المحافظات ومركزية السلطة: إلغاء النظام الإقطاعي وبداية التحديث في اليابان

تاريخ اليابان

ألغت اليابان في عام 1871 النظام الإقطاعي الذي كان قائماً لسبعة قرون، وأنشأت بدلًا منها محافظات جديدة تتبع حكومة مركزية مكانها. وكان هذه الإصلاحات التاريخية مدفوعة بنزاع الفصائل المختلفة على السلطة.

الإصلاحات العسكرية المستقلة

في يونيو/ حزيران 1869، انتهت حرب بوشين الأهلية بالإطاحة النهائية بالشوغون أو الإقطاع. وتحرك المنتصرون، بعد تشكيل حكومة ميجي الجديدة، بسرعة لاتخاذ الخطوة الرمزية الأولى لإلغاء الإقطاع، وإصدارهم أوامر بإجبار الإقطاع على التخلي عن ممتلكاتهم وإعادة الأراضي والمواطنين إلى الدولة. ومع ذلك، حافظ القادة الإقطاعيين على سلطتهم تحت المسمى الجديد كمحافظين. ولم يكن للحكومة الوطنية سلطة حقيقية في ذلك الوقت، ولم يكن بإمكانها القضاء على الإقطاع بالقوة. فقد عاد الجنود الذين قاتلوا في جيش الحكومة للتغلب على الشوغونية، إلى ديارهم في الإقطاعيات بمجرد انتهاء الحرب الأهلية.

وبينما أثارت انتفاضات المزارعين والحركات المناهضة للحكومة المخاوف من أن تؤدي ثورة أخرى إلى اندلاع حرب أهلية ثانية، شرع قادة الإقطاع في إصلاحات عسكرية كبيرة. وخاصة، في كيشو (محافظة واكاياما حاليًا)، قام توكوغاوا موتشيتسوغو باستئجار تسودا إيزورو، الذي شرع في إعادة تشكيل القوات العسكرية للإقطاع في هيئة جيش على الطراز البروسي. وعين ضابط بروسي يدعى كارل كوبن كمستشار. وبحلول أوائل عام 1870، حلت كيشو جيشها النظامي وأدخلت نظام التجنيد الإجباري. وكان هذا قبل ثلاث سنوات من تأسيس حكومة ميجي. وكان إقطاع هذه المنطقة يضم جيشًا مكون من 7000 رجل، بالإضافة إلى نفس العدد تقريبًا من قوات الاحتياط، وكانوا مسلحين بأحدث بنادق دريسي.

وكانت الحكومة الجديدة قلقة أيضًا من التطورات في ساتسوما (محافظة كاغوشيما حاليًا). وكان شيمازو هيساميتسو، والد حاكم الإقطاعية تادايوشي، والممسك فعليًا بزمام الأمور هناك، يعارض إصلاحات الحكومة المركزية، في حين أن سايغو تاكاموري، الذي قاتل مع قوات ميجي في حرب بوشين الأهلية، واصل المضي قدمًا في تعزيز قوات جيش ساتسوما.

جيش وطني دائم

سافر أوكوبو توشيميتشي من حكومة ميجي إلى ساتسوما في ربيع عام 1870 للاستدعاء هيساميتسو وسايغو إلى طوكيو. لكن هيساميتسو قام بتوبيخ أوكوبو وشجب الحكومة، بينما رفض سايغو كذلك الذهاب إلى العاصمة. ثم طلب أوكوبو وكيدو تاكايوشي من الإمبراطور ميجي توجيه استدعاء رسمي للرجلين. وفي أوائل عام 1871، ذهبا إلى ساتسوما مع المبعوث الإمبراطوري إيواكورا تومومي. وتعلل هيساميتسو بالمرض كسبب لعدم تمكنه من السفر على الفور إلى طوكيو، بينما وافق سايغو، متشرطًا توليه مهمة الإصلاحات.

