التحالف الأمريكي الياباني ومواجهة التحديات السياسية والاقتصادية العالمية

سياسة

في هذه المقابلة المكونة من جزأين، تحدث وزير الخارجية هياشي يوشيماسا عن نهج السياسة الخارجية الأساسي لإدارة كيشيدا. ويتناول الجزء الأول التحالف القائم بين الولايات المتحدة واليابان وأجندة اليابان الأمنية الاقتصادية الجديدة.

يوشيماسا هاياشي HAYASHI Yoshimasa

وزير الخارجية وعضو مجلس النواب عن دائرة ياماغوتشي 3 الانتخابية. مواليد 1961 تخرج من جامعة طوكيو في عام 1984 قبل التحاقه بشركة ميتسوي وشركاه. عمل سكرتيرًا سياسيًا لوالده وزير المالية هاياشي يوشيرو. حصل على الماجستير من كلية جون ف. كينيدي الحكومية بجامعة هارفارد عام 1994. انتُخب لأول مرة لمجلس المستشارين في عام 1995 وشغل خمس فترات قبل انتخابه لمجلس النواب في عام 2021. شغل سابقًا منصب وزير الدفاع ووزير الزراعة والغابات والثروة السمكية ووزير التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتكنولوجيا.

الاستجابة للتغيير السريع الواقع في عصرنا

تاكيناكا هاروكاتا: وصف رئيس الوزراء كيشيدا فوميو، نهجه الدبلوماسي بأنه ”دبلوماسية واقعية لعصر جديد“. وبالتوازي مع ذلك، في خطابك مؤخرًا أمام البرلمان حول السياسة الخارجية، أكد على أهمية ”ثلاثة قرارات“ والموقف الدبلوماسي المتوازن والمستقر مع ”مستوى عالٍ من الاستعداد“. هل يمكن أن تشرح لنا بالتفصيل ما تعنيه هذه الأفكار؟

هاياشي يوشيماسا: الفرضية الأساسية هي أن العالم يتغير بسرعة. وهذا التغيير يصنع معالم المرحلة الزمنية التي نعيشها. لفترة من الوقت بعد نهاية الحرب الباردة، سادت نظرة متفائلة بشكل عام للعلاقات الدولية. ومع ذلك، لم تتطور الأمور كما كان متوقعًا، وازدادت حدة التحديات التي تواجه القيم العالمية والنظام الدولي اللذان يدعمان السلام والاستقرار في العالم.

وعلاوة على ذلك، تؤثر العوامل الاقتصادية بشكل متزايد على الأمن القومي. لذا في ضوء هذه التطورات، واعترافاً بالوضع الحالي، ستبني حكومة كيشيدا على الأصول الدبلوماسية التي رعاها أسلافنا بلا كلل، والمتمثلة في ثقة العالم في اليابان، لمواصلة الدبلوماسية الواقعية التي ترتكز على ”ثلاثة قرارات“: التصميم على الدفاع الكامل عن القيم العالمية، والتصميم على الحماية الكاملة للسلام والاستقرار في اليابان، والتصميم على المساهمة من أجل البشرية والاضطلاع بدور قيادي في المجتمع الدولي. وبصفتي وزيرًا للخارجية، أريد أن أفتح آفاقا جديدة للدبلوماسية اليابانية من خلال موقف متوازن ومستقر مع مستوى عال من الاستعداد.

تاكيناكا: ما الذي تحاول إيصاله من خلال التأكيد على ”الواقعية“؟

هاياشي: لست متأكدًا مما إذا كان تفسيري لكلمات رئيس الوزراء كيشيدا سيوفيهم حقهم أم لا، لكن يمكنني الرجوع إلى ما قاله وكتبه رؤساء الوزراء السابقين مثل أوهيرا ماسايوشي وإيكيدا هاياتو. فعلى سبيل المثال، تحدث رئيس الوزراء السابق أوهيرا، عن ”الصعود التدريجي الدائم“، وبينما كان ملتزمًا بمُثله العليا، كان يركز أيضًا باستمرار على ما يمكن فعله في ”الآن وهنا“ أو في الوقت الراهن. ولا يقتصر هذا الأمر فقط على الدبلوماسية، ولكن أيضًا يمتد ليشمل السياسات الداخلية، وأعتقد أن كلمة الواقعية تعني ”اتخاذ القرارات بشكل واقعي“.

أما فيما يتعلق بالوضعية المتوازنة والمستقرة مع مستوى عالٍ من الاستعداد، فمن المفيد تشبيه الأمربلعبة التنس. عند إعادة الإرسال، يعد لاعبو التنس أنفسهم بخفض الخصر. هذا يخلق زخمًا يسمح بقوة سريعة ومتفجرة. ولكن في المقابل، إذا كان مركز ثقلهم مرتفعًا جدًا، قد يعرض ذلك اللاعبين للتعثر بسهولة. وهذه العقلية ضرورية إذا أردنا فتح آفاق جديدة استجابة للتغيرات السريعة التي نشهدها في عصرنا الحالي.

