العالم السري للنينجا: أسرار وحقائق لا تعرفها عن محاربي الظلام

ثقافة

النينجا أو ما يُعرف بـ ”شينوبي“ هم عناصر قتالية خاصة يستخدمون فن قتال ”النينجتسو“ لتنفيذ عمليات بغاية السرية والخفية، مثل اقتحام القلاع والمعسكرات. أول ذكر للنينجا أو الشينوبي في التاريخ يعود إلى مطلع القرن الخامس عشر في اليابان. يتميز أفرادهم باللياقة البدنية العالية والخفة القتالية التي تُمكِّنهم من تنفيذ المهام الموكلة إليهم. زي النينجا وأحذيتهم مصممة بوزن خفيف لتمكينهم من القفز والتخفي والركض بسرعة فائقة، نتيجة لتدريباتهم المميزة التي تُميِّزهم عن المقاتلين في جميع أنحاء العالم. بالإضافة إلى ذلك، يُستخدم النينجا أسلحة خفيفة مثل الخناجر وسيوف الكاتانا والشفرات الخماسية المميزة، بالإضافة إلى القوس والرمح وأدوات كسر الأقفال.

يامادا يوجي YAMADA Yūji

أستاذ في كلية العلوم الإنسانية بجامعة ميي، حيث يشغل منصب نائب رئيس المركز الدولي لأبحاث النينجا. ولد في محافظة شيزوؤكا عام 1967. وكتب الكثير من الدراسات بحجم كتاب حول تاريخ وفلسفة النينجا. شغل منصب رئيس تحرير موسوعة ’’نينجاغاكو تايزين (مختارات شاملة من دراسات عن النينجا)‘‘.

رائد دراسات النينجا

بدأ يامادا يوجي مسيرته الأكاديمية كمتخصص في التاريخ الديني لليابانيين في العصور الوسطى، وتركز عمله على الأشباح والمعتقدات اليابانية حول الحياة ما بعد الموت. وكان انخراطه في دراسات عن النينجا نتيجة لمبادرة مجتمعية محلية أطلقتها جامعة ميي بالتشارك مع مدينة إيغا المشهورة بأنها الموطن الأصلي للنينجا.

كان يامادا منذ عام 2012 في طليعة مجموعة متنوعة من العلماء من خلفيات فلسفية وعلمية عملوا على رسم صورة أوضح عن حقيقة النينجا وذلك باستخدام الرؤى ونقاط القوة في مجالات تخصصهم. تجمع موسوعة ’’نينجاغاكو تايزين (مختارات شاملة لدراسات عن النينجا)‘‘ نتائج هذا المشروع، وتلقي ضوءا جديدا على المهام التي تؤديها النينجا التاريخية، كما تبرز بشكل جلي جوهر ’’نينجوتسو‘‘ الحقيقي باعتبارها موجزا لتقنيات النجاة والدفاع عن النفس.

وبالرغم من شهرة الكلمة الآن في جميع أنحاء العالم، إلا أن مصطلح ’’نينجا‘‘ لم يصبح المصطلح الشائع لهذه الشخصيات إلا في منتصف القرن العشرين، حسب يامادا: ’’من الناحية التاريخية، كان المصطلح الأكثر شيوعا هو شينوبي‘‘ والتي تكتب باللغة اليابانية 忍び باستخدام نفس الحرف الأول الذي تكتب به كلمة نينجا (忍者). ’’استخدامت مصطلحات مختلفة مثل ’’سوبّا‘‘ و’’رابّا‘‘ في جميع أنحاء البلاد خلال فترة المقاطعات المتحاربة [1467-1568]، ولكن الكلمة المستخدمة بشكل أوسع هي’’شينوبي‘‘ والتي تعني الأشخاص السريون المتخفون. وقد كان شينوبي نشطين خلال معظم حقبة الإقطاعيات التي سيطر عليها محاربو الساموراي في الفترة الواقعة بين الحرب الأهلية بين بلاطات متنافسة أثناء فترة نانبوكوتشو (1336-1392) وحتى نهاية فترة إيدو (1603-1868)‘‘.

’’عندما يتعلق الأمر بالحروب، يتم التركيز عادة على دور الجنرالات فيها، ولكن لا أحد يستطيع خوض معركة دون استطلاع واستخبارات. فهناك حاجة لمعرفة تضاريس موقع العدو ووضع إمداداته الغذائية وهيكل قلعته. كانت مهمة شينوبي هي الحصول على هذا النوع من المعلومات المهمة. حيث كانوا يتسللون إلى منطقة العدو ويتأكدون من موقع أرضهم أو يتسللون إلى القلعة ويخلقون فوضى من خلال القيام بأعمال تخريب وحرق متعمد‘‘.

