منتجات يابانية

تحكم الاهتزاز الأصلي يثير سلسلة من ”الابتكارات على مستوى العالم“

اقتصاد علوم تكنولوجيا

معهد ماتسودا للبحوث والتطوير (MATSUDA R&D CO., LTD) هو شركة صغيرة مكونة من ١٠ أشخاص من الموظفين وتقع في أحد أحياء إيتاباشي بطوكيو، وتنشط باستمرار بتطوير منتجات عالية الدقة بواسطة تكنولوجيا تحكم الاهتزاز الأصلي الخاصة بها. يقود هذا العمل الرائد رئيس الشركة ماتسودا شينجي، ٧٠ عاماً، الذي كانت بدايته في شركة هوندا موتور.

صندوق تسليم البريد يصبح خطوة النجاح الأولى

ترك ماتسودا شينجي وظيفته في شركة هوندا عام ١٩٨٢ وهو يتبوأ مكانا مرموقا كمُصَممٍ لامع في تطوير قطع غيار الدراجات النارية. وكان في الـ ٣٧ من العمر آنذاك وعند الحديث عن ذلك، يقول ماتسودا إن قطع غيار الدراجات النارية تُعد نوعا من أنواع السلع الكمالية، ويضيف، ”أردت أن أفعل شيئا من شأنه أن يسهم في المجتمع بشكل أكبر“.

خلال عام ١٩٩٦ طلبت وزارة البريد والاتصالات من ماتسودا أن يقوم بتطوير صناديق بريد محمولة للدراجات النارية الخاصة بتسليم البريد. وكان ذلك طلباً صعباً، كما يقول، فقد تضمن الطلب ”أن يكون ذلك صندوقاً يصبح أكبر حجماً عند تحميله بالكثير من البريد وأصغر حجماً عندما لا يكون هناك الكثير من البريد؛ وأن يكون بدون غطاء أثناء عملية التوصيل لكن يمكن تغطيته عند هطول المطر؛ وأن يكون غير قابل للكسر حتى لو انقلبت الدراجة النارية“.

وقد جاء ماتسودا بفكرةٍ مفادها أن يكون الصندوق مكوناً من طبقتين. يمكن سحب الجانب الخارجي للصندوق في حالة وجود الكثير من البريد، وخفضه عندما تقل كمية البريد. وكذلك استخدام نظام الانزلاق لفتح وغلق الغطاء. بحيث يمكن تركه مفتوحاً بشكل طبيعي، ولكن يمكن غلقه عند سقوط المطر. وقد حاز الصندوق على قبول كبير من موظفي البريد وقامت شركة ماتسودا MRD) R & D) بتسليم ما مجموعه ١١٠ ألف صندوق إلى مكاتب البريد في جميع أنحاء البلاد. واليوم وبعد مرور ٢٠ عاماً، لا يزال حوالي ٦٠ ألف صندوق قيد التداول والاستخدام.

صندوق تسليم البريد الذي انتشر بنجاح في أنحاء البلاد

صندوق جمع عينات ”هايابوسا“ لتعليق القبة المعدنية

يتلقى ماتسودا طلبات غريبة بشكل دائم. ففي ديسمبر/كانون الأول عام ٢٠٠٠ ورده طلب من شركة كانون العملاقة في عالم الكاميرا لنقل تلسكوب لكي يتم تثبيته بعدئذ على مرصد فلكي في هاواي. وكان الرد جهازاً متطوراً لـMRD يقوم على إنشاء نظام تعليق كنابض يصبح مَرِناً من الهواء المضغوط في الأنابيب الداخلية للإطارات.