وكان جزء من المخطط الذي قدمه سايغو هو أن تقوم الأعمدة الرئيسية في إصلاحات ميجي، وهي ساتسوما، وتشوشو (محافظة ياماغوتشي حاليًا)، وتوسا (محافظة كوتشي حاليًا)، بتوفير بالجنود لإنشاء جيش وطني دائم. ويعتقد المؤرخ كاتسوتا ماساهارو أنه قدم الاقتراح لأن جيش ساتسوما الضخم كان عبئًا على الموارد المالية للإقطاع، وأراد أن تتحمل الحكومة الوطنية بعض نفقاته. وعلى أي حال، تم قبول الخطة في ربيع عام 1871، وتم حشد 8000 جندي من الإقطاعيات الثلاث في طوكيو بحلول الصيف. ومع وجود هذه القوات في مكانها، تم تمهيد الطريق للإعلان عن استبدال الإقطاعيات بمحافظات جديدة في 29 أغسطس/ آب 1871.

وكانت الحركة قد بدأت بالفعل بشكل جدي قبل عامين بطلبات من إقطاعيات صغيرة لا تستطيع دفع رواتب للموظفين العمومين. كما طلبت بعض الإقطاعيات الكبيرة مثل توتوري وأواري (محافظة آيتشي حاليًا) وكوماموتو وتوكوشيما إلغاء الإقطاعيات بها، من أجل الانخراط في دولة موحدة. وداخل الحكومة، دعا أوكوما شيغينوبو إلى أن ترسل الحكومة المركزية مسؤولين إلى كل إقطاعية من أجل تحقيق الوحدة السياسية. وقبل أربعة أشهر من إلغاء الإقطاعيات رسميًا، قدم إيتو شينبي اقتراحًا كان هو تقريبًا ما تم تبنيه كخطة نهائية.

انتزاع السلطة

وهكذا، كانت البلاد مستعدة للتغيير، لكن فصيل ساتسوما-تشوشو هو الذي جعل إلغاء الإقطاعيات يحدث بالفعل. فقد نفذ عدد قليل من كبار المسؤولين ما كان في الأساس انقلابًا. وقام نومورا ياسوشي وتوريو كوياتا، وهما مسؤولان ​​من تشوشو على دراية بالشؤون العسكرية امتلكا نفوذًا متوسطًا، نزعًا فتيل حراك في منتصف أغسطس/ آب 1871 بإقناع رجل الدولة ياماغاتا أريتومو بدعم خطتهم. وبعد ذلك، في 20 أغسطس/ آب، قامت المجموعة بضم إينو كاورو إليها. ونظرًا لأنه كان مسؤولاً عن الشؤون المالية للحكومة، فقد رأى الضرورة الاقتصادية لإلغاء المجالات، ووافق على إقناع زعيم تشوشو كيدو تاكايوشي. وفي اليوم التالي، أعطى كيدو موافقته على الفور. وتُظهر إحدى المذكرات التي ترجع إلى ثلاث سنوات قبلها أنه كان يؤيد هذه الخطوة بغرض توحيد الأمة.

وكانت أكبر عقبة متبقية هي التأثير على سايغو تاكاموري، الذي سيطر على ساموراي ساتسوما. ووقعت هذه المهمة على عاتق ياماغاتا. وعندما تطرق إلى الموضوع، قال سايغو، ”هذا مقبول، على ما أعتقد“، قبل أن يسأل، ”ما رأي كيدو؟“ لقد كانت موافقة بسيطة انتظرها ياماغاتا، ليتابع سائلًا ”أولاً أريد أن أعرف رأيك“. ومرة أخرى، قال سايغو، ”هذا مقبول“. ليرد ياماغاتا، بعد أن شعر بالدهشة، ”أنت تدرك أن إزالة الإقطاعيات ستؤدي على الأرجح إلى معارضة دموية“. وأجاب سايغو، ”أنا أقبل ذلك“. وفي هذه اللحظة، أدرك ياماغاتا أن كل شيء كان في نصابه الصحيح.

إذن لماذا وافق سايغو، بينما كان ذلك يعني نهاية ساتسوما؟ كتب الباحث ماتسو ماساهيتو أن سايغو نفسه ربما أدرك أن النظام الإقليمي الإقطاعي وصل إلى محطته الأخيرة. فبعيدًا عن الإصلاحات التي شهدتها إقطاعية ساتسوما، كان عدد الجنود بها أكثر من احتمالها. وكان تقديم الجنود للحكومة يعني نقل العبء، لكنه أدى بطبيعة الحال إلى تحول لا مفر منه في النظام الإقليمي نفسه.