ولادة شينوبي

ورد أقدم ذكر لما يمكن أن نعترف به الآن على أنه نينجا في السجلات التاريخية في الملحمة العسكرية للقرن الرابع عشر ’’تايهييكي‘‘، والتي تروي قصة فترة من الحرب بين البلاط الشمالي المدعوم من قبل أشيكاغا تاكاؤجي في كيوتو والبلاط الجنوبي للإمبراطور غو دايغو في يوشينو بمحافظة نارا حاليا. وفي إحدى الوقائع تم اختيار شينوبي ماهر بشكل خاص من بين قوات أشيكاغا لدخول حرم معبد إيواشيميزو هاتشيمان في كيوتو ليلا. وأشعل النار في أرجاء المعبد، ما خلق حالة من الذعر والفوضى في صفوف العدو.

يقول يامادا: ’’إن هذا الاستخدام لتكتيكات حرب العصابات مع عملاء خاصين يعملون خلف خطوط العدو لتنفيذ أعمال التجسس والتخريب هو شيء نراه كثيرا في سجلات الحرب من فترة نانبوكوتشو فصاعدا‘‘، مضيفا ’’وبمرور الوقت، بدأ الأفراد المهرة يتخصصون في هذه الأنواع من العمليات ومن هنا تطور دور شينوبي‘‘.

تم تضمين مصطلح شينوبي في القاموس الياباني البرتغالي ’’ Vocabulario da Lingoa de Iapam‘‘ وهو قاموس رائد نشرته البعثة اليسوعية في ناغاساكي عام 1603، حيث يُعرّف كلمة ’’ xinobi‘‘ بأنه ’’جاسوس يدخل القلعة في أوقات الحرب ليلا أو خلسة أو يتسلل بين صفوف العدو للحصول على معلومات استخبارية‘‘.

وكان أشهر شخصيات شينوبي من قريتي إيغا وكوكا (الآن مدينتا إيغا وناباري في محافظة ميي وكوكا في محافظة شيغا). وذلك لأسباب مرتبطة بطبيعة المنطقة هناك والتضاريس المميزة لها.

نينجا معاصر يأخذ وضعية على جبل إيواو في كوكا بمحافظة شيغا. تشتهر القمة بأنها كانت مكانا لتدريب نينجا كوكا. (الصورة بإذن من وكالة الشؤون الثقافية، © جيجي برس). تُظهر الخريطة المدن التي نشط فيها النينجا سابقا، بالإضافة إلى المحافظات المحيطة بها.
نينجا معاصر يأخذ وضعية على جبل إيواو في كوكا بمحافظة شيغا. تشتهر القمة بأنها كانت مكانا لتدريب نينجا كوكا. (الصورة بإذن من وكالة الشؤون الثقافية، © جيجي برس). تُظهر الخريطة المدن التي نشط فيها النينجا سابقا، بالإضافة إلى المحافظات المحيطة بها.

كانت هناك علاقات وثيقة بين إيغا وكوكا تم تحصينها بتحالفات زواج. وقد تأثر تاريخ وثقافة هذه المنطقة ذات التضاريس الوعرة والمحاطة بالجبال، بعمق بتقاليد الزهد التي كانت تمارس في جبل شوغيندو. وكانت قريبة بما يكفي من كيوتو لتسهيل الحصول على آخر الأخبار من العاصمة، ولكن طبيعة تضاريسها الجبلية قللت من تسرب المعلومات السرية فيها إلى العالم الأوسع. وكانت سلطة رؤساء الإقطاعيات بالكاد تمتد إلى مثل هذه المناطق الجبلية، وكانت المنطقة تتمتع بنوع من الاستقلال الذاتي. حيث نظم السكان المحليون أنفسهم في مجموعات مسلحة ولم يخشوا مقاومة السلطة المركزية. وغالبا ما كان يتم توظيفهم من قبل رؤساء الإقطاعيات المحيطة بسبب مهاراتهم في حرب العصابات والتجسس. وأصبح الكثير من الأشخاص فيها شينوبي يكرسون أنفسهم لممارسة فنون التجسس والتحايل في الظلام.

