الخلايا الجذعية ومستقبل علاج الأمراض المستعصية والمزمنة

علوم تكنولوجيا

في شهر أغسطس/آب ٢٠٠٦ نشر الدكتور ياماناكا شينيا من جامعة كيوتو ورقة بحثية تًبرهن نجاحه في إنتاج خلايا جذعية مُـحَفِزَّة متعددة القدرات ، وفي دراسة سريرية عام ٢٠١٤، تم زرع الأنسجة المشتقة من خلايا جذعية مستحثة متعددة القدرات (iPS آي بي إس)، للمريض للمرة الأولى. وفي ظل وجود العديد من التحديات التي يجب التغلب عليها، تظهر بشائر نجاح علاجات الطب التجديدي لتصبح قريبا في متناول اليد.

كان الطب التجديدي حلم الباحثين لسنوات عِدَّة، ولعل الهدف النهائي هو استعادة أجزاء الجسم العاجزة عن أداء مهامها كالعيون التي فقدت البصر والأطراف التي لم تعد تتحرك، ونبضات القلب التي على وشك التوقف. سيما وأنه يمكن اعتبار استبدال الوظائف المفقودة أو المتضائلة بالنظارات الطبية، والأطراف الصناعية، والأجهزة الاصطناعية نوعاً من الطب التجديدي بالمعنى الواسع. لكن يلوح هناك في الأفق وجود تقدم مفاجئ فمنذ ٣٥ عاما، ا نجح العلماء في إنتاج خلايا جذعية جنينية من أجنة فئران عام ١٩٨١. وفي عام ١٩٩٨ كانوا قادرين على إنتاج خلايا جذعية جنينية من الإنسان.

يتكون جسم الإنسان البالغ من حوالي ٦٠ تريليون خلية، والتي تولدت من بويضة واحدة مخصبة من خلال الانقسام الخلوي المتكرر. وتلك الخلايا الجذعية قادرة على التكاثر ذاتيا وتلقائيا من خلال الانقسام والتمايز في مجموعة متنوعة من الخلايا وهي ميزة تسمى قوة نفاذية الخلية أي تحفيزها مما يُمَكِّن للبيضة المخصبة خاصة إنتاج كل انواع الخلايا البالغة.

تنتج الخلايا الجذعية الجنينية من أجنة مبكرة خضعت خلاياها لست أو لسبع انقسامات بعد الإخصاب. في الجوهر، وهي خلايا جذعية التي يمكن أن تتكاثر إلى ما لا نهاية تقريبا دون أن تفقد القدرات الخاصة بها. وفي حين يبعث العلاج التجديدي الأمل، فقد واجهت الخلايا الجذعية الجنينية أيضا عددا من القضايا، مثل الحاجة إلى تكنولوجيات للحث بأمان على التمايز في الخلايا المستهدفة ومنع الرفض بعد الزرع. ومع ذلك، يعتبر الحاجز الأكبر أخلاقيا، بما أن الخلايا الجذعية تنتج من الأجنة البشرية.

وبينما كافح الباحثون في جميع أنحاء العالم للحث على تمايز الخلايا الجذعية الجنينية في مختلف الخلايا الجسدية، نجح ياماناكا شينيا في إنتاج الخلايا المحفزة من خلال اتخاذ نهج معكوس.

الفوز بجائزة نوبل

مع فحص ٢٤ من الجينات تم تشخيصها كجينات مهمة في الخلايا الجذعية الجنينية، وجد ياماناكا في وقت لاحق أربع جينات ضرورية للحصول على الخلايا الجذعية المستحثة متعددة القدرات «آي بي إس iPS» تعرف اليوم تحت اسم عوامل ياماناكا: Oct3/4 ،Sox2 ،c-Myc، و4Klf. جرى دمجها في الخلايا الجلدية للفئران باستخدام الفيروسات القهقرية كناقلات لإنتاج خلايا جذعية محفزة/مستحثة متعددة القدرات المماثلة للخلايا الجذعية الجنينية. أطلق ياماناكا على هذه الخلايا اسم ”الخلايا الجذعية المستحثة متعددة القدرات“ (بالإنكليزية: induced pluripotent stem cells) أو اختصارا (iPS cells). وقد كتب حرف ”i“ كحرف صغير أملاً في تكرار النجاح العالمي لأجهزة آي-بود (iPod)، مشغل موسيقى المحمول من شركة أبل.

