مانغا هينوماروزومو تصور جوهر مصارعة السومو وقيمها التقليدية والحديثة
مانغا وأنيمي- English
- 日本語
- 简体字
- 繁體字
- Français
- Español
- العربية
- Русский
أصول مصارعة السومو
يميل الأطفال الصغار بشكل طبيعي إلى التدافع والتصارع مع بعضهم البعض، وهو أمر يشير بوضوح إلى أن المصارعة بحد ذاتها متجذرة على الأرجح في غريزة الإنسان.
يتقاتل الأطفال بأيديهم العارية وإذا دحروا خصمهم فإنهم يفوزون. وقد وجدت فنون الدفاع عن النفس من هذا النوع على مدار تاريخ البشرية. فقد استخرجت آثار تُظهر رجالا يرتدون أحزمة حول خصورهم ويتصارعون من أطلال بلاد ما بين النهرين يُقدر أنها تعود إلى 3 آلاف عام قبل الميلاد. ولا تزال المصارعة حتى يومنا الحالي تزدهر حول العالم بأشكال مثل Bökh في منغوليا و Koshti في إيران (يقال إنها نشأت في الإمبراطورية الأخمينية القديمة) و Schwingen في سويسرا.
مصارعة السومو اليابانية هي مثال آخر. وفي هذا الخصوص، على الرغم من أن السومو فعالية رياضية محترفة مربحة، إلا أنها لا تزال تحتفظ بجوانب دينية تقليدية تعود إلى العصور القديمة.
يقال إن أصول السومو ترجع إلى العصور الأسطورية، لكن أول دليل تاريخي عليها يعود إلى النصف الأول من القرن السابع. يستشهد ’’سومو نو ريكيشي (تاريخ السومو)‘‘ لـ’’نيتّا إيتشيرو بوثيقة تاريخية تصف مباريات أقيمت لنبلاء يابانيين ومبعوثين زائرين من شبه الجزيرة الكورية في عام 642. وقد قيل إن الإمبراطور تينمو (حكم 673-686) والإمبراطورة جيتو (حكمت من 690 إلى 697) – في القرن السابع – كانا يشاهدان مباريات سومو بين رجال من الأقاليم كانوا يتوافدون إلى العاصمة. وفي القرن الثامن، استدعي رجال أقوياء من مختلف مناطق اليابان للمنافسة، ما جعل هذه الرياضة فعالية خاصة بالبلاط. تبرهن تلك الروايات على وجود اهتمام قوي بالسومو منذ العصور القديمة، وحتى في يومنا الحالي يحضر الإمبراطور الياباني بشكل متكرر بطولات سومو.
تحتوي ’’كونجاكو مونوغاتاريشو (مجموعة من الحكايات يعتقد أنها جمعت في القرن الثاني عشر)‘‘ على عدد من القصص المتعلقة بالسومو. ومن بينها قصة تعود إلى زمن الإمبراطور موراكامي في القرن العاشر عن مباراة بين اثنين من أقوى المصارعين في الأرض أحدهما مصارع مستجد والآخر مخضرم كانت نتيجتها مأساوية، وكان هذا الأمر سببا في أن تصبح مثل هذه المباريات من المحرمات. كما تحكي المجموعة قصة مصارع سومو وضع قوته في مواجهة ثعبان عملاق وفاز بطريقة مثيرة للإعجاب. ويقال إن الشكل الحديث للسومو نشأ من هذه النسخة القديمة.
تقام حاليا 6 بطولات احترافية سنويا بشكل دوري. وتستمر هذه البطولات 15 يوما يتنافس فيها كل ’’ريكيشي (مصارع)‘‘ مرة واحدة يوميا. وإذا تمكن المصارع من الفوز في جميع المباريات التي شارك فيها، فمن شبه المؤكد أنه سيفوز بالبطولة، لكن البقاء دون هزيمة ليس بالمهمة السهلة.
يعتبر الفوز في 8 مباريات على الأقل نتيجة جيدة لأن يضمن المصارع سجل فوز في البطولة وفرصة للارتقاء في التصنيف. من ناحية أخرى، فإن الريكيشي الذي يخسر 8 مباريات يخاطر بخفض رتبته.