وعلمت وكالة استكشاف الفضاء اليابانية (جاكسا) بهذا لاحقاً وطلبت من شركة MRD أن تطور صندوقاً مجمعاً يمكنه أن يحمل كبسولة إلى اليابان بسلام ثم بعد عودة مستكشف الكويكب هايابوسا إلى الأرض. أرادت جاكسا شيئاً من شأنه أن يقلل من تأثير قوة تسارع الجاذبية والمعروفة بـ”قوة جي“ على الحاوية، والحفاظ عليها دون ١.٥ جي أثناء النقل، ويمكن نقلها بالطائرة إلى اليابان بعد أن يتم حملها بسيارة على طريق من الصحراء الأسترالية حيث ستهبط الكبسولة. حيث أن الاهتزاز على المدى القصير في نقل الشاحنات العادية هو ١٠ جي، وحتى مع وجود نظام تعليق هوائي يعمل بكامل قوته فإنّ الاهتزاز يبقى بحدود ٥ جي. وبذلك كان تحقيق اهتزاز أقلّ من ١.٥ جي طلباً صعبَ التحقيق.

كانت الفكرة التي جاءت لماتسودا هي ”تعليق القُبة المعدنية“ بحيث يتم الجمع بين ثمانية شرائط من الفولاذ المقاوم للصدأ لتكوين تلك القبة. اليوم تعد هذه هي واحدة من تقنيات التحكم في الاهتزاز الرئيسية بالنسبة لـ MRD.

يقول ماتسودا ”بعد تجربة أشياء كثيرة راودتني فكرة هذا الشكل عندما كنت أنظر إلى كرة تنس فمن خلال الشكل الكروي، تتبدد الاهتزازات في جميع الاتجاهات“.

من خلال عملية من مراجعات متكررة للتصميم والتحسينات تم تطوير هذا النظام لدرجة أنه أصبح يستوعب ٩٨.٥٪ من الاهتزازات. فقد هبط مسبار الفضاء هايابوسا بسلام في يونيو/حزيران ٢٠١٠، ووصلت العينات التي كان يحملها إلى اليابان دون وقوع حوادث.

التالي، كرسي متحرك بنظام تقليل الاهتزاز

الكراسي المتحركة بنظام تقليل الاهتزاز

بعد ذلك تم تطبيق تقنية تقليل الاهتزاز والمستخدمة أصلاً من أجل التحكم بـ”هايابوسا“ على الكراسي المتحركة. ويجدر القول إن الكثير من مستخدمي الكرسي المتحرك يعاني من الاهتزازات الصغيرة التي تصدر عن الدرج وغيره من الأماكن غير المستوية سواء في الطريق أو على سطح الرصيف. وحين كان صحيحاً أن الكراسي المتحركة المجهزة بأنظمة التعليق متوفرة، إلا أن سعرها يصل إلى ٢٠٠ ألف ين وأكثر في اليابان.

كما بدأت MRD العمل على تطوير معدات لتقليل الاهتزاز يمكن عن طريقها تركيب آلية تعليق على العجلات الصغيرة الأمامية وعجلات قيادة الكراسي التي يمتلكها الناس حالياً، وهذا مما يلغي الحاجة كُلّيّاً إلى شراء كرسي متحرك جديد. وسوف يكون باستطاعة المستخدمين اختيار المكان الذي يودون تثبيت أجهزة تقليل الاهتزاز، على سبيل المثال في العجلات الأمامية فقط أو عجلات القيادة فقط. كما ستكون الصيانة بسيطة أيضاً، وسيظل السعر منخفضاً.

يقول ماتسودا ”أخيراً وصلنا إلى مرحلة يمكننا فيها أن تنتج هذه المعدات خلال العام ٢٠١٥ بكميات كبيرة “.

نقل الأعضاء البشرية باستخدام تكنولوجيا العزل الحراري

تركزت معظم جهود الشركة في الآونة الأخيرة على تطوير ألواح العزل الفراغي بسماكةِ قدرها حوالي ٢٠ ملم. حيث يتم في هذه الألواح ربط لوحين من الصلب المقاوم للصدأ معاً. كما يتم وضع دبابيس زجاجية يكون قطر الواحد منها حوالي ٦ ملم بين هذين اللوحين المعدنيين بمعدل كل ٢٠٠ ملم بغية الحد من مواضع يمكن للحرارة أن تتسرب منها لكن من خلال إيجاد فراغ في الفضاء بين اللوحين، يتم تحقيق خصائص العزل الحراري بمزايا رائعة.