قرار إمبراطوري

كان كيدو مسرورًا لسماع اتفاق سايغو. وفي 23 أغسطس/ آب، التقى الرجلان مباشرة للتوصل إلى التفاصيل. وكان سايغو قد حصل بالفعل على موافقة أوكوبو، وفي 24 أغسطس/ آب، اعتبر كيدو وسايغو وأوكوبو، وهم الشخصيات الرئيسية الثلاثة في إصلاحات ميجي، مع شخصيات التي برزت في ساتسوما مثل أوياما إيواو وسايغو جودو وممثلي تشوشو مثل إينو كاورو وياماغاتا أريتومو، للنقاش. ومع ذلك، استمر التخطيط في سرية تامة، حسبما كتب كيدو في مذكراته لتاريخ 25 أغسطس/ آب.

ولم يعرف أعضاء الحكومة الرئيسيين مثل سانجو سانيتومي وإواكورا تومومي أي شيء عن الخطة حتى يوم 27 أغسطس/ آب، أي قبل يومين من الموعد المحدد للمضي قدمًا. وعلى الرغم من تفاجئهما من الأمر، لم يكن لديهم بديل سوى دعمه. وهكذا، في صباح يوم 29 أغسطس/ آب، تم استدعاء حكام ساتسوما، وتشوشو، وتوسا، وهيزين (محافظة ساغا حاليًا) وممثلين آخرين إلى البلاط الإمبراطوري، حيث تم إبلاغهم بإلغاء مناطقهم من خلال القرار الإمبراطوري من قبل الإمبراطور ميجي. ونُقلت نفس الرسالة إلى حكام توتوري وأواري وكوماموتو وتوكوشيما، الذين كانوا قد طلبوا في السابق إلغاء الإقطاعيات. وفي عصر ذلك اليوم، تم استدعاء 56 حاكمًا آخرين كانوا في طوكيو وإخبارهم بالتغيير. في هذه اللحظة، انتهى نظام الإقطاع، الذي استمر قرابة سبعة قرون.

 القرار الإمبراطوري بإلغاء المجالات وتأسيس نظام المحافظات. الصورة من الأرشيف الوطني الياباني.
القرار الإمبراطوري بإلغاء المجالات وتأسيس نظام المحافظات. الصورة من الأرشيف الوطني الياباني.

تم عزل الحكام من مناصبهم وأمروا بالإقامة في طوكيو، بينما أرسلت الحكومة المركزية مسؤوليها للإشراف على المحافظات المنشأة حديثًا. وبينما كان الوقت مناسبًا لقبول التغيير بشكل عام، كان مخططو الانقلاب مستعدين لاحتمال حمل الساموراي الغاضبين السلاح اعتراضًا على فقدان أسيادهم التقليديين. وأعلن سايغو لمسؤولين حكوميين بارزين آخرين، ”إذا اعترضت أي إقطاعيات، فسوف نسحقهم بالقوة العسكرية“.

ومع ذلك لم تكن هناك معارضة. ويرجع هذا جزئيًا لعنصر المفاجئة الذي خفف من الحماس للتمرد، والإحساس بأن أوان الاعتراض على الأمر قد فات. ومع ذلك، ربما كان السبب الأكبر هو أن حكومة ميجي أخذت على عاتقها ديون الإقطاعيات ووعدت بدفع رواتب الساموراي.

دعم وجود المحافظات

نجحت الحكومة في توحيد الدولة، ولكن نظرًا لأن فصيل ساتسوما-تشوشو هو الذي دفع العمل إلى الأمام، فقد فاز بسلطة غير متكافئة داخل الحكومة. بهذا المعنى، أي أن إلغاء الإقطاعيات مثل استيلاء هذا الفصيل على السلطة.