يصفف المصارعون شعرهم على شكل قُنزعة تُعرف باسم ’’تشونماغي‘‘. في حين أن أجسادهم تكون عارية لا يسترها إلا مئزر طويل يسمى ’’ماواشي‘‘ يلف بإحكام حول الخصر والأربية. يذكر أن ماواشي هو شكل قديم من الملابس الداخلية التي توجد أيضا في جميع أنحاء شرق وجنوب شرق آسيا. وهناك نوع آخر من الملابس الداخلية التي كانت ترتدى في اليابان على نطاق واسع وتسمى ’’فوندوشي‘‘.
تعتبر فوندوشي أقل شيوعا اليوم، ولكنها لا تزال تحظى بشعبية بين مجموعة صغيرة من المتحمسين الذين يؤيدون بشغف الراحة في الملابس. يمكن مشاهدة رجال يرتدون فوندوشي غالبا في المهرجانات القديمة مثل سانجا ماتسوري في حي أساكوسا بطوكيو. ومن المثير للاهتمام، أنه كان يعتقد أن ارتداء ملابس فوندوشي حمراء يقي من أسماك القرش عند الصيد، مثلما كان الناس في الماضي يعتقدون أن لبس الجينز الأزرق النيلي يدرأ الأفاعي ذوات الأجراس.
لسومو كما يراها جان كوكتو
يطلق على الحلبة التي يتنافس فيها المصارعون اسم ’’دوهيو‘‘. يوجد فوق هذه المنصة الترابية المرتفعة حلقة كبيرة مصنوعة من قش الأرز يبلغ قطرها 4.55 متر. درجت العادة على حظر دخول النساء إلى دوهيو. ولكن يبدو هذا الحظر غريبا بالنظر إلى اعتلاء إمبراطورات عرش الأقحوان في العصور القديمة وإلى أن الكثير من الآلهة الرئيسية في الأساطير اليابانية كنّ من الإناث. وأكثر من ذلك، تتحدث الكثير من الأساطير عن مصارعة للنساء. وقد اعترضت سياسيات في العصر الحديث على حظر رياضة السومو لدخول النساء إلى حلبات الدوهيو، ومن المحتمل أن يتم إلغاء هذه القاعدة في يوم من الأيام.
يخسر المصارع في مباراة السومو إذا أجبر على الخروج من الحلبة، أو لمس الأرض بأي شيء آخر غير أسفل قدميه، مثل اليدين أو الركبتين. قد يستغرق الأمر وقتا طويلا من التدريب حتى يستعد اثنان من الريكيشي للمباراة التي قد تُحسم نتيجتها في جزء من الثانية.
وقع الشاعر والمخرج السينمائي الفرنسي المؤثر جان كوكتو في غرام السومو عندما زار اليابان في عام 1936. وقد ذكر تفاصيل مباراة في كتابه ’’رحلتي حول العالم‘‘، حيث وصف المصارعين الجاثمين في وضعية القرفصاء وهما يقفزان بسرعة ويمسكان ويضربان ويسحبان بعضهما الآخر إلى أن يتم اقتلاع أحدهما وإسقاطه أرضا مثل شجرة بشرية.
كان كوكتو مفتونا في الانتقال المبهر من وضعية الهدوء إلى الحركة، ووصف توازن السومو بأنه معجزة حيث يلتقي مصارعان ويتجاذبان في لحظة. وهذا وصف لطيف لجوهر السومو.
لا تزال السومو هواية للناس العاديين على الرغم من أصولها التي تنحدر من أزمنة عريقة. وقد صمدت في وجه موجات من التحديث في القرن التاسع عشر والعديد من موجات المد والجزر لتظل جزءا من نسيج المجتمع الياباني.