التحالف الثنائي والاعتماد على النفس

تاكيناكا: لقد تحدثت عن تعزيز التحالف بين الولايات المتحدة واليابان، وأكدت أنه ”حجر الزاوية للسلام والازدهار في منطقة المحيطين الهندي والهادئ“ بعبارات محددة، كيف ستقوي هذه العلاقة؟

هاياشي: بالنظر إلى الوضع الدولي الحالي، يجب علينا أولاً وقبل كل شيء أن نفعل ما يمكننا القيام به بأنفسنا. بهذه العقلية. ومنذ أن تولى شينزو آبي، رئيس الوزراء السابق منصبه، قمنا بتطوير تشريعات من أجل السلام والأمن. كما سنؤمن التمويل اللازم لميزانية الدفاع اليابانية. ومن خلال هذه الجهود، سنعمل على تعميق التواصل بين الولايات المتحدة واليابان على جميع المستويات، بما في ذلك على مستوى القيادة والمستويات الوزارية.

وفيما يخص ”القيام بما يمكننا القيام به بأنفسنا“، لا يتعلق الأمر فقط بتعزيز قدراتنا الدفاعية، ولكن أيضًا بالدبلوماسية. عندما أصبحت عضوًا في البرلمان لأول مرة، كان يشار إلى اليابان غالبًا باسم ”الشريك الأصغر“ في التحالف. كان هذا في الوقت الذي كانت فيه الولايات المتحدة القوة العظمى الوحيدة الساحقة. ومع ذلك، منذ ذلك الحين، بدأت القوة النسبية للولايات المتحدة في التراجع. ومن المهم النظر في الاتجاهات المعاصرة في وقتنا الحالي. حيث يقال إن إدارة الرئيس جو بايدن تتخذ موقفًا دبلوماسيًا أساسه، ”الحلفاء أولا“. لذا لا يمكننا تفويت هذه الفرصة لتقوية التحالف.

وزير الخارجية الياباني هاياشي يوشيماسا (إلى اليسار) ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين يستقبلان بعضهما البعض في اجتماع وزراء خارجية دول مجموعة السبع والولايات المتحدة واليابان (11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021) في ليفربول، بريطانيا. (جيجي برس، صورة مقدمة من وزارة الخارجية)
وزير الخارجية الياباني هاياشي يوشيماسا (إلى اليسار) ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين يستقبلان بعضهما البعض في اجتماع وزراء خارجية دول مجموعة السبع والولايات المتحدة واليابان (11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021) في ليفربول، بريطانيا. (جيجي برس، صورة مقدمة من وزارة الخارجية)

صياغة سياسة الأمن الاقتصادي

تاكيناكا: أكدت إدارة كيشيدا أيضًا على الأمن الاقتصادي والحاجة إلى التعاون مع الحلفاء والبلدان ذات التفكير المماثل لتأمين التكنولوجيا الاستراتيجية وسلاسل التوريد للمواد. ما نوع المشاورات التي ستجريها مع الولايات المتحدة فيما يتعلق بنطاق وهيكل التعاون؟

هاياشي: قبل ثلاث سنوات، أنشأ الحزب الليبرالي الديمقراطي مقرًا استراتيجيًا لإنشاء نظام دولي جديد. وترأس أكيرا أماري، وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة السابق، المجموعة، وتوليت منصب نائب الرئيس بها. وشغل كل من ياماغيوا دايشيرو وكوباياشي تاكايوكي منصبي الأمين العام والمسؤول التنفيذي على التوالي. أما ياماغيوا الآن، فهو الوزير المسؤول عن الإنعاش الاقتصادي والسياسة الاقتصادية والمالية، في حين أن كوباياشي هو الوزير المسؤول عن الأمن الاقتصادي في الحكومة الحالية. وفي مايو/ أيار من العام الماضي، أصدرت مجموعة الحزب الديمقراطي الليبرالي هذه ملخصًا مؤقتًا، توصية للسياسة الأساسية بشأن الإدارة الاقتصادية والمالية والإصلاح 2021، والتي كانت قريبة جدًا من الوثيقة النهائية. لقد فاوضنا بأنه كان من الضروري إرساء الأساس الذي من شأنه أن يساعد اليابان في الحفاظ على ”الاستقلال الذاتي الاستراتيجي وعدم الاستغناء عن الاستراتيجية“. والخطوة التالية هي تقديم مشروع القانون إلى البرلمان.

