
مصطلحات يابانية جديدة لمواكبة أزمة كورونا
اللغة اليابانية- English
- 日本語
- 简体字
- 繁體字
- Français
- Español
- العربية
- Русский
تأثير استخدام الكاتاكانا
في ربيع عام 2020، عندما كانت اليابان تعاني من الموجة الأولى من إصابات كوفيد-19، استخدمت محافظة طوكيو السيدة كويكي يوريكو وابلًا من الكلمات المستعارة من الكاتاكانا في مؤتمراتها الصحفية اليومية. جذبت مصطلحات مثل ”rokkudaun“ وتعني ”الإغلاق الكامل“ و ”kurastā“ وتعني ”العدوى الجماعية“ و ”ōbāshūto“ وتعني ”تجاوز، وهو مصطلح تم تبنيه في اليابان ليعني ارتفاعًا هائلاً في الحالات“. نالت هذه المصطلحات بعض الانتقادات، لكن حداثتها سلطت الضوء أيضًا على الموقف غير العادي وشددت على التهديد الجديد. لم يكن للمصطلحات اليابانية الراسخة المألوفة أن يكون لها نفس التأثير.
بدت العبارة الإنكليزية ”Tokyo Alert“ وتعني ”تنبيه طوكيو“ للتحذير من الأزمة، إشارة نموذجية من العاصمة تحمل معنى أكثر قدرة على الانتشار عالمياً، مقارنةً بإضاءة برج ”تسوتنكاكو“ القديم في أوساكا. كما أدى استخدام مصطلح ”yoru no machi“ ويعني ” المدينة الليلية“ للإشارة إلى المؤسسات الترفيهية الليلية المخصصة للبالغين، إلى القضاء على أي فروق طفيفة من التحيز ضد تلك البيئة، بينما نجد مصطلح ”uizu korona“ ويعني ”التعايش مع كورونا“ يعبر عن ممارسة الحياة بشكل طبيعي على الرغم من أن المرض لم يتم استئصاله بعد، وهو مصطلح يحمل الاحتياطات اليومية التي يجب على كل فرد من السكان الأخذ بها لمنع تفشي الوباء مع القدرة على ممارسة الحياة اليومية. كل هذه الأشياء التي تم الترويج لها من قبل كويكي نقلت إحساسًا حادًا بالأزمة ودفع الحكومة المركزية إلى التحرك.
بصفتها ماهرة في استخدام التعبيرات اللغوية، استطاعت كويكي أن تجد الكلمات القوية المناسبة لإيصال رسالتها بشكل فعال. وبفضل الزخم الذي حققته حملتها الناجحة لحكم طوكيو في عام 2016، استطاعت أن تؤسس ”Tomin First“ وتعني ”حزب سياسي محلي“ حيث جمعت في هذا المصطلح بين ”tomin“ أي ”مواطنو العاصمة“ مع كلمة ”First“ البراقة والتي تعني ”أولاً“. كما وصفت فرع الحزب الديمقراطي الليبرالي الحاكم بأنهم مجموعة من المحافظين الذين يخدمون المصالح الخاصة، وبذلك استطاعت أن تقلب الطاولة كما في لعبة عطيل وتفوز بالأغلبية.
تكمن البراعة في اختيار اسم الحزب إلى إنه يشير إلى أن الآخرين لا يضعون سكان العاصمة في المقام الأول. وبالمثل فإن ”Waizu supendingu“ والتي تعني ”الإنفاق الحكيم“ الذي دعت إليه كويكي يعني ضمنياً أن خصومها يفتقرون إلى الحكمة. ربما إذا سمع جون مينارد كينز الذي اخترع هذه العبارة بهذا الكلام فسوف يبتسم ساخراً من استخدام كويكي لكلماته.
غالباً ما تثير الكلمات الجديدة الصدمة وتعطي جاذبية خاصة للحديث إذا استخدمت في موقعها الصحيح، ولكن ذلك يعتمد على مدى مصداقية الأشخاص الذين يستخدمونها. وفي طوكيو في قلب أزمة فيروس كورونا في اليابان، من الواضح أن كويكي كانت ناجحة للغاية في اختيار العديد من المصطلحات الجديدة. حيث لم يسمح التشريع الخاص لاحتواء الوباء بفرض عقوبات لفرض حظر على الخروج أو الإغلاق المؤقت للشركات، لكن الأوامر الصادرة من السلطات كانت فعالة للغاية.
فالتحريض على الشعور بالخوف من خلال إعلان حالة الطوارئ أدى إلى تفعيل أسلوب الضغط من أجل الامتثال للتعليمات والمراقبة المتبادلة من قبل عامة الناس، وينبع هذا من طريقة تفكير ”مجتمع القرية“ التي لا تزال قوية في اليابان. وفي الوقت نفسه، فإن كلمات الكاتاكانا تعمل على تحفيز الناس بسهولة، كما أن التوقيت المناسب وملاءمة الموقف كانا عاملين قويين أيضاً لإنجاح هذا الأسلوب.