السومو في وقتنا
ولكن مصارعة السومو تجد نفسها في وضع معقد إلى حد ما اليوم. فقد هزت الرياضة فضائح كبرى على مدى العقود القليلة الماضية، مثل التلاعب بنتائج المباريات وإساءة معاملة المصارعين الأدنى الرتبة. هناك مشكلة أخرى تؤثر على شعبية السومو وهي عدم وجود أبطال كبار من أصول يابانية.
يوكوزونا (وتعني البطل الكبير) هي أعلى مرتبة في السومو. ولكن المصارعين الحاملين لهذه الرتبة يعتبرون أكثر من مجرد أبطال. فقد كان يُزعم في الماضي أن المصارعين من رتبة يوكوزونا لهم القدرة على درء الأرواح الشريرة وحتى التواصل مع الآلهة. وكانت هذه الرتبة تعتبر دورا فخريا يستدعي الكرامة بالإضافة إلى القوة.
ولكن هيمن على هذه الرتبة على مدى العقود القليلة الماضية مصارعون مولودون في الخارج. وفي الواقع لم تشهد اليابان بطلا كبيرا ياباني المولد منذ نحو 20 عاما إلى أن تمت ترقية المصارع كيسينوساتو إلى رتبة يوكوزونا في عام 2017.
كان تاكاميياما أول مصارع مولود في الخارج يفوز ببطولة سومو، وهو مواطن من هاواي من مواليد عام 1972. ومن المصارعين الآخرين من الخارج الذين جذبوا الانتباه كوتوؤشو (من بلغاريا ولديه خبرة في المصارعة) وباروتو (من إستونيا ولديه خلفية في الجودو) وأوسونا أراشي (مصارع مسلم ولا عب كمال أجسام سابق من مصر). وشهدت بطولة الربيع في مارس/آذار من عام 2023 مشاركة توتشينوشين من جورجيا وكينبوزان من كازاخستان.
ولكن الحضور الأجنبي الأكبر في السومو هو للمصارعين المنغوليين. كان أساشوريو أول منغولي يصبح يوكوزونا في عام 2003. ومنذ ذلك الحين، سار العديد من مواطنيه على خطاه لتحقيق رتبة البطل الكبير بمن فيهم هاكوهو (2007) وهارومافوجي (2012) واليوكوزونا الحالي تيرونوفوجي.
وبالطبع كلما كان المعجب برياضة السومو أكثر دراية بهذا العالم، زاد الاحترام الذي من المرجح أن يحظى به المصارعون الأجانب الذين قدموا إلى اليابان وألقوا بأنفسهم في عالم تقليدي يجد حتى اليابانيون صعوبة في التكيف معه. وعلى الرغم من أن الكثيرين من مصارعة السومو يرحبون في أن تصبح رياضة أكثر عالمية، إلا أنهم ربما لا يزالون يشعرون أنهم يريدون هيمنة المصارعين اليابانيين على البطولات. عندما تمت ترقية كيسينوساتو إلى رتبة يوكوزونا، منح ذلك آمالا كبيرة للمشجعين. لكن ذلك لم يدم طويلا، حيث تقاعد في عام 2019 بسبب الإصابة.
تصوير السومو
يتعين على مصارعة السومو حاليا التنافس مع رياضات شعبية مثل كرة القدم، وربما يعتبر العديد من الأطفال اليابانيين مشهد عمل الريكيشي شعره وفق تصفيفة القنزعة وارتداء ملابس ماواشي، بأنه موضة قديمة إلى حد ما. وفي الوقت نفسه، تقدم مصارعة السومو الكثير من الجوانب الإيجابية والجذابة للشباب. وقد تم تسليط الضوء على الكثير من تلك الجوانب في سلسلة مانغا (قصص مصورة) عن السومو بعنوان ’’هينوماروزومو‘‘ لفنان المانغا كاوادا نشرت من 2014 إلى 2019 في مجلة المانغا الشهيرة للأولاد اليافعين Weekly Shōnen Jump.
الشخصية الرئيسية في السلسلة هو صبي يدعى أوشيو هينومارو. وهو موهوب للغاية، حيث أصبح مصارع سومو شهير بينما كان لا يزال في المدرسة الابتدائية.