وكانت أكثر الأعمال أهمية لشينوبي خلال فترة المقاطعات المتحاربة، جلب المعلومات إلى مشغليهم. ولهذا فإن معظمهم كانوا يتجنبون الانخراط المباشر في المعارك. وحسب ما يقول يامادا: ’’كانت قوة النينجا تكمن في قدرتهم على التفوق على الناس باستخدام الحيلة. على سبيل المثال، إذا أراد نينجا التسلل إلى قصر العدو، فبدلا من التسلل ليلا أو محاولة الدخول عبر جزء ضعيف الحماية من المبنى، كان من المرجح أن يدخل في وضح النهار من المدخل الرئيسي متنكرا في زي تاجر أو كاهن بوذي. ثم يكون صداقة مع العدو ويجمع معلومات حيوية بهذه الطريقة. كان النينجا بحاجة إلى مهارات تواصل ممتازة، ويبدو أن الكثير منهم لديهم قدرة مذهلة على إقناع الناس والتلاعب بمشاعرهم وأفكارهم‘‘.

الأسطورة هاتّوري هانزو

من أشهر الأسماء المرتبطة بنينجا إيغا هو هاتّوري هانزو أو هاتّوري ماساناري. يقول يامادا ’’إن اسمه دائما ما يظهر كجندي قائد ورمّاح بارع. كان والده من إيغا ومن المرجح أنه استخدم تقنيات نينجوتسو، لكن ماساناري كان من أوكازاكي في مقاطعة ميكاوا (محافظة آيتشي حاليا). وربما لم يكن ماساناري شينوبي، بل كان مكلّف بذلك‘‘.

عندما توفي أودا نوبوناغا في عام 1582 بعد خيانة أحد مرؤوسيه، هرب توكوغاوا إياسو الذي كان في ساكاي برفقة عدد قليل من المحاربين، عابرا إيغا عبر الجبال ومتجها إلى أوكازاكي موطنه. ويقال إن ماساناري أعطى أوامر لأهالي إيغا وكوكا بحماية إياسو، لكن ليس هناك أدلة تاريخية كافية لدعم هذه الرواية.

’’هناك عدة نظريات حول الطريق الذي ربما سلكه. ومن المرجح أن إياسو تلقى المساعدة من سكان إيغا وكوكا للوصول إلى بر الأمان. كان من شبه المؤكد أن هذه الأزمة كانت الأكبر في حياة إياسو، ولكن لا يوجد دليل إيجابي في المصادر التاريخية يوضح دور ماساناري فيها‘‘.

لكن لا شك أن إياسو وضع ثقة كبيرة بماساناري. ففي عام 1590، دخلا معا إيدو (طوكيو حاليا) وبرفقة رجال من إيغا للدفاع عن موقع استراتيجي على طريق كوشو كايدو. ويُعتقد أن منطقة هانزومون (بوابة هانزو) الواقعة غرب القصر الإمبراطوري في طوكيو اليوم (كانت سابقا موقع قلعة إيدو ومركز شوغونية توكوغاوا إلا أن تم ترميمها في عصر ميجي عام 1868)، قد سميت باسم ماساناري الذي كان يسكن في إيدو بالقرب منها.

كان آخر حدث كبير ظهر فيه نشاط شينوبي هو تمرد شيمابارا في عام 1637-1638، عندما ثار آلاف الفلاحين والرونين (ساموراي سابقين) والمسيحيين ضد الشوغونية في منطقة تُعرف الآن بمحافظة ناغاساكي في كيوشو. ’’تضمنت القوات الشوغونية المرسلة لقمع التمرد نينجا من مناطق مختلفة حول كيوشو، حيث تسللوا إلى القلعة بحثا عن زعيم التمرد أماكوسا شيرو، وقاموا بعمليات تخريب بالإمدادات الغذائية للمتمردين. وقد لعب شينوبي من إقطاعية هوسوكاوا فيما يُعرف الآن باسم كوماموتو دورا مهما بشكل خاص، حيث أشعل النار في مسكن شيرو وأحرقه ليصبح رمادا‘‘.

موسوعة نينجوتسو

وضعت فترة إيدو حد النهاية لسنوات طويلة من الفوضى والاضطراب. وقد تغير دور شينوبي أيضا مع حلول عصر السلام الذي أعقب تلك الفترة. أصبحت وظائفهم الأكثر أهمية الآن تتمثل في الحفاظ على النظام والسلامة العامة والعمل كحراس شخصيين لدى الإقطاعيين.