كلمة جديدة لمكافحة كورونا
هنا أجد نفسي مضطراً لمقارنة كويكي برئيس الوزراء السابق شينزو آبي. ففي المؤتمرات الصحفية، كان آبي يميل إلى التحدث من نص مكتوب أمامه، مصحوبًا ببعض الإيماءات والحركات لكن كلماته لم يكن لها صدى كبير. فلم تبد الكلمات متلائمة مع صوته، فبعد سماع الخطاب تشعر وكأنه قد ألقى للتو نفس الخطاب الذي ألقاه عدة مرات خلال فترتي رئاسته لمجلس الوزراء التي استمرت لتسع سنوات.
ففي شهر أغسطس/ آب من كل عام عند الاحتفال بالذكرى السنوية لتفجيرات هيروشيما وناغاساكي، كان يقرأ خطابات بيروقراطية فاترة عن إلغاء الأسلحة النووية. وفي إحدى خطبه في ذكرى نهاية الحرب العالمية الثانية استخدم مزيج من التعبيرات التاريخية النموذجية القديمة للسياسيين اليمينيين. تركت هذه الملاحظات شعورًا كما لو أن هذه التعبيرات قد صُنعت فقط لتتطرق إلى النقاط المتوقعة، وبعيدة عن الواقع بشكل غامض. وذلك بالمقارنة مع العمق الشديد لإعلانات السلام من قبل رؤساء بلديات المدينتين، وكلمات الإمبراطور التي تذكر الحرب العالمية الثانية فتشعرك بالألم عند سماعها.
عندما يتعلق الأمر بالوباء، كان جميع القادة الوطنيين يتعثرون في الظلام، لكن النتائج كانت مختلفة تمامًا من بلد إلى أخر. وحتى الآن يبدو أن اليابان قد تأثرت بشكل طفيف نسبيًا بالوباء من حيث عدد حالات الإصابة والوفيات مقارنة بالدول الأخرى، ومازال السبب في ذلك غير مفهوم. هناك أيضاً بعض التعبيرات التي ارتبطت باسم آبي على الرغم من أنه لم يسوغها بنفسه ومنها على سبيل المثال ”Abenomasuku“ والتي تشير إلى ”الأقنعة الموزعة على جميع الأسر“ و ”ichiritsu kyūfu“ وهي تشير إلى ”مدفوعات موحدة بقيمة مئة ألف ين تم تقديمها لجميع السكان“ و ”San Mitsu“ أي ”ثلاثة سي“ أو ”ثري سي“ التي أصبحت معروفة باللغة الإنجليزية أيضاً.
يبدو أن وزارة الصحة والعمل والرعاية الاجتماعية توصلت إلى مصطلح ”سان ميتسو“ بناءً على آراء الخبراء عندما كانت الاستجابة للوباء مازالت تتشكل في بداية شهر مارس/ آذار. فهذا المصطلح استخدم للتحذير من الأماكن المغلقة والأماكن المزدحمة والاتصال عن قرب، وجميع هذه المصطلحات في اللغة اليابانية تتشارك في كانجي واحد هو ”密“ ويقرأ ”ميتسو“ والذي يعني ”قريب أو مزدحم“ وتبدأ بحرف C باللغة الإنكليزية. وتعتبر التوعية بالقواعد البسيطة للحياة اليومية أثناء الجائحة طريقة فعالة لا تتطلب أية نفقات.
في يوليو/ تموز أوصت منظمة الصحة العالمية على منصات التواصل الاجتماعي بتجنب العناصر الثلاثة ”3Cs“ في جميع أنحاء العالم. واستخدمت في ذلك نموذج مختصر من اللغة اليابانية باستخدام الثلاثة مقاطع كانجي ”集 ・ 近 ・ 閉“، وهي تدل على التجمعات، والاتصال الوثيق، والمساحات المغلقة. وهذه المقاطع الثلاثة في اللغة اليابانية تنطق ” shūkinpei“ وهو نفس نطق اسم الرئيس الصيني ”Xi Jinping“، وهو ما يتضمن إشارة واضحة إلى الأصل الصيني لتفشي الوباء.
شعرت ببعض الإيحاءات البوذية في عبارة ”سان ميتسو“، فما لا يستطيع البشر تخمينه يوصف بأنه ”ميتسو“، وعند البحث عن أصل الكلمة في قاموس ”Kōjien“ وجدت أنها محددة في التقليد البوذي الباطني على أنها جسد بوذا وفمه وإرادته. كل هذا يجعلني أتساءل عما إذا كان كوروناالذي لا يمكننا فهمه متشابهًا مع طبيعة بوذا غير المفهومة. وتعتبر الكلمة مرشحة بقوة لنيل الجائزة الكبرى لعام 2020 لكلمات هذا العام. ربما سيحتاج محررو ”Kōjien“ إلى إدخال هذه الكلمة في الإصدار التالي من القاموس.
البحث عن نهاية للوضع الحالي
كلمة أخرى تتعلق بالوباء تسببت في حيرة كبيرة للمراسلين ومحرري الصحف، وهي كلمة ”shūsoku“ والتي يمكن كتابتها باللغة اليابانية ”収束“ أو ”終息“ ولكن الأولى تعني ”قرب انتهاء الأمر“ والثانية تعني ”انتهاء الأمر“ وكلاهما تنطقان ”shūsoku“.