تم الكشف عن تفاصيل عملية الإنتاج وهوية هذه الجينات الأربعة في إصدار ٢٥ أغسطس/آب ٢٠٠٦، من مجلة Cell العلمية في الولايات المتحدة. ومع ذلك، كان من الضروري قبل إمكانية استخدام الخلايا الجذعية في علاج المرضى من البشر، إثبات أنه يمكن إنتاجها مع الخلايا البشرية بدلا من خلايا الفئران. بينما استغرقت القفزة من إنتاج الخلايا الجذعية الجنينية المستمدة من الفئران إلى الخلايا الجذعية المستمدة من الإنسان ١٧ عاما، نجح ياماناكا في العام الذي تلاها في إنتاج خلايا جذعية مستحثة متعددة القدرات من الإنسان.

مستعمرة من خلايا جذعية مستحثة متعددة القدرات أنشئت من الخلايا الليفية. عرض المستعمرة حوالي ٠،٥ مم. (تصوير: ياماناكا شينيا)

البروفيسور ياماناكا شينيا من جامعة كيوتو، في يوليو/تموز ٢٠١٦. جيجي برس.

يمكن للخلية الجذعية المستحثة متعددة القدرات إحِدَاث تغييرات جذرية ليس في الطب التجديدي فقط وإنما في مجال الطب السريري بأكمله. من خلال مقارنة خلايا مريضة لأحد المرضى مع الخلايا الجذعية المستحثة متعددة القدرات المنتجة من الخلايا المعاد برمجتها من نفس المريض، على سبيل المثال، قد يمكن التعرف على آلية المرض وبالتالي تطوير عقاقير جديدة. حتى الرئيس الأمريكي جورج بوش وبابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر، اللذان كانا من معارضي استخدام الخلايا الجذعية الجنينية لأسباب أخلاقية محضة، رحبا عام ٢٠١٢بتطوير خلايا جذعية مستحثة متعددة القدرات ، وقبل إنقاذ اكتشافه حياة بشرية واحدة، تم منح ياماناكا جائزة نوبل في الفسيولوجيا أو الطب.

وهكذا اشار تطوير الخلايا الجذعية المستحثة متعددة القدرات من الإنسان لبدء السباق بغية تحقيق حلم الطب التجديدي.

وقد واجهت الطريقة المطورة في البداية لإنتاج الخلايا الجذعية المستحثة متعددة القدرات خطر تكوين الورم وكانت غير فعالة للغاية. لكن بعد تعزيز سلامة الخلايا عن طريق ضبط اختيار الجينات المستخدمة وطريقة الإنتاج، تم البدء بالاختبارات السريرية عام ٢٠١٤، ثُمّ تم زرع طبقة من لخلايا طلائية صبغية لشبكية العين، والتي كانت متباينة من الخلايا المحفزة من خلال التمايز المباشر، في عين امرأة في السبعين من عمرها كانت تعاني من تنكس بقعي، وهو مرض مستعصي. وكان ذلك في ١٢ سبتمبر/أيلول ٢٠١٤ حيث أجريت العملية في معهد البحوث الطبية الحيوية ومستشفى الابتكار في كوبي، بمحافظة هيوغو.

وتقود سلسلة الاختبارات تاكاهاشي ماسايو، وهي طبيبة مختصة في جراحة العيون ورئيسة المشروع في معهد الأبحاث العلمية ”ريكن“. ليتمثل الهدف الأساسي من تلك التجربة في تقييم العلاج وسلامته وستنتهج الدراسة التهجين ثم التحقق من تشكّل الورم على مدى أربع سنوات ونيّف. وحتى الآن لم يتم العثور على مشاكل على مدى العامين الماضيين لكن التجربة السريرية الثانية التي كان من المقرر أن تبدأ عام ٢٠١٥ ألغيت بعد اكتشاف الباحثين طفرات وراثية متعددة في خلية جذعية مستحثة متعددة القدرات مصدرها خلايا المريض.

