في حي جينزا في أوائل مارس خلال ذروة حساسية حبوب اللقاح في اليابان. الصورة من جيجي برس.

قناع