هل ينجح الاقتصاد الياباني في التعافي من آثار جائحة كورونا؟
اقتصاد- English
- 日本語
- 简体字
- 繁體字
- Français
- Español
- العربية
- Русский
الناتج المحلي الإجمالي: نوبات من الصعود والهبوط بدايةً من عام 2021
على مدار عام 2021 تسبب وباء كورونا في زعزعة استقرار الاقتصاد الياباني. ففي الربع الأول من عام 2021 ” يناير/ كانون الثاني - مارس/ آذار “ نما الناتج المحلي الإجمالي بشكل متقطع، محققاً تراجعاً بنسبة 2.9٪ مقارنةً بنفس الفترة من العام السابق، وبعد ذلك ارتفع بنسبة 2.0٪ في أبريل/ نيسان - يونيو/ حزيران، ثم انخفض بنسبة 3.6٪ في الفترة من يوليو/ تموز إلى سبتمبر/ أيلول. كما انخفض مؤشر الإنتاج الصناعي بنسبة 3.7٪ مقارنة بالربع السابق في يوليو/ تموز - سبتمبر/ أيلول 2021، متراجعًا للمرة الأولى منذ خمسة فصول بسبب النقص الحاد في أشباه الموصلات وبعض القطع الأخرى نتيجة تفشي الوباء بشكل حاد في شرق آسيا.
من المتوقع أن يتعافى كلاُ من الناتج المحلي الإجمالي ومؤشر الإنتاج الصناعي في الفترة من أكتوبر/ تشرين الأول إلى ديسمبر/ كانون الأول لعام 2021، مدعومًا بانخفاض معدل الزيادة في حالات الإصابات الجديدة بكورونا في اليابان، وكذلك رفع إعلان حالة الطوارئ في سبتمبر/ أيلول، مصحوباً بالتحسن التدريجي في إمدادات أشباه الموصلات والقطع الأخرى التي تحتاجها اليابان في عمليات التصنيع وتستوردها بشكل أساسي من دول شرق أسيا، ومن المرجح أن يستمر هذا التحسن في عام 2022.
في الخامس عشر من شهر ديسمبر/ كانون الأول 2021 أظهرت التوقعات الصادرة عن المركز الياباني للبحوث الاقتصادية و التي تعرف باسم توقعات إي إس بي ”التوقعات الاقتصادية لحوالي 40 خبير اقتصادي من الخبراء الوطنيين، حيث يتم جمع هذه التوقعات فيما يعرف باسم “توقعات الإجماع ”، وهي متوسط مجموع هذه التوقعات “ حيث تشير إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 6.39 ٪ سنويًا مقارنة بالربع السابق ”أكتوبر/ تشرين الأول - ديسمبر/ كانون الأول لعام 2021 “ محققاً بذلك نمواً بحوالي 2.72٪ لكامل السنة المالية 2021.
ذلك ومن المتوقع أن يرتفع إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بمعدل 3.03٪ خلال السنة المالية 2022، بعدما كان قد حقق تراجعاً بنسبة 4.5٪ في السنة المالية 2020 بسبب جائحة كوفيد-19، كما يتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لمدة عامين متتاليين حتى السنة المالية 2022.
تلاشي المخاوف من تبعات كورونا
يصدر المركز الياباني للبحوث الاقتصادية أيضًا عددًا من تنبؤات إي إس بي الخاصة. ففي الأشهر الفردية منذ سبتمبر/ أيلول 2020 طلب المركز من الاقتصاديين اختيار وتصنيف ثلاثة مخاطر على الاقتصاد الياباني، وجاءت المخاوف من زيادة حالات الإصابة بكورونا في المرتبة الأولى في توقعات سبتمبر/ أيلول 2021. ولكن انعكاسا للانخفاض الحاد في عدد الإصابات الجديدة، تراجع خطر زيادة حالات الإصابة على الاقتصاد إلى المركز الثاني في توقعات نوفمبر/ تشرين الثاني، ليحل محله المخاوف من تدهور الاقتصاد الصيني.