قال الروائي أوساوا أريماسا ذات مرة ’’عندما تخسر الشخصية الرئيسية شيئا ما ثم تستعيده، فهذا هو نوع القصص التي يريد الجميع قراءتها‘‘. وإذا كان الأمر كذلك، فماذا خسر هينومارو؟
الجواب أنه لا يتمتع ببنية جسدية ضخمة. فحتى بعد دخوله المدرسة الإعدادية، كان طوله لا يزيد ولا يستطيع الفوز في المنافسات. في رياضة السومو التي لا تصنف الأوزان في فئات، تعد البنية الجسدية الصغيرة نقطة ضعف كبيرة. وحاليا هناك اتجاه في السومو نحو مصارعين ’’ضخمين‘‘. ويجب أن يكون المصارع منذ البداية ذو بنية جسدية معينة إذا أراد أن يصبح محترفا.
لا يتخلى هينومارو عن حلمه في أن يصبح بطلا كبيرا على الرغم من حجمه، ويشرع في برنامج تدريبي مدته 3 سنوات. التحق بمدرسة أوتاتشي الثانوية، وبدأ طريقه ليصبح يوكوزونا بمشاركة أصدقائه الجدد.
على الرغم من أن العمل يتعامل مع موضوعات قديمة وتقليدية، إلا أنه يجذب القراء ببراعة بطرق جديدة. فعلى سبيل المثال، المصارعون الذين يسعون لأن يصبحوا يوكوزونا لديهم أسماء مشتقة من سيوف يابانية شهيرة، مثل أونيمارو-كونيتسونا وكوساناغي-نو-تسوروغي، بالإضافة إلى حركات درامية مثيرة مميزة لكل شخصية.
لكن الأمر الأكثر روعة على الإطلاق هو كيفية تصوير الشخصيات نفسها. النصر والهزيمة لا يحددان بالقدرة فقط. بعض الشخصيات لديها الكثير من المواهب، ولكنها غير قادرة على الاستفادة منها بشكل كامل. يحاول آخرون اللحاق بأقرانهم الموهوبين بالفطرة من خلال العمل الجاد، بينما يندب آخرون سوء حظهم. هؤلاء الفتية الذين يسلكون طريق السومو يهدفون إلى بلوغ قمم هي الأعلى على الإطلاق عبر تكوين صداقات ومحاربة خصوم أقوياء. إنها قصة مؤثرة فعلا.
للسومو تقاليد عريقة، لكن مانغا هينوماروزومو تزرع تقاليدها الخاصة عن الصداقة والعمل الجاد والنصر. وفي الوقت نفسه، يستخدم المبدع كاوادا قوته الفنية لتصوير تقليد السومو العريق في هذه السلسلة.
استمرت سلسلة المانغا 5 سنوات وتم تحويلها إلى مسلسل رسوم متحركة (أنيمي). لا يساورني أدنى شك في أن الريكيشي الذي اكتشف جاذبية السومو من خلال هينوماروزومو سيبرز يوما ما.
عالم السومو بسيط ولكنه عميق. لقد شاهدت مصارعة السومو في ريوغوكو كوكوغيكان، وجذبتني التجربة إلى عالم السومو ذي الجمال الراقي.
نعم السومو أكثر من مجرد رياضة قديمة. زعم المصارع كونيشيكي المولود في هاواي ذات مرة بشكل مثير للجدل أن ’’السومو هي قتال‘‘. في الواقع، يصطدم المصارعون بقوة هائلة ولدى الحاصلون على رتبة يوكوزونا فيما يبدو القدرة على رمي الخصوم ببذل جهد ضئيل فقط. وقد يجادل بعض عشاق فنون القتال المتعطشين لها، بأن السومو أقوى فنون القتال الموجودة.
(المقالة الأصلية منشورة باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: نشرت مانغا هينوماروزومو على شكل سلسلة في مجلة Weekly Shōnen Jump من 2014 إلى 2019. هناك 250 حلقة تم تجميعها في 28 كتابا. تم تحويلها إلى مسلسل رسوم متحركة في عام 2018، © Nippon.com)