بوشو ... حسك السنابل والبذور

ثقافة

في حوالي 6 يونيو/حزيران يزداد طول اليوم، وتدخل اليابان في فصل شمسي يعرف باسم ’’بوشو‘‘.

يبدأ الفصل الشمسي ’’بوشو (حسك السنابل والبذور)‘‘ في حوالي 6 يونيو/حزيران وفق التقويم الحديث. ويشير الاسم إلى الوقت من السنة الذي يكون من الأفضل فيه زراعة الحبوب مثل الشعير والقمح اللذين تنمو بذورهما حيث تبرز منها زوائد تشبه الشعيرات تُعرف باسم ’’السَّفَاة‘‘ أو ’’حسك السنبلة‘‘. تزرع هذه الحبوب بشكل عام في حوالي هذا الوقت من العام، على الرغم من اختلاف التوقيت في جميع أنحاء اليابان. ويكون موسم الأمطار قد شارف على الانطلاق.

تلقي هذه المقالة نظرة على الفعاليات والظواهر الطبيعية في الفترة من 6-21 يونيو/حزيران تقريبا.

تسويو (موسم الأمطار)

تُكتب كلمة ’’تسويو (موسم الأمطار) باللغة اليابانية بحرفي كانجي هما ’’梅雨 (أمطار البرقوق)‘‘ في إشارة على ما يبدو إلى الوقت من العام الذي ينضج فيه البرقوق ويتغير لونه. تُحدد بداية موسم الأمطار (حوالي 11 يونيو/حزيران) في التقويم القديم بأنها اليوم 135 بعد ’’ريشّون (بداية الربيع)‘‘. ولكن في الوقت الحاضر وبسبب التغيرات المناخية الإقليمية، فإن إعلان وكالة الأرصاد الجوية اليابانية عن بداية موسم الأمطار هو الدليل الأفضل. يترقب الناس هذه الأخبار بحرص من أجل إعداد ملابس الصيف ومعدات المطر، واتخاذ تدابير لتجنب تفشي العفن في المنزل. كما أن المتاجر تبدأ بعرض المظلات والأحذية الطويلة والمعاطف.

أومي (برقوق)

يوافق هذا الفصل الشمسي ذروة موسم أومي أو البرقوق، والذي يظهر على رفوف متاجر السوبر ماركت والبقالة. ومن الأفضل عند صنع مشروب البرقوق (أوميشو) استخدام برقوق أخضر، لكن الفاكهة الناضجة منها تستخدم لعمل مخلل البرقوق (أوميبوشي). كما يمكن طهي البرقوق الناضج مع السكر لصنع المربى.

البرقوق الياباني (© بيكستا).
البرقوق الياباني (© بيكستا).

ذكرى الوقت (10 يونيو/حزيران)

تذكر سجلات ’’نيهون شوكي‘‘ التاريخية والتي تعود للقرن الثامن أن الإمبراطور تينجي (626-671) استخدم ساعة مائية مثبتة في قصر أومي أوتسو (في منطقة أوتسو حاليا بمحافظة شيغا) للإعلان عن الوقت لأول مرة في اليابان باستخدام جرس وطبل. واليوم الذي حدث فيه ذلك عند حسابه بالتقويم الشمسي هو 10 يونيو/حزيران، ويتم الاحتفال به الآن باعتباره الذكرى السنوية للوقت. كان اليوم في العصور القديمة يقسم إلى 12 ’’ساعة‘‘ مرتبطة برموز الأبراج الصينية الاثني عشر، وكان يُعلن عن الوقت باستخدام جرس أو طبل. كان الناس يتناولون وجبتين في اليوم، بالإضافة إلى وجبة خفيفة عندما يقرع الطبل ثماني مرات لـ ’’الساعة‘‘ التي تشير في وقتنا الحالي إلى الفترة من حوالي الساعة الواحدة إلى الثالثة بعد الظهر. يذكر أن كلمة وجبة خفيفة ’’أوياتسو‘‘ في اليابانية مشتقة من هذا العدد ثمانية أو ’’ياتسو‘‘.