هناك توقعات خاصة أخرى يصدرها نفس المركز كل ثلاثة أشهر، وتعرف باسم مؤشر مدراء المشتريات في الشركات الصينية ”مؤشر لنتائج استبيان يتمثل في سؤال موظفي المشتريات عن الطلبات الجديدة والإنتاج وحالة التوظيف وما إلى ذلك“ وقد أظهر هذا المؤشر تحسنًا في المستقبل في توقعات نوفمبر/ تشرين الثاني، مع إجماع التوقعات التي تشير إلى تجاوز المؤشر 50 درجة - يشير الرقم إلى أن غالبية المستجيبين يتبنون وجهة نظر إيجابية - فيما يتعلق بربيع عام 2022 وما بعده.
كان عامل الخطر الذي حل في المرتبة الثالثة هو ارتفاع أسعار النفط الخام، ليحل محل تدهور الاقتصاد الأمريكي في هذه المرتبة. تعد زيادة أسعار النفط الخام والموارد الأخرى وزيادة تكاليف النقل من العوامل التي تثير القلق الفوري. ومع ذلك، فإن معيار غرب تكساس الوسيط ”يعرف باسم دبليو تي أي WTI، وهو زيت خام خفيف يستخدم كواحد من معايير النفط العالمية الرئيسية، ويتم الحصول عليه بشكل أساسي من ولاية تكساس وهو أحد أعلى أنواع الزيوت جودة في العالم “ ظهر عند متوسط 70.77 دولارًا للبرميل في عام 2022 ”وفقًا لتوقعات ديسمبر/ كانون الأول “ لذلك فمن المرجح أن تستقر أسعار النفط الخام بحلول منتصف عام 2022.
أوميكرون يتسبب في إثارة الشكوك من جديد
مع الانخفاض السريع لحالات كورونا الجديدة منذ سبتمبر/ أيلول 2021، بدا الأمر وكأن بارقة أمل تلوح في الأفق. ولكن في 26 نوفمبر/ تشرين الثاني رصدت منظمة الصحة العالمية متحوراً جديدًا من كورونا أطلقت عليه أسم أوميكرون، وهو متحور مثير للقلق تم اكتشافه في جنوب إفريقيا. ويذكر أن هذا المتحور أكثر قابلية للانتقال من دلتا وأن اللقاحات الحالية قد تكون أقل فعالية ضده.
في 7 ديسمبر/ كانون الأول، صرح الدكتور أنتوني فوسي مدير المعهد الوطني الأمريكي للحساسية والأمراض المعدية، أنه بينما لا يزال من السابق لأوانه استخلاص النتائج، لكن يبدو أن المتحور أوميكرون يسبب أعراضاً أقل خطورة. وقد ساعد هذا البيان في تخفيف القلق بشأن المتحور الجديد، ومع تشديد الحكومة اليابانية للقيود الخاصة بدخول البلاد، فلا يوجد قلق كبير بشأن انتشار أوميكرون داخل اليابان حتى وقت كتابة هذا التقرير. ومع ذلك، لا يمكن إنكار تزايد المخاوف بشأن احتمال عودة القيود اعتمادًا على كيف ينتشر المتحور الجديد عالميًا.
يذكر أن مصطلح ”فيروس كورونا الجديد “ ظهر لأول مرة في استطلاع خبراء الاقتصاد في ديوان مجلس الوزراء في يناير/ كانون الثاني 2020. وفي حين أن عدد حالات كورونا كان عاملاً ضارًا كبيرًا للاقتصاد منذ ذلك الحين، إلا أنه قد أصبح مؤخرًا عاملاً إيجابياً بسبب مستوى الزيادة المنخفض نسبيًا في أعداد المصابين الجدد.