قمع الرفض المناعي وتكون الأورام

توجد عند زراعة الخلايا الجذعية من خلايا المريض نفسه ميزةٌ فريدة وهي تجاوز مسألة الرفض المناعي، التي كانت مصدر قلق كبير تصاحب عملية الزرع. ومع ذلك، فقد كانت تجربة ريكن تتطلب مرور ١١ شهرا لزراعة الخلايا الجذعية المستمدة من المريض، وتمييزها، وكذلك تشكيلها في طبقات الشبكية، وإجراء فحوص خاصة بالسلامة شاملة طوال المدة. بحيث تصاعدت التكاليف أيضا إلى مئات الملايين من الين. لذلك، تسعى ريكن في التجربة المقبلة لتوليد الخلايا الطلائية الصبغية في شبكية العين للزرع من خلال تمايز مخزون الخلايا الجذعية في مركز جامعة كيوتو لبحوث وتطبيق الخلايا الجذعية (CiRA). وهذا مما يستدعي أن يسمح للباحثين استئناف الزرع في عام ٢٠١٧.

تندرج الخلايا في واحدة من عدة أنواع مستضدات الكريات البيضاء البشرية (HLA)، مشابهة إلى حد ما لزمر الدم ABO. تماما مثلما يمكن نقل فصيلة الدم O للأفراد من كل نوع دم، ومن المعروف أن أنواع HLA معينة لا تثير رد فعل الرفض عند زرعها. علما بأن جامعة كيوتو في صدد تخزين الخلايا الجذعية المستحثة متعددة القدرات من أنواع HLA الأكثر قابلية للتطبيق على نطاق واسع.

مخزون لخلايا جذعية مًحّفزة متعددة القدرات في مرفق الخاص بمعالجة الخلايا الجذعية في مركز جامعة كيوتو لبحوث وتطبيق الخلايا الجذعية (الصورة من CiRA)

ويعتقد وجود عشرات الآلاف من أنواع مستضد الكريات البيضاء البشرية HLA، كما أن لدى الأفراد الذين ورثوا نفس علامات HLA من كلا الوالدين ما يعرف باسم HLA المتماثل، يمكن التعبير عنه، بعبارات مبسطة، بالأحرف BB ،AA، أو CC. وعلى سبيل المثال، يمكن زرع خلايا شخص له النمط الجيني AA في مريض له النمط الجيني AB أو AC مع الحد الأدنى من خطر الرفض. ويعتقد أن ٧٥ من المتبرعين فقط ممن لديهم ما يعرف باسم HLA المتماثل (مع ٧٥ من أنواع HLA الأكثر شيوعا) يكون كافيا لتغطية ٨٠٪ من السكان، في حين وجود ١٤٠ من المانحين سيزيد نسبة التغطية إلى ٩٠٪. وبما أن مخزون الخلايا الجذعية المستحثة متعددة القدرات من هذا الحجم فإنه ليس من الصعب جدا تطويره، لذا طلبت جامعة كيوتو المساعدة من مستشفى جامعة كيوتو، وجمعية الصليب الأحمر الياباني، وبنوك الدم، وغيرها من المعاهد تحديد الأفراد الذين لديهم HLA متماثل، لكي يتم الطلب منهم التعاون بالتبرع.

وباستخدام الخلايا المتبرع بها، تقوم جامعة كيوتو بتطوير احتياطي من الخلايا الجذعية المستحثة متعددة القدرات وذات جودة عالية للعلاج وستكون قابلة للتطبيق بحلول نهاية مارس/آذار ٢٠١٨على ٣٠ -٥٠٪ من الشعب الياباني.

ولعل خطر تكوين الورم، كان أكبر عقبة تقنية لم يتم القضاء عليها منذ بداية البحوث السريرية، وعلى الرغم من تحسينات في طرق الإنتاج. فإن الباحثين يسعون لحث الخلايا الجذعية المستحثة متعددة القدرات على التمايز لتحويلها للنوع المطلوب من الخلايا لكن إذا ظلت هناك خلايا جذعية غير متمايزة، فإن هذه قد تتحول إلى أورام. ولذا فالعثور على طرق تمييز بشكل كامل لكافة الخلايا أو إزالة أي شوائب ستكون مفاتيحاً هامة لنجاح العلاج التجديدي باستخدام خلايا جذعية مستحثة متعددة القدرات .