ولم يعني الإعلان أن الحكومة المركزية سيطرت على الفور على إدارة المحافظات. فبعد إلغاء 261 إقطاعية واستبدالها بالمحافظات، كان هناك 305 إقطاعية إجمالًا، بما في ذلك مناطق شوغونية السابقة، منها 3 مناطق فو (محافظات حضرية) في طوكيو وأوساكا وكيوتو. وأشرفت وزارة المالية، برئاسة أوكوبو، على العمل الإداري الذي تتضمنه عملية التحول. ونظرًا للاختلاف الكبير بين كل محافظة والأخرى من حيث المساحة، خططت الوزارة لتنفيذ إصلاحات على نفس النطاق تقريبًا، بناءً على إنتاج الأرز من حوالي 300 ألف إلى 400 ألف كوكو (وحدة تعادل حوالي 180 لترًا من الأرز). وكان يعتقد أن هذا هو الحجم المناسب للإدارة الإقليمية. حتى أنه كان هناك اقتراح بتقسيم تشوشو إلى محافظتين أصغر. وبحلول ديسمبر/ كانون الأول، تم إلى حد كبير، وضع مخطط 75 محافظة، بالإضافة إلى إقليم هوكايدو الجديد.

وأبقت 13 محافظة فقط على نفس الأسماء. ويقول كاتسوتا ماساهارو إنه من خلال تغيير الأسماء، سعت الحكومة إلى قطع العلاقات مع الإقطاعيات السابقة. وبدلاً من ذلك، تم اختيار أسماء، على سبيل المثال، البلدات والقرى أو الأنهار والجبال لاستخدامها كأسماء للمحافظات الجديدة. وكان السبب نفسه وراء قرار إرسال أشخاص من مواليد إقطاعيات أخرى للعمل كمحافظين جدد. ومع ذلك، في المحافظات التي لعبت دورًا بارزًا في الحرب الأهلية، مثل كاغوشيما، وكوتشي، وساغا، تم تعيين قادة محليين، على الأرجح بسبب نفوذهم في الحكومة المركزية.

ثم بعد ذلك، أصبحت أوكيناوا محافظة في عام 1879، بينما في عام 1882 تم تقسيم إقليم هوكايدو إلى ثلاث محافظات هي سابورو وهاكوداتي ونيمورو. واستمرت إعادة تنظيم المحافظات الأخرى أيضًا خلال هذه السنوات حتى عام 1888، عندما وصل عددها إلى 47 كما هو الحال اليوم.

وأعطى إلغاء الإقطاعيات عام 1871، وإنشاء المحافظات، الحكومة الجديدة السلطة الموحدة لإجراء إصلاحات واسعة النطاق في الضرائب والجيش والتعليم. وهذا بدوره سمح لليابان بالتصنيع وبناء قوتها الاقتصادية والعسكرية.

مارس/ آذار 1869 مطالبة قادة ساتسوما، تشوشو، توسا، وهيزين بإعادة سجلات الإقطاعيات (الأراضي والمواطنين) إلى الدولة. ولاحقًا، تقديم قادة المقاطعات الأخرى مطالبهم.
يونيو/ حزيران 1869 انتهاء حرب بوشين الأهلية، بانتصار قوات ميجي وهزيمة الشوغونية.
يوليو/ تموز 1869 إعادة الإقطاعيات لسجلاتها إلى الدولة وتعيين الدايميو (رؤساء الإقطاعيات) كمحافظين.
أغسطس/ آب 1869 تأسيس كايتاكوشي (لجنة تطوير هوكايدو).
سبتمبر/ أيلول 1869 إطلاق إسم هوكايدو على أراضي إيزوتشي.
بدايات 1870 مطالبة بعض قادة الإقطاعيات بإلغاء نظام الإقطاع.
صيف 1870 الجدل السياسي حول نظام الإقطاعيات في الكيان التشريعي.
بدايات 1871 انتقال مجموعة إيواكورا تومومي إلى ساتسوما. وتقديم سايغو اقتراحات الاصلاحات.
أبريل/ نيسان 1871 تشكيل الجيش الوطني المكون من جنود من ساتسوما، تشوشو، وتوسا.
أغسطس/ آب 1871 إلغاء الإقطاعيات وتأسيس نظام المحافظات في شكل 305 محافظة.
يناير/ كانون الثاني 1872 الإندماج في 75 محافظة.

(النص الأصلي باللغة اليابانية. الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: سايغو تاكاموري، وأوكوبو توشيميتشي، وكيدو تاكايوشي، الذين يُنظر إليهم بمثابة الشخصيات الثلاثة الأبرز في إصلاحات ميجي. الصورة مقدمة من مكتبة البرلمان الوطني)

التاريخ ميجي نهضة ميجي التاريخ الياباني