بالمقارنة مع رغوة يوريتان، وهي مادة عازلة مستخدمة على نطاق واسع، فإن خصائص العزل الحراري لهذه الألواح تصل إلى حوالي ٥٠ ضعفاً. نظراً لكونها رقيقة ومتينة في نفس الوقت - ويمكن أن تستمر في الأداء لمدة ٥٠ عاماً - ولها الكثير من فرص الاستخدام كغطاء للحاويات المبردة، وعند عمليات النقل في درجة حرارة ثابتة، وفي حاويات أخرى.

وباستخدام الخبرة المكتسبة في ألواح العزل، بدأت MRD تطويرحاوية أسطوانية فائقة العزل الحراري بسعة ٤٠ لترا. فألواح العزل الحراري مسطحة دائرياً مع التخلص من الدبابيس الزجاجية. وقد استخدمت هذه الحاويات لنقل الأعضاء البشرية بغرض زراعتها، وكذلك في نقل الخلايا الجذعية المستخدمة في الطب التجديدي، وغيرها من المواد. في حين أنه بإمكان الحاويات العازلة الموجودة حالياً الحفاظ على درجة الحرارة لمدة يوم واحد فقط، لكنه بإمكان هذه الحاويات الجديدة الحفاظ على درجات الحرارة لمدة أربعة أيام.

حاويات على درجة عالية من العزل الحراري

جذب هذا المنتج اهتمام إحدى جمعيات الطب الصينية، مما أدى إلى إنشاء مركز أبحاث MRD ووهان في منطقة التكنولوجيا المتقدمة بالبحيرة الشرقية في مدينة ووهان. وبالإضافة إلى الحاويات فائقة العزل الحراري، فإن المركز يعمل على منصات تقليل الاهتزاز والكراسي المتحركة بنظام تقليل الاهتزاز.

يقول ماتسودا ”التكنولوجيا عالمية، ولذلك سواء تم إنجاز العمل في اليابان أو الصين، فالأمر ممتاز ولا بأس به بالنسبة لي أينما كان“.

وقد تم اعتماد نموذج أعمال لا تشارك الشركة من خلاله في الإنتاج بل تكتفي ببيع التكنولوجيا التي سبق وأن قام بها معهد كاتسودا للبحوث والتطوير خصيصاً للمصنعين كما تحصل على حقوقها وعلى رسوم تطوير العقد. ولا يتدخل رئيس الشركة في المبيعات. لكن الشركة تبيع أحياناً بعض المنتجات بنفسها ومع الاستعانة بمصادر خارجية. عندما يتعلق الأمر بكل من عملية التجميع والإنتاج الضخم. ولكن مهما كان أسلوب أعمالها، يبدو أن شركة MRD في وضع يؤهلها لأن تبقى في طليعة من يُقدّم الإبتكارات البارعة.

بيانات الشركة
اسم الشركة: شركة ماتسودا R & D المحدودة
المكتب الرئيسي:  Miyamoto-chō 27-6, Itabashi, Tokyo, 174-0054 Japan
الممثل: ماتسودا شينجي
الأعمال: التطوير وبيع أجهزة تعليق وتقليل الاهتزاز (التعليق الهوائي، تعليق القبة المعدنية)؛ تطوير وبيع حاويات الشحن الجوي، ألواح العزل الفراغي ونحو ذلك
رأس المال: ٢٥ مليون ين
عدد الموظفين: ١٠
الموقع الالكتروني: /http://www.mrd-matsuda.co.jp

(النص الأصلي باللغة اليابانية بتاريخ ٨ أكتوبر/تشرين الأول ٢٠١٥ بقلم ناغاساوا تاكاأكي. الصور من أوتاني كيوهايدي. صورة العنوان: تعليق القُبّة المعدنية التي تُمثل تقنية التحكم في الاهتزاز لماتسودا للبحوث والتطوير)