تمهيد الطريق القانوني للاستخدام الفعلي

تقدم الحكومة اليابانية دعما غير مباشر لاستخدام عملي للخلايا الجذعية المستحثة متعددة القدرات من خلال القيام بمراجعات قانونية وغيرها من الوسائل. فقد تم تعديل قانون الشؤون الصيدلانية في نوفمبر/تشرين الثاني ٢٠١٤ حيث ستحصل بموجبه منتجات طبية تجديدية كطبقات الخلايا، التي تأكدت في التجارب السريرية، على موافقة الحكومة كونها مستحضرات صيدلية في أقرب وقت يفترض أنها فعالة، ولكن مع فرض قيود على المدة وماهية المشتري. وكذلك التحقق إذا كان بالإمكان من فعالية المنتج بشكل كامل في غضون فترة زمنية معينة بعد البدء بالبيع ليتم أيضا مراجعتها والموافقة عليها رسميا ومن المتوقع خفض الوقت اللازم للموافقة عليها م من نحو١٠ سنوات إلى ٢-٣ سنة فقط.

ويقال إن القانون المعدل سيكون في طليعة التشريعات الصيدلانية في جميع انحاء العالم. لما بأن الموافقة على المنتجات الطبية التجديدية قبل بلدان أخرى ينطوي على مخاطر كبيرة، ولكن يبدو أن الحكومة اليابانية مستعدة لتحمل تلك المخاطر في دعم بحوث الخلايا الجذعية.

وبدافع حماية المرضى، في الوقت نفسه، تم تمرير قانون منفصل لمنع انتشار العيادات التي تقدم المعالجة التجديدية ذات الفعالية والسلامة غير المثبتة على حساب صحة المريض نفسه.

علاجات جديدة

وتجدر الإشارة إلى أن البحوث حول استخدام الخلايا الجذعية المستحثة متعددة القدرات لعلاج قصور القلب، وإصابات الحبل الشوكي ومرض باركنسون، ومجموعة متنوعة من الحالات الأخرى تتقدم باطراد، وقد بدأ الانتقال تدريجيا ليتجاوز مرحلة التجارب على الحيوانات ويقترب من الدراسات السريرية على البشر.

ويعمل أوكانو هيديوكي، أستاذ وعميد كلية الطب في جامعة كييو من أجل إجراء العلاج باستخدام الخلايا المحفزة المتاحة للمرضى الذين يعانون من إصابات في النخاع الشوكي. لأن مثل هذه الإصابات التي تنجم عن حوادث وصدمات تصبح مزمنة بسرعة وبالتالي ليس هناك وقت للانتظار لنمو الخلايا الجذعية المستمدة من المريض. لذا يعتزم أوكانو استخدام مخزون الخلايا الجذعية في جامعة كيوتو لإنتاج خلايا جذعية عصبية متمايزة سيتم حقنها في أول شخص خلال السنة المالية ٢٠١٧-٢٠١٨. ويأمل أوكانو أيضا بتطبيق هذه التكنولوجيا لعلاج احتشاء الدماغ.

أما الأستاذ سوا يوشيكي من جامعة أوساكا فيعمل على تطوير علاج قصور القلب حيث يتم زرع طبقات الخلايا الجذعية المستمدة من عضلة القلب في القلب.

كما يعمل البروفيسور تاكاهاشي جون من جامعة كيوتو على علاج مرض باركنسون، وهو اضطراب عصبي عضال، يستخدم خلايا عصبية منتجة للدوبامين المشتق من الخلايا الجذعية. وعلاوة على ذلك وبغية المساعدة في تلبية النقص في عدد المتبرعين بالمجتمع الياباني الذي يتسم بالشيخوخة، يعمل تاكاهاشي على تنفيذ مشروع بالتعاون مع جمعية الصليب الأحمر اليابانية لتصنيع الصفائح الدموية وخلايا الدم الحمراء من الخلايا الجذعية. وتشمل خططٌ أخرى علاج السرطان باستخدام تكنولوجيا الخلايا الجذعية لتنشيط الخلايا المناعية.

الخلايا العصبية المنتجة للدوبامين المستحثة من الخلايا الجذعية الإنسانية. (تصوير: موريزاني أسوكا، CiRA)

وفي الوقت نفسه، يجري أيضا بذل الجهود من أجل زراعة أعضاء كاملة من الخلايا الجذعية ونجح تانيغوتشي هيديكي الأستاذ بجامعة مدينة يوكوهاما في تطوير ”برعم الكبد“ ثلاثي الأبعاد من خلايا السلائف (خلايا متباينة جزئيا في طريقها إلى أن تصبح خلايا جسدية من نوع خاص) وهي مستحثة من خلايا جذعية بشرية.

استخدام الخلايا الجذعية المستحثة متعددة القدرات في تطوير العقاقير

وإلى جانب المعالجة التجديدية، ينظر لتطوير الأدوية كحقل رئيسي آخر حيث يمكن تطبيق الخلايا الجذعية المستحثة متعددة القدرات .