وهما من الكلمات التي يصعب تحديد معناها إلا من خلال فهم السياق. فمثلاً عندما أعلن رئيس الوزراء آبي رفع حالة الطوارئ في 25 مايو/ أيار استخدم كلمة ”shūsoku“ مما تسبب في حيرة كبيرة بين الصحفيين. فهل كان آبي يقصد ”shūsoku“ بمعنى ”قرب انتهاء الأمر“ أم ”انتهاء الأمر“، ولكن جميع الصحف التي صدرت في اليوم التالي رجحت استخدام المعنى الأول ”قرب انتهاء الأمر“، لذلك استخدمت الكانجي ”収束“ حيث كان من الواضح أن مرحلة واحدة فقط من الجائحة قد انتهت وليست الأزمة برمتها.
فإذا استخدم شخص في حديثه كلمة ”shūsoku“ للحديث عن كورونافمن الممكن تفسير الأمر أن طوكيو أخيرا أصبحت قادرة على استضافة الأولمبياد. يعتمد ذلك على تقييم المستمع للموقف والكلمات نفسها. فتشير كلمة قرب النهاية ”収束“ إلى نقطة واحدة في منتصف الطريق على طول عملية مواجهة الجائحة، بينما تبدو كلمة النهاية ”終息“ وكأن كل شيء قد أصبح على ما يرام. يستخدم بعض اللغويين كلمة ”収束“ كفعل متعد يتطلب مفعولًا به، في حين أن ”終息“ فعل لازم يستخدم للإشارة إلى أن الوباء نفسه قد انتهى. ولكن لا توجد تعريفات واضحة هنا، وقد خصصت العديد من أجهزة الإعلام في اليابان مقالات لاستكشاف الاحتمالات المختلفة.
تعريف كلمة ”اجتماعي“
إحدى التناقضات الاخرى التي أجدها في اللغة اليابانية فيما يتعلق بالوباء هو المصطلح الإنجليزي ”social Distance“ ويترجم إلى ”shakaiteki kyori“ باليابانية ويعني ”التباعد الاجتماعي“ باللغة العربية. وكلمة ”social“ مشتقة من اللاتينية ”socius“ بمعنى ”الصديق“، ولكن في اللغة اليابانية كلمة ”Social“ تترجم إلى ”社会“ وتنطق ”shakai“ إذا كان النص يتحدث عن المجتمع، ويمكن ترجمتها أيضاً إلى ”社交“ وتنطق ”shakou“ إذا كان النص يتحدث عن علاقات أكثر حميمية بين الأفراد. فمصطلح ”social dance“ ويعني ”الرقص الاجتماعي وهو “الرقص عبر شبكات التواصل الاجتماعي” يترجم إلى “社交ダンス” باليابانية وينطق “shako dansu” ولا يمكن ترجمته إلى “shakai dansu” على الرغم من أنه عمل اجتماعي، وذلك لأن الرقص فعل حميمي يتم القيام به مع أفراد بعينهم حتى ولو كان عبر شبكات التواصل الاجتماعي، لذلك فهو يندرج تحت مفهوم “社交” التي تنطق “shako” وليس تحت مفهوم “社会” التي تنطق “shakai”.
بعد كل هذا قد يتوقع المرء أن تظهر كلمة ”Shakō“ أيضًا في ترجمة مصطلح ”التباعد الاجتماعي“ الذي من المتوقع أن نحافظ عليه في أيام الوباء هذه. ولكن من الغريب اننا نستخدم بدلاً من ذلك ”shakai“، فنقول ”shakaiteki kyori“ وليس ”shakoteki kyori“، فكلمة ”shakai“ تستخدم في الأدب الراسخ في العلوم الاجتماعية للحديث عن المجتمع ككل، حيث تعني وجود درجة عالية من الفهم والألفة بين الأفراد أو مجموعات الأشخاص. في الحقيقة حتى منظمة الصحة العالمية تجنبت استخدام كلمة ”Social“ في اللغة الإنجليزية، واختارت بدلاً من ذلك التحدث عن الحفاظ على ”مسافة جسدية“ لحماية الأشخاص من العدوى.
في اليابان صاحبت جائحة كورونامشكلة التمييز ضد الأشخاص الذين أصيبوا بالفيروس وأفراد أسرهم وأماكن العمل التي أصيبوا بها، وحتى الأشخاص العاملين في المؤسسات الطبية التي ترعاهم. في ضوء ذلك، فإن الحاجة إلى التعرف على العدوى كخطر على المكانة الاجتماعية للفرد، وليس فقط على الصحة الشخصية، قد تجعل المصطلح الاجتماعي ”shakaiteki kyori“ مناسبًا لاستخدامه في هذه الحالة. ومع ذلك لا أعتقد أن المصطلح قد تم اختياره مع وضع هذه الخلفية في الاعتبار.
(النص الأصلي باللغة اليابانية في 13 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: محافظة طوكيو كويكي يوريكو خلال أحد المؤتمرات الصحفية. جيجي برس)