نحن بحاجة إلى تطبيق هذا التشريع. وكما تنص السياسة الأساسية للإدارة الاقتصادية والمالية والإصلاح لعام 2021، سنقوم بتمرير القوانين الأساسية ثم العمل على بناء سلاسل توريد قوية، وتعزيز موثوقية بنيتنا التحتية الأساسية، والمهام الرئيسية الأخرى.

وفي الوقت الحالي، لا أعتقد أنه يمكننا أن نقول بالضبط ما سنعمل عليه سويًا مع الولايات المتحدة، ولكن فيما يتعلق بمفهوم الضرورة الاستراتيجية، يجب أن نحافظ على قدراتنا العلمية والتكنولوجية وقدرتنا التنافسية الصناعية حتى تنظر الدول الأخرى للأمر على أنه من ”الضروري الحفاظ على علاقات جيدة مع اليابان “. ونحتاج أيضًا إلى تعزيز قوتنا الاقتصادية والتكنولوجية كأمة، وكذلك الحفاظ على الأمن الاقتصادي. ثم بعد كل شيء، يجب عدم اهمال الأشياء الواجب حمايتها بينما نقوم بالاستعداد بوسائل الحماية.

ولذلك، من الضروري أن نعزز البحث عن التقنيات الجديدة والمتقدمة. وأثناء القيام بذلك، سنحمي هذه التقنيات بنظام براءات اختراع سري وتدابير أخرى. وسنستكشف أيضًا مواءمة معاييرنا مع تلك المستخدمة في الخارج من قبل حلفائنا والدول الأخرى ذات التفكير المماثل. وعلى سبيل المثال، أطلقت الحكومة الشراكة التنافسية والمرونة، أو CoRe (كور)، مع الولايات المتحدة خلال قمة العام الماضي بين رئيس الوزراء سوغا يوشيهيدي والرئيس بايدن. وهذه اتفاقية للعمل معًا لتعزيز القدرة التنافسية في مجالات التكنولوجيا الهامة مثل المجال الرقمي، وكذلك لتعزيز الابتكار وتعزيز سلاسل التوريد. وبناءً على تشريعات الأمن الاقتصادي الجديدة المخطط لها، نود أيضًا تنسيق الجهود والتعاون مع شركاء متشابهين في التفكير مثل أستراليا والدول الأوروبية.

إطار التعاون الاقتصادي بين الولايات المتحدة واليابان

تاكيناكا: أعربت الممثلة التجارية الأمريكية كاثرين تاي مؤخرًا عن عزمها إطلاق إطار اقتصادي جديد مع الحلفاء والدول الشريكة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. ما هو نوع الإطار الذي تهتم به الحكومة اليابانية، وهل هناك علاقة لذلك بالأمن الاقتصادي؟ هل ستحاول الحكومة اليابانية إقناع الولايات المتحدة بالعودة إلى الشراكة عبر المحيط الهادئ (TPP)؟

هاياشي: التقيت بالممثلة التجاري تاي في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي، وناقشنا هذه المسألة. وتعتزم الولايات المتحدة التعبير عن التزامها الإيجابي بالحفاظ على النظام الاقتصادي وتعزيزه في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. ونحن نرحب بهذا الموقف. ضمن هذا الإطار، حددت الولايات المتحدة مجالات التعاون بما في ذلك الرقمنة والبنية التحتية ومرونة سلسلة التوريد، لكنها لا تزال في مرحلة ”الاقتراحات“. وأتوقع المزيد من الاقتراحات الملموسة في المستقبل. كما سيكون لليابان أيضًا مقترحاتها المحددة الخاصة بالأمن الاقتصادي.

لقد حثثنا الولايات المتحدة باستمرار، على جميع المستويات، على العودة إلى الشراكة عبر المحيط الهادئ. وخلال لقائي مع الممثلة التجارية تاي، تحدثنا عن الكثير من الأشياء، بدءًا من مقدار الصعوبة التي واجهتها أثناء المناقشات التجارية عندما كنت وزيراً للزراعة والغابات والثروة السمكية! وذكرنا ذلك أيضًا لوزيرة التجارة جينا ريموندو ووزير الخارجية أنتوني بلينكين. وهكذا يجب أن نواصل هذه الجهود.

(نشر النص الأصلي باللغة اليابانية. الترجمة من الإنكليزية. كتابة إيشي ماساتو من قسم التحرير في Nippon.com استنادًا إلى مقابلة أجريت في 19 يناير/ كانون الثاني 2022. صورة العنوان: وزير الخارجية هاياشي يوشيماسا في 19 يناير/ كانون الثاني 2022، في منطقة كاسوميغاسيكي، طوكيو. تصوير هاناي توموكو).

العلاقات اليابانية الأمريكية الحزب الليبرالي الديمقراطي الحكومة اليابانية