ويتم اختبار عشرات الآلاف من المواد قبل أن تتم الموافقة على أحدها للاعتماد كدواء جديد. وليس من النادر للمطورين التخلي عن مادة واعدة بسبب آثار جانبية قوية أو غيرها من العوامل التي تظهر خلال عملية التطوير إلا أن الخلايا الجذعية يمكن أن تكون بمثابة أداة للتنبؤ بهذه الآثار السلبية. فعلى سبيل المثال، يمكن التنبؤ بالتسمم الكبدي باستخدام خلايا الكبد المستحثة من الخلايا الجذعية الإنسانية. وقد يكون لعَدَم انتظام ضربات القلب، تأثير جانبي قاتل آخر، لكنه أصبح فعلاً بالإمكان التنبؤ به بمساعدة خلايا عضلة القلب المستمدة من الخلايا الجذعية.

كما توضع آمال كبيرة على الخلايا الجذعية لتطوير أدوية لأمراض مستعصية. ففي عام ٢٠١٢ أطلقت وزارة التربية والتعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتكنولوجيا ووزارة الصحة والعمل والرعاية الاجتماعية مشروعا للتعاون الصناعي والأكاديمي للأبحاث حول الأمراض المستعصية باستخدام الخلايا الجذعية. من خلال إنتاج خلايا جذعية من الخلايا الجسدية مثل خلايا الجلد والدم المتبرع به من مرضى يعانون من أمراض مستعصية وثم التمييز بينهما في خلايا المنطقة المصابة، ويهدف المشروع إلى إلقاء الضوء على الباثولوجيا أو علم هذه الأمراض وتمهيد الطريق لتطوير عقاقير جديدة. وهنالك نحو خمسون من الفرق البحثية التابعة لوزارة الصحة والعمل والرعاية الاجتماعية تدرس الأمراض المستعصية وتنسق مع هذا المشروع، وتضم خمسة مراكز بما فيها جامعة كيوتو إضافة لسبع شركات دوائية. وقد نجحت جامعة كيوتو وجامعة كييو بتحديد علاجات محتملة لستة أمراض، بما في ذلك خلل التنسج الليفي المعظم المترقي - أي تنامي الياف غير مرجوة في نخاع العظم - من بين أدوية وعقاقير تُستخدم حاليا لعلاج أمراض أخرى. وهم يهدفون لجعل هذه الأدوية متاحة للاستخدام العملي بعد التجارب السريرية وغيرها من الإجراءات.

وتستثمر الحكومة اليابانية مبالغاً طائلة تُقَّدر بعشرات المليارات باتجاه تطبيق عملي للعلاجات عبر الخلايا الجذعية، لكن لا تزال هناك بعض المسائل المتعلقة بتنمية الموارد البشرية وغيرها من المجالات. مما دفع بالجمعية اليابانية للطب التجديدي لكي تتصدى لمشكلة ندرة العاملين من خلال إطلاق نظام شهادة الاعتماد للأطباء في الطب التجديدي والمهندسين المختصين في زراعة الخلايا السريرية وتدريب الفنيين المهرة في زراعة ومعالجة الخلايا.

لقد مر عقد من الزمن منذ اكتشاف الخلايا الجذعية المستحثة متعددة القدرات ، وبدء الأبحاث السريرية المعنية ولكن لا يزال هناك طريق طويل قبل أن تصل فوائد الخلايا الجذعية إلى كل ركن من أركان المجتمع. ولعل ياماناكا شينيا، الذي كان رائدا في هذا المجال، وغيره من العلماء في جميع أنحاء العالم يعملون بلا كلل من أجل تطوير البحوث حيث يسيرون على الخطوط الفاصلة بين السلامة والسرعة، وبين المخاطر والفوائد، لكن الثقة في الإمكانيات الهائلة للخلايا الجذعية المستحثة متعددة القدرات تدفعهم للمضي قُدُماً.

(المقالة الأصلية باللغة اليابانية، ونشرت في ٢٨ سبتمبر/أيلول ٢٠١٦. الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: باحث يجري تجربة في مختبر مفتوح في مركز جامعة كيوتو للبحوث وتطبيق الخلايا الجذعية. الصورة مقدمة من CiRA، جامعة كيوتو.)

الخلايا الجذعية الطب التجديدي ياماناكا شينيا