تقيم أومي جينغو ’’مهرجان الساعة المائية‘‘ ليتزامن مع الذكرى السنوية للوقت في 10 يونيو/حزيران (© بيكستا).تقيم أومي جينغو ’’مهرجان الساعة المائية‘‘ ليتزامن مع الذكرى السنوية للوقت في 10 يونيو/حزيران (© بيكستا).

نباتات الكوبية

تنمو أزهار الكوبية على شجيرات متساقطة الأوراق، كانت اليابان أول من بدأ بزراعتها، ثم اكتسبت شعبية في جميع أنحاء العالم. وهي إحدى الأزهار البارزة في موسم الأمطار. البتلات التي تبدو كالأزهار هي عبارة عن كؤوس ملونة تحيط بها الأزهار الصغيرة الفعلية. وإذا نمت في تربة حمضية فإنها تنتج أزهارا زرقاء اللون، بينما تكون زهرية اللون في التربة القلوية. وفي أوروبا أجريت على هذه النباتات الكثير من عمليات الإكثار الانتقائي (لتغيير خواصها). وقد وصلت الكوبية الغربية (Hydrangea macrophylla) إلى اليابان في أوائل القرن العشرين.

أزهار كوبية زرقاء اللون نامية في تربة حمضية (© بيكستا).
أزهار كوبية زرقاء اللون نامية في تربة حمضية (© بيكستا).

أزهار كوبية وردية اللون نامية في تربة قلوية (© بيكستا).
أزهار كوبية وردية اللون نامية في تربة قلوية (© بيكستا).

مهرجان زراعة الأرز في سومييوشي تايشا (14 يونيو/حزيران)

يجرى هذا الحفل الذي ترجع أصوله إلى ديانة الشنتو في سومييوشي تايشا بأوساكا للصلاة من أجل حصاد وفير من الحبوب. تستخدم شتلات أرز تمت مباركتها من قبل الآلهة لبدء زراعة الأرز. ويتضمن الحفل رقصة شنتوية تؤديها 8 شابات وموكبا لأشخاص يرتدون زي ساموراي مع خوذ. وهذا المهرجان هو أحد أهم 3 مهرجانات لزراعة الأرز في اليابان، وهو محدد كملكية ثقافية شعبية غير ملموسة.

مهرجان زراعة الأرز في سومييوشي تايشا (© بيكستا).
مهرجان زراعة الأرز في سومييوشي تايشا (© بيكستا).

مشاهدة اليراع (منتصف يونيو/حزيران)

تبدأ اليراعات في التوهج في الليالي الرطبة بعد حوالي ساعة من غروب الشمس. وتعد مشاهدة اليراعات وهي تؤدي رقصة رائعة في الليل هواية تقليدية في هذا الموسم، حتى أنها مدونة في نيهون شوكي. هناك نحو 50 نوعا من هذه اليراعات، ولكن القليل منها فقط تصبح بالغة وقادرة على إصدار ضوء مثل غينجي (Luciola ruciate) وهييكي (Luciola lateralis) وهيمي (Luciola parvula). تميل هذه الحشرات إلى العيش في جداول نظيفة ومتدفقة بلطف وعند الأعشاب وحقول الأرز المجاورة، لكن التغيرات البيئية قللت من عدد الأماكن التي توجد فيها، ما أدى إلى انتشار حركة الحفاظ على اليراع. يذكر أن طيران تلك الحشرات بينما تتوهج هو في الواقع سلوك تؤديه الذكور لمغازلة الإناث التي تكون في الأثناء تنتظر في مناطق عشبية وهي تتوهج بشكل غير منتظم.

يراعات هيمي (© بيكستا).
يراعات هيمي (© بيكستا).

عيد الأب

يوافق ثالث يوم الأحد من شهر يونيو/حزيران عيد الأب في اليابان، وهو تقليد أخذته البلاد من الولايات المتحدة. وغالبا ما يتم إرسال أزهار في هذا اليوم في اليابان.