ومنذ حوالي منتصف القرن السابع عشر، بدأ الناس يشعرون بالقلق من أن تقنيات ومهارات نينجوتسو التي تنتقل مشافهة معرضة لخطر الضياع إلى الأبد. ما أدى إلى ظهور الكثير من الكتب التي وثقت أساليب وفلسفة شينوبي لتصل للأجيال القادمة. بالرغم من أنها تتضمن تقنيات الاختفاء السحري وغيرها من الحيل الخارقة للطبيعة، إلا أن الكثير من الكتب تحتوي على حكمة عملية حول كيفية البقاء على قيد الحياة والوفاء بواجبك حتى في أشد الظروف.

ولعل أهم هذه الموسوعات عن نينجوتسو هي ’’بانسينشوكاي‘‘ حيث تم تجميعها في 22 مجلدا في عام 1676، وجمعت أهم تقنيات النينجا من إيغا وكوكا. تبدأ الموسوعة بمناقشة الحالة الذهنية والممارسات الروحية المطلوبة لتصبح شينوبي، ثم تسجل مجموعة متنوعة من التقنيات في مجالات مختلفة، بما في ذلك الاقتحام والتخريب والقتال والتنكر والدبلوماسية والحيلة وتوقعات الطقس. إن الكثير من تلك التقنيات مستمدة في نهاية المطاف من شوغيندو، بما في ذلك الإيماءات الرمزية التسعة بالأيدي والوضعيات التأملية ومهارات إطلاق النار والمعرفة بالأعشاب الطبية. وتسرد الخلاصة أيضا قائمة بالأدوات التي يستخدمها النينجا متضمنة أدوات مزودة بكلابات خاصة بتسلق الجدران وطوافات للتنقل عبر المياه واستخدامات مختلفة للضوء والنار. كما يوجد رسوم توضيحية لهذه الأدوات بالإضافة إلى تفسيرات لكيفية صنعها واستخدامها.

وهناك أيضا قسم خاص حول كيفية جمع المعلومات الاستخبارية من النساء وعنها. حيث لا يوجد سجل تاريخي لنينجا أنثى، و من المرجح أنه لم تكن هناك نساء متخصصات في هذا العمل. يقول البروفيسور يامادا: ’’بدأنا نرى نينجا إناث فقط في القصص الخيالية من القرن العشرين، لكنه محض خيال‘‘. وتعد هذه الكتب عن نينجوتسو كنزا دفينا ولا يزال الكثير منها يقدم معلومات مفيدة حتى اليوم.

’’تُظهر الكتب أن الطعام المعلب المحمول ’’هيوروغان‘‘ الذي غالبا ما كان يحمله النينجا، يحتوي على مكونات مليئة بالطاقة مثل عشبة جينسنغ، ما يجعله طعاما رائعا له فوائد صحية. وكانت طريقة التحكم بالنفس ’’أوكيناغا أو النفس الطويل‘‘ فعالة في التشجيع على التركيز وهدوء العقل. كما تتضمن الكتب معلومات عملية في مجموعة واسعة من المجالات المختلفة بدءا من العلاقات الإنسانية إلى المعرفة الطبية والصيدلانية وانتهاء بسبر أغوار العقل البشري‘‘.

فن انضباط الذات

يتعلق الدرس الأول من فن بانسينشوكاي بأهمية القلب السليم ’’سيشين‘‘. حيث ينبغي ألا تستخدم نينجوتسو أبدا لتحقيق رغبات أنانية أو مكاسب شخصية. ويجب ألا يتفاخر النينجا بنفسه أبدا حتى بعد تحقيق نجاح كبير، وأن يحافظ على روح الخير لديه. ويراقب عواطفه وأفكاره في جميع الأوقات ولا يستسلم للأنانية أبدا. إن النقاء والانضباط الذاتي لهم أهمية قصوى بالنسبة للنينجا الذين تعين عليهم تجنب إغراءات النبيذ والنساء.

يتكون كانجي ’’忍‘‘ الموجود في كلمتي شينوبي ونينجا من عنصرين هما النصل 刃 في الأعلى والقلب أو العقل 心 في الأسفل. يقول يامادا: ’’يشير الكانجي إلى حالة روحية من الهدوء المطلق، بحيث لا يرف للشخص جفن حتى لو وضعت شفرة مسلولة على صدره. وله معنيان أساسيان هما تحمل المشقة بصبر والعمل في الخفاء. هذا يعني أن نينجا هو شخص يخضع لتدريب صارم ثم يقوم بمهمته الخطيرة بسرية تامة‘‘.

إذا توجب على النينجا أن يموت أثناء أداء واجبه، فإن العرف يقتضي أن عليه الاختفاء ببساطة دون ترك أي أثر لنفسه يسمح للعدو باكتشاف من هو أو من أين أتى. كان التكتم والسرية جزءا أساسيا من واجب النينجا.

تفجر ثقافة النينجا في عالم الترفيه

ربما لم يكن لدى النينجا سوى القليل من الفرص للقيام بمهام على أرض الواقع خلال فترة إيدو، إلا أنهم أصبحوا أكثر ظهورا من أي وقت مضى في المخيلة العامة. تم تصويرهم في مجموعة من الفنون المختلفة من بينها فن الكابوكي والأدب الروائي ومطبوعات أوكييوي. لم يكن لدى معظم الناس فكرة واضحة عما كان عليه النينجا في الحقيقة، وهذا سمح للفنانين بإطلاق العنان لمخيلتهم. وخلال هذه الفترة ترسخت في العقول الصورة الحديثة للنينجا وهي ارتداء اللون الأسود من الرأس إلى القدم ومسك سلاح شوريكين المميز الخاص بهم. على أرض الواقع، لم يكن هناك زي رسمي مميز للنينجا بحيث يمكن لأي شخص أن يتعرف عليهم فورا، ولا يمكن لأي عميل سري يحترم نفسه أن يرتدي لباسا يحدد هوتيه كنينجا، كما لا يوجد سجل يثبت أن النينجا كانوا يستخدمون شوريكين في الواقع.

اكتسبت قصص تعاويذ النينجا وروايات عن البطل الأسطوري الخارج عن القانون إيشيكاوا غوبمون، وهو قاطع طريق حقيقي حكم عليه بالغلي في مرجل حتى الموت حوالي عام 1594، شعبية خاصة. وفي وقت لاحق، أصبح محورا لمجموعة متنوعة من الحكايات الغريبة عن اللصوصية والشجاعة. تخبرنا إحدى القصص عنه كيف استخدم تقنيات نينجوتسو التي تعلمها من نينجا إيغا لتنفيذ جرائمه، وتخبرنا قصة أخرى كيف تمكن من اختراق قلعة فوشيمي بوضع خطة لقتل تويوتومي هيدييوشي.

وانتهى عصر النينجا الحقيقي في نهاية فترة إيدو. لكن شعبية النينجا لم تنته. فمنذ أواخر القرن التاسع عشر حتى القرن العشرين، تم تحويل شخصية نينجا من كوكا ’’ساروتوبي ساسوكي‘‘ في سلسلة تاتسوكاوا بونكو الشهيرة ذات الغلاف الورقي إلى شخصية مألوفة، ما أدى إلى زيادة هائلة في شعبية النينجا.

وفي نفس الفترة، كان الكاتب والناقد إيتو جينغيتسو (1871-1944) رائدا في الدراسات العلمية الجادة حول نينجوتسو كنهج لتدريب العقل والجسم. وقد كتب العديد من الكتب حول هذا الموضوع من ضمنها أسرار نينجوتسو ’’نينجوتسو نو غوكوي‘‘ ومقال عن نينجوتسو نُشر في ’’مجلة اليابان‘‘ عام 1918، ويُعتقد أنه أول معلومات جادة عن النينجا تستهدف القراء الدوليين.

كتاب أسرار نينجوتسو ’’نينجوتسو نو غوكوي‘‘ لإيتو غينجيتسو عام 1917 (بإذن من مكتبة البرلمان القومية).
كتاب أسرار نينجوتسو ’’نينجوتسو نو غوكوي‘‘ لإيتو غينجيتسو عام 1917 (بإذن من مكتبة البرلمان القومية).

وفي القرن العشرين، أذهل رجل يدعى فوجيتا سيكو (1899-1966)، ادعى أنه الجيل الرابع عشر لعائلة بارزة من النينجا من كوكا، الجمهور باستخدام تقنيات نينجوتسو لإظهار مآثر التحمل الجسدي كجزء من تدربه على تحمل المشقة. وشمل ذلك الاستلقاء على وسادة من حصير التاتامي تحتوي على إبر طويلة وابتلاع الزجاج. كان لدى فوجيتا قدرة نادرة في إتقان مجموعة مذهلة من فنون الحرب، وقد درّس في مدرسة ناكانو التابعة للجيش الإمبراطوري الياباني والمعروفة بتدريب الجواسيس قبل الحرب.

ومنذ ستينات القرن الماضي، بدأ ظهور النينجا بوتيرة متزايدة في الأفلام والدراما التلفزيونية والمانغا والأنيمي.

شعبية على مستوى العالم

لعبت الأفلام الأمريكية دورا مهما في زيادة شعبية النينجا في جميع أنحاء العالم. أثار نجاح فيلم ’’دخول التنين‘‘ الذي أنتج عام 1973 ولعا عالميا بأفلام فنون القتال. ومن بين أحد الأفلام أيضا الفيلم الأمريكي ’’دخول النينجا‘‘ الذي أنتج عام 1981 ولعب شو كوسوغي دور البطولة فيه. كانت مثل تلك الأفلام نقطة انبثاق لسلسلة طويلة من الأعمال الناجحة، وساعد هذا في ربط تقنيات نينجوتسو بفنون الدفاع عن النفس في أذهان كثير من الناس.

واعتبارا من الثمانينات، ساعد هاتسومي ماساكي (مواليد عام 1931) رئيس مدرسة توغاكوري للنينجوتسو والمقاتل البارع المتمكن من أحد فنون الدفاع عن النفس المستمد من تسع مدارس مختلفة، في الترويج لنينجوتسو على مستوى العالم كواحدة من مدارس اليابان العديدة في فنون الدفاع عن النفس ذات المنشأ التاريخي القديم. وقام بتدريس فنون الدفاع عن النفس لأفراد من أقسام الشرطة والقوات الخاصة من دول حول العالم، كما أن صالته التي يعلم فيها فنون بوجينكان للدفاع عن النفس في نودا بمحافظة تشيبا تجذب طلابا من جميع أنحاء العالم.

كواكامي دايئيتشي (مواليد عام 1949) هو الوارث لمدرسة كوكا بانكي نينجوتسو وهو أيضا معروف على نطاق واسع على مستوى العالم، وغالبا ما يشار إليه باسم النينجا الأخير.

وقد تم تشكيل صورة جديدة للنينجا وخاصة بين جيل الشباب في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين من خلال النجاح العالمي الهائل لمانغا ناروتو، والتي تضم سلالة جديدة من النينجا الفريدة من نوعها، متضمنة بطل الرواية الرئيسي ذو الشعر الأشقر والملابس البرتقالية الزاهية.

نسخ من مانغا ناروتو للبيع في المعرض الدولي للقصص المصورة في برشلونة بإسبانيا في أكتوبر/تشرين الأول عام 2021 (©أفلو/ جيجي برس).
نسخ من مانغا ناروتو للبيع في المعرض الدولي للقصص المصورة في برشلونة بإسبانيا في أكتوبر/تشرين الأول عام 2021 (©أفلو/ جيجي برس)

وفي ظل هذا الازدهار العالمي لكل ما يتعلق بالنينجا، افتتحت جامعة ميي عام 2017 مركزا دوليا جديدا لأبحاث النينجا، كما أطلقت جمعية دولية لأبحاث النينجا في العام التالي. وستُعقد ندوة بحثية في مطار تشوبو سنتراير في سبتمبر/أيلول من هذا العام حول موضوع ’’النينجا تحلق حول العالم‘‘.

أدى البحث حتى الآن إلى فهم أوضح لحقيقة نينجا التاريخية لكن يامادا يقول إنه لا يرغب في نفي صحة التقاليد الشعبية أو مجموعة الأفكار المتنوعة التي يمتلكها الناس اليوم.

’’أعتقد أنه من الرائع وجود العديد من الطرق المختلفة للاستمتاع بالنينجا سواء من خلال ألعاب الفيديو أو الرسوم المتحركة أو الأفلام أو أيا كان. ليس لدي أي نية لأن أكون المتحذلق الذي يفسد متعة الناس حيث يأتي ويفجر البالون من خلال إخبارهم بالحقيقة. ’’في الواقع، لم يكن الأمر كذلك على الإطلاق‘‘. أنا أتبع نهجا تاريخيا في عملي فأنا مؤرخ أكاديمي. ولكن هناك العديد من الأساليب الصحيحة للنينجا. آمل أن يستمتع الناس بالتعرف على هذه الشخصيات الرائعة من ماضينا‘‘.

(المقالة الأصلية منشورة باللغة اليابانية بقلم كيميي إيتاكورا من Nippon.com، الترجمة من الإنجليزية. صورة العنوان: © بيكستا).

الثقافة الشعبية نينجا الثقافة التقليدية تاريخ اليابان