في نوفمبر/ تشرين الثاني 2021 تم طرح استبيان حول مدى تأثير كوروناعلى الأحوال الاقتصادية عن طريق سؤال أصحاب الأعمال المشاركين في الاستبيان حول معدل المبيعات في الفترة الحالية ”يعتمد هذا الاستبيان على اختيار إجابة واحدة من إحدى الإجابات التالية: جيد / جيد قليلاً / لم يتغير/ سيئ قليلاً / سيئ. حيث تمثل كل إجابة درجة من الدرجات تتراوح بين 1 عند الإجابة بجيد، ووصولاً إلى صفر عند الإجابة بسيء، بواقع -0.25 لكل درجة نزولاً على سلم التقييم. وفي النهاية يتم حساب متوسط التقييم نسبةً إلى عدد المشاركين في الاستبيان “. حيث كانت النتيجة النهائية 63.3 درجة، وهو أعلى درجة منذ يناير/ كانون الثاني 2020. علاوة على ذلك شهد الاستبيان الخاص بكورونا والذي تم إجراؤه في شهر أكتوبر/ تشرين الأول ارتفاعا قياسياً جديداً هو الأخر حيث بلغ 61.4 درجة، لكنه تراجع فيما بعد إلى 56.5 درجة في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني. ويرجع السبب في ذلك إلى تزايد مخاوف الناس تجاه تفشي أوميكرون المتحور الجديد من فيروس كورونا. جدير بالذكر أن عدد الأشخاص الذين صوتوا على مؤشر كورونابلغ أقل من 10% من إجمالي عدد المصوتين، كما بلغ متوسط التقييم على هذا المؤشر 46.5 درجة، أي أقل قليلاً من 50 درجة، وهو الرقم الفاصل بين حالتي النمو والانكماش.
التعافي التدريجي
في تقرير تانكان ”المسح الاقتصادي قصير الأجل للشركات “ الصادر عن بنك اليابان لشهر ديسمبر/ كانون الأول ،كان مؤشر عمل الشركات الكبيرة والصناعات التحويلية وظروف العمل ثابتًا عند +18 نظرًا لارتفاع أسعار المواد الخام وما إلى ذلك. ومع ذلك، لا يزال هناك تحسنًا بمقدار 4 نقاط عن التوقعات المستقبلية الواردة في سبتمبر/ أيلول. فمن المتوقع أن تتفاقم ظروف عمل كبار الشركات المصنعة إلى +13 في المستقبل. وفي حين أن الشركات المصنعة الكبرى التي أبلغت عن ظروف غير جيدة قد انخفضت، فإن تلك التي أبلغت عن ظروف غير جيدة إلى حد ما قد ارتفعت بشكل حاد، وهوما يعكس تخوف الشركات من تبعات أنتشار المتحور الجديد أوميكرون.
من ناحية أخرى، بلغ مؤشر عمل الشركات الكبيرة والصناعات غير التصنيعية وظروف العمل +9، بزيادة 7 نقاط عن الوقت السابق، وهو أعلى مستوى منذ ديسمبر/ كانون الأول 2019 قبل كورونا حين بلغ المؤشر وقتها +20 نقطة. هذا وكان مؤشر العمل لجميع المؤسسات والصناعات قد أرتفع مقارنةً بالمرة السابقة من -2 إلى +2، ومن المتوقع أن يستمر في الانتعاش بشكل تدريجي.
مؤشرات النمو الاقتصادي
في 19 نوفمبر/ تشرين الثاني، وافق مجلس الوزراء على تدابير اقتصادية جديدة بلغ مجموعها 55.7 تريليون ين على أساس الإنفاق المالي و78.9 تريليون ين على أساس الإنفاق التجاري، والتي تشمل قروض المؤسسات المالية ذات الصلة واستثمارات القطاع الخاص. يجب أن يكون لهذه السياسات المالية تأثير إيجابي ومن المتوقع أن تعزز الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.79٪ في متوسط توقعات إي أس بي و3.15٪ في متوسط أعلى ثمانية توقعات.
في نهاية كل عام يتم الإعلان عن أهم المصطلحات اليابانية الجديدة، وقد أظهر الإعلان هذا العام بداية تلاشي تأثير كوروناعلى الحياة العامة للناس، ففي عام 2020 كانت نصف الكلمات الثلاثين المرشحة مرتبطة بكوفيد-19. وذهبت الجائزة الأولى إلى مصطلح سان ميتسو، وهي عبارة يتم ترجمتها عادةً إلى ثري سي أس ”3CS “، في إشارة إلى الأماكن المغلقة، والأماكن المزدحمة، والتواصل عن قرب، وهي المحاذير الثلاثة التي حددتها الحكومة لتجنب تفاقم الجائحة. أما في عام 2021 فجاءت 20٪ فقط من الكلمات الثلاثين المرشحة تتعلق بكوفيد-19، وذهبت الجائزة الأولى إلى أحد المصطلحات المتعلقة بلاعب البيسبول الياباني الشهير أوهاتي شوهي المحترف في صفوف فريق لوس أنجلوس آنجلز، وكان أوهاتي قد حصل على لقب أفضل لاعب في الدوري الأمريكي لعام 2021.
كما أن هناك أيضاً مسابقة كانجي العام ”الكانجي هو المقاطع الصينية المستخدمة في الكتابة “ الذي يتم اختياره بناء على تصويت يجري في جميع أنحاء اليابان. وكان كانجي ميتسو(蜜)وهو المقطع الثاني من كلمة ”سان ميتسو “ التي سبق شرحها في الفقرة السابقة، هو المقطع الحائز على كانجي العام في 2020. أما في عام 2021، فقد حاز كانجي كين(金)ويعني الذهب على لقب كانجي العام وذلك للمرة الرابعة. ويعتبر كانجي العام أحد أهم المؤشرات التي تعكس الأحوال السياسية والاجتماعية والاقتصادية للبلاد كل عام.
وجدير بالذكر أنه في كل مرة تقام فيها الألعاب الأولمبية يحصل كانجي ”كين “ على لقب كانجي العام، مالم تكن هناك أي أزمة عالمية مروعة مثل الأزمة المالية العالمية في عام 2008. ويتم اختيار هذا الكانجي في كل مرة تقديراً للميداليات الذهبية التي يحصل عليها أبطال العالم في كل لعبة أولمبية. واختيار هذا الكانجي في عام 2021 ينبئ باستمرار النمو الاقتصادي الذي بدأ في مايو/ أيار 2020.
توقعات محدودة بالجنوح نحو الانكماش
من المتوقع أن يستمر النمو الاقتصادي الذي بدأ في مايو/ أيار 2020 حتى نهاية عام 2022 على الأقل. أما بالنسبة إلى مؤشر النشاط الاقتصادي الحكومي فقد تم تعديله من ”تحسن “ إلى ”ضعف “ في سبتمبر/ أيلول متأثراً بمؤشر الإنتاج وبعض المؤشرات الأخرى. هذا ومن المتوقع أن لا يعود سهم المؤشر إلى وضع التحسن قبل الثامن من مارس/ آذار على أقرب تقدير، وذلك عندما يتم إصدار مؤشر يناير/ كانون الثاني. على كل حال هناك فقط احتمالات محدودة تشير إلى إمكانية الدخول في مرحلة الانكماش. كما أن المؤشر المركب ”مؤشر اقتصادي يشير إلى الحركة الكمية مثل حجم ووتيرة وزخم التقلبات الاقتصادية وزخم التوسع والتراجع “ كان قد تحول إلى النمو في شهر أكتوبر/ تشرين الأول بعد أربعة أشهر من الانخفاض، ومن المتوقع أن يشهد ارتفاعا أكبر في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني.
تتضمن توقعات إي بي أس لشهر ديسمبر/ كانون الأول مؤشر انتشار مركب حول ظروف العمل معبراً عن وجهة نظر إجماع المتنبئين الاقتصاديين. يشير المؤشر إلى 88.9 درجة لشهر أكتوبر/ تشرين الأول - ديسمبر/ كانون الأول 2021، وهو أعلى بكثير من الخط الفاصل بين النمو والانكماش والمقدر بخمسون درجة. كما أن مؤشر دي أي المركب سوف يتراوح ما بين التسعين و المائة في النصف الأول من عام 2022 وما بين الثمانين والتسعين في النصف الثاني من نفس العام، وهو مرة أخرى أعلى بكثير من الدرجة الفاصلة بين النمو والانكماش.
(النص الأصلي باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية، صورة العنوان من بيكستا)