يوم الواغاشي (16 يونيو/حزيران)

قدم الإمبراطور نينميو للآلهة واغاشي (حلويات يابانية) وموتشي (كعك الأرز اللزج) في 16 يونيو/حزيران عام 848 في خطوة ترمي لتغيير اسم العصر الإمبراطوري إلى كاشو. وفي العصر الحديث، أنشأت الجمعية اليابانية للواغاشي ’’يوم الواغاشي‘‘ في هذا التاريخ. كان البلاط الإمبراطوري والحكومة الشوغونية في فترة إيدو (1603-1868) يقيمان احتفال ’’كاشو نو إيواي‘‘ للصلاة من أجل التمتع بصحة جيدة ودرء الكوارث. واختفى هذا التقليد في عصر ميجي (1868-1912)، ولكن في عام 1979 تم إحياء التاريخ مجددا عبر الاحتفال بيوم الواغاشي.

حلويات واغاشي على شكل أزهار الكوبية (© بيكستا).
حلويات واغاشي على شكل أزهار الكوبية (© بيكستا).

راكّيو (البصل الأخضر)

يوافق موسم ’’راكّيو (البصل الأخضر) من نوع (Allium chinense) هذا الوقت من العام. أُحضر هذا النبات في الأصل من الصين إلى اليابان، حيث الآن يجهز على شكل مخلل رائع النكهة غالبا ما يقدم مع وجبات الكاري والأرز. يقال إن هذه الممارسة قد نشأت عندما قدم أحد الأشخاص مخلل راكّيو مصنوعا بالخل الحلو بسبب عدم وجود مخللات أخرى متاحة.

مخلل راكّيو مصنوع بالخل الحلو (© بيكستا).مخلل راكّيو مصنوع بالخل الحلو (© بيكستا).

الحبار الطائر الياباني

يوافق موسم ’’سورومييكا (الحبار الطائر الياباني)‘‘ الفترة من مايو/أيار حتى سبتمبر/أيلول. ومن الممكن صيد هذا الحبار في جميع أرجاء اليابان ولا سيما في محافظتي هوكّايدو وآوموري. يمكن تقديم سورومييكا نيئا (ساشيمي)، أو مقطعا إلى شرائح رفيعة بدون جلد تشبه معكرونة سومن (إيكا سومن)، أو محشوا بالأرز اللزج ومطهيا في مرق حلو وحار (إيكامشي)، أو مقطعا على شكل حلقات يتم قليها بزيت غزير، أو يقدم كوجبة مطهية. تعد أتاريمي أو الحبار المجفف من الوجبات الخفيفة الشهيرة عند الشرب.

إلى اليسار الحبار الطائر الياباني وإلى اليمين أتاريمي وهي عبارة عن شرائح رفيعة من حبار مشوي بشكل خفيف، تقدم هذه الوجبة مع المايونيز والفلفل الحار (© بيكستا).
إلى اليسار الحبار الطائر الياباني وإلى اليمين أتاريمي وهي عبارة عن شرائح رفيعة من حبار مشوي بشكل خفيف، تقدم هذه الوجبة مع المايونيز والفلفل الحار (© بيكستا).

سوزوكي (ذئب البحر)

يمتد موسم صيد أسماك سوزوكي أو ذئب البحر من يونيو/حزيران إلى أغسطس/آب. الاسم الياباني لها يشابه لفظ كلمة ’’يغسل‘‘ ويقال إن اسم الأسماك مشتق من هذه الكلمة حيث إن لحمها الأبيض النظيف يبدو كما لو أنه مغسول. يذكر أن ذئب البحر من الأسماك البيضاء التي تشتهر في الصيف. ولإعداد طبق ساشيمي منعش يُعرف باسم ’’أراي (أو يغسل)‘‘، تقطع السمكة إلى شرائح رقيقة ثم تغمس في الماء المثلج من أجل شد اللحم. يبقى لحم هذه الأسماك طريا حتى ولو قليت.

وجبة ساشيمي أراي من أسماك ذئب البحر (© بيكستا).
وجبة ساشيمي أراي من أسماك ذئب البحر (© بيكستا).

(المقالة بإشراف إينوي شويي الباحث والمؤلف في التقويمات وهو أيضا كاهن شينتو ومحاضر زائر في جامعة توهوكو فوكوشي. الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: انعكاس جبل فوجي في حقل أرز بمحافظة شيزوؤكا، © بيكستا)

الثقافة الثقافة الشعبية الثقافة الفرعية الثقافة التقليدية