معبد نيتشيرين التاريخي في طوكيو

يعد إيكيغامي هونمونجي المعبد الرئيسي لمدرسة نيتشيرين البوذية في أوتا بطوكيو، وهو أحد أشهر المواقع البوذية في العاصمة. وتضم أراضيه الشاسعة والتي تبلغ مساحتها حوالي 100 ألف متر مربع، قاعة دايدو الرائعة (القاعة الكبرى) وبوابة نيومون وأقدم برج خشبي من خمسة طوابق في منطقة كانتو. وهناك أيضا لفظ الكاهن الشهير نيتشيرين أنفاسه الأخيرة. عند إضافة المعبد إلى متنزه هونمونجي المجاور والكثير من المعابد الفرعية التي كانت في يوم من الأيام جزءا من الأرض الرئيسية، فإن المجمع يغطي مساحة واسعة. كما يجذب المصلين والزائرين إلى قبر الفنان كانو تانيو (1602-1674) وقبر المصارع الأسطوري المحترف ريكيدوزان (1924-1963)، ويعتبر أيضا وجهة مفضلة للاستجمام لسكان طوكيو.

يقول أندو ماساناري، أمين قاعة الكنز ’’رييهودين‘‘ بالمعبد، إن المعبد هو واحة نادرة من الهدوء وسط صخب وضجيج طوكيو. ويأمل أن يقوم الزوار بترنيم ’’نامو ميوهو رينغي كيو‘‘ وهي التسمية اليابانية لسوترا اللوتس، في لحظة يقظة لتعزيز التعاطف مع الآخرين والصلاة من أجل السلام العالمي.

يمكن رؤية مباني المعبد من جسر ريوزين الذي يمتد على طرفي نهر نومي. وهناك عمود حجري في الموقع محفور عليه عبارة ’’نامو ميوهو رينغي كيو‘‘.

تضم قاعة دايدو التي أعيد بناؤها في عام 1964، تمثالا لنيتشيرين في وضعية جلوس تم تصنيفه كأصل ثقافي مهم.

نشر سوترا اللوتس

اعتمد نيتشيرين الذي كان نشطا خلال فترة كاماكورا (1185-1333) في تعاليمه على سوترا اللوتس. ودعا الناس إلى ترديد أغنية ’’نامو ميوهو رينغي كيو‘‘ كوسيلة لإحلال السلام في العالم. وقد لاقت رسالته البسيطة صدى لدى عامة الناس ولكنها أثارت حفيظة مدارس البوذية الأخرى. كان ينظر إلى نيتشيرين باعتباره متدينا متمردا، ما جعله مراقبا وحتى أنه نُفي من قبل السلطات.

يتابع أمين المتحف أندو قائلا: ’’يجب أن يكون الشخص مقتنعا بشدة بتأسيس مدرسة جديدة في التقليد البوذي وخاصة عندما يتعلق الأمر بالتعارض مع السلطات الموجودة. ولكن تظهر كتابات نيتشيرين الكثيرة اهتمامه بالناس العاديين وتقدم تفسيرات منطقية لتعاليم سوترا اللوتس‘‘.

تمثال نيتشيرين أمام بوابة نيومون.

أعيد بناء بوابة نيومون في عام 1977.

كان إيكيغامي هونمونجي في الأصل معبدا خاصا اسمه هوكّيدو، كان موجودا ضمن ممتلكات إيكيغامي مونيناكا أحد أتباع شوغونية كاماكورا. وكان إيكيغامي من أنصار نيتشيرين. وعندما عاد الكاهن إلى كاماكورا قادما من جزيرة سادو النائية التي تم نفيه إليها في عام 1274، قام بزيارة تلك الممتلكات، وأعاد تسمية القاعة الصغيرة إلى تشوئيزان ’’مكان قد تزدهر فيه سوترا اللوتس لفترة طويلة‘‘.

وفي نفس العام بعد أن تخلى نيتشيرين عن محاولة إقناع السلطات بتعاليمه، انسحب إلى جبل مينوبي في محافظة ياماناشي حاليا. واستمر في نشر تعاليمه، ولكن الشتاء القارس هناك كان له أثره، وفي سبتمبر/أيلول عام 1282 انطلق إلى ينبوع المياه الحارة في مقاطعة هيتاشي (محافظة إيباراكي حاليا) لاسترداد عافيته. وازدادت حالته سوءا في الطريق إلى هناك وتوفي الكاهن في 13 أكتوبر/تشرين الأول في أراضي تابعة لإيكيغامي.

وبعد وفاة نيتشيرين، تبرع إيكيغامي لأتباع الكاهن بجزء كبير من ممتلكاته، بما في ذلك الأرض التي بني عليها هوكّيدو. وتوسعت القاعة في النهاية لتصبح مجمّع معابد وتم تغيير اسمها إلى إيكيغامي هونمونجي. وأصبح مقر إقامة إيكيغامي – حيث توفي نيتشيرين – معبد هونغيوجي وهو المعبد الفرعي الرئيسي لهونمونجي، والذي لا يزال معبدا رئيسيا لنيتشيرين مستقلا حتى اليوم.

تم تشييد برج خشبي (باغودا) مكونا من طابقين في عام 1828 في موقع حرق جثمان نيتشيرين، وهو مدرج ضمن الممتلكات الثقافية المهمة.

تعيد الزخرفة الملونة الرائعة للباغودا المكون من طابقين، إلى الذهن الطراز المعماري لمعبد نيكّو توشوغو في محافظة توتشيغي.

هاكّاكودو مكان رماد نيتشيرين.

الازدهار بفضل الرعاة الأقوياء

حرقت جثة نيتشيرين في هونمونجي ودفنت رفاته في معبد كوؤنجي على جبل مينوبي حسب وصيته. وعهد رعاية هونمونجي إلى رئيس معبد ميوهونجي في كاماكورا وهو أقدم معبد لنيتشيرين، تأسس في القرن الثالث عشر على يد أحد تلاميذ نيتشيرين.

شيدت مباني معبد هونمونجي الكبيرة خلال فترة إيدو (1603-1868). وانتقل توكوغاوا إياسو من الأراضي التي كان يسيطر عليها داخل وحول محافظة شيزوؤكا اليوم ليؤسس قاعدة له في إيدو (طوكيو حاليا) في عام 1590. وقد أدرك رئيس كهنة هونمونجي أن هذا يشير إلى تعاظم نفوذ إياسو، لذلك نقل وظائف المعبد من كاماكورا إلى هونمونجي. وهذا ما أكسبه ثقة السلطات، وحظي هونمونجي على مدى القرون التالية بحماية رؤساء شوغونية توكوغاوا والعديد من الإقطاعيين المؤثرين.

لم يعد قاعة دايدو الأصلية موجودة، لكن درجها الحجري الكبير لا يزال موجودا. شيد الدرج من قبل كاتو كييوماسا (1562–1611) المختص في بناء القلاع ورئيس إقطاعية هيغو (محافظة كوماموتو حاليا)، وهو يوصل الزوار إلى مجّمع المعبد أعلى التل. وقد تبرع توكوغاوا شوغون هيديتادا الثاني ببناء باغودا مكون من خمسة طوابق اكتمل في عام 1608، تعبيرا عن امتنانه بعد تعافيه من المرض. وكان من بين أتباع المعبد المتدينين فرع كيشو من عائلة توكوغاوا وعشيرة مايدا التي حكمت إقطاعية كاغا (محافظة إيشيكاوا حاليا) وشخصيات قوية أخرى.

تم بناء الدرج الحجري المكون من 96 درجة من قبل كاتو كييوماسا.

شيد برج الباغودا بناء على رغبة أوكابي نو تسوبوني وهي ممرضة الشوغون توكوغاوا هيديتادا.

المثوى الأخير للكثير من نساء فرع كيشو من عائلة توكوغاوا بمن فيهن أومان نو كاتا، محظية الشوغون الأول توكوغاوا إياسو.

لاقت تعاليم نيتشيرين المستندة إلى سوترا اللوتس صدى أيضا لدى الفنانين والترفيهيين والشخصيات الأدبية في ذلك الوقت. وكان من أبرز هؤلاء أعضاء مدرسة كانو للرسم الياباني والتي كان أعضاؤها من أنصار ميوكاكوجي، رئيس معبد نيتشيرين في كيوتو منذ فترة موروماتشي (1333-1568). وعندما انتقلوا إلى إيدو أصبحوا الرسامين الرسميين لحكومة توكوغاوا كما أصبحوا أبناء رعية ميوهونجي. كما تم دفن كانو تانيو مؤسس مدرسة إيدو كانو، وتلاميذه في ميوهونجي، ويمتلك معبد رييهودين الكثير من أعمال مدرسة كانو.

كما انتقل إلى طوكيو في نفس الوقت تقريبا فنان آخر مقيم في كيوتو، وهو الخطاط الشهير هونأمي كوئتسو (1558–1637). وكان من أتباع نيتشيرين المتحمسين أيضا وساهم في ابتكار الشعار المؤطر المعلق فوق البوابة الرئيسية للمعبد.

قبر كانو تانيو الذي انتقل من كيوتو إلى طوكيو وكان الرسام الرسمي للحكومة الشوغونية.

أعمال لرسامي مدرسة كانو معروضة في معبد رييهودين.

بنيت البوابة الرئيسية للمعبد خلال فترة غينروكو (1688-1709). أما اللوحة المخططة من قبل كوئتسو فتعود إلى عام 1627.

معبد للشعب

جذبت بوذية نيتشيرين الكثير من أتباع إيدو. وعندما ازدهرت ثقافة سكان البلدات في النصف الأخير من فترة إيدو، أصبح مهرجان ’’أو_إشيكي‘‘ في أواخر الخريف في ذكرى وفاة نيتشيرين، مرادفا لهونمونجي. يكون عادة يوم 12 أكتوبر/تشرين الأول في المساء الذي سبق ’’أو_إشيكي‘‘، صاخبا بشكل خاص مع قرع الطبول وموكب من فوانيس ورايات مزخرفة يحملها المؤمنون في الشوارع، كما تصورهم لوحة مشهورة في ’’مائة منظر مشهور لإيدو‘‘ والعديد من المطبوعات الخشبية الأخرى لأوتاغاوا هيروشيغي (1797-1858).

وإن المولعين بالتاريخ الياباني على دراية أيضا بالدور الذي لعبه هونمونجي في لحظة حاسمة في تاريخ الأمة. فقد كان المعبد بمثابة مقرا للقوات الإمبراطورية التي تقدمت إلى قلعة إيدو خلال حرب بوشين الأهلية بين الفصائل الموالية للإمبراطور والمؤيدة للشوغون. وفي شوتوئن حديقة المعبد، نسّق المفاوض عن الحكومة الشوغونية كاتسو كايشو ورئيس القوات الإمبراطورية سايغو تاكاموري، للتسليم السلمي لقلعة إيدو في أبريل/نيسان عام 1868.

على اليسار ’’كاناسوغيباشي شيباؤرا‘‘ وهي مطبوعة خشبية يعود تاريخها إلى عام 1857 من سلسلة مائة مشهد مشهور لإيدو رسمها هيروشيغي، وهي تصور حشدا متجها إلى أو إشيكي. على اليمين ’’ أو إشيكي في هونمونجي‘‘ وهي جزء من ستة وثلاثين مشهدا لإيدو، طُبعت عام 1864. حيث رسم هيروشيغي الثاني (1826-1869) الخلفية في حين رسم أوتاغاوا كونيسادا (1786-1864) الشخصيات البشرية (من ممتلكات مكتبة البرلمان القومية).

تفتح حديقة شوتوئن للعامة في أوقات معينة فقط من العام. تشاور سايغو وكاتسو تحت العريشة التي ترى عبر الماء.

وهكذا نجت إيدو من أضرار جسيمة قد يخلفها ذلك الصراع، ولكن القصف بالقنابل الحارقة في طوكيو في 15 أبريل/نيسان عام 1945 خلال الحرب العالمية الثانية دمر 56 مبنى في مجمّع المعبد. ولكن البوابة الرئيسية ومستودع سوترا ظلا سالمين، وعمل كهنة المعبد ببسالة لإنقاذ تمثال نيتشيرين في وضعية الجلوس والكتابات التي في يده من الدمار. وقد أعيد بناء قاعة دايدو وبوابة نيومون في وقت لاحق، وتم تشييد قاعة شاكادين الرئيسية ورييهودين حديثا، ما أعاد المعبد إلى مجده السابق.

مرت 8 قرون على ولادة نيتشيرين. وعلى الرغم من التخطيط لإجراء احتفالات مسهبة في الذكرى الثمانمائة لولادته، إلا أنه تم تقليص حجم المراسم بسبب جائحة كوفيد-19. ومن المقرر أن يستمر موكب أو إشيكي، الذي تم إلغاؤه لمدة ثلاث سنوات متتالية، وتتعالى الآمال بأن تجذب الفعالية الكثير من الزوار إلى هونمونجي حيث يمكنهم معرفة المزيد عن تعاليم نيتشيرين.

يوضح أندو أمين متحف رييهودين أنه ’’ببساطة، تعلم سوترا اللوتس أن السلام يأتي إذا كنا مدركين لسعادة الآخرين ونعيش حياة صالحة. قد تكون الأوقات عصيبة هذا اليوم، لكنني آمل أن يبقي الناس هذه المشاعر في قلوبهم وهم يرددون نامو ميوهو رينغي كيو‘‘.

مستودع سوترا الذي أعيد بناؤه عام 1784، ونجا بأعجوبة من القصف الناري في زمن الحرب.

شيدت قاعة شاكادين الرئيسية عام 1969.

يعرض رييهودين الذي افتتح في عام 2003 قطعا أثرية قيمة من مقتنيات المعبد.

إيكيغامي هونمونجي

• العنوان: طوكيو، أوتا، إيكيغامي 1-1-1.
• رييهودين: مفتوح أيام الأحد، من الساعة 10:00 صباحا حتى 4:00 عصرا.
• رسم الدخول: البالغون 300 ين والأطفال 200 ين (قد تختلف الرسوم حسب العرض)
• الوصول: 10 دقائق سيرا على الأقدام من محطة إيكيغامي على خط توكيو إيكيغامي، و12 دقيقة سيرا على الأقدام من نيشي ماغومي على خط تويي أساكوسا.

(المقالة الأصلية منشورة باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية. إعداد التقارير والنص والصور من قبل Nippon.com ما لم يذكر خلاف ذلك. صورة العنوان: قاعة دايدو في إيكيغامي